سورة طه (20): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة طه بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تنوير المقباس من تفسير ابن عباس (عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة طه مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة طه

  • نوع سورة طه: مكية
  • عدد الآيات في سورة طه: 135
  • ترتيب سورة طه في القرآن الكريم: 20
  • ترتيب نزول الوحي: 45
  • اسم السورة باللغة الإنجليزية: Taa-Haa
  • أرقام الصفحات في القرآن الكريم: من الصفحة 312 إلى 321
  • التفسير: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

سُورَةُ طه
الصفحة 319 (آيات من 99 إلى 113)

كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ ۚ وَقَدْ ءَاتَيْنَٰكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُۥ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وِزْرًا خَٰلِدِينَ فِيهِ ۖ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ حِمْلًا يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ ۚ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا يَتَخَٰفَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّى نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَآ أَمْتًا يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ لَا عِوَجَ لَهُۥ ۖ وَخَشَعَتِ ٱلْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَٰنُ وَرَضِىَ لَهُۥ قَوْلًا يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلْمًا ۞ وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَىِّ ٱلْقَيُّومِ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا
319

الاستماع إلى سورة طه

تفسير سورة طه (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي)

الترجمة الإنجليزية

Kathalika naqussu AAalayka min anbai ma qad sabaqa waqad ataynaka min ladunna thikran

كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) جملة مستأنفة تذييلية أفادت التنويه بقصّة رسالة موسى وما عقبها من الأعمال التي جرت مع بني إسرائيل ابتداء من قوله { وهل أتاك حديث موسى إذ رأى ناراً } [ طه : 9 ، 10 ] ، أي مثل هذا القصص نقصّ عليك من أنباء القرون الماضية . والإشارة راجعة إلى القصة المذكورة .والمراد بقوله { نَقُصُّ } قَصصنا ، وإنما صيغ المضارع لاستحضار الحالة الحسنة في ذلك القصص .والتشبيه راجع إلى تشبيهها بنفسها كناية عن كونها إذا أريد تشبيهها وتقريبها بما هو أعرف منها في بابها لم يجد مُريد ذلك طريقاً لنفسه في التشبيه إلا أن يشبهها بنفسها ، لأنها لا يفوقها غيرها في بابها حتى تقرَّب به ، على نحو ما تقدم في قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } في سورة البقرة ( 143 ) ، ونظائره كثيرة في القرآن .و ( مِن ) في قوله مِنْ أنْبَاءِ ما قَدْ سَبَقَ } تبعيضية ، هي صفة لمحذوف تقديره : قصصاً من أنباء ما قد سبق . ولك أن تجعل ( من ) اسماً بمعنى بعض ، فتكون مفعول { نقصّ .والأنباء : الأخبار . و ( ما ) الموصولة ما صدقها الأزمان ، لأنّ الأخبار تضاف إلى أزمانها ، كقولهم : أخبار أيام العرب ، والقرون الوسطى . وهي كلها من حقها في الموصولية أن تعرف ب ( ما ) الغالبة في غير العاقل . ومعلوم أن المقصود ما فيها من أحوال الأمم ، فلو عرفت ب ( مَن ) الغالبة في العقلاء لصح ذلك وكل ذلك واسع . وقوله وقَدْ ءاتيناك مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } إيماء إلى أن ما يقص من أخبار الأمم ليس المقصود به قطْع حصة الزمان ولا إيناس السامعين بالحديث إنما المقصود منه العبرة والتذكرة وإيقاظ لبصائر المشركين من العرب إلى موضع الاعتبار من هذه القصة

الترجمة الإنجليزية

Man aAArada AAanhu fainnahu yahmilu yawma alqiyamati wizran

مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) ، وهو إعراض الأمة عن هدي رسولها وانصياعها إلى تضليل المضللين من بينها . فللإيماء إلى هذا قال تعالى : { وقد آتيناك من لدنّا ذكراً من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وِزراً خالدين فيه .وتنكير ذِكراً } للتعظيم ، أي آتيناك كتاباً عظيماً . وقوله { مِن لَّدُنَّا } توكيد لمعنى { ءاتيناك } وتنويه بشأن القرآن بأنه عطية كانت مخزونة عند الله فخص بها خير عباده .والوِزر : الإثم . وجعل محمولاً تمثيل لملاقاة المشقة من جراء الإثم ، أي من العقاب عنه . فهنا مضاف مُقدر وقرينته الحال في قوله { خالدين فِيهَا } ، وهو حال من اسم الموصول أو الضمير المنصوب بحرف التوكيد ، وما صدقهما ، متّحد وإنما اختلف بالإفراد والجمع رعياً لِلَفظ ( مَن ) مرةً ولمدلولها مرة . وهو الجمع المعرضون . فقال { من أعرَض ثم قال خَالدين .

الترجمة الإنجليزية

Khalideena feehi wasaa lahum yawma alqiyamati himlan

خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101)وجملة وسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ القيامة حِمْلاً } حال ثانية ، أي ومسوئين به . و ( سَاء ) هنا هو أحد أفعال الذم مثل ( بئس ). وفاعل { ساء ضمير مستتر مُبهم يفسره التمييز الذي بعده وهو حِملاً . والحِمل بكسر الحاء اسم بمعنى المَحمول كالذِّبح بمعنى المذبوح . والمخصوص بالذم محذوف لدلالة لفظ وِزراً عليه . والتقدير : وساء لهم حملاً وِزرهم ، وحذف المخصوص في أفعال المدح والذم شائع كقوله تعالى : { ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب } [ ص : 30 ] أي سليمان هو الأواب .واللاّم في قوله { وسَآءَ لَهُمْ } لام التبيين . وهي مبيّنة للمفعول في المعنى ، لأن أصل الكلام : ساءهم الحِمل ، فجيء باللام لزيادة تبيين تعلق الذم بحمله ، فاللاّم لبيان الذين تعلّق بهم سوء الحِمل .والحِمل بكسر الحاء المحمول مثل الذبح .

الترجمة الإنجليزية

Yawma yunfakhu fee alssoori wanahshuru almujrimeena yawmaithin zurqan

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) { يَوْمَ يُنفَخُ في الصُّورِ } بدل من { يومَ القيامة } [ طه : 101 ] في قوله { وسَاءَ لهم يوم القيامة حملاً } [ طه : 101 ] ، وهو اعتراض بين جملة { وقد ءَاتيناك من لدُنَّا ذِكراً } [ طه : 99 ] وما تبعها وبين جملة { وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً } [ طه : 113 ] ، تخلّص لذكر البعث والتذكير به والنذارةِ بما يحصل للمجرمين يومئذ .والصُور : قَرن عظيم يُجعل في داخله سِداد لبعض فضائه فإذا نفخ فيه النافخ بقوة خرج منه صوت قوي ، وقد اتخذ للإعلام بالاجتماع للحرب . وتقدم عند قوله تعالى : { قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور } في سورة الأنعام ( 73 ).وقرأ الجمهور يُنفخ بياء الغيبة مبنياً للمجهول ، أي ينفخ نافخ ، وهو الملك الموكل بذلك . وقرأه أبو عمرو وحده ننفخ بنون العظمة وضم الفاء وإسناد النفخ إلى الله مجاز عقلي باعتبار أنّه الآمر به ، مثل : بنى الأمير القلعة .والمجرمون : المشركون والكفرة .والزرق : جمع أزرق ، وهو الذي لونه الزُّرقة . والزرقة : لون كلون السماء إثر الغروب ، وهو في جلد الإنسان قبيح المنظر لأنه يشبه لون ما أصابه حرقُ نارٍ . وظاهر الكلام أن الزرقة لون أجسادهم فيكون بمنزلة قوله يوم { تبيض وجود وتسود وجوه } [ آل عمران : 106 ] ، وقيل : المراد لون عيونهم ، فقيل : لأنّ زرقة العين مكروهة عند العرب . والأظهر على هذا المعنى أن يراد شدّة زرقة العين لأنّه لون غير معتاد ، فيكون كقول بشّار :وللبخيل على أمواله عِلل ... زُرْق العُيون عليها أوْجه سُودُوقيل : المراد بالزُّرق العُمْي ، لأن العمى يلوّن العين بزرقة . وهو محتمل في بيت بشّار أيضاً .والتخافت : الكلام الخفي من خوف ونحوه . وتخافتهم لأجل ما يملأ صدورهم من هول ذلك اليوم كقوله تعالى : { وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً } [ طه : 108 ].وجملة { إن لَّبِثْتُم إلاَّ عَشْراً } مبيّنة لجملة { يتخافتون } ، وهم قد علموا أنهم كانوا أمواتاً ورفاتاً فأحياهم الله فاستيقنوا ضلالهم إذ كانوا ينكرون الحشر .

الترجمة الإنجليزية

Yatakhafatoona baynahum in labithtum illa AAashran

يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) ولعلهم أرادوا الاعتذار لخطئهم في إنكار الإحياء بعد انقراض أجزاء البدن مبالغة في المكابرة ، فزعموا أنهم ما لبثوا في القبور إلاّ عشرَ ليال فلم يصيروا رفاتاً ، وذلك لما بقي في نفوسهم من استحالة الإحياء بعد تفرق الأوصال ، فزعموا أن إحياءهم ما كان إلا بردّ الأرواح إلى الأجساد . فالمراد باللبث : المكث في القبور ، كقوله تعالى : { قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } في سورة المؤمنين ( 112 ، 113 ) ، وقوله { ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون } في سورة الروم ( 55 ).و ( إذ ) ظرف ، أي يتخافتون في وقت يقول فيه أمثلهم طريقةً . والأمثل : الأرجح الأفضل . والمَثالة : الفضل ، أي صاحب الطريقة المثلى لأن النسبة في الحقيقة للتمييز .والطريقة : الحالة والسنّة والرأي ، والمراد هنا الرأي ، وتقدم في قوله { ويذهبا بطريقتكم المثلى } [ طه : 63 ] في هذه السورة ، ولم يأت المفسرون في معنى وصف القائل { إن لبثتم إلا يوماً } بأنه أمثل طريقة بوجه تطمئن له النفس .

الترجمة الإنجليزية

Nahnu aAAlamu bima yaqooloona ith yaqoolu amthaluhum tareeqatan in labithtum illa yawman

نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)والذي أراه : أنه يحتمل الحقيقة والمجاز؛ فإن سلكنا به مسلك الحمل على الحقيقة كان المعنى أنه أقربهم إلى اختلاق الاعتذار عن خطئهم في إنكارهم البعث بأنهم ظنوا البعث واقعاً بعد طول المكث في الأرض طولاً تتلاشى فيه أجزاء الأجسام ، فلما وجدوا أجسادهم كاملة مثل ما كانوا في الدنيا قال بعضهم { إن لبثتم إلا عشراً } ، فكان ذلك القول عذراً لأن عشر الليالي تتغيّر في مثلها الأجسام . فكان الذي قال { إن لبثتم إلا يوماً } أقرب إلى رواج الاعتذار . فالمراد : أنه الأمثل من بينهم في المعاذير ، وليس المراد أنه مصيب .وإن سلكنا به مسلك المجاز فهو تهكم بالقائل في سوء تقديره من لبثهم في القبور ، فلما كان كلا التقديرين متوغّلاً في الغلظ مؤذناً بجهل المقدّرين واستِبهام الأمر عليهم دالاً على الجهل بعظيم قدرة الله تعالى الذي قَضّى الأزمانَ الطويلة والأممَ العظيمة وأعادهم بعد القرون الغابرة ، فكان الذي قدر زمن المكث في القبور بأقلِّ قَدْر أوغل في الغلط فعُبر عنه ب { أمْثَلُهُم طَرِيقَةً } تهكماً به وبهم معاً إذ استوى الجميع في الخطأ .وجملة { نحنُ أعلَمُ بما يَقُولُونَ } معترضة بين فعل { يتخافتون وظرفِية إذْ يَقُولُ أمْثَلُهُم } ، أي إنهم يقولون ذلك سراً ونحن أعلم به وإننا نخبر عن قولهم يومئذ خبر العليم الصادق .

الترجمة الإنجليزية

Wayasaloonaka AAani aljibali faqul yansifuha rabbee nasfan

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105). لما جرى ذكر البعث ووصف ما سينكشف للذين أنكروه من خطئهم في شبهتهم بتعذر إعادة الأجسام بعد تفرق أجزائها ذكرت أيضاً شبهة من شبهاتهم كانوا يسألون بها النبي صلى الله عليه وسلم سؤال تعنت لا سؤال استهداء ، فكانوا يحيلون انقضاء هذا العالم ويقولون : فأيْن تكون هذه الجبال التي نراها . وروي أنّ رجلاً من ثقيف سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وهم أهل جبال لأن موطنهم الطائف وفيه جبل كَرَى . وسواء كان سؤالهم استهزاء أم استرشاداً ، فقد أنبأهم الله بمصير الجبال إبطالاً لشبهتهم وتعليماً للمؤمنين . قال القرطبي : «جاء هنا ( أي قوله { فَقُلْ يَنسِفُهَا } ) بفاء وكل سؤال في القرآن «قل» ( أي كل جواب في لفظ منه مادة سؤال ) بغير فاء إلا هذا ، لأن المعنى إن سألوك عن الجبال فقل ، فتضمن الكلام معنى الشرط ، وقد علم أنّهم يسألونه عنها فأجابهم قبل السؤال . وتلك أسئلة تقدمت سألوا عنها النبي صلى الله عليه وسلم فجاء الجواب عقب السؤال ا . ه» .وأكد { ينسفها نسفاً } لإثبات أنه حقيقة لا استعارة . فتقدير الكلام : ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً . . . إلى آخره ، وننسف الجبال نسفاً ، فقل ذلك للذين يسألونك عن الجبال .والنسف : تفريق وإذراء ، وتقدم آنفاً .والقاع : الأرض السهلة .والصفصف : الأرض المستوية التي لا نتوء فيها .

الترجمة الإنجليزية

Fayatharuha qaAAan safsafan

فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) ومعنى { يذرها قاعاً صفصفاً } أنها تندك في مواضعها وتسوى مع الأرض حتى تصير في مستوى أرضها ، وذلك يحصل بزلزال أو نحوه ، قال تعالى : { إذا رُجّت الأرض رجّاً وبُسّت الجبال بسّاً فكانت هباء منبثّاً } [ الواقعة : 4 6 ].وجملة { لا ترى فيها عِوَجاً ولا أمْتاً } حال مؤكدة لمعنى { قَاعاً صَفصفاً } لزيادة تصوير حالة فيزيد تهويلها

الترجمة الإنجليزية

La tara feeha AAiwajan wala amtan

لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107). والخطاب في { لا ترى فيها عوجاً } لغير معين يخاطب به الرسول صلى الله عليه وسلم سائليه .والعوج بكسر العين وفتح الواو : ضد الاستقامة ، ويقال : بفتح العين والواو كذلك فهما مترادفان على الصحيح من أقوال أيمة اللّغة . وهو ما جزم به عمرو واختاره المرزوقي في «شرح الفصيح» . وقال جماعة : مكسورُ العين يجري على الأجسام غير المنتصبة كالأرض وعلى الأشياء المعنوية كالدين . و مفتوحُ العين يوصف به الأشياء المنتصبة كالحائط والعصا ، وهو ظاهر ما في «لسان العرب» عن الأزهري . وقال فريق : مكسور العين توصف به المعاني ، و مفتوح العين توصف به الأعيان . وهذا أضعف الأقوال . وهو منقول عن ابن دريد في «الجمهرة» وتبعه في «الكشاف» هنا ، وكأنه مال إلى ما فيه من التفرقة في الاستعمال ، وذلك من الدقائق التي يميل إليها المحققون . ولم يعرج عليه صاحب «القاموس» ، وتعسف صاحب «الكشاف» تأويل الآية على اعتباره خلافاً لظاهرها . وهو يقتضي عدم صحة إطلاقه في كل موضع . وتقدم هذا اللّفظ في أول سورة الكهف فانظره .والأمْت : النتوء اليسير ، أي لا ترى فيها وهدة ولا نتوءاً ما .والمعنى : لا ترى في مكان فسْقها عوجاً ولا أمتاً .

