سورة الطلاق (65): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة الطلاق بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير الطبري (الإمام أبو جعفر الطبري). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة الطلاق مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة الطلاق

سُورَةُ الطَّلَاقِ
الصفحة 558 (آيات من 1 إلى 5)

يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا۟ ٱلْعِدَّةَ ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّآ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُۥ ۚ لَا تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا۟ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا۟ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُۥٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمْرِهِۦ ۚ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍ قَدْرًا وَٱلَّٰٓـِٔى يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشْهُرٍ وَٱلَّٰٓـِٔى لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُو۟لَٰتُ ٱلْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مِنْ أَمْرِهِۦ يُسْرًا ذَٰلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُۥٓ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُعْظِمْ لَهُۥٓ أَجْرًا
558

الاستماع إلى سورة الطلاق

تفسير سورة الطلاق (تفسير الطبري: الإمام أبو جعفر الطبري)

الترجمة الإنجليزية

Ya ayyuha alnnabiyyu itha tallaqtumu alnnisaa fatalliqoohunna liAAiddatihinna waahsoo alAAiddata waittaqoo Allaha rabbakum la tukhrijoohunna min buyootihinna wala yakhrujna illa an yateena bifahishatin mubayyinatin watilka hudoodu Allahi waman yataAAadda hudooda Allahi faqad thalama nafsahu la tadree laAAalla Allaha yuhdithu baAAda thalika amran

