سورة القلم: الآية 25 - وغدوا على حرد قادرين...

تفسير الآية 25, سورة القلم

وَغَدَوْا۟ عَلَىٰ حَرْدٍ قَٰدِرِينَ

الترجمة الإنجليزية

Waghadaw AAala hardin qadireena

تفسير الآية 25

وساروا في أول النهار إلى حديقتهم على قصدهم السيِّئ في منع المساكين من ثمار الحديقة، وهم في غاية القدرة على تنفيذه في زعمهم.

«وغدوا على حرد» منع للفقراء «قادرين» عليه في ظنهم.

وَغَدَوْا في هذه الحالة الشنيعة، والقسوة، وعدم الرحمة عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ أي: على إمساك ومنع لحق الله، جازمين بقدرتهم عليها.

أي على قصد وقدرة فى أنفسهم ويظنون أنهم تمكنوا من مرادهم.قال معناه ابن عباس وغيره.والحرد القصد.حرد يحرد (بالكسر) حردا قصد.تقول: حردت حردك; أي قصدت قصدك.ومنه قول الراجز: أقبل سيل جاء من عند الله يحرد حرد الجنة المغلة أنشده النحاس: قد جاء سيل جاء من أمر الله يحرد حرد الجنة المغلة قال البرد: المغلة ذات الغلة.وقال غيره: المغلة التي يجري الماء في غللها أي في أصولها.ومنه تغللت بالغالية.ومنه تغليت, أبدل من اللام ياء.ومن قال تغلفت فمعناه عنده جعلتها غلافا.وقال قتادة ومجاهد: "على حرد" أي على جد.الحسن: على حاجة وفاقة.وقال أبو عبيدة والقتيبي: على حرد على منع; من قولهم حاردت الإبل حرادا أي قلت ألبانها.والحرود من النوق القليلة الدر.وحاردت السنة قل مطرها وخيرها.وقال السدي وسفيان: "على حرد" على غضب.والحرد الغضب.قال أبو نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي: وهو مخفف; وأنشد شعرا: إذا جياد الخيل جاءت تردي مملوءة من غضب وحرد وقال ابن السكيت: وقد يحرك; تقول منه: حرد (بالكسر) حردا, فهو حارد وحردان.ومنه قيل: أسد حارد, وليوث حوارد.وقيل: "على حرد" على انفراد.يقال: حرد يحرد حرودا; أي تنحى عن قومه ونزل منفردا ولم يخالطهم.وقال أبو زيد: رجل حريد من قوم حرداء.وقد حرد يحرد حرودا; إذا ترك قومه وتحول عنهم.وكوكب حريد; أي معتزل عن الكواكب.قال الأصمعي: رجل حريد; أي فريد وحيد.قال والمنحرد المنفرد في لغة هذيل.وأنشد لأبي ذؤيب: كأنه كوكب في الجو منحرد ورواه أبو عمرو بالجيم, وفسره: منفرد.قال: وهو سهيل.وقال الأزهري: حرد اسم قريتهم.السدي: اسم جنتهم; وفيه لغتان: حرد وحرد.وقرأ العامة بالإسكان.وقرأ أبو العالية وابن السميقع بالفتح; وهما لغتان.ومعنى "قادرين" قد قدروا أموهم وبنوا عليه; قاله الفراء.وقال قتادة: قادرين على جنتهم عند أنفسهم.وقال الشعبي: "قادرين" يعني على المساكين.وقيل: معناه من الوجود; أي منعوا وهم واجدون.

وجملة : ( وَغَدَوْاْ على حَرْدٍ قَادِرِينَ ) حالية . والحرد : القصد . يقال : فلان حرد فلان - من باب ضرب - أى : قَصَد قَصْدَه .قال الإِمام الشوكانى : الحرد يكون بمعنى المنع والقصد . . لأن القاصد إلى الشئ حارد . يقال : حرد يحرد إذا قصد . . وقال أبو عبيدة : ( على حَرْدٍ ) أى : على منع ، من قولهم : حردت الإبل حردا ، إذا قلت ألبانها . والحرود من الإِبل : القليلة اللبن . . وقال السدى : ( على حَرْدٍ ) : أى : على غضب . . وقال الحسن : على حرد ، أى : على حاجة وفاقة . وقيل : ( على حَرْدٍ ) أى : على انفراد . يقال : حرد يحرد حردا ، إذا تنحى عن قومه ، ونزل منفردا عنهم دون أن يخالطهم .أى : أن أصحاب الجنة ساروا إليها غدوة ، على أمر قد قصدوه وبيتوه . . موقنين أنهم قادرون على تنفيذه ، لأنهم قد اتخذوا له جميع وسائله ، من الكتمان والتبكير والبعد عن أعين المساكين .أو : ساروا إليها فى الصباح المبكر ، وهم ليس معهم أحد من المساكين أو من غيرهم ، وهم فى الوقت نفسه يعتبرون أنفسهم قادرين على قطع ثمارها ، دون أن يشاركهم أحد فى تلك الثمار .

( وغدوا على حرد ) " الحرد " في اللغة يكون بمعنى القصد والمنع والغضب ، قال الحسن وقتادة وأبو العالية : على جد وجهد .وقال القرظي ومجاهد وعكرمة : على أمر مجتمع عليه قد أسسوه بينهم . وهذا على معنى القصد لأن القاصد [ إلى الشيء ] جاد مجمع على الأمر .وقال أبو عبيدة والقتيبي : غدوا ونيتهم على منع المساكين ، يقال : حاردت السنة ، إذا لم يكن لها مطر وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن .وقال الشعبي وسفيان : على حنق وغضب من المساكين .وعن ابن عباس قال : على قدرة ( قادرين ) عند أنفسهم على جنتهم وثمارها لا يحول بينها وبينهم أحد .

وغدوا على حرد قادرين أي على قصد وقدرة في أنفسهم ويظنون أنهم تمكنوا من مرادهم . قال معناه ابن عباس وغيره . والحرد القصد . حرد يحرد ( بالكسر ) حردا قصد . تقول : حردت حردك ; أي قصدت قصدك . ومنه قول الراجز :أقبل سيل جاء من عند الله يحرد حرد الجنة المغلهأنشده النحاس :قد جاء سيل جاء من أمر الله يحرد حرد الجنة المغلهقال المبرد : المغلة ذات الغلة . وقال غيره : المغلة التي يجري الماء في غللها أي في أصولها . ومنه تغللت بالغالية . ومنه تغليت ، أبدل من اللام ياء . ومن قال تغلفت فمعناه عنده جعلتها غلافا . وقال قتادة ومجاهد : على حرد أي على جد . الحسن : على حاجة وفاقة . وقال أبو عبيدة والقتيبي : على حرد على منع ; من قولهم : حاردت الإبل حرادا أي قلت ألبانها . والحرود من النوق القليلة الدر . وحاردت السنة قل مطرها وخيرها . وقال السدي وسفيان : على حرد على غضب . والحرد الغضب . قال أبو نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي : وهو مخفف ; وأنشد شعرا :إذا جياد الخيل جاءت تردي مملوءة من غضب وحردوقال ابن السكيت : وقد يحرك ; تقول منه : حرد ( بالكسر ) حردا ، فهو حارد وحردان . ومنه قيل : أسد حارد ، وليوث حوارد . وقيل : " على حرد " على انفراد . يقال : حرد يحرد حرودا ; أي تنحى عن قومه ونزل منفردا ولم يخالطهم . وقال أبو زيد : رجل حريد من قوم حرداء . وقد حرد يحرد حرودا ; إذا ترك قومه وتحول عنهم . وكوكب حريد ; أي معتزل عن الكواكب . قال الأصمعي : رجل حريد ; أي فريد وحيد . قال : والمنحرد المنفرد في لغة هذيل . وأنشد لأبي ذؤيب : كأنه كوكب في الجو منحرد ورواه أبو عمرو بالجيم ، وفسره : منفرد . قال : وهو سهيل . وقال الأزهري : حرد اسم قريتهم . السدي : اسم جنتهم ; وفيه لغتان : حرد وحرد . وقرأ العامة بالإسكان . وقرأ أبو العالية وابن السميقع بالفتح ; وهما لغتان . ومعنى " قادرين " قد قدروا أمرهم وبنوا عليه ; قاله الفراء . وقال قتادة : قادرين على جنتهم عند أنفسهم . وقال الشعبي : قادرين يعني على المساكين . وقيل : معناه من الوجود ; أي منعوا وهم واجدون .

قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: ذوي قدرة.حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج عمن حدثه، عن مجاهد في قول الله: (عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جدّ قادرين في أنفسهم.قال ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جهد، أو قال على جِدّ.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) غدا القوم وهم محردون إلى جنتهم، قادرون عليها في أنفسهم.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جِدّ من أمرهم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) على جِدّ قادرين في أنفسهم.وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على أمرهم قد أجمعوا عليه بينهم، واستسرّوه، وأسرّوه في أنفسهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: كان حرث لأبيهم، وكانوا إخوة، فقالوا: لا نطعم مسكينا منه حتى نعلم ما يخرج منه (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) على أمر قد أسسوه بينهم.حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ووقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (عَلَى حَرْدٍ ) قال: على أمر مجمع.حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على أمر مُجْمَع.وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على فاقة وحاجة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن، في قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على فاقة.وقال آخرون: بل معنى ذلك: على حنق.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على حنق، وكأن سفيان ذهب في تأويله هذا إلى مثل قول الأشهب بن رُميلة:أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خِفيَّةٍتَساقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأساوِدِ (6)يعني: على غضب. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يتأوَّل ذلك: وغدوا على منع.ويوجهه إلى أنه من قولهم: حاردت السنة إذا لم يكن فيها مطر، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن، كما قال الشاعر:فإذَا ما حارَدَتْ أوْ بَكأَتْفَتَّ عَنْ حاجِب أُخْرَى طِينْها (7)وهذا قول لا نعلم له قائلا من متقدمي العلم قاله وإن كان له وجه، فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز عندنا أن يتعدّى ما أجمعت عليه الحجة، فما صحّ من الأقوال في ذلك إلا أحد الأقوال التي ذكرناها عن أهل العلم. وإذا كان ذلك كذلك، وكان المعروف من معنى الحرد في كلام العرب القصد من قولهم: قد حرد فلان حرد فلان: إذا قصد قصده؛ ومنه قول الراجز:وجاءَ سَيْلٌ كانَ مٍنْ أمْرِ اللهْيَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّةْ (8)يعني: يقصد قصدها، صح أن الذي هو أولى بتأويل الآية قول من قال: معنى قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) وغدوا على أمر قد قصدوه واعتمدوه، واستسرّوه بينهم، قادرين عليه في أنفسهم.-------------------الهوامش :(6) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 179) عند قوله تعالى: ( وغدوا على حرد قادرين) قال: مجازه على منع من حاردت الناقة لم يكن لها لبن. و" على حرد " أيضا على قصد، قال الأول:قَدْ جاءَ سَيْلٌ كانَ مِنْ أمْرِ اللهيَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلةوقال آخر: "على حرد" على غضب. قال الأشهب بن زميلة الذي كان يهاجي الفرزدق: "أسود شرى.." البيت . ا ه والشرى وخفية: مأسدتان معروفتان. والأساود. جمع أسود، وهو اسم للحية، ولذلك جمع كما تجمع الأسماء على فاعل، مثل أرانب، ولو كان صفة لجمع على سود. قلت: ورواية البيت في (اللسان : حرد):أُسودُ شرًى لاقَتْ أُسودَ خَفِيَّةٍتَساقَينَ سُمًا كُلُّهُنَّ حَوَارِدُوقال بعد البيت: قال أبو العباس: وقال أبو زيد والأصمعي وأبو عبيدة: (الذي سمعناه من العرب الفصحاء: حرد يحرد حردا كغضب يغضب غضبًا) بتحريك الراء. قال أبو العباس (ثعلب) : وسألت عنها ابن الأعرابي فقال: صحيحة، إلا أن المفضل أخبر أن من العرب من يقول حرد حردا (كغضب عضبا) وحردا (أي بسكون الراء) والتسكين أكثر. والأخرى: فصيحة.(7) ‌في (اللسان: حرد ) حاردت الإبل حرادا: أي انقطعت ألبانها أو قلت. وفي (اللسان: بكأ) بكأت الناقة والشاة بكاء وبكؤت تبكؤ بكوءًا، وهي بكئ وبكيئة: قل لبنها. وقيل: انقطع. والفت: الدق. فت الشيء يفته فتا وفتته (بالتشديد): دقه: ، وقيل : فته: كسره. وأنشد البيت صاحب اللسان في حرد مع بيت آخر قبله. وقال: الحارد: القليلة اللبن من النوق، والحرود من النوق: القليلة الدر. وحاردت السنة: قل ماؤها ومطرها، وقد استعير في الآنية إذا نفد شربها قال:ولَنا باطِيَةٌ مَمْلُوءَةٌجَوْنَةٌ يَتْبَعُها بِرْزِينُهافإذَا ما حارَدَتْ أوْ بَكأتْفُتَّ عَنْ حاجِبِ أُخْرَى طِينهاوالبرزين: إناء يتخذ من قشر طلع الفحال، يشرب به ا ه . والبيت شاهد على أن معنى حاردت السنة، وحاردت الناقة، وحاردت الباطية، قل مطرها، وقل لبنها، ونفذ خمرها. ا ه. ورواية البيت الأول في (اللسان: برزن) إنما لقحتنا باطية.. إلخ(8) ‌هذان بيتان من مشطور الرجز، لم ينسبا لقائل معروف. وكرواية الفراء في معاني القرآن ورواية البيت الأول في (اللسان: حرد) وجاء سيل، كرواية المؤلف هنا. وفي مجاز القرآن: "قد جاء" وفي الكامل للمبرد 1 : 50 طبعة مصطفى الباني الحلبي وأولاده : "قد جاء في سبيل جاء". قال المبرد في الكامل فأما قول الله عز وجل : ( وغدوا على حرد قادرين ) فإن فيه قولين : أحدهما ما ذكرنا من معنى القصد - قال الشاعر: قد جاء سيل جاء .. البيتين. وقالوا: على حرد: على منع، من قولهم حاردت السنة: إذا منعت قطرها، وحاردت الناقة: إذا منعت درها. ا ه وقال الفراء في معاني القرآن: "على حرد" على جِدٍ وقدرة في أنفسهم. والحرد أيضا : القصد، كما يقول الرجل: قد أقبلت قبلك، وقصدت قصدك، وحردت حردك. وأنشدني بعضهم " وجاء سيل كان.." البيتين. ويريد : قصدها . ا ه .

وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)وذُكِر فعل { غَدَوا } في جملة الحال لقصد التعجيب من ذلك الغدوِّ النحس كقول امرىء القيس :وباتَ وباتت له ليلة ... كليلة ذي العائر الأرمدبعد قوله :تَطاول ليلك بالأثمُد ... وباتَ الخَلي ولم تَرْقُديخاطب نفسه على طريقة فيها التفات أو التفاتان .والحرد : يطلق على المنع وعلى القصد القوي ، أي السرعة وعلى الغضب .وفي إيثار كلمة { حَرْد } في الآية نكتة من نكت الإِعجاز المتعلق بشرف اللفظ ورشاقته من حيث المعنى ، ومن جهة تعلق المجرور به بما يناسب كل معنى من معانيه ، أي بأن يتعلق { على حرد } ب { قادرين } ، أو بقوله { غَدوا ، } فإذا علق ب { قادرين ، } فتقديم المتعلِّق يفيد تخصيصاً ، أي قادرين على المنع ، أي منع الخير أو منع ثمر جنتهم غير قادرين على النفع .والتعبير بقادرين على حرد دون أن يقول : وغدوا حاردين تهكم لأن شأن فعل القدرة أن يذكر في الأفعال التي يشق على الناس إتيانها قال تعالى : { لا يَقدرون على شيء مما كسبوا } [ البقرة : 264 ] وقال : { بلى قادرين على أن نسوي بنانه } [ القيامة : 4 ] فقوله : { على حرد قادرين } على هذا الاحتمال من باب قولهم : فلان لا يملك إلاّ الحِرمان أو لا يقدر إلاّ على الخيبة .وإذا حمل الحرد على معنى السرعة والقصد كان { على حرد } متعلقاً ب { غَدَوا } مبيناً لنوع الغُدو ، أي غدوا غدُوَّ سرعة واعتناء ، فتكون { على } بمعنى باء المصاحبة ، والمعنى : غدوا بسرعة ونشاط ، ويكون { قادرين } حالاً من ضمير { غدوا } حالاً مقدَّرة ، أي مقدرين أنهم قادرون على تحقيق ما أرادوا .وفي الكلام تعريض بأنهم خابوا ، دل عليه قوله بعده { فلما رأوها قالوا إنا لضالون } [ القلم : 26 ] ، وقولُه قبله { فطاف عليها طائف من ربّك وهم نائمون } .وإذا أريد بالحرد الغضب والحَنق فإنه يقال : حَرَدٌ بالتحريك وحَرْدٌ بسكون الراء ويتعلق المجرور ب { قادرين } وتقديمه للحصر ، أي غدوا لا قدرة لهم إلاّ على الحَنق والغضب على المساكين لأنهم يقتحمون عليهم جنتهم كل يوم فتحيلوا عليهم بالتبكير إلى جذاذها ، أي لم يقدروا إلاّ على الغضب والحنق ولم يقدروا على ما أرادوه من اجتناء ثمر الجنة .وعن السدي : أن { حَرد } اسم قريتهم ، أي جنتهم . وأحسب أنه تفسير ملفق وكأنَّ صاحبه تصيده من فعلي { اغْدُوا وغَدوا } .
الآية 25 - سورة القلم: (وغدوا على حرد قادرين...)