سورة القلم (68): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة القلم بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير الطبري (الإمام أبو جعفر الطبري). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة القلم مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة القلم

سُورَةُ القَلَمِ
الصفحة 565 (آيات من 16 إلى 42)

سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ إِنَّا بَلَوْنَٰهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا۟ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا۟ مُصْبِحِينَ أَنِ ٱغْدُوا۟ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَٰرِمِينَ فَٱنطَلَقُوا۟ وَهُمْ يَتَخَٰفَتُونَ أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ وَغَدَوْا۟ عَلَىٰ حَرْدٍ قَٰدِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوٓا۟ إِنَّا لَضَآلُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا۟ سُبْحَٰنَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَٰوَمُونَ قَالُوا۟ يَٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا طَٰغِينَ عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَٰغِبُونَ كَذَٰلِكَ ٱلْعَذَابُ ۖ وَلَعَذَابُ ٱلْءَاخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَٰبٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمَٰنٌ عَلَيْنَا بَٰلِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ ۙ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأْتُوا۟ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُوا۟ صَٰدِقِينَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ
565

الاستماع إلى سورة القلم

تفسير سورة القلم (تفسير الطبري: الإمام أبو جعفر الطبري)

الترجمة الإنجليزية

Sanasimuhu AAala alkhurtoomi

القول في تأويل قوله تعالى : سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)وقوله: ( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: سنخطمه بالسيف، فنجعل ذلك علامة باقية، وسمة ثابتة فيه ما عاش.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) فقاتل يوم بدر، فخُطِم بالسيف في القتال.وقال آخرون: بل معنى ذلك سنشينه شينا باقيا.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) شَيْن لا يفارقه آخر ما عليه.وقال آخرون: سيمَى على أنفه.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) قال: سنسم على أنفه.وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك عندي قول من قال: معنى ذلك: سنبين أمره بيانا واضحا حتى يعرفوه، فلا يخفى عليهم، كما لا تخفي السمة على الخرطوم.وقال قتادة: معنى ذلك: شين لا يفارقه آخر ما عليه، وقد يحتمل أيضا أن يكون خطم بالسيف، فجمع له مع بيان عيوبه للناس الخطم بالسيف.ويعني بقوله: ( سَنَسِمُهُ ) سنكويه. وقال بعضهم: معنى ذلك: سنسمه سِمَة أهل النار: أي سنسوِّد وجهه.وقال: إن الخرطوم وإن كان خصّ بالسمة، فإنه في مذهب الوجه؛ لأن بعض الوجه يؤديّ عن بعض، والعرب تقول: والله لأسمنك وسما &; 23-542 &; لا يفارقك، يريدون الأنف. قال: وأنشدني بعضهم:لأعَلطَنَّهُ وَسْمًا لا يُفارِقهُكما يُحَزُّ بِحَمْى المِيسَمِ النَّجِرُ (1)والنجر: داء يأخذ الإبل فتُكوى على أنفها.------------الهوامش :(1) ‌البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 339) قال عند قوله تعالى: ( سنسمه على الخرطوم ) أي: سنسمه سمة أهل النار، أي: سنسود وجهه؛ فهو وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة، فإنه في مذهب الوجه؛ لأن بعض الوجه يؤدى عن بعض، والعرب تقول: أما والله لأسمنك وسما لا يفارقك، يريدون الأنف، وأنشدني بعضهم: "لأعلطنه وسما." البيت فقال: الميسم ولم يذكر الأنف؛ لأنه موضع السمة. والبحر: البعير إذا أصابه البحر، وهو داء يأخذ البعير فيوسم لذلك. أ.ه . قلت: وأنشد صاحب اللسان البيت "في بحر" وقال قال الفراء: البحر أن يلغي البعير بالماء، فيكثر منه، حتى يصيبه منه داء، يقال: بحر يبحر بحرا، فهو بحر، وأنشد: بيت الشاهد. قال: وإذا أصابه الداء كوي في مواضع فيبرأ. ا ه كلام الفراء كما في اللسان.وقال الأزهري معقبا عليه: الداء الذي يصيب البعير فلا يروى من الماء، هو النجر، بالنون والجيم، والبجر بالباء والجيم. وأما البحر: فهو داء يورث السل. وأبحر الرجل: إذا أخذه السل. ورجل بحير وبحر: مسلول ذاهب اللحم. عن ابن الأعرابي . ا ه. قلت : ويؤيد هذا ما جاء في (اللسان: نجر) قال الجوهري: النجر بالتحريك، عطش يصيب الإبل والغنم عن أكل الحبة، فلا تكاد تروى من الماء. يقال: نجرت الإبل ومجرت أيضا. ا ه . وفي التهذيب: نجر ينجر نجرا: إذا أكثرت من شرب الماء، ولم يكد يروى قال يعقوب: وقد يصيب الإنسان. ا ه . وحمى الميسم: حره . والميسم حديدة يكوى بها.

الترجمة الإنجليزية

Inna balawnahum kama balawna ashaba aljannati ith aqsamoo layasrimunnaha musbiheena

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)يعني تعالى ذكره بقوله: ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ ) : أي بلونا مشركي قريش، يقول: امتحناهم فاختبرناهم، ( كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) يقول: كما امتحنا أصحاب البستان ( إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ) يقول: إذ حلفوا ليصرمُنّ ثمرها إذا أصبحوا.

الترجمة الإنجليزية

Wala yastathnoona

( وَلا يَسْتَثْنُونَ ) : ولا يقولون إن شاء الله .وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، في قوله: لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ قال: هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة كان يطعم المساكين منها، فلما مات أبوهم، قال بنوه: والله إن كان أبونا لأحمق حين يُطعم المساكين، فاقسموا ليصرمنها مصبحين، ولا يستثنون، ولا يطعمون مسكينا.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ) قال: كانت الجنة لشيخ، وكان يتصدَّق، فكان بنوه ينهونه عن الصدقة، وكان يمسك قوت سنته، وينفق ويتصدَّق بالفضل؛ فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا: لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ .وذُكر أن أصحاب الجنة كانوا أهل كتاب.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا )... الآية، قال: كانوا من أهل الكتاب ، والصرم: القطع، وإنما عنى بقوله: ( لَيَصْرِمُنَّهَا ) لَيَجُدُّنّ ثمرتها؛ ومنه قول امرئ القيس:صَرَمَتْكَ بَعْدَ ما تَوَاصُلٍ دَعْدُوَبَدا لِدَعْدٍ بعضُ ما يَبْدُو (2)---------------------الهوامش :(2) ‌نسب المؤلف البيت إلى امرئ القيس، ولم أجده في مختار الشعر الجاهلي، ولا في العقد السمين، ولعله لغير امرئ القيس بن حجر الكندي من المراقسة. أنشده المؤلف شاهدا على أن الصرم في قوله تعالى: ( ليصرمنها ) بمعنى: القطع. وفي (اللسان : صرم) الصرم : القطع البائن. وعم به بعضهم القطع أي نوع كان . ا ه

الترجمة الإنجليزية

Fatafa AAalayha taifun min rabbika wahum naimoona

القول في تأويل قوله تعالى : فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)يقول تعالى ذكر.: فطرق جنة هؤلاء القوم ليلا طارق من أمر الله وهم نائمون، ولا يكون الطائف في كلام العرب إلا ليلا ولا يكون نهارا، وقد يقولون: أطفت بها نهارا.وذكر الفرّاء أن أبا الجرّاح أنشده:أطَفْتُ بِها نَهارًا غَيْرَ لَيْلٍوألْهَي رَبَّها طَلَبُ الرِّخالِ (3)والرِّخال: هي أولاد الضأن الإناث.وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو كريب، عن قابوس، عن أبيه، قال: سألت ابن عباس، عن الطوَفان (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ ) قال: هو أمر من أمر الله.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمى، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ) قال: طاف عليها أمر من أمر الله وهم نائمون.------------------الهوامش :(3) ‌البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 393) عند قوله تعالى: ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ) قال: لا يكون الطائف إلا ليلا، ولا يكون نهارا، وقد تكلم به العرب، فيقولون: أطفت به نهارا، وليس موضعه بالتهار ولكنه بمنزلة قولك: "لو ترك القطا ليلا لنام" لأن القطا لا يسري ليلا، قال: أنشدني أبو الجراح العقيلي: "أطفت بها نهارا.." البيت ا ه . والرخال: جمع رخل (بكسر الراء وفتحها): الأنثى من أولاد الضأن. والذكر: حمل، والجمع: أرخل ورخال (بكسر الراء وضمها) ورخلان أيضا. ا ه

الترجمة الإنجليزية

Faasbahat kaalssareemi

وقوله: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) اختلف أهل التأويل في الذي عُني بالصريم، فقال بعضهم: عني به الليل الأسود، وقال بعضهم: معنى ذلك: فأصبحت جنّتهم محترقة سوداء كسواد الليل المظلم البهيم.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا شيخ لنا عن شيخ من كلب يقال له: سليمان عن ابن عباس، في قوله: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) قال: الصَّرِيم: الليل.قال: وقال في ذلك أبو عمرو بن العلاء رحمه الله.ألا بَكَرَتْ وَعاذِلَتِني تَلُومُتُهَجِّدُنِي وَما انْكَشَفَ الصَّرِيمُ (4)وقال أيضا:تَطاوَلَ لَيْلُكَ الجَوْنُ البهِيمُفَمَا يَنْجاب عَنْ صُبْحٍ صريمإذَا ما قُلْتَ أقْشَعَ أوْ تَنَاهَىجَرَتْ مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ غُيُومُ (5)‌وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأصبحت كأرض تدعى الصريم معروفة بهذا الاسم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: أخبرني نعيم بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن جُبير يقول: هي أرض باليمن يقال لها ضَرْوان من صنعاء على ستة أميال.--------------------الهوامش :(4) ‌نسب المؤلف البيت إلى أبي عمرو بن العلاء. ولعله يريد أنه مما أنشده أبو عمرو يقول: استيقظت هذه المرأة قبل أن ينكشف الليل عن الصبح، توقظني حين هبت عاذلتي تلومني. قال في اللسان: هجد. قال ابن بزرج: أهجدت الرجل: أنمته، وهجدته بالتشديد: أيقظته. والصريم: الليل. وقال الفراء في معاني القرآن (339) فأصبحت كالصريم: أي احترقت، فصارت سوداء مثل الليل المسود. ا ه وفي اللسان (صرم) عن ثعلب، فأصبحت كالصريم: أي احترقت فصارت سوداء مثل الليل. ا ه . ويقال: كالشيء المصروم، الذي ذهب ما فيه،. وقيل : الصريم: أرض سوداء لا تنبت شيئا. وقال الجوهري : أي احترقت واسودت.(5) أنشد اللسان: (صرم) البيت الأول من هذا الشاهد، وقال : قال ابن بري: وأنشد أبو عمرو: "تطاول ليلك.." البيت، فالبيتان إذن ليسا لأبي عمرو، وإنما هو أنشدهما، وكذلك بيت الشاهد الذي قبلهما. والجون: الأسود، والبهيم: الخالص السواد، لا بياض فيه. وينجاب: ينكشف ويزول. وصريم: أي ليل. وأقشع: زال. وتناهى: انتهى. وهذا الشاهد في معنى الشاهد الذي قبله، وهو أن الصريم بمعنى: الليل الشديد السواد.

الترجمة الإنجليزية

Fatanadaw musbiheena

القول في تأويل قوله تعالى : فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)يقول تعالى ذكره: فتنادى هؤلاء القوم وهم أصحاب الجنة. يقول: نادى بعضهم بعضا مصبحين يقول: بعد أن أصبحوا

الترجمة الإنجليزية

Ani ighdoo AAala harthikum in kuntum sarimeena

(أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ ) وذلك الزرع (إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ) يقول: إن كنتم حاصدي زرعكم

الترجمة الإنجليزية

Faintalaqoo wahum yatakhafatoona

(فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ) يقول: فمضَوا إلى حرثهم وهم يتسارّون بينهم (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ )يقول: وهم يتسارّون يقول بعضهم لبعض: لا يدخلنّ جنتكم اليوم عليكم مسكين.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ) يقول: يُسرون

الترجمة الإنجليزية

An la yadkhulannaha alyawma AAalaykum miskeenun

(أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ).كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: لما مات أبوهم غدوا عليها، فقالوا: (لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ).واختلف أهل التأويل في معنى الحرْد في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: على قُدْرة في أنفسهم وجدّ.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ عن ابن عباس،

الترجمة الإنجليزية

Waghadaw AAala hardin qadireena

قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: ذوي قدرة.حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج عمن حدثه، عن مجاهد في قول الله: (عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جدّ قادرين في أنفسهم.قال ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جهد، أو قال على جِدّ.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) غدا القوم وهم محردون إلى جنتهم، قادرون عليها في أنفسهم.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جِدّ من أمرهم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) على جِدّ قادرين في أنفسهم.وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على أمرهم قد أجمعوا عليه بينهم، واستسرّوه، وأسرّوه في أنفسهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: كان حرث لأبيهم، وكانوا إخوة، فقالوا: لا نطعم مسكينا منه حتى نعلم ما يخرج منه (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) على أمر قد أسسوه بينهم.حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ووقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (عَلَى حَرْدٍ ) قال: على أمر مجمع.حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على أمر مُجْمَع.وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على فاقة وحاجة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن، في قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على فاقة.وقال آخرون: بل معنى ذلك: على حنق.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على حنق، وكأن سفيان ذهب في تأويله هذا إلى مثل قول الأشهب بن رُميلة:أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خِفيَّةٍتَساقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأساوِدِ (6)يعني: على غضب. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يتأوَّل ذلك: وغدوا على منع.ويوجهه إلى أنه من قولهم: حاردت السنة إذا لم يكن فيها مطر، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن، كما قال الشاعر:فإذَا ما حارَدَتْ أوْ بَكأَتْفَتَّ عَنْ حاجِب أُخْرَى طِينْها (7)وهذا قول لا نعلم له قائلا من متقدمي العلم قاله وإن كان له وجه، فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز عندنا أن يتعدّى ما أجمعت عليه الحجة، فما صحّ من الأقوال في ذلك إلا أحد الأقوال التي ذكرناها عن أهل العلم. وإذا كان ذلك كذلك، وكان المعروف من معنى الحرد في كلام العرب القصد من قولهم: قد حرد فلان حرد فلان: إذا قصد قصده؛ ومنه قول الراجز:وجاءَ سَيْلٌ كانَ مٍنْ أمْرِ اللهْيَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّةْ (8)يعني: يقصد قصدها، صح أن الذي هو أولى بتأويل الآية قول من قال: معنى قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) وغدوا على أمر قد قصدوه واعتمدوه، واستسرّوه بينهم، قادرين عليه في أنفسهم.-------------------الهوامش :(6) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 179) عند قوله تعالى: ( وغدوا على حرد قادرين) قال: مجازه على منع من حاردت الناقة لم يكن لها لبن. و" على حرد " أيضا على قصد، قال الأول:قَدْ جاءَ سَيْلٌ كانَ مِنْ أمْرِ اللهيَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلةوقال آخر: "على حرد" على غضب. قال الأشهب بن زميلة الذي كان يهاجي الفرزدق: "أسود شرى.." البيت . ا ه والشرى وخفية: مأسدتان معروفتان. والأساود. جمع أسود، وهو اسم للحية، ولذلك جمع كما تجمع الأسماء على فاعل، مثل أرانب، ولو كان صفة لجمع على سود. قلت: ورواية البيت في (اللسان : حرد):أُسودُ شرًى لاقَتْ أُسودَ خَفِيَّةٍتَساقَينَ سُمًا كُلُّهُنَّ حَوَارِدُوقال بعد البيت: قال أبو العباس: وقال أبو زيد والأصمعي وأبو عبيدة: (الذي سمعناه من العرب الفصحاء: حرد يحرد حردا كغضب يغضب غضبًا) بتحريك الراء. قال أبو العباس (ثعلب) : وسألت عنها ابن الأعرابي فقال: صحيحة، إلا أن المفضل أخبر أن من العرب من يقول حرد حردا (كغضب عضبا) وحردا (أي بسكون الراء) والتسكين أكثر. والأخرى: فصيحة.(7) ‌في (اللسان: حرد ) حاردت الإبل حرادا: أي انقطعت ألبانها أو قلت. وفي (اللسان: بكأ) بكأت الناقة والشاة بكاء وبكؤت تبكؤ بكوءًا، وهي بكئ وبكيئة: قل لبنها. وقيل: انقطع. والفت: الدق. فت الشيء يفته فتا وفتته (بالتشديد): دقه: ، وقيل : فته: كسره. وأنشد البيت صاحب اللسان في حرد مع بيت آخر قبله. وقال: الحارد: القليلة اللبن من النوق، والحرود من النوق: القليلة الدر. وحاردت السنة: قل ماؤها ومطرها، وقد استعير في الآنية إذا نفد شربها قال:ولَنا باطِيَةٌ مَمْلُوءَةٌجَوْنَةٌ يَتْبَعُها بِرْزِينُهافإذَا ما حارَدَتْ أوْ بَكأتْفُتَّ عَنْ حاجِبِ أُخْرَى طِينهاوالبرزين: إناء يتخذ من قشر طلع الفحال، يشرب به ا ه . والبيت شاهد على أن معنى حاردت السنة، وحاردت الناقة، وحاردت الباطية، قل مطرها، وقل لبنها، ونفذ خمرها. ا ه. ورواية البيت الأول في (اللسان: برزن) إنما لقحتنا باطية.. إلخ(8) ‌هذان بيتان من مشطور الرجز، لم ينسبا لقائل معروف. وكرواية الفراء في معاني القرآن ورواية البيت الأول في (اللسان: حرد) وجاء سيل، كرواية المؤلف هنا. وفي مجاز القرآن: "قد جاء" وفي الكامل للمبرد 1 : 50 طبعة مصطفى الباني الحلبي وأولاده : "قد جاء في سبيل جاء". قال المبرد في الكامل فأما قول الله عز وجل : ( وغدوا على حرد قادرين ) فإن فيه قولين : أحدهما ما ذكرنا من معنى القصد - قال الشاعر: قد جاء سيل جاء .. البيتين. وقالوا: على حرد: على منع، من قولهم حاردت السنة: إذا منعت قطرها، وحاردت الناقة: إذا منعت درها. ا ه وقال الفراء في معاني القرآن: "على حرد" على جِدٍ وقدرة في أنفسهم. والحرد أيضا : القصد، كما يقول الرجل: قد أقبلت قبلك، وقصدت قصدك، وحردت حردك. وأنشدني بعضهم " وجاء سيل كان.." البيتين. ويريد : قصدها . ا ه .

الترجمة الإنجليزية

Falamma raawha qaloo inna ladalloona

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)يقول تعالى ذكره: فلما صار هؤلاء القوم إلى جنتهم، ورأوها محترقا حرثها، أنكروها وشكوا فيها، هل هي جنتهم أم لا؟ فقال بعضهم لأصحابه ظنا منه أنهم قد أغفلوا طريق جنتهم، وأن التي رأوا غيرها: إنا أيها القوم لضالون طريق جنتنا، فقال من علم أنها جنتهم، وأنهم لم يخطئوا الطريق: بل نحن أيها القوم محرومون، حُرِمنا منفعة جنتنا بذهاب حرثها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ) : أي أضللنا الطريق، بل نحن محرومون، بل جُوزينا فحُرمنا.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ). يقول قتادة: يقولون أخطأنا الطريق ما هذه بجنتنا،

الترجمة الإنجليزية

Bal nahnu mahroomoona

فقال بعضهم: بل نحن محرومون حرمنا جنتنا.