يعني تعالى ذكره بقوله : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) يقول: إذا طلقتم نساءكم فطلقوهنّ لطهرهنّ الذي يحصينه من عدتهنّ، طاهرًا من غير جماع، ولا تطلقوهنّ بحيضهنّ الذي لا يعتددن به من قرئهنّ.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، قال: الطلاق للعدّة طاهرًا من غير جماع.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: بالطهر في غير جماع.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله ( إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) يقول: إذا طلقتم قال: الطهر في غير جماع.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: طاهرًا من غير جماع.حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يرى طلاق السنة طاهرًا من غير جماع، وفي كلّ طهر، وهي العدة التي أمر الله بها.حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، أن رجلا سأل ابن عباس فقال: إنه طلق امرأته مئة، فقال: عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، ولم تتق الله فيجعل لك مخرجًا، وقرأ هذه الآية: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) ، وقال: ( يا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ الْنِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهنَّ ) .حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا شعبة، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، عن ابن عباس بنحوه.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أيوب، عن &; 23-433 &; عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قال: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثًا، فسكت حتى ظننا أنه رادّها عليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس يا ابن عباس، وإن الله عزّ وجلّ قال: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجًا، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، قال الله: (يا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ الْنِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهنَّ ) .حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت مجاهدًا يحدّث عن ابن عباس في هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال ابن عباس: في قبل عدتهنّ.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أُمية، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، أنه قرأ (فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهنَّ ) .حدثنا العباس بن عبد العظيم، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: طاهرًا في غير جماع.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، في قوله: ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: طاهرًا من غير حيض، أو حاملا قد استبان حملها.قال ثنا هارون، عن عيسى بن يزيد بن دأب، عن عمرو، عن الحسن وابن سيرين، فيمن أراد أن يطلق ثلاث تطليقات جميعًا في كلمة واحدة، أنه لا بأس به بعد أن يطلقها في قبل عدتها، كما أمره الله؛ وكان يكرهان أن يطلق الرجل امرأته تطليقة، أو تطليقتين، أو ثلاثًا، إذا كان بغير العدّة التي ذكرها الله.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عون، عن ابن سيرين أنه قال في قوله: ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قالَ: يطلقها وهي طاهر من غير جماع، أو حَبَل يستبين حملها.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ: ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: لطهرهن.حدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ، قال: ثنا المحاربيّ، عن جويبر، عن الضحاك، في قول الله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: العدّة: القرْء، والقرء: الحيض. والطاهر: الطاهر من غير جماع، ثم تستقبل ثلاث حِيَض.حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) والعدة: أن يطلقها طاهرًا من غير جماع تطليقة واحدة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: إذا طهرت من الحيض في غير جماع، قلت: كيف؟ قال: إذا طهرت فطلقها من قبل أن تمسها، فإن بدا لك أن تطلقها أخرى تركتها حتى تحيض حيضة أخرى، ثم طلقها إذا طهرت الثانية، فإذا أردت طلاقها الثالثة أمهلتها حتى تحيض، فإذا طهرت طلقها الثالثة، ثم تعتدّ حيضة واحدة، ثم تَنكِح إن شاءت.قال ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: وقال ابن طاوس: إذا أردت الطلاق فطلقها حين تطهر، قبل أن تمسها تطليقة واحدة، لا ينبغي لك أن تزيد عليها، حتى تخلو ثلاثة قروء، فإن واحدة تبينها.حُدثت عن الحسين، فال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) يقول: طلَّقها طاهرًا من غير جماع.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فطلقوهن لعدتهن ) قال: إذا طلقتها للعدّة كان مِلْكُها بيدك، من طلق للعدة جعل الله له في ذلك فسحة، وجعل له مِلْكًا إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدة ارتجع.حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: طاهرًا في غير جماع، فإن كانت لا تحيض، فعند غرّةِّ كل هلال.حدثني أَبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: طلَّقت امرأتي وهي حائض؛ قال: فأتى عمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخبره بذلك، فقال: " مُرْه فَلْيُرَاجِعهَا حَتَى تَطْهُر، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، وإنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، فَإنَها العِدَّةُ التي قال اللُه عَزَّ وَجَلَّ".