الترجمة الإنجليزية

Yawmaithin yattabiAAoona alddaAAiya la AAiwaja lahu wakhashaAAati alaswatu lilrrahmani fala tasmaAAu illa hamsan

يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) جملة { يتبعون الدّاعي } في معنى المفرعة على جملة { يَنسِفُهَا } [ طه : 105 ]. و { يَوْمَئِذٍ } ظرف متعلق ب { يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ }. وقدم الظرف على عامله للاهتمام بذلك اليوم ، وليكون تقديمه قائماً مقام العَطف في الوصل ، أي يتبعون الداعي يوم ينسف ربّك الجبال ، أي إذا نسفت الجبال نودوا للحشر فحضروا يتبعون الداعي لذلك .والداعي ، قيل : هو المَلك إسرافيل عليه السلام يدعو بنداء التسخير والتكوين ، فتعود الأجساد والأرواح فيها وتهطع إلى المكان المدعوّ إليه . وقيل : الداعي الرسول ، أي يتبع كلّ قوم رسولهم .و { عِوَجَ لَهُ } حال من { الدَّاعِيَ }. واللام على كلا القولين في المراد من الداعي للأجْل ، أي لا عوج لأجل الداعي ، أي لا يروغ المدعوون في سيرهم لأجل الداعي بل يقصدون متجهين إلى صَوبه . ويجيء على قول من جعل المراد بالداعي الرسول أن يرَاد بالعوج الباطل تعريضاً بالمشركين الذين نسبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم العِوج كقولهم { إن تتبعون إلاّ رجلاً مسحوراً } [ الفرقان : 8 ] ، ونحو ذلك من أكاذيبهم ، كما عُرض بهم في قوله تعالى : { الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً } [ الكهف : 1 ].فالمصدر المنفي أريد منه نفي جنس العوج في اتباع الداعي ، بحيث لا يسلكون غير الطريق القويم ، أو لا يسلك بهم غير الطريق القويم ، أو بحيث يعلمون براءة رسولهم من العِوج .وبيْن قوله { لا ترى فيها عوجاً } [ طه : 107 ] وقوله { لا عِوَج له } مراعاة النظير ، فكما جعل الله الأرض يومئذ غير معوجة ولا ناتئة كما قال { فإذا هم بالساهرة } [ النازعات : 14 ] كذلك جعل سير النّاس عليها لا عوج فيه ولا مراوغة .والخشوع : الخضوع ، وفي كلّ شيء من الإنسان مظهر من الخشوع؛ فمظهر الخشوع في الصوت : الإسرار به ، فلذلك فرع عليه قوله { فلا تسمع إلاّ همساً }.والهمس : الصوت الخفيّ .والخطاب بقوله { لا ترى فيها عوجاً وقوله فلا تسمع إلا همساً خطاب لغير معين ، أي لا يرى الرائي ولا يسمع السامع .وجملة وخَشَعَتتِ الأصوَاتُ } في موضع الحال من ضمير { يتّبعون وإسناد الخشوع إلى الأصوات مجاز عقلي ، فإن الخشوع لأصحاب الأصوات؛ أو استعير الخشوع لانخفاض الصوت وإسراره ، وهذا الخشوع من هول المقام .

الترجمة الإنجليزية

Yawmaithin la tanfaAAu alshshafaAAatu illa man athina lahu alrrahmanu waradiya lahu qawlan

يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) وجملة يومئذ لا تنفع الشفاعة } كجملة { يومئذ يتبعون الداعي } في معنى التفريع على { وخشعت الأصوات للرحمن } ، أي لا يتكلّم الناس بينهم إلاّ همساً ولا يجرؤون على الشفاعة لمن يهمهم نفعه . والمقصود من هذا أن جلال الله والخشية منه يصدان عن التوسط عنده لنفع أحد إلاّ بإذنه ، وفيه تأييس للمشركين من أن يجدوا شفعاء لهم عند الله .واستثناء { مَن أذِنَ لهُ الرحمن } من عموم الشفاعة باعتبار أنّ الشفاعة تقتضي شافعاً ، لأن المصدر فيه معنى الفعل فيقتضي فاعلاً ، أي إلا أن يشفع من أذن له الرحمان في أن يشفع ، فهو استثناء تام وليس بمفرغ .واللاّم في { أذِنَ لهُ } لام تعدية فِعل { أَذِنَ } ، مثل قوله { قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم } [ الأعراف : 123 ]. وتفسير هذا ما ورد في حديث الشفاعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم « فيقال لي : سلْ تُعْطَه واشفَعْ تُشفّع »وقوله { ورضِيَ له قولاً } عائد إلى { مَن أذن له الرّحمان وهو الشافع . واللاّم الداخلة على ذلك الضمير لام التّعليل ، أي رضي الرحمانُ قولَ الشّافع لأجل الشافع ، أي إكراماً له كقوله تعالى : { ألم نشرح لك صدرك } [ الشرح : 1 ] فإن الله ما أذن للشافع بأن يشفع إلا وقد أراد قبول شفاعته ، فصار الإذن بالشّفاعة وقبولُها عنواناً على كرامة الشافع عند الله تعالى .والمجرور متعلق بفعل { رضي }. وانتصب { قولاً على المفعولية لفعل رضي لأن رضي هذا يتعدى إلى الشيء المرضي به بنفسه وبالباء .

الترجمة الإنجليزية

YaAAlamu ma bayna aydeehim wama khalfahum wala yuheetoona bihi AAilman

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) وجملة يعلَمُ ما بينَ أيديهِم وما خلفهم } مستأنفة بيانية لجواب سؤال من قد يسأل بيان ما يوجب رضى الله عن العبد الذي يأذن بالشفاعة فيه . فبُيّن بياناً إجمالياً بأن الإذن بذلك يجري على ما يقتضيه عِلم الله بسائر العبيد وبأعمالهم الظاهرة ، فعبر عن الأعمال الظاهرة بما بَيْن أيديهم لأنّ شأن ما بين الأيدي أن يكون واضحاً ، وعبر عن السرائر بما خلفهم لأنّ شأن ما يجعل خلف المرء أن يكون محجوباً . وقد تقدم ذلك في آية الكرسي ، فهو كناية عن الظاهرات والخفيات ، أي فيأذن لمن أراد تشريفه من عباده المقربين بأن يشفع في طوائف مثل ما ورد في الحديث « يخرج من النّار من كان في قلبه مثقال حبّة من إيمان » ، أو بأن يشفع في حالة خاصة مثل ما ورد في حديث الشفاعة العظمى في الموقف لجميع الناس بتعجيل حسابهم .وجملة { ولاَ يُحِيطُونَ بهِ عِلْماً } تذييل للتعليم بعظمة علم الله تعالى وضآلة علم البشر ، نظير ما وقع في آية الكرسي .

الترجمة الإنجليزية

WaAAanati alwujoohu lilhayyi alqayyoomi waqad khaba man hamala thulman

وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وجملة { وعَنَتتِ الوجوهُ للِحَيّ القيُّوم } معطوفة على جملة { وخَشَعَتتِ الأصواتُ للراحمان } ، أي ظهر الخضوع في الأصوات والعناء في الوجوه .والعناء : الذلة ، وأصله الأسر ، والعاني : الأسير . ولما كان الأسير ترهقه ذلة في وجهه أسند العناء إلى الوجوه على سبيل المجاز العقلي ، والجملة كلها تمثيل لحال المجرمين الذين الكلام عليهم من قوله { ونحشر المجرمين يومئذ رزْقاً } [ طه : 102 ] ، فاللاّم في { الوجوه عوض عن المضاف إليه ، أي وجوههم ، كقوله تعالى : { فإن الجحيم هي المأوى } [ النازعات : 39 ] أي لهم . وأما وجوه أهل الطاعات فهي وجوه يومئذ ضاحكة مستبشرة .ويجوز أن يجعل التعريف في { الوجوه على العموم ، ويراد بعنت خضعت ، أي خضع جميع الناس إجلالاً لله تعالى .والحيُّ : الذي ثبت له وصف الحياة ، وهي كيفية حاصلة لأرقَى الموجودات ، وهي قوّة للموجود بها بقاء ذاته وحصول إدراكه أبداً أوْ إلى أمد مّا . والحياة الحقيقية هي حياة الله تعالى لأنّها ذاتية غير مسبوقة بضدها ولا منتهية .والقيوم : القائم بتدبير النّاس ، مبالغة في القَيّم ، أي الذي لا يفوته تدْبير شيء من الأمور .وتقدم { الحي القيوم } في سورة البقرة ( 255 ).وجملة وقد خَابَ من حَمَلَ ظُلْماً } ؛ إما معترضة في آخر الكلام تفيد التعليل إن جُعل التعريف في { الوجوه عوضاً عن المضاف إليه ، أي وجوه المجرمين . والمعنى : إذ قد خاب كلّ من حمل ظلماً؛ وإما احتراس لبيان اختلاف عاقبة عناء الوجوه ، فمن حمل ظلماً فقد خاب يومئذ واستمر عناؤه ، ومن عمل صالحاً عاد عليه ذلك الخوف بالأمن والفرح . والظلم : ظلم النفس .

الترجمة الإنجليزية

Waman yaAAmal mina alssalihati wahuwa muminun fala yakhafu thulman wala hadman

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)وجملة ومَن يعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ } الخ : شرطية مفيدة قسيم مضمون جملة { وقَدْ خَابَ من حَمَل ظُلماً }. وصيغ هذا القسيم في صيغة الشرط تحقيقاً للوعد ، و { فلا يخاف جواب الشرط ، واقترانه بالفاء علامة على أن الجملة غير صالحة لموالاة أداة الشرط ، فتعين؛ إما أن تكون ( لا ) التي فيها ناهية ، وإما أن يكون الكلام على نيّة الاستئناف . والتقدير : فهو لا يخاف .وقرأ الجمهور فلا يخاف بصيغة المرفوع بإثبات ألف بعد الخاء ، على أن الجملة استئناف غير مقصود بها الجزاء ، كأن انتفاء خوفه أمر مقرر لأنه مؤمن ويعمل الصالحات . وقرأه ابن كثير بصيغة الجزم بحذف الألف بعد الخاء ، على أن الكلام نهي مستعمل في الانتفاء . وكتبت في المصحف بدون ألف فاحتملت القراءتين . وأشار الطيبي إلى أن الجمهور توافق قوله تعالى : وقد خاب من حمل ظلماً في أن كلتا الجملتين خبرية . وقراءة ابن كثير تفيد عدم التردد في حصول أمنه من الظلم والهضم ، أي في قراءة الجمهور خصوصية لفظية وفي قراءة ابن كثير خصوصية معنوية .ومعنى لا يخاف ظلماً } لا يخاف جزاء الظالمين لأنّه آمن منه بإيمانه وعمله الصالحات .والهضم : النقص ، أي لا ينقصون من جزائهم الذي وُعدوا به شيئاً كقوله { وإنّا لموفُّوهم نصيبهم غير منقوص } [ هود : 109 ].ويجوز أن يكون الظلم بمعنى النقص الشديد كما في قوله { ولم تَظْلم منه شيئاً } [ الكهف : 33 ] ، أي لا يخاف إحباط عمله ، وعليه يكون الهضم بمعنى النقص الخفيف ، وعطفه على الظلم على هذا التفسير احتراس .

الترجمة الإنجليزية

Wakathalika anzalnahu quranan AAarabiyyan wasarrafna feehi mina alwaAAeedi laAAallahum yattaqoona aw yuhdithu lahum thikran

وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) عطف على جملة { كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق } [ طه : 99 ] ، والغرض واحد ، وهو التنويه بالقرآن . فابتدىء بالتنويه به جزئياً بالتنويه بقصصه ، ثمّ عطف عليه التنويه به كليّاً على طريقة تشبه التذييل لما في قوله { أنزلناه قرآناً عربياً } من معنى عموم ما فيه .والإشارة ب { كذلك } نحوُ الإشارة في قوله { كذلك نقص عليك } ، أي كما سمعته لا يُبين بأوضح من ذلك .و { قرآناً } حال من الضمير المنصوب في { أنزلناه }. وقرآن تسمية بالمصدر . والمراد المقروء ، أي المتلو ، وصار القرآن علماً بالغلبة على الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بألفاظ معينة متعبّداً بتلاوتها يعجز الإتيان بمثل سورة منها . وسمي قرآناً لأنه نظم على أسلوب تسهل تلاوته . ولوحظ هنا المعنى الاشتقاقي قبل الغلبة وهو ما تفيده مادة قرأ من يسر تلاوته؛ وما ذلك إلاّ لفصاحة تأليفه وتناسب حروفه . والتنكير يفيد الكمال ، أي أكمل ما يقرأ .و { عربياً } صفة { قرآناً }. وهذا وصف يفيد المدح ، لأنّ اللغة العربية أبلغ اللّغات وأحسنها فصاحة وانسجاماً . وفيه تعريض بالامتنان على العرب ، وتحميق للمشركين منهم حيث أعرضوا عنه وكذبوا به ، قال تعالى : { لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون } [ الأنبياء : 10 ].والتصريف : التنويع والتفنين . وقد تقدّم عند قوله تعالى : { انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون } في سورة الأنعام ( 46 ) ، وقوله { ولقد صرفنا } في هذا القرآن ليذكروا في سورة الإسراء ( 41 ).وذكر الوعيد هنا للتهديد ، ولمناسبة قوله قبله { وقد خاب من حمل ظلماً } [ طه : 111 ].والتقوى : الخوف . وهي تستعمل كناية عن الطاعة لله ، أي فَعلْنا ذلك رجاء أن يؤمنوا ويطيعوا . والذكر هنا بمعنى التذكر ، أي يُحدث لهم القرآن تذكراً ونظراً فيما يحق عليهم أن يختاروه لأنفسهم .وعبر ب { يحدث } إيماء إلى أن الذكر ليس من شأنهم قبل نزول القرآن ، فالقرآن أوجد فيهم ذكراً لم يكن من قبل ، قال ذو الرمة :ولما جرت في الجزل جرياً كأنه ... سنا الفجر أحدثنا لخالقها شُكراًو ( لعل ) للرجاء ، أي إن حال القرآن أن يقرّب الناس من التقوى والتذكر ، بحيث يمثَّل شأن من أنزله وأمر بما فيه بحال من يرجو فيلفظ بالحرف الموضوع لإنشاء الرجاء . فحرف ( لعل ) استعارة تبعية تنبىء عن تمثيلية مكنية ، وقد مضى معنى ( لعل ) في القرآن عند قوله تعالى : { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون } في سورة البقرة ( 21 ).وجملة فتعالى الله الملك الحق } معترضة بين جملة { وكذلك أنزلناه } وبين جملة { ولا تعجل بالقرآن }. وهذا إنشاء ثناء على الله منزل القرآن وعلى منة هذا القرآن ، وتلقين لشكره على ما بيّن لعباده من وسائل الإصلاح وحملهم عليه بالترغيب والترهيب وتوجيهه إليهم بأبلغ كلام وأحسن أسلوب فهو مفرع على ما تقدم من قوله { وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً } إلى آخرها . . .والتفريع مؤذن بأن ذلك الإنزال والتصريف ووسائل الإصلاح كلّ ذلك ناشىء عن جميل آثار يشعر جميعها بعلوه وعظمته وأنه الملك الحق المدبر لأمور مملوكاته على أتم وجوه الكمال وأنفذ طرق السياسة .وفي وصفه بالحق إيماء إلى أن مُلك غيره من المتَسَميّن بالملوك لا يخلو من نقص كما قال تعالى : { الملك يومئذ الحق للرحمان } [ الفرقان : 26 ]. وفي الحديث : " فيقول الله أنا الملِكُ أيْنَ ملوك الأرض " ، أي أحضروهم هل تجدون منهم من ينازع في ذلك ، كقول الخليفة معاوية حين خطب في المدينة «يا أهل المدينة أين علماؤكم» .
319