الترجمة الإنجليزية

Qala awsatuhum alam aqul lakum lawla tusabbihoona

وقوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) يعني: أعدلهم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال؛ ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) قال: أعدلهم، ويقال: قال خيرهم، وقال في البقرة: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا قال: الوسط: العدل.حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) يقول: أعدلهم.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الفرات بن خلاد، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) : أعدلهم.حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) قال: أعدلهم.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) قال: أعدلهم.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) أي أعدلهم قولا وكان أسرع القوم فزعا، وأحسنهم رَجْعة ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ).حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) قال: أعدلهم.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) يقول: أعدلهموقوله: ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ) يقول: هلا تستثنون إذ قلتم لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ فتقولوا إن شاء الله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد ( لَوْلا تُسَبِّحُونَ ) قال: بلغني أنه الاستثناء.قال ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ) قال: يقول: تستثنون، فكان التسبيح فيهم الاستثناء.

الترجمة الإنجليزية

Qaloo subhana rabbina inna kunna thalimeena

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)يقول تعالى ذكره: قال أصحاب الجنة: (سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) في تركنا الاستثناء في قسمنا وعزمنا على ترك إطعام المساكين من ثمر جنتنا.

الترجمة الإنجليزية

Faaqbala baAAduhum AAala baAAdin yatalawamoona

وقوله: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: فأقبل بعضهم على بعض يلوم بعضهم بعضا على تفريطهم فيما فرّطوا فيه من الاستثناء، وعزمهم على ما كانوا عليه من ترك إطعام المساكين من جنتهم.

الترجمة الإنجليزية

Qaloo ya waylana inna kunna tagheena

وقوله: (يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ) يقول: قال أصحاب الجنة: يا ويلنا إنا كنا مُبْعَدين: مخالفين أمر الله في تركنا الاستثناء والتسبيح.

الترجمة الإنجليزية

AAasa rabbuna an yubdilana khayran minha inna ila rabbina raghiboona

القول في تأويل قوله تعالى : عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل أصحاب الجنة: (عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا ) بتوبتنا من خطأ فعلنا الذي سبق منا خيرا من جنتنا(إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ) يقول: إنا إلى ربنا راغبون في أن يبدلنا من جنتنا إذ هلَكت خيرا منها.

الترجمة الإنجليزية

Kathalika alAAathabu walaAAathabu alakhirati akbaru law kanoo yaAAlamoona

قوله تعالى ذكره (كَذَلِكَ الْعَذَابُ ) يقول جلّ ثناؤه: كفعلنا بجنة أصحاب الجنة، إذ أصبحت كالصريم بالذي أرسلنا عليها من البلاء والآفة المفسدة، فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدنيا، (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ ) يعني عقوبة الآخرة بمن عصى ربه وكفر به، أكبر يوم القيامة من عقوبة الدنيا وعذابها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) يعني بذلك عذاب الدنيا.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ ) : أي عقوبة الدنيا(وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ).حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ ) قال: عذاب الدنيا، هلاك أموالهم: أي عقوبة الدنيا.وقوله: (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) يقول: لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أن عقوبة الله لأهل الشرك به أكبر من عقوبته لهم في الدنيا، لارتدعوا وتابوا وأنابوا، ولكنهم بذلك جهال لا يعلمون.

الترجمة الإنجليزية

Inna lilmuttaqeena AAinda rabbihim jannati alnnaAAeemi

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34)يقول تعالى ذكره: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ ) الذين اتقوا عقوبة الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه (عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) يعني: بساتين النعيم الدائم.

الترجمة الإنجليزية

AfanajAAalu almuslimeena kaalmujrimeena

وقوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: أفنجعل أيها الناس في كرامتي ونعمتي في الآخرة الذين خضعوا لي بالطاعة، وذلوا لي بالعبودية، وخشعوا لأمري ونهيي، كالمجرمين الذي اكتسبوا المآثم، وركبوا المعاصي، وخالفوا أمري ونهيي؟ كَلا ما الله بفاعل ذلك.

الترجمة الإنجليزية

Ma lakum kayfa tahkumoona

وقوله: (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) أتجعلون المطيع لله من عبيده، والعاصي له منهم في كرامته سواء. يقول جلّ ثناؤه: لا تسوّوا بينهما فأنهما لا يستويان عند الله، بل المطيع له الكرامة الدائمة، والعاصي له الهوان الباقي.

الترجمة الإنجليزية

Am lakum kitabun feehi tadrusoona

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش: ألكم أيها القوم بتسويتكم بين المسلمين والمجرمين في كرامة الله كتاب نزل من عند الله أتاكم به رسول من رسله بأن لكم ما تَخَيَّرون، فأنتم تدرسون فيه ما تقولون.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ) قال: فيه الذي تقولون تقرءونه: تدرسونه، وقرأ: أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ ... إلى آخر الآية.

الترجمة الإنجليزية

Inna lakum feehi lama takhayyaroona

وقوله: ( إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: إن لكم في ذلك الذي تخيرون من الأمور لأنفسكم، وهذا أمر من الله، توبيخ لهؤلاء القوم وتقريع لهم فيما كانوا يقولون من الباطل، ويتمنون من الأمانيّ الكاذبة.