قال ثنا ابن إدريس، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه، عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن مهدي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر " أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عُمر النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: " مُرْه فَلْيُرَاجِعهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ".حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر " أنه طلق امرأته حائضًا، فأتى عمر النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فذكر ذلك له، فأمره أن يراجعها، ثم يتركها حتى إذا طهرت ثم حاضت طلقها، قال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " فَهِيَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ" ويقول: حين يطهرن.حدثنا عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس في قوله: ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) يقول: لا يطلقها وهي حائض، ولا في طهر قد جامعها فيه، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة، فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض، وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، وإن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها.حدثنا ابن البرقيّ، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عبد العزيز، سُئل عن قول الله ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) قال: طلاق السنة أن يطلق الرجل امرأته وهي في قبل عدتها، وهي طاهر من غير جماع واحدة، ثم يدعها، فإن شاء راجعها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة، وإن أراد أن يطلقها ثلاثًا طلقها واحدة في قبل عدتها، وهي طاهر من غير جماع، ثم يدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، ثم يدعها، حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، ثم لا تحلّ له حتى تنكح زوجًا غيره.وذُكر أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في سبب طلاقه حَفْصة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: " طلق رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حفصة بنت عمر تطليقة، فأنزلت هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) فقيل: راجعها فإنها صوّامة قوّامة، وإنها من نسائك في الجنة ".وقوله: ( وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ) يقول: وأحصُوا هذه العدّة وأقراءَها فاحفظوها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله: ( وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ) قال: احفظوا العدّة.وقوله: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) يقول: وخافوا الله أيها الناس ربكم فاحذروا معصيته أن تتعدّوا حده، لا تخرجوا من طلقتم من نسائكم لعدتهنّ من بيوتهنّ التي كنتم أسكنتموهنّ فيها قبل الطلاق حتى تنقضي عدتهنّ.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) حتى تنقضي عدتهنّ.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جُرَيج، قال: قال عطاء: إن أذن لها أن تعتدّ في غير بيته، فتعتدّ في بيت أهلها، فقد شاركها إذن في الإثم. ثم تلا( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: قلت هذه الآية في هذه؟ قال: نعم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا حيوة بن شريح، عن محمد بن عجلان، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول في هذه الآية ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: خروجها قبل انقضاء العدّة. قال ابن عجلان عن زيد بن أسلم: إذا أتت بفاحشة أخرجت.وحدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ، قال: ثنا المحاربيّ، عبد الرحمن بن محمد، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: ليس لها أن تخرج إلا بإذنه، وليس للزوج أن يخرجها ما كانت في العدّة، فإن خرجت فلا سُكْنى لها ولا نفقة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ ) قال: هي المطلقة لا تخرج من بيتها، ما دام لزوجها عليها رجعة، وكانت في عدّة.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ ) وذلك إذا طلقها واحدة أو ثنتين لها ما لم يطلقها ثلاثًا.وقوله: ( وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) يقول جلّ ثناؤه: لا تخرجوهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة أنها فاحشة لمن عاينها أو علمها.واختلف أهل التأويل في معنى الفاحشة التي ذكرت في هذا الموضع، والمعنى الذي من أجله أذن الله بإخراجهنّ حالة كونهنّ في العدّة من بيوتهنّ، فقال بعضهم: الفاحشة التي ذكرها في الموضع هي الزنى، والإخراج الذي أباح الله هو الإخراج لإقامة الحدّ.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، في قوله: ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: الزنى، قال فتُخْرَج ليُقام عليها الحدّ.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، مثله.حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال ثنا ابن عُلَية، عن صالح بن مسلم، قال: سألت عامرًا قلت رجل طلق امرأته تطليقة أيخرجها من بيتها؟ قال: إن كانت زانية.حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال ثنا الحسن، قال ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: إلا أن يزنين.حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول الله عزّ وجلّ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: قال الله جلّ ثناؤه وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ قال: هؤلاء المحصنات، فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ . .. الآية. قال: فجعل الله سبيلهنّ الرجم، فهي لا ينبغي لها أن تخرج من بيتها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، فإذا أتت بفاحشة مبينة أخرجت إلى الحدّ فرجمت، وكان قبل هذا للمحصنة الحبس تحبس في البيوت لا تترك تنكح، وكان للبكرين الأذى قال الله جلّ ثناؤه: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا يا زان، يا زانية، فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا قال: ثم نُسخ هذا كله، فجعل الرجم للمحصنة والمحصن، وجعل جلد مئة للبِكْرَين، قال: ونسخ هذا.وقال آخرون: الفاحشة التي عناها الله في هذا الموضع: البَذَاء على أحمائها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: ثنا محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، عن ابن عباس قال الله: ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: الفاحشة المبينة أن تبذُو على أهلها.وقال آخرون: بل هي كل معصية لله.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) والفاحشة: هي المعصية.وقال آخرون: بل ذلك نشوزها على زوجها، فيطلقها على النشوز، فيكون لها التحوّل حينئذ من بيتها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال قتادة: إلا أن يطلقها على نشوز، فلها أن تحوّل من بيت زوجها.وقال آخرون: الفاحشة المبينة التي ذكر الله عزّ وجلّ في هذا الموضع خروجها من بيتها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: خروجها من بيتها فاحشة. قال بعضهم: خروجها إذا أتت بفاحشة أن تخرج فيقام عليها الحدّ.حدثني ابن عبد الرحيم البرقيّ، قال: ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب قال: ثني محمد بن عجلان، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، في قوله: ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) قال: خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة.* والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال: عنى بالفاحشة في هذا الموضع: المعصية، وذلك أن الفاحشة هي كلّ أمر قبيح تعدّى فيه حدّه، فالزنى من ذلك، والسرق والبذاء على الأحماء، وخروجها متحوّلة عن منزلها الذي يلزمها أن تعتدّ فيه منه، فأي ذلك فعلت وهي في عدتها، فلزوجها إخراجها من بيتها ذلك، لإتيانها بالفاحشة التي ركبتها.وقوله: ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: وهذه الأمور التي بينتها لكم من الطلاق للعدّة، وإحصاء العدّة، والأمر باتقاء الله، وأن لا تخرج المطلقة من بيتها، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة حدود الله التي حدّها لكم أيها الناس فلا تعتدوها( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) يقول تعالى ذكره: ومن يتجاوز حدود الله التي حدّها لخلقه فقد ظلم نفسه: يقول: فقد أكسب نفسه وزرًا، فصار بذلك لها ظالما، وعليها متعدّيا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا عليّ بن عبد الأعلى، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن جويبر، عن الضحاك في قول الله ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ) يقول: تلك طاعة الله فلا تعتدوها، قال: يقول: من كان على غير هذه فقد ظلم نفسه.وقوله: ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) يقول جلّ ثناؤه: لا تدري ما الذي يحدث؟ لعل الله يحدث بعد طلاقكم إياهنّ رجعة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، أن فاطمة بنت قيس كانت تحت أَبي حفص المخزومي، وكان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أمَّر عليًا على بعض اليمن، فخرج معه، فبعث إليها بتطليقة كانت لها، وأمر عياش بن أبي ربيعة المخزومي، والحارث بن هشام أن ينفقا عليها، فقالا لا والله ما لها علينا نفقة، إلا أن تكون حاملا فأتت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فذكرت ذلك له، فلم يجعل لها نفقة إلا أن تكون حاملا واستأذنته في الانتقال، فقالت: أين انتقل يا رسول الله؟ قال: " عِنْدَ ابْنِ أُمّ مَكْتُومٍ"، وكان أعمى، تضع ثيابها عنده، ولا يبصرها؛ فلم تزل هنالك حتى أنكحها النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُسامة بن زيد حين مضت عدتها، فأرسل إليها مروان بن الحكم يسألها عن هذا الحديث، فأخبرته، فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة، وسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها، فقالت فاطمة: بيني وبينكم الكتاب، قال الله جلّ ثناؤه: ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) حتى بلغ ( لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) قالت: فأي أمر يحدث بعد الثلاث، وإنما هو في مراجعة الرجل امرأته، وكيف تحبس امرأة بغير نفقة؟حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) قال: هذا في مراجعة الرجل امرأته.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) : أي مراجعة.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) قال: يراجعها في بيتها هذا في الواحدة والثنتين، هو أبعد من الزنى.قال سعيد، وقال الحسن: هذا في الواحدة والثنتين، وما يحدث الله بعد الثلاث.حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أيوب، قال: سمعت الحسن وعكرمة يقولان: المطلقة ثلاثًا، والمتوفى عنها لا سكنى لها ولا نفقة؛ قال: فقال عكرمة ( لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) فقال: ما يحدث بعد الثلاث.حدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: ( لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) يقول: لعلّ الرجل يراجعها في عدتها.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) هذا ما كان له عليها رجعة.حدثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) قال: الرجعة.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) قال: لعلّ الله يحدث في قلبك تراجع زوجتك؛ قال: قال: ومن طلق للعدّة جعل الله له في ذلك فسحة، وجعل له ملكًا إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدّة ارتجع.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) قال: لعله يراجعها.

