سورة الشعراء: الآية 35 - يريد أن يخرجكم من أرضكم...

تفسير الآية 35, سورة الشعراء

يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِۦ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ

الترجمة الإنجليزية

Yureedu an yukhrijakum min ardikum bisihrihi famatha tamuroona

تفسير الآية 35

قال فرعون لأشراف قومه خشية أن يؤمنوا: إن موسى لَساحر ماهر، يريد أن يخرجكم بسحره من أرضكم، فأي شيء تشيرون به في شأنه أتبع رأيكم فيه؟

«يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون».

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ موَّه عليهم لعلمه بضعف عقولهم, أن هذا من جنس ما يأتي به السحرة, لأنه من المتقرر عندهم, أن السحرة يأتون من العجائب, بما لا يقدر عليه الناس, وخوَّفهم أن قصده بهذا السحر, التوصل إلى إخراجهم من وطنهم, ليجدوا ويجتهدوا في معاداة من يريد إجلاءهم عن أولادهم وديارهم، فَمَاذَا تَأْمُرُونَ أن نفعل به؟

فقال ( يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون ) ؟ أي : أراد أن يذهب بقلوب الناس معه بسبب هذا ، فيكثر أعوانه وأنصاره وأتباعه ويغلبكم على دولتكم ، فيأخذ البلاد منكم ، فأشيروا علي فيه ماذا أصنع به؟

ثم يضيف إلى ذلك قوله لهم: يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ هذا الساحر مِنْ أَرْضِكُمْ التي نشأتم عليها فَماذا تَأْمُرُونَ أى: فبأى شيء تشيرون على وأنتم حاشيتى ومحل ثقتي؟وفي هذه الجملة الكريمة تصوير بديع لنفس هذا الطاغية وأمثاله..إنه منذ قليل كان يرغى ويزبد. وإذا به بعد أن فاجأه موسى بمعجزته، يصاب بالذعر ويقول لمن زعم أنه ربهم الأعلى فَماذا تَأْمُرُونَ.وهكذا الطغاة عند ما يضيق الخناق حول رقابهم يتذللون ويتباكون.. فإذا ما انفك الخناق من حول رقابهم، عادوا إلى طغيانهم وفجورهم.ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال: «ولقد تحير فرعون لما أبصر الآيتين، وبقي لا يدرى أى طرفيه أطول، حتى زل عنه ذكر دعوى الألوهية، وحط عن منكبيه كبرياء الربوبية. وارتعدت فرائصه، وانتفخ سحره- أى رئته- خوفا وفرقا، وبلغت به الاستكانة لقومه الذين هم بزعمه عبيده وهو إلههم: أن طفق يؤامرهم ويعترف لهم بما حذر منه وتوقعه وأحس به من جهة موسى- عليه السلام-» .ورد الملأ من قوم فرعون عليه بقولهم: أَرْجِهْ وَأَخاهُ أى: أخر أمرهما، يقال:

"يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون"؟

وإنما قال: يريد أن يخرجكم فجعل الخطاب للملإ حوله من القبط, والمعنيّ به بنو إسرائيل, لأن القبط كانوا قد استعبدوا بني إسرائيل, واتخذوهم خدما لأنفسهم ومهانا, فلذلك قال لهم: ( يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ ) وهو يريد: أن يخرج خدمكم وعبيدكم من أرض مصر إلى الشأم.وإنما قلت معنى ذلك كذلك, لأن الله إنما أرسل موسى إلى فرعون يأمره بإرسال بني إسرائيل معه, فقال له ولأخيه فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ .وقوله: ( فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ) يقول: فأي شيء تأمرون في أمر موسى وما به تشيرون من الرأي فيه؟

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35)وتقدم وجه التعبير عن إشارتهم عليه بقوله : { تأمرون } في سورة الأعراف ( 110 ) .
الآية 35 - سورة الشعراء: (يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون...)