سورة القلم: الآية 30 - فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون...

تفسير الآية 30, سورة القلم

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَٰوَمُونَ

الترجمة الإنجليزية

Faaqbala baAAduhum AAala baAAdin yatalawamoona

تفسير الآية 30

فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها، وقالوا: لقد أخطأنا الطريق إليها، فلما عرفوا أنها هي جنتهم، قالوا: بل نحن محرومون خيرها؛ بسبب عزمنا على البخل ومنع المساكين. قال أعدلهم: ألم أقل لكم هلا تستثنون وتقولون: إن شاء الله؟ قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم: تنزَّه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا، بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا بترك الاستثناء وقصدنا السيِّئ. فأقبل بعضهم على بعض، يلوم كل منهم الآخر على تركهم الاستثناء وعلى قصدهم السيِّئ، قالوا: يا ويلنا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء ومخالفة أمر الله، عسى ربنا أن يعطينا أفضل من حديقتنا؛ بسبب توبتنا واعترافنا بخطيئتنا. إنا إلى ربنا وحده راغبون، راجون العفو، طالبون الخير. مثل ذلك العقاب الذي عاقبنا به أهل الحديقة يكون عقابنا في الدنيا لكل مَن خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله من النعم فلم يؤدِّ حق الله فيها، ولَعذاب الآخرة أعظم وأشد مِن عذاب الدنيا، لو كانوا يعلمون لانزجروا عن كل سبب يوجب العقاب.

«فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون».

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ فيما أجروه وفعلوه،

أي : يلوم بعضهم بعضا على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين من حق الجذاذ ، فما كان جواب بعضهم لبعض إلا الاعتراف بالخطيئة والذنب

ثم حكى - سبحانه - ما دار بينهم بعد أن أيقنوا أن حديقتهم قد دمرت فقال : ( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ ) أى : يلوم بعضهم بعضا ، وكل واحد منهم يلقى التبعة على غيره ، ويقول له : أنت الذى كنت السبب فيما أصابنا من حرمان . .

( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) يلوم بعضهم بعضا في منع المساكين حقوقهم

أي يلوم هذا هذا في القسم ومنع المساكين , ويقول : بل أنت أشرت علينا بهذا .

وقوله: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: فأقبل بعضهم على بعض يلوم بعضهم بعضا على تفريطهم فيما فرّطوا فيه من الاستثناء، وعزمهم على ما كانوا عليه من ترك إطعام المساكين من جنتهم.

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) ولما استقرّ حالهم على المشاركة في منع المساكين حقَّهم أخذَ بعضهم يلوم بعضاً على ما فرط من فعلهم : كل يلوم غيره بما كان قد تلبس به في هذا الشأن من ابتكار فكرة منع المساكين ما كان حقاً لهم من حياة الأب ، ومن الممالاة على ذلك ، ومن الاقتناع بتصميم البقية ، ومن تنفيذ جميعهم ذلك العزم الذميم ، فصوَّر قولُه : فأقبلَ بعضهم على بعض يتلاومون } هذه الحالة والتقاذفَ الواقع بينهم بهذا الإِجمال البالغ غاية الإِيجاز ، ألا ترى أن إقبال بعضهم على بعض يصور حالة تشبه المهاجمة والتقريع ، وأن صيغة التلاوم مع حذف متعلق التلاوم تصوّر في ذهن السامع صوراً من لوم بعضهم على بعض .
الآية 30 - سورة القلم: (فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون...)