الترجمة الإنجليزية

Faitha balaghna ajalahunna faamsikoohunna bimaAAroofin aw fariqoohunna bimaAAroofin waashhidoo thaway AAadlin minkum waaqeemoo alshshahadata lillahi thalikum yooAAathu bihi man kana yuminu biAllahi waalyawmi alakhiri waman yattaqi Allaha yajAAal lahu makhrajan

وقوله: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) يقول تعالى ذكره: فإذا بلغ المطلقات اللواتي هنّ في عدة أجلهنّ وذلك حين قرب انقضاء عددهنّ( فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) يقول: فأمسكوهنّ برجعة تراجعوهن، إن أردتم ذلك بمَعْرُوف، يقول: بما أمرك الله به من الإمساك وذلك بإعطائها الحقوق التي أوجبها الله عليه لها من النفقة والكسوة والمسكن وحُسن الصحبة، أو فارقوهنّ بمعروف، أو اتركوهنّ حتى تنقضي عددهنّ، فتبين منكم بمعروف، يعني بإيفائها ما لها من حق قبله من الصداق والمتعة على ما أوجب عليه لها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ بن عبد الأعلى، قال: ثني المحاربي بن عبد الرحمن بن محمد، عن جويبر، عن الضحاك، قوله: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) يقول: إذا انقضت عدتها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة، أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض، يقول: فراجع إن كنت تريد المراجعة قبل أن تنقضي العدّة بإمساك بمعروف، والمعروف أن تحسن صحبتها أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ والتسريح بإحسان: أن يدعها حتى تمضي عدتها، ويعطيها مهرًا إن كان لها عليه إذا طلقها، فذلك التسريح بإحسان، والمُتعة على قدر الميسرة.حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) قال: إذا طلقها واحدة أو ثنتين، يشاء (1) أن يمسكها بمعروف، أو يسرّحها بإحسان.وقوله: ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) وأشهدوا على الإمساك إن أمسكتموهنّ، وذلك هو الرجعة ذوي عدل منكم، وهما اللذان يرضى دينهما وأمانتهما.وقد بينا فيما مضى قبل معنى العدل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وذكرنا ما قال أهل العلم فيه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: إن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها، أشهد رجلين كما قال الله ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) عند الطلاق وعند المراجعة، فإن راجعها فهي عنده على تطليقتين، وإن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت منه بواحدة، وهي أملك بنفسها، ثم تتزوّج من شاءت، هو أو غيره.حدثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) قال: على الطلاق والرجعة.وقوله: ( وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ) يقول: وأشهدوا على الحقّ إذا استشهدتم، وأدوها على صحة إذا أنتم دُعيتم إلى أدائها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ) قال: أشهدوا على الحقّ.وقوله: ( ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي أمرتكم به، وعرَّفتكم من أمر الطلاق، والواجب لبعضكم على بعض عند الفراق والإمساك عظة منا لكم، نعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فيصدّق به.وعُنِي بقوله: ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ) من كانت صفته الإيمان بالله، كالذي حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط عن السديّ، ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) قالَ: يؤمن به.وقوله: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) يقول تعالى ذكره: من يخف الله فيعمل بما أمره به، ويجتنب ما نهاه عنه، يجعل له من أمره مخرجًا بأن يعرّفه بأن ما قضى فلا بدّ من أن يكون، وذلك أن المطلق إذا طلَّق، كما ندبه الله إليه للعدّة، ولم يراجعها في عدتها حتى انقضت ثم تتبعها نفسه، جعل الله له مخرجًا فيما تتبعها نفسه. بأن جعل له السبيل إلى خطبتها ونكاحها، ولو طلقها ثلاثًا لم يكن له إلى ذلك سبيل.------------------------الهوامش:(1) كذا في الأصل. ولعل أصل العبارة: فله بعد ذلك ما يشاء ... إلخ

