سورة الفجر: الآية 24 - يقول يا ليتني قدمت لحياتي...

تفسير الآية 24, سورة الفجر

يَقُولُ يَٰلَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى

الترجمة الإنجليزية

Yaqoolu ya laytanee qaddamtu lihayatee

تفسير الآية 24

يقول: يا ليتني قدَّمتُ في الدنيا من الأعمال ما ينفعني لحياتي في الآخرة.

«يقول» مع تذكره «يا» للتنبيه «ليتني قدمت» الخير والإيمان «لحياتي» الطيبة في الآخرة أو وقت حياتي في الدنيا.

يقول متحسرًا على ما فرط في جنب الله: يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي الدائمة الباقية، عملًا صالحًا، كما قال تعالى: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا .وفي الآية دليل على أن الحياة التي ينبغي السعي في أصلها وكمالها ، وفي تتميم لذاتها، هي الحياة في دار القرار، فإنها دار الخلد والبقاء.

( يقول ياليتني قدمت لحياتي ) يعني : يندم على ما كان سلف منه من المعاصي - إن كان عاصيا - ويود لو كان ازداد من الطاعات - إن كان طائعا - كما قال الإمام أحمد بن حنبل :حدثنا علي بن إسحاق ، حدثنا عبد الله - يعني ابن المبارك - حدثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، عن محمد بن أبي عميرة - وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو أن عبدا خر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرما في طاعة الله ، لحقره يوم القيامة ، ولود أنه يرد إلى الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب .ورواه بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن عتبة بن عبد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

يَقُولُ هذا الإنسان الشقي يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي أى: يقول حين يرى العذاب ماثلا أمامه، يقول- على سبيل التحسر والتفجع-: يا ليتني قدمت أعمالا صالحة لأجل حياتي هذه في الآخرة، فاللام للتعليل، وقدمت أعمالا صالحة في وقت حياتي في الدنيا لأنتفع بها في هذا اليوم، فتكون اللام للتوقيت.

"يقول يا ليتني قدمت لحياتي"، أي قدمت الخير والعمل الصالح لحياتي في الآخرة، أي لآخرتي التي لا موت فيها.

قوله تعالى : يقول ياليتني قدمت لحياتيأي في حياتي . فاللام بمعنى في . وقيل : أي قدمت عملا صالحا لحياتي ، أي لحياة لا موت فيها . وقيل : حياة أهل النار ليست هنيئة ، فكأنهم لا حياة لهم فالمعنى : يا ليتني قدمت من الخير لنجاتي من النار ، فأكون فيمن له حياة هنيئة .

القول في تأويل قوله تعالى : يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)وقوله: ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن تلهُّف ابن آدم يوم القيامة، وتندّمه على تفريطه في الصَّالِحات من الأعمال في الدنيا التي تورثه بقاء الأبد في نعيم لا انقطاع له، يا ليتني قدمت لحياتي في الدنيا من صالح الأعمال لحياتي هذه، التي لا موت بعدها، ما ينجيني من غضب الله، ويوجب لي رضوانه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هَوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي قال: علم الله أنه صادق، هناك حياة طويلة لا موت فيها آخر ما عليه.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) هُناكُم والله الحياة الطويلة.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) قال: الآخرة.

يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) ومفعول { قدمت } محذوف للإِيجاز .واللام في قوله : { لحياتي } تحتمل معنى التوقيت ، أي قدمت عند أزمان حياتي فيكون المراد الحياة الأولى التي قبل الموت . وتحتمل أن يكون اللام للعلة ، أي قدمت الأعمال الصالحة لأجل أن أحيا في هذه الدار . والمراد : الحياة الكاملة السالمة من العذاب لأن حياتهم في العذاب حياةُ غشاوة وغياب قال تعالى : { ثم لا يموت فيها ولا يحيى } [ الأعلى : 13 ] .وحرف النداء في قوله : { يا ليتني } للتنبيه اهتماماً بهذا التمني في يوم وقوع .
الآية 24 - سورة الفجر: (يقول يا ليتني قدمت لحياتي...)