سورة ق: الآية 31 - وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد...

تفسير الآية 31, سورة ق

وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ

الترجمة الإنجليزية

Waozlifati aljannatu lilmuttaqeena ghayra baAAeedin

تفسير الآية 31

وقُرِّبت الجنة للمتقين مكانًا غير بعيد منهم، فهم يشاهدونها زيادة في المسرَّة لهم.

«وأزلفت الجنة» قربت «للمتقين» مكانا «غير بعيد» منهم فيرونها ويقال لهم.

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ أي: قربت بحيث تشاهد وينظر ما فيها، من النعيم المقيم، والحبرة والسرور، وإنما أزلفت وقربت، لأجل المتقين لربهم، التاركين للشرك، صغيره وكبيره ، الممتثلين لأوامر ربهم، المنقادين له.

وقوله : ( وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ) : قال قتادة ، وأبو مالك ، والسدي : ( أزلفت ) أدنيت وقربت من المتقين ، ( غير بعيد ) وذلك يوم القيامة ، وليس ببعيد ; لأنه واقع لا محالة ، وكل ما هو آت آت .

وكعادة القرآن في المقارنة بين عاقبة الأشرار والأخيار، جاء بعد ذلك الحديث عن المتقين وحسن عاقبتهم فقال- تعالى-: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ.وقوله: وَأُزْلِفَتِ من الإزلاف بمعنى القرب، يقال: أزلفه إذا قربه، ومنه الزلفة والزلفى بمعنى القربة والمنزلة.. وهو معطوف على قوله- سبحانه- وَنُفِخَ فِي الصُّورِ.وقوله: غَيْرَ بَعِيدٍ صفة لموصوف مذكر محذوف، ولذا قال غير بعيد ولم يقل غير بعيدة. أى: وأدنيت وقربت الجنة للمتقين في مكان غير بعيد منهم، فصاروا يرونها ويشاهدون ما فيها من خيرات لا يحيط بها الوصف.وفائدة قوله: غَيْرَ بَعِيدٍ بعد قوله وَأُزْلِفَتِ للتأكيد والتقرير، كقولك: فلان قريب غير بعيد، وعزيز غير ذليل..قال الجمل ما ملخصه: فإن قيل: ما وجه التقريب مع أن الجنة مكان، والأمكنة يقرب منها وهي لا تقرب؟.فالجواب: أن الجنة لا تنقل.. لكن الله- تعالى- يطوى المسافة التي بين المؤمن والجنة- حتى لكأنها حاضرة أمامه- وذلك من باب التكريم والتشريف للمؤمن .

( وأزلفت الجنة ) قربت وأدنيت ( للمتقين ) الشرك ( غير بعيد ) ينظرون إليها قبل أن يدخلوها .

قوله تعالى : وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد أي : قربت منهم . وقيل : هذا قبل الدخول في الدنيا ; أي : قربت من قلوبهم حين قيل لهم اجتنبوا المعاصي . وقيل : بعد الدخول قربت لهم مواضعهم فيها فلا تبعد . غير بعيد أي : منهم وهذا تأكيد .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)يعني تعالى ذكره بقوله ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ) وأُدنيت الجنة وقرّبت للذين اتقوا ربهم, فخافوا عقوبته بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ) يقول: وأدنيت ( غَيْرَ بَعِيدٍ ) .

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31(عطف { وأزلفت } على { يقول لجهنم } . فالتقدير : يوم أزلفت الجنة للمتقين وهو رجوع إلى مقابل حالةِ الضالّين يومَ يُنفخ في الصور ، فهذه الجملة متصