YaAAlamu ma bayna aydeehim wama khalfahum wala yuheetoona bihi AAilman
تفسير الآية 110
يعلم الله ما بين أيدي الناس مِن أمر القيامة وما خلفهم من أمر الدنيا، ولا يحيط خلقه به علمًا سبحانه وتعالى.
«يعلم ما بين أيديهم» من أمور الآخرة «وما خلفهم» من أمور الدنيا «ولا يحيطون به علماً» لا يعلمون ذلك.
تفسير الآيات من 110 الى 112 :وينقسم الناس في ذلك الموقف قسمين:ظالمين بكفرهم وشرهم، فهؤلاء لا ينالهم إلا الخيبة والحرمان، والعذاب الأليم في جهنم، وسخط الديان.والقسم الثاني: من آمن الإيمان المأمور به، وعمل صالحا من واجب ومسنون فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا أي: زيادة في سيئاته وَلَا هَضْمًا أي: نقصا من حسناته، بل تغفر ذنوبه، وتطهر عيوبه، وتضاعف حسناته، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا
وقوله : ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) أي : يحيط علما بالخلائق كلهم ، ( ولا يحيطون به علما ) كقوله : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) [ البقرة : 255 ] .
وقوله- تعالى-: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً بيان لشمول علمه- سبحانه- لكل شيء.أى: الله- تعالى- وحده هو الذي يعلم جميع أحوال خلقه سواء ما كان منها يتعلق بما بين أيديهم من أمور الآخرة وأهوال الموقف، أم ما كان منها يتعلق بما خلفهم من أمور الدنيا، أما هم فإنهم لا يحيط علمهم لا بذاته- تعالى- ولا بصفاته، ولا بمعلوماته.فالضمير في قوله ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ يعود على المتبعين للداعي وهم الخلق جميعا ...وقيل: يعود للشافعين، وقيل للملائكة، والأول أولى لعمومه.
( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) الكناية راجعة إلى الذين يتبعون الداعي ، أي يعلم الله ( ما بين أيديهم ) ما قدموا ( وما خلفهم ) وما خلفوا من أمر الدنيا .وقيل : ( ما بين أيديهم ) من الآخرة ( وما خلفهم ) من الأعمال .( ولا يحيطون به علما ) قيل : الكناية ترجع إلى " ما " أي : هو يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، وهم لا يعلمونه . وقيل : الكناية راجعة إلى الله لأن عباده لا يحيطون به علما .
قوله تعالى : يعلم ما بين أيديهم أي من أمر الساعة . وما خلفهم من أمر الدنيا قاله قتادة . وقيل : يعلم ما يصيرون إليه من ثواب أو عقاب وما خلفهم ما خلفوه وراءهم في الدنيا . ثم قيل : الآية عامة في جميع الخلق . وقيل المراد الذين يتبعون الداعي . والحمد لله .قوله تعالى : ولا يحيطون به علما الهاء في به لله تعالى ؛ أي أحد لا يحيط به علما ؛ إذ الإحاطة مشعرة بالحد ويتعالى الله عن التحديد . وقيل : تعود على العلم ؛ أي أحد لا يحيط علما بما يعلمه الله . وقال الطبري الضمير في أيديهم و خلفهم و يحيطون يعود على الملائكة ؛ أعلم الله من يعبدها أنها لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها .
وقوله ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) يقول تعالى ذكره: يعلم ربك يا محمد ما بين أيدي هؤلاء الذين يتبعون الداعي من أمر القيامة، وما الذي يصيرون إليه من الثواب والعقاب ( وَمَا خَلْفَهُمْ ) يقول: ويعلم أمر ما خلفوه وراءهم من أمر الدنيا. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) من أمر الساعة (وما خلفهم) من أمر الدنيا.وقوله ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) يقول تعالى ذكره: ولا يحيط خلقه به علما. ومعنى الكلام: أنه محيط بعباده علما، ولا يحيط عباده به علما، وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك: أن الله يعلم ما بين أيدي ملائكته وما خلفهم، وأن ملائكته لا يحيطون علما بما بين أيدي أنفسهم وما خلفهم، وقال: إنما أعلم بذلك الذين كانوا يعبدون الملائكة، أن الملائكة كذلك لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها، موبخهم بذلك ومقرّعهم بأن من كان كذلك، فكيف يعبد، وأن العبادة إنما تصلح لمن لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) وجملة يعلَمُ ما بينَ أيديهِم وما خلفهم } مستأنفة بيانية لجواب سؤال من قد يسأل بيان ما يوجب رضى الله عن العبد الذي يأذن بالشفاعة فيه . فبُيّن بياناً إجمالياً بأن الإذن بذلك يجري على ما يقتضيه عِلم الله بسائر العبيد وبأعمالهم الظاهرة ، فعبر عن الأعمال الظاهرة بما بَيْن أيديهم لأنّ شأن ما بين الأيدي أن يكون واضحاً ، وعبر عن السرائر بما خلفهم لأنّ شأن ما يجعل خلف المرء أن يكون محجوباً . وقد تقدم ذلك في آية الكرسي ، فهو كناية عن الظاهرات والخفيات ، أي فيأذن لمن أراد تشريفه من عباده المقربين بأن يشفع في طوائف مثل ما ورد في الحديث « يخرج من النّار من كان في قلبه مثقال حبّة من إيمان » ، أو بأن يشفع في حالة خاصة مثل ما ورد في حديث الشفاعة العظمى في الموقف لجميع الناس بتعجيل حسابهم .وجملة { ولاَ يُحِيطُونَ بهِ عِلْماً } تذييل للتعليم بعظمة علم الله تعالى وضآلة علم البشر ، نظير ما وقع في آية الكرسي .