الترجمة الإنجليزية

Am lakum aymanun AAalayna balighatun ila yawmi alqiyamati inna lakum lama tahkumoona

وقوله: ( أَمْ لَكُمْ ) فيه ( أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) يقول: هل لكم أيمان علينا تنتهي بكم إلى يوم القيامة، بأن لكم ما تحكمون أي: بأن لكم حكمكم، ولكن الألف كسرت من " إن " لما دخل في الخبر اللام: أي هل لكم أيمان علينا بأن لكم حكمكم.

الترجمة الإنجليزية

Salhum ayyuhum bithalika zaAAeemun

القول في تأويل قوله تعالى : سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : سل يا محمد هؤلاء المشركين أيهم بأن لهم علينا أيمانا بالغة بحكمهم إلى يوم القيامة (زَعِيمٌ ) يعني: كفيل به، والزعيم عند العرب: الضامن والمتكلم عن القوم.كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ ) يقول: أيهم بذلك كفيل.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله: (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ ) يقول: أيهم بذلك كفيل.

الترجمة الإنجليزية

Am lahum shurakao falyatoo bishurakaihim in kanoo sadiqeena

وقوله: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ) يقول تعالى ذكره: ألهؤلاء القوم شركاء فيما يقولون ويصفون من الأمور التي يزعمون أنها لهم، فليأتوا بشركائهم في ذلك إن كانوا فيما يدّعون من الشركاء صادقين.

