سورة الشعراء: الآية 30 - قال أولو جئتك بشيء مبين...

تفسير الآية 30, سورة الشعراء

قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَىْءٍ مُّبِينٍ

الترجمة الإنجليزية

Qala awalaw jituka bishayin mubeenin

تفسير الآية 30

قال موسى: أتجعلني من المسجونين، ولو جئتك ببرهان قاطع يتبين منه صدقي؟

«قال» له موسى «أوَلوْ» أي: أتفعل ذلك ولو «جئتك بشيءٍ مبينِ» برهان بيِّن على رسالتي.

فقال له موسى: أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ أي: آية ظاهرة جلية, على صحة ما جئت به, من خوارق العادات.

فعند ذلك قال موسى :( أولو جئتك بشيء مبين ) ؟ أي : ببرهان قاطع واضح .

ولكن موسى- عليه السلام- لم يخفه هذا التهديد والوعيد. بل رد عليه ردا حكيما فقال له: أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ.والاستفهام للإنكار، والواو للعطف على كلام مقدر يستدعيه المقام، والمعنى. أتفعل ذلك بي بأن تجعلني من المسجونين، ولو جئتك بشيء مبين، يدل دلالة واضحة على صدقى في رسالتي وعلى أنى رسول من رب العالمين؟وعبر عن المعجزة التي أيده الله بها بأنها بِشَيْءٍ مُبِينٍ للتهويل من شأنها، والتفخيم من أمرها، ولعل مقصد موسى- عليه السلام- بهذا الكلام، أن يجر فرعون مرة أخرى إلى الحديث في شأن الرسالة التي جاءه من أجلها بعد أن رآه يريد أن يحول مجرى الحديث عنها إلى التهديد والوعيد، وأن يسد منافذ الهروب عليه أمام قومه. ولذا نجد فرعون لا يملك أمام موسى إلا أن يقول له: فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

( قال ) له موسى حين توعده بالسجن : ) ( أولو جئتك ) أي : وإن جئتك ، ) ( بشيء مبين ) بآية مبينة ، ومعنى الآية : أتفعل ذلك وإن أتيتك بحجة بينة ؟ وإنما قال ذلك موسى لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإنصاف والإجابة إلى الحق بعد البيان .

قال أولو جئتك بشيء مبين فيتضح لك به صدقي ، فلما سمع فرعون ذلك طمع في أن يجد أثناءه موضع معارضة قال له فأت به إن كنت من الصادقين

يقول تعالى ذكره: قال موسى لفرعون لما عرفه ربه, وأنه رب المشرق والمغرب, ودعاه إلى عبادته وإخلاص الألوهة له, وأجابه فرعون بقوله لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ : أتجعلني من المسجونين ( أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ) يبين لك صدق ما أقول يا فرعون وحقيقة ما أدعوك إليه؟ وإنما قال ذلك له, لأن من أخلاق الناس السكون للإنصاف, والإجابة إلى الحق بعد البيان؛

قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) لما رأى موسى من مكابرة فرعون عن الاعتراف بدلالة النظر مَا لا مطمع معه إلى الاسترسال في الاستدلال لأنه متعاممٍ عن الحق عدل موسى إلى إظهار آية من خوارق العادة دلالة على صدقه ، وعرض عليه ذلك قبل وقوعه ليسد عليه منافذ ادعاء عدم الرضى بها .واستفهمه استفهاماً مشوباً بإنكار واستغراب على تقدير عدم اجتزاء فرعون بالشيء المُبين ، وأنه ساجنُه لا محالة إن لم يعترف بإلهية فرعون ، قطعاً لمعذرته من قبل الوقوع . وهذا التقدير دلت عليه { لو } الوصلية التي هي لفرض حالة خاصة . فالواو في قوله : { أولو جئتك } واو الحال ، والمستفهم عنه بالهمزة محذوف دل عليه أن الكلام جواب قول فرعون { لأجعلنك من المسجونين } [ الشعراء : 29 ] والتقدير : أتجعلني من المسجونين والحال لو جئتك بشيء مبين ، إذ القصد الاستفهام عن الحالة التي تضمنها شرط { لو } بأنها أولى الحالات بأن لا يثبت معها الغرض المستفهم عنه على فرض وقوعها وهو غرض الاستمرار على التكذيب ، وهو استفهام حقيقي .وليست الواو مؤخرة عن همزة الاستفهام لأن لحرف الاستفهام الصدارة بل هي لعطف الاستفهام .والعامل في الحال وصاحِب الحال مقدّران دل عليهما قوله : { لأجعلنَّك } [ الشعراء : 29 ] ، أي أتجعلني من المسجونين .
الآية 30 - سورة الشعراء: (قال أولو جئتك بشيء مبين...)