تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة سبإ بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة سبإ مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.
معلومات عن سورة سبإ
نوع سورة سبإ: مكية
عدد الآيات في سورة سبإ: 54
ترتيب سورة سبإ في القرآن الكريم: 34
ترتيب نزول الوحي: 58
اسم السورة باللغة الإنجليزية: Sheba
أرقام الصفحات في القرآن الكريم: من الصفحة 428 إلى 434
الحمد: الثناء بالصفات الحميدة, والأفعال الحسنة, فللّه تعالى الحمد, لأن جميع صفاته, يحمد عليها, لكونها صفات كمال, وأفعاله, يحمد عليها, لأنها دائرة بين الفضل الذي يحمد عليه ويشكر, والعدل الذي يحمد عليه ويعترف بحكمته فيه.وحمد نفسه هنا, على أن لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ملكا وعبيدا, يتصرف فيهم بحمده. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ لأن في الآخرة, يظهر من حمده, والثناء عليه, ما لا يكون في الدنيا، فإذا قضى اللّه تعالى بين الخلائق كلهم, ورأى الناس والخلق كلهم, ما حكم به, وكمال عدله وقسطه, وحكمته فيه, حمدوه كلهم على ذلك، حتى أهل العقاب ما دخلوا النار, إلا وقلوبهم ممتلئة من حمده, وأن هذا من جراء أعمالهم, وأنه عادل في حكمه بعقابهم.وأما ظهور حمده في دار النعيم والثواب, فذلك شيء قد تواردت به الأخبار, وتوافق عليه الدليل السمعي والعقلي، فإنهم في الجنة, يرون من توالي نعم اللّه, وإدرار خيره, وكثرة بركاته, وسعة عطاياه, التي لم يبق في قلوب أهل الجنة أمنية, ولا إرادة, إلا وقد أعطي فوق ما تمنى وأراد، بل يعطون من الخير ما لم تتعلق به أمانيهم, ولم يخطر بقلوبهم.فما ظنك بحمدهم لربهم في هذه الحال, مع أن في الجنة تضمحل العوارض والقواطع, التي تقطع عن معرفة اللّه ومحبته والثناء عليه, ويكون ذلك أحب إلى أهلها من كل نعيم, وألذ عليهم من كل لذة، ولهذا إذا رأوا اللّه تعالى, وسمعوا كلامه عند خطابه لهم, أذهلهم ذلك عن كل نعيم, ويكون الذكر لهم في الجنة, كالنَّفس, متواصلا في جميع الأوقات، هذا إذا أضفت ذلك إلى أنه يظهر لأهل الجنة في الجنة كل وقت من عظمة ربهم, وجلاله, وجماله, وسعة كماله, ما يوجب لهم كمال الحمد, والثناء عليه. وَهُوَ الْحَكِيمُ في ملكه وتدبيره, الحكيم في أمره ونهيه. الْخَبِيرُ المطلع على سرائر الأمور وخفاياها
YaAAlamu ma yaliju fee alardi wama yakhruju minha wama yanzilu mina alssamai wama yaAAruju feeha wahuwa alrraheemu alghafooru
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ أي: من مطر, وبذر, وحيوان وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا من أنواع النباتات, وأصناف الحيوانات وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ من الأملاك والأرزاق والأقدار وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا من الملائكة والأرواح وغير ذلك.ولما ذكر مخلوقاته وحكمته فيها, وعلمه بأحوالها, ذكر مغفرته ورحمته لها, فقال: وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ أي: الذي الرحمة والمغفرة وصفه, ولم تزل آثارهما تنزل على عباده كل وقت بحسب ما قاموا به من مقتضياتهما.