الترجمة الإنجليزية

Yawma yukshafu AAan saqin wayudAAawna ila alssujoodi fala yastateeAAoona

القول في تأويل قوله تعالى : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (42)يقول تعالى ذكره ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد.حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن أُسامة بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: هو يوم حرب وشدّة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: عن أمر عظيم كقول الشاعر:وقامَتِ الحَرْبُ بنا على ساقٍ (9)حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) ولا يبقى مؤمن إلا سجد، ويقسو ظهر الكافر فيكون عظما واحدا.وكان ابن عباس يقول: يكشف عن أمر عظيم، ألا تسمع العرب تقول:وقامَتِ الحَرْبُ بنا على ساقحدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) يقول: حين يكشف الأمر، وتبدو الأعمال، وكشفه: دخول الآخرة وكشف الأمر عنه.حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن ابن عباس، قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة.حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ وابن حميد، قالا ثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: شدة الأمر وجدّه؛ قال ابن عباس: هي أشد ساعة في يوم القيامة.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: شدّة الأمر، قال ابن عباس: هي أوّل ساعة تكون في يوم القيامة غير أن في حديث الحارث قال: وقال ابن عباس: هي أشد ساعة تكون في يوم القيامة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن سعيد بن جبير، قال: عن شدّة الأمر.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: عن أمر فظيع جليل.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: يوم يكشف عن شدة الأمر.حدثنا عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) وكان ابن عباس يقول: كان أهل الجاهلية يقولون: شمّرت الحرب عن ساق يعني إقبال الآخرة وذهاب الدنياحدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: ثنا أبو الزهراء، عن عبد الله، قال: " يتمثل الله للخلق يوم القيامة حتى يمرّ المسلمون، قال: فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئا، فينتهرهم مرّتين أو ثلاثا، فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف إلينا عرفناه، قال: فعند ذلك يكشف عن ساق، فلا يبقى مؤمن إلا خرّ لله ساجدا، ويبقى المنافقون ظهورهم طَبَقٌ واحد، كأنما فيها السفافيد، فيقولون: ربنا، فيقول: قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون."حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: ثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن مسعود، قال: " ينادي مناد يوم القيامة: أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم، ثم صورّكم، ثم رزقكم، ثم توليتم غيره أن يولى كُل عبد منكم ما تولى، فيقولون: بلى، قال: فيمثل لكلّ قوم آلهتهم التي كانوا يعبدونها، فيتبعونها حتى توردهم النار، ويبقى أهل الدعوة، فيقول بعضهم لبعض: ماذا تنتظرون، ذهب الناس؟ فيقولون: ننتظر أن يُنادى بنا، فيجيئ إليهم في صورة، قال: فذكر منها ما شاء الله، فيكشف عما شاء الله أن يكشف قال: فيخرّون سجدا إلا المنافقين، فإنه يصير فقار أصلابهم عظما واحدا مثل صياصي البقر، فيقال لهم: ارفعوا رءوسكم إلى نوركم " ثم ذكر قصة فيها طول.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا الأعمش، عن المنهال عن قيس بن سكن، قال: حدّث عبد الله وهو عند عمر يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ قال: " إذا كان يوم القيامة قال: يقوم الناس بين يدي ربّ العالمين أربعين عاما، شاخصة أبصارهم إلى السماء، حُفاة عُراة، يلجمهم العرق، ولا يكلمهم بشر أربعين عاما، ثم ينادي مناد.: يا أيها الناس أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوّركم ورزقكم، ثم عبدتم غيره، أن يولِّىَ كلّ قوم ما تولوا؟ قالوا: نعم؟ قال: فيرفع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله؛ قال: ويمثل لكل قوم، يعني آلهتهم، فيتبعونها حتى تقذفهم في النار، فيبقى المسلمون والمنافقون، فيقال: ألا تذهبون فقد ذهب الناس؟ فيقولون: حتى يأتينا ربنا، قال: وتعرفونه؟ فقالوا: إن اعترف لنا، قال: فيتجلى فيخرّ من كان يعبده ساجدا، قال: ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السفافيد. قال: فيذهب بهم فيساقون إلى النار، فيقذف بهم، ويدخل هؤلاء الجنة، قال: فيستقبلون في الجنة بما يستقبلون به من الثواب والأزواج والحور العين، لكلّ رجل منهم في الجنة كذا وكذا، بين كل جنة كذا وكذا، بين أدناها وأقصاها ألف سنة هو يرى أقصاها كما يرى أدناها؛ قال: ويستقبله رجل حسن الهيئة إذا نظر إليه مُقبلا حسب أنه ربه، فيقول له: لا تفعل إنما إنا عبدك وقَهْرَمَانك على ألف قرية قال: يقول عمر: يا كعب ألا تسمع ما يحدّث به عبد الله؟.حدثنا ابن جَبَلة، قال: ثنا يحيى بن حماد، قال: ثنا أبو عوانة، قال: ثنا سليمان الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة وقيس بن سكن، قالا قال عبد الله وهو يحدّث عمر، قال: وجعل عمر يقول: ويحك يا كعب، ألا تسمع ما يقول عبد الله؟ " إذا حسر الناس على أرجلهم أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء، لا يكلمهم بشر، والشمس على رءوسهم حتى يلجمهم العرق، كلّ برّ منهم وفاجر، ثم ينادي منادٍ من السماء: يا أيها الناس أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وصوّركم، ثم توليتم غيره، أن يولي كلّ رجل منكم ما تولى؟ فيقولون: بلى؛ ثم ينادي مناد من السماء: يا أيها الناس، فلتنطلق كلّ أمة إلى ما كانت تعبد، قال: ويبسط لهم السراب، قال: فيمثل لهم ما كانوا يعبدون، قال: فينطلقون حتى يلجوا النار، فيقال للمسلمين: ما يحبسكم؟ فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فيقال لهم: هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: إن اعترف لنا عرفناه.قال وثني أبو صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "...حتى إن أحدهم ليلتفّ فيكشف عن ساق، فيقعون سجودا، قال: وتُدْمَج أصلاب المنافقين حتى تكون عظما واحدا، كأنها صياصي البقر، قال: فيقال لهم: أرفعوا رءوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم؛ قال: فترفع طائفة منهم رءوسهم إلى مثل الجبال من النور، فيمرون على الصراط كطرف العين، ثم ترفع أخرى رءوسهم إلى أمثال القصور، فيمرون على الصراط كمرّ الريح، ثم يرفع آخرون بين أيديهم أمثال البيوت، فيمرّون كمرّ الخيل؛ ثم يرفع آخرون إلى نور دون ذلك، فيشدّون شدّا؛ وآخرون دون ذلك يمشون مشيا حتى يبقى آخر الناس رجل على أنملة رجله مثل السراج، فيخرّ مرة، ويستقيم أخرى، وتصيبه النار فتشعث منه حتى يخرج، فيقول: ما أعطي أحد ما أعطيت، ولا يدري مما نجا، غير أني وجدت مسها، وإني وجدت حرّها " وذكر حديثا فيه طول اختصرت هذا منه.حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: ثنا هشام بن سعد، قال: ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدْريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا لتلحق كلّ أمة بما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار، ويبقى من كان يعبد الله وحده من برّ وفاجر، وغبرات أهل الكتاب ثم تعرض جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، ثم تدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: عزَير ابن الله، فيقول: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا فيقول: أفلا تردون فيذهبون حتى يتساقطوا في النار، ثم تدعى النصارى، فيقال: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: المسيح ابن الله، فيقول: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا اسقنا، فيقول: أفلا تردون، فيذهبون فيتساقطون في النار، فيبقى من كان يعبد الله من برّ وفاجر قال: ثم يتبدّى الله لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أوّل مرّة، فيقول: أيها الناس لحقت كلّ أمة بما كانت تعبد، وبقيتم أنتم فلا يكلمه يومئذ إلا الأنبياء، فيقولون: فارقنا الناس في الدنيا، ونحن كنا إلى صحبتهم فيها أحوج لحقت كلّ أمة بما كانت تعبد، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، فيقول: هل بينكم وبين الله آية تعرفونه بها؟ فيقولون نعم، فيكشف عن ساق، فيخرّون سجدًا أجمعون، ولا يبقى أحد كان سجد في الدنيا سمعة ولا رياء ولا نفاقا، إلا صار ظهره طبقا واحدا، كلما أراد أن يسجد خرّ على قفاه؛ قال: ثم يرجع يرفع برّنا ومسيئنا، وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أوّل مرّة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعم أنت ربنا ثلاث مرات ".حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثني أبي وسعيد بن الليث، عن الليث، قال: ثنا خالد بن يزيد، عن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يُنادِي مُنادِيهِ فَيَقُول: لِيَلْحَقْ كل قَوْمٍ بِمَا كانُوا يَعْبُدُونَ فَيَذْهَبُ أصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وأصْحَاب الأوْثَانِ مَعَ أوْثانِهِم، وأصحَابُ كُلّ آلهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ، حتى يَبْقَى مَنْ كانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرّ وَفاجِرٍ وَغبَّرَاتِ (10) أهْل الكِتابِ، ثُمَّ يُؤْتي بِجَهنم تَعْرِضُ كأنَّها سَرَابٌ" ثم ذكر نحوه، غير أنه قال " فإنَّا نَنْتَظِرُ رَبَّنا فقال: إن كان قاله فيأتيهم الجبار "، ثم حدثنا الحديث نحو حديث المسروقي.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الرحمن المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع المدنيّ، عن يزيد بن أبي زياد عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يأْخُذُ اللهُ للْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ حتى إذَا لَمْ يَبْقَ تبعه لأحَدٍ عِنْدَ أحَدٍ جَعَلَ اللهُ مَلَكا مِنَ المَلائِكَةِ على صُورَةِ عُزَيْرٍ، فَتَتْبَعُهُ اليهُودُ، وَجَعَلَ اللهُ مَلَكا مِنَ المَلائِكَةِ على صُورَةِ عيسَى فَتَتْبَعُهُ النَّصَارَى، ثم نادى مُنَادٍ أسمَعَ الخَلائِقَ كُلَّهُمْ، فَقالَ: ألا لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بآلِهَتِهِمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله، فَلا يَبْقَى أحَدٌ كانَ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ شَيْئا إلا مُثِّلَ لَهُ آلِهَتُهُ بَينَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قادَتْهُمْ إلى النَّارِ حتى إذَا لَمْ يَبْقَ إلا المُؤْمِنُون فِيهِمُ المُنافِقُون قالَ اللهُ جَل ثَناؤُهُ أيُّها النَّاسُ ذَهَبَ النَّاسُ، ذَهَبَ النَّاسُ، الْحَقُوا بآلِهَتِكُمْ وَما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ وَاللهِ مالَنا إلَهٌ إلا الله وَما كُنَّا نَعْبُدُ إلَها غَيْرَه، وَهُوَ اللهُ ثَبَّتَهُمْ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُمُ الثَّانِيَةَ مِثْلَ ذلكَ: الْحَقُوا بآلِهَتِكُم وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذلكَ، فَيُقَالُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَينَ رَبِّكُم ْ مِنْ آيةٍ تَعْرِفُونَها؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ مِنْ عَظَمَتِهِ ما يَعْرِفُونَهُ أنَّه رَبُّهُمْ فَيَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا على وُجُوهِهمْ وَيَقَعُ كُلُّ مُنافِقٍ على قَفاهُ، وَيَجْعَلُ اللهُ أصْلابَهُمْ كَصَيَاصِي البَقَر ".وحدثني أبو زيد عمر بن شبة، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو سعيد روح بن جناح، عن مولى لعمر بن عبد العزيز، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: " عن نور عظيم، يخرّون له سجدًا ".حدثني جعفر بن محمد البزورِيُّ، قال: ثنا عبيد الله، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله الله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: يكشف عن الغطاء، قال: ويُدْعَوْنَ إلى السجود وهم سالمون.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا ابن المبارك، عن أُسامة بن زيد، عن عكرمة، في قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: هو يومُ كربٍ وشدّة. وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) بمعنى: يوم تكشف القيامة عن شدّة شديدة، والعرب تقول: كشف هذا الأمرُ عن ساق: إذا صار إلى شدّة؛ ومنه قول الشاعر:كَشَفَتْ لَهُمْ عَن ساقِهاوَبَدَا مِنَ الشَّرِّ الصَّرَاحُ (11)وقوله: ( وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ) يقول: ويدعوهم الكشف عن الساق إلى السجود لله تعالى فلا يطيقون ذلك.------------------------الهوامش:(9) هذا بيت من الرجز المشطور. أنشده المؤلف عند قوله تعالى: ( يوم يكشف عن ساق ) أي: أمر عظيم. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 179) ( يوم يكشف عن ساق ) إذا اشتد الحرب والأمر، قيل: قد كشف الأمر عن ساقه.(10) ‌في النهاية لابن الأثير: للغبرات جمع غبر، وهو من الغابر الباقي . وفي السان: وغبر كل شيء " بقيته.(11) البيت لجد طرفة كما قال الفراء في معاني القرآن (الورقة 340) قال عند قوله تعالى: ( يوم يكشف عن ساق ) القراء مجتمعون على رفع الياء. وبسنده إلى ابن عباس: أنه قرأ: (يوم تكشف) "بالتاء مفتوحة"، يريد القيامة والساعة لشدتها. قال: وأنشدني بعض العرب لجد طرفة: وهو سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة جد طرفة بن العبد:كشفت لهم عن ساقهاوبدا من الشر البراحوروايته في (اللسان: سوق) عن ديوان الحماسة: "الصراح" في موضع "البراح".
565