الترجمة الإنجليزية

Wayarzuqhu min haythu la yahtasibu waman yatawakkal AAala Allahi fahuwa hasbuhu inna Allaha balighu amrihi qad jaAAala Allahu likulli shayin qadran

وقوله: ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) يقول: ويسبب له أسباب الرزق من حيث لا يشعر، ولا يعلم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وذكر بعضهم أن هده الآية نزلت بسبب عوف بن مالك الأشجعيّ.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أَبو كُرَيب، قال: ثنا ابن صَلْت، عن قيس، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق عن عبد الله، في قوله: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: يعلم أنه من عند الله، وأن الله هو الذي يعطي ويمنع.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: المخرج أن يعلم أن الله تبارك وتعالى لو شاء أعطاه وإن شاء منعه، ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) قال: من حيث لا يدري.حدثني أَبو السائب، قال: ثنا أَبو معاوية، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق، مثله.حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) يقول: نجاته من كل كرب في الدنيا والآخرة، ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن الربيع بن خثيم ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: من كلّ شيء ضاق على الناس.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: من طلق كما أمره الله يجعل له مخرجًا.حدثني عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسرًا، قال: يعني بالمخرج واليُسر إذا طلق واحدة ثم سكت عنها، فإن شاء راجعها بشهادة رجلين عدلين، فذلك اليُسر الذي قال الله، وإن مضت عدتها ولم يراجعها، كان خاطبًا من الخطاب، وهذا الذي أمر الله به، وهكذا طلاق السنة فأما من طلق عند كلّ حيضة فقد أخطأ السنة، وعصى الربّ، وأخذ بالعسر.حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: يطلق للسُّنة، ويراجع للسُّنة؛ زعم أن رجلا من أصحاب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقال له عوف الأشجعيّ، كان له ابن، وأن المشركين أسروه، فكان فيهم، فكان أبوه يأتي النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فيشكوا إليه مكان ابنه، وحالته التي هو بها وحاجته، فكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يأمره بالصبر ويقول له: إن الله سيجعل له مخرجا، فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرًا إذا انفلت ابنه من أيدي العدوّ، فمرّ بغنم من أغنام العدوّ فاستاقها، فجاء بها إلى أبيه، وجاء معه بغنًى قد أصابه من الغنم، فنزلت هذه الآية: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عمار بن أبي معاوية الدهنّي، عن سالم بن أبي الجعد ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: نزلت في رجل من أشجع جاء إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو مجهود، فسأله فقال له النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " اتَّقِ اللهَ وَاصْبِرْ"، قال: قد فعلت، فأتى قومه، فقالوا: ماذا قال لك؟ قال: قال: " اتق الله واصبر "، فقلت: قد فعلت حتى قال ذلك ثلاثًا، فرجع فإذا هو بابنه كان أسيرًا في بني فلان من العرب، فجاء معه بأعنز فرجع إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: إن ابني كان أسيرًا في بني فلان، وإنه جاء بأعنز فطابت لنا؟ قال: " نعم ".قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن عمار الدهنّي، عن سالم بن أَبي الجعد في قوله: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: نزلت في رجل من أشجع أصابه الجهد، فأتى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال له: " اتَّقِ اللهَ وَاصْبِرْ"، فرجع فوجد ابنًا له كان أسيرًا، قد فكه الله من أيديهم، وأصاب أعنزا، فجاء، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: هل تطيبُ لي يا رسول الله؟ قال: " نَعَم ".قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن المنذر الثوريّ، عن أبيه، عن الربيع بن خثيم ( يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: من كلّ شيء ضاق على الناس.قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق ( يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: يعلم أن الله إن شاء منعه، وإن شاء أعطاه ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) يقول: من حيث لا يدري.قال: ثنا مهران، عن سعيد بن أَبي عَروبة، عن قتادة ( يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) قال: من شُبُهَات الأمور، والكرب عند الموت ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) : من حيث لا يرجو ولا يؤمل.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) لا يأمل ولا يرجو.وقوله: ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )يقول تعالى ذكره: ومن يتق الله في أموره، ويفوّضها إليه فهو كافيه.وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ) منقطع عن قوله: ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) . ومعنى ذلك: إن الله بالغ أمره بكل حال توكل عليه العبد أو لم يتوكل عليه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ) توكل عليه أو لم يتوكل عليه، غير أن المتوكل يُكَفِّرْ عنه سيئاته، ويُعظِم له أجرًا.حدثنا أَبو السائب، قال: ثنا أَبو معاوية، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق بنحوه.حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا ابن صلت عن قيس، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) قال: ليس بمتوكل الذي قد قُضيت حاجته، وجعل فضل من توكل عليه على من لم يتوكل أن يكفرَ عنه سيئاته، ويُعظم له أجرًا.قال: ثنا جرير، عن منصور، عن الشعبيّ، قال: تجالس شُتير بن شكل ومسروق، فقال شُتير: إما أن تحدّث ما سمعت من ابن مسعود فأصدّقك، وإما أن أحدث فتصدّقني؟ قال مسروق: لا بل حدّث فأصدّقك، فقال: سمعت ابن مسعود يقول: إن أكبر آية في القرآن تفوّضًا (2) : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) قال مسروق: صدقت.وقوله: ( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) يقول تعالى ذكره: قد جعل الله لكلّ شيء من الطلاق والعدّة وغير ذلك حدًا وأجلا وقدرًا يُنتهى إليه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني أَبو السائب، قال: ثنا أَبو معاوية، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق ( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) قال: أجلا.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق ( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) قال: منتهى.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق مثله.حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) قال: الحيض في الأجل والعدّة.------------------------الهوامش:(2) كذا في الأصل، ولم أجد في المعاجم هذا المصدر ولا فعله، ولعله محرف عن "التفويض"، وهو رد الأمر كله إلى الله، وهو المفهوم من معنى حديث ابن مسعود هذا.