Waqala allatheena kafaroo la tateena alssaAAatu qul bala warabbee latatiyannakum AAalimi alghaybi la yaAAzubu AAanhu mithqalu tharratin fee alssamawati wala fee alardi wala asgharu min thalika wala akbaru illa fee kitabin mubeenin
لما بين تعالى, عظمته, بما وصف به نفسه, وكان هذا موجبا لتعظيمه وتقديسه, والإيمان به, ذكر أن من أصناف الناس, طائفة لم تقدر ربها حق قدره, ولم تعظمه حق عظمته, بل كفروا به, وأنكروا قدرته على إعادة الأموات, وقيام الساعة, وعارضوا بذلك رسله فقال: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي باللّه وبرسله, وبما جاءوا به، فقالوا بسبب كفرهم: لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ أي: ما هي, إلا هذه الحياة الدنيا, نموت ونحيا. فأمر اللّه رسوله أن يرد قولهم ويبطله, ويقسم على البعث, وأنه سيأتيهم، واستدل على ذلك بدليل من أقرَّ به, لزمه أن يصدق بالبعث ضرورة, وهو علمه تعالى الواسع العام فقال: عَالِمِ الْغَيْبِ أي: الأمور الغائبة عن أبصارنا, وعن علمنا, فكيف بالشهادة؟".ثم أكد علمه فقال: لَا يَعْزُبُ أي: لا يغيب عن علمه مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ أي: جميع الأشياء بذواتها وأجزائها, حتى أصغر ما يكون من الأجزاء, وهو المثاقيل منها. وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ أي: قد أحاط به علمه, وجرى به قلمه, وتضمنه الكتاب المبين, الذي هو اللوح المحفوظ، فالذي لا يخفى عن علمه مثقال الذرة فما دونه, في جميع الأوقات, ويعلم ما تنقص الأرض من الأموات, وما يبقى من أجسادهم, قادر على بعثهم من باب أولى, وليس بعثهم بأعجب من هذا العلم المحيط.
ثم ذكر المقصود من البعث فقال: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا بقلوبهم, صدقوا اللّه, وصدقوا رسله تصديقا جازما، وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ تصديقا لإيمانهم. أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم, بسبب إيمانهم وعملهم, يندفع بها كل شر وعقاب. وَرِزْقٌ كَرِيمٌ بإحسانهم, يحصل لهم به كل مطلوب ومرغوب, وأمنية.
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أي: سعوا فيها كفرا بها, وتعجيزا لمن جاء بها, وتعجيزا لمن أنزلها, كما عجزوه في الإعادة بعد الموت. أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ أي: مؤلم لأبدانهم وقلوبهم.
Wayara allatheena ootoo alAAilma allathee onzila ilayka min rabbika huwa alhaqqa wayahdee ilasirati alAAazeezi alhameedi
لما ذكر تعالى إنكار من أنكر البعث, وأنهم يرون ما أنزل على رسوله ليس بحق، ذكر حالة الموفقين من العباد, وهم أهل العلم, وأنهم يرون ما أنزل اللّه على رسوله من الكتاب, وما اشتمل عليه من الأخبار, هو الحق, أي: الحق منحصر فيه, وما خالفه وناقضه, فإنه باطل, لأنهم وصلوا من العلم إلى درجة اليقين.ويرون أيضا أنه في أوامره ونواهيه يَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ وذلك أنهم جزموا بصدق ما أخبر به من وجوه كثيرة: من جهة علمهم بصدق من أخبر به، ومن جهة موافقته للأمور الواقعة, والكتب السابقة، ومن جهة ما يشاهدون من أخبارها, التي تقع عيانا، ومن جهة ما يشاهدون من الآيات العظيمة الدالة عليها في الآفاق وفي أنفسهم ومن جهة موافقتها, لما دلت عليه أسماؤه تعالى وأوصافه.ويرون في الأوامر والنواهي, أنها تهدي إلى الصراط المستقيم, المتضمن للأمر بكل صفة تزكي النفس، وتنمي الأجر، وتفيد العامل وغيره، كالصدق والإخلاص وبر الوالدين, وصلة الأرحام, والإحسان إلى عموم الخلق, ونحو ذلك. وتنهى عن كل صفة قبيحة, تدنس النفس, وتحبط الأجر, وتوجب الإثم والوزر, من الشرك, والزنا, والربا, والظلم في الدماء والأموال, والأعراض.وهذه منقبة لأهل العلم وفضيلة, وعلامة لهم, وأنه كلما كان العبد أعظم علما وتصديقا بأخبار ما جاء به الرسول, وأعظم معرفة بحكم أوامره ونواهيه, كان من أهل العلم الذين جعلهم اللّه حجة على ما جاء به الرسول, احتج اللّه بهم على المكذبين المعاندين, كما في هذه الآية وغيرها.
أي: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا على وجه التكذيب والاستهزاء والاستبعاد، وذكر وجه الاستبعاد.أي: قال بعضهم لبعض: هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ يعنون بذلك الرجل, رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم, وأنه رجل أتى بما يستغرب منه, حتى صار - بزعمهم - فرجة يتفرجون عليه, وأعجوبة يسخرون منه، وأنه كيف يقول إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ بعدما مزقكم البلى, وتفرقت أوصالكم, واضمحلت أعضاؤكم؟!.