الترجمة الإنجليزية

Waallaee yaisna mina almaheedi min nisaikum ini irtabtum faAAiddatuhunna thalathatu ashhurin waallaee lam yahidna waolatu alahmali ajaluhunna an yadaAAna hamlahunna waman yattaqi Allaha yajAAal lahu min amrihi yusran

يقول تعالى ذكره: والنساء اللاتي قد ارتفع طمعهنّ عن المحيض، فلا يرجون أن يحضن من نسائكم إن ارتبتم.واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: إن ارتبتم بالدم الذي يظهر منها لكبرها، أمن الحيض هو، أم من الاستحاضة، فعِدَّتهنّ ثلاثة أشهر.* ذكر من قال ذكر:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ) إن لم تعلموا التي قعدت عن الحيضة، والتي لم تحض، فعدتهنّ ثلاثة أشهر.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ) قال: في كبرها أن يكون ذلك من الكبر، فإنها تعتدّ حين ترتاب ثلاثة أشهر؛ فأما إذا ارتفعت حيضة المرأة وهي شابة، فإنه يتأنى بها حتى ينظر حامل هي أم غير حامل؟ فإن استبان حملها، فأجلها أن تضع حملها، فإن لم يستبن حملها، فحتى يستبين بها، وأقصى ذلك سنة.حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ ) قال: إن ارتبت أنها لا تحيض وقد ارتفعت حيضتها، أو ارتاب الرجال، أو قالت هي: تركتني الحيضة، فعدتهنّ ثلاثة أشهر إن ارتاب، فلو كان الحمل انتَظَرَ الحملَ حتى تنقضي تسعة أشهر، فخاف وارتاب هو، وهي أن تكون الحيضة قد انقطعت، فلا ينبغي لمسلمة أن تحبس، فاعتدت ثلاثة أشهر، وجعل الله جلّ ثناؤه أيضًا للتي لم تحض الصغيرة ثلاثة أشهر.حدثنا ابن عبد الرحيم البَرْقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: أخبرنا أَبو معبد، قال: سُئل سليمان عن المرتابة، قال: هي المرتابة التي قد قعدت من الولد تطلق، فتحيض حيضة، فيأتي إبَّان حيضتها الثانية فلا تحيض؛ قال: تعتدّ حين ترتاب ثلاثة أشهر مستقبلة؛ قال: فإن حاضت حيضتين ثم جاء إبان الثالثة فلم تحض اعتدّت حين ترتاب ثلاثة أشهر مستقبلة، ولم يعتدّ بما مضى.وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن ارتبتم بحكمهنّ فلم تدروا ما الحكم في عدتهنّ، فإن عدتهنّ ثلاثة أشهر.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أَبو كُرَيب وأبو السائب، قالا ثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا مطرف، عن عمرو بن سالم، قال: " قال أبيّ بن كعب: يا رسول الله إن عددًا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب الصغار والكبار، وأولات الأحمال، فأنزل الله ( وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) .وقال آخرون: معنى ذلك: إن ارتبتم مما يظهر منهنّ من الدم، فلم تدروا أدم حيض، أم دم مستحاضة من كبر كان ذلك أو علة؟* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، قال: إن من الريبة: المرأة المستحاضة، والتي لا يستقيم لها الحيض، تحيض في الشهر مرارًا، وفي الأشهر مرّة، فعدتها ثلاثة أشهر ، وهو قول قتادة. وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال: عُنِي بذلك: إن ارتبتم فلم تدروا ما الحكم فيهنّ، وذلك أن معنى ذلك لو كان كما قاله من قال: إن ارتبتم بدمائهنّ فلم تدروا أدم حيض، أو استحاضة؟ لقيل: إن ارتبتنّ لأنهنّ إذا أشكل الدم عليهنّ فهنّ المرتابات بدماء أنفسهنّ لا غيرهنّ، وفي قوله: ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ) وخطابه الرجال بذلك دون النساء الدليل الواضح على صحة ما قلنا من أن معناه: إن ارتبتم أيها الرجال بالحكم فيهنّ؛ وأخرى وهو أنه جلّ ثناؤه قال: ( وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ ) واليائسة من المحيض هي التي لا ترجو محيضًا للكبر، ومحال أن يقال: واللائي يئسن، ثم يقال: ارتبتم بيأسهنّ، لأن اليأس: هو انقطاع الرجاء والمرتاب بيأسها مرجوّ لها، وغير جائز ارتفاع الرجاء ووجوده في وقت واحد، فإذا كان الصواب من القول في ذلك ما قلنا، فبين أن تأويل الآية: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم بالحكم فيهنّ، وفي عِددهنّ، فلم تدروا ما هنّ، فإن حكم عددهنّ إذا طلقن، وهنّ ممن دخل بهنّ أزواجهنّ، فعدتهن ثلاثة أشهر ( وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ ) يقول: وكذلك عدد اللائي لم يحضن من الجواري لصغر إذا طلقهنّ أزواجهنّ بعد الدخول.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ في قوله: ( وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ ) يقول: التي قد ارتفع حيضها، فعدتها ثلاثة أشهر ( وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ ) قال: الجواري.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ ) وهنّ اللواتي قعدن من المحيض فلا يحضن، واللائي لم يحضن هنّ الأبكار التي لم يحضن، فعدتهنّ ثلاثة أشهر.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ ) ... الآية، قال: القواعد من النساء ( وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ ) : لم يبلغن المحيض، وقد مُسِسْن، عدتهنّ ثلاثة.وقوله: ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) في انقضاء عدتهنّ أن يضعن حملهنَّ، وذلك إجماع من جميع أهل العلم في المطلقة الحامل، فأما في المتوفى عنها ففيها اختلاف بين أهل العلم.وقد ذكرنا اختلافهم فيما مضى من كتابنا هذا، وسنذكر في هذا الموضع بعض ما لم نذكره هنالك.ذكر من قال: حكم قوله: ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) عام في المطلَّقات والمتوفى عنهنّ.حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصريّ، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثني ابن شبرمة الكوفي، عن إبراهيم، عن علقمة، عن قيس أن ابن مسعود قال: من شاء لاعنته، ما نزلت: ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها، وإذا وضعت المتوفي عنها فقد حلت؛ يريد بآية المتوفي عنها وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا .حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا مالك، يعني ابن إسماعيل، عن ابن عيينة، عن أيوب، عن ابن سيرين عن أَبي عطية قال: سمعت ابن مسعود يقول: من شاء قاسمته نزلت سورة النساء القُصْرَي بعدها، يعني بعد أربعة أشهر وعشرًا.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا أيوب، عن محمد، قال: لقيت أبا عطية مالك بن عامر، فسألته عن ذلك، يعني عن المتوفى عنها زوجها إذا وضعت قبل الأربعة أشهر والعشر، فأخذ يحدثني بحديث سُبيعة، قلت: لا هل سمعت من عبد الله في ذلك شيئًا؟ قال: نعم، ذكرت ذات يوم أو ذات ليلة عند عبد الله، فقال: أرأيت إن مضت الأربعة أشهر والعشر ولم تضع أقد أحلَّت؟ قالوا: لا قال: أفتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون لها الرخصة، فو الله لأنزلت النساء القُصْرَى بعد الطُّولَى.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عون، قال: قال الشعبيُّ: من شاء حالفته لأنزلت النساء القُصْرَى بعد الأربعة الأشهر والعشر التي في سورة البقرة.حدثني أحمد بن منيع، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: ذكر عبد الله بن مسعود آخر الأجلين، فقال: من شاء قاسمته بالله أن هذه الآية التي أنزلت في النساء القُصْرَى نزلت بعد الأربعة الأشهر، ثم قال: أجل الحامل أن تضع ما في بطنها.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مُغيرة، قال: قلت للشعبي: ما أصدّق أن عليًا رضي الله عنه كان يقول: آخر الأجلين أن لا تتزوّج المتوفى عنها زوحها حتى يمضي آخر الأجلين؛ قال الشعبيّ: بلى وصدق أشدّ ما صدّقت بشيء قط؛ وقال عليّ رضي الله عنه إنما قوله: ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) المطلقات، ثم قال: إن عليًا رضي الله عنه وعبد الله كانا يقولان في الطلاق بحلول أجلها إذا وضعت حملها.حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا موسى بن داود، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن أُبيّ بن كعب، قال: لما نزلت هذه الآية: ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) قال: قلت: يا رسول الله، المتوفى عنها زوجها والمطلقة، قال: " نَعَمْ".حدثنا أَبو كُرَيب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، عن ابن عيينة، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، يحدث عن أُبيّ بن كعب، قال: " سألت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) قال: أجَلُ كُلّ حامِل أن تضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا ".حدثني محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله: ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) قال: للمرأة الحُبلى التي يطلقها زوجها وهي حامل، فعدتها أن تضع حملها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) فإذا وضعت ما في رحمها فقد انقضت عدتها، ليس المحيض من أمرها في شيء إذا كانت حاملا.وقال آخرون: ذلك خاصّ في المطلقات، وأما المتوفى عنها فإن عدتها آخر الأجلين، وذلك قول مرويّ عن عليّ وابن عباس رضي الله عنهما.وقد ذكرنا الرواية بذلك عنهما فيما مضى قبل.والصواب من القول فى ذلك أنه عامّ في المطلقات والمتوفى عنهنّ، لأن الله جلّ وعزّ، عمّ بقوله بذلك فقال: ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) ولم يخصص بذلك الخبر عن مطلقة دون متوفى عنها، بل عمّ الخبر به عن جميع أولات الأحمال، إن ظنّ ظانّ أن قوله: ( وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) في سياق الخبر عن أحكام المطلقات دون المتوفى عنهنّ، فهو بالخبر عن حكم المطلقة أولى بالخبر عنهنّ، وعن المتوفى عنهنّ، فإن الأمر بخلاف ما ظنّ، وذلك أن ذلك وإن كان في سياق الخبر عن أحكام المطلقات، فإنه منقطع عن الخبر عن أحكام المطلقات، بل هو خبر مبتدأ عن أحكام عدد جميع أولات الأحمال المطلقات منهنّ وغير المطلقات، ولا دلالة على أنه مراد به بعض الحوامل دون بعض من خبر ولا عقل، فهو على عمومه لما بيَّنا.وقوله: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ) يقول جلّ ثناؤه: ومن يخف الله فرهبه، فاجتنب معاصيه، وأدّى فرائضه، ولم يخالف إذنه في طلاق امرأته، فإنه يجعل الله له من طلاقه ذلك يسرًا، وهو أن يسهل عليه إن أراد الرخصة لاتباع نفسه إياها الرجعة ما دامت في عدتها وإن انقضت عدتها، ثم دعته نفسه إليها قدر على خطبتها.

الترجمة الإنجليزية

Thalika amru Allahi anzalahu ilaykum waman yattaqi Allaha yukaffir AAanhu sayyiatihi wayuAAthim lahu ajran

يقول تعالى ذكره: هذا الذي بيَّنت لكم من حكم الطلاق والرجعة والعدّة، أمر الله الذي أمركم به، أنزله إليكم أيها الناس، لتأتمروا له، وتعملوا به.وقوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ ) يقول: ومن يخف الله فيتقه باجتناب معاصيه، وأداء فرائضه، يمح الله عنه ذنوبه وسيئات أعماله (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ) يقول: ويجزل له الثواب على عمله ذلك وتقواه، ومن إعظامه له الأجر عليه أن يدُخله جنته، فيخلده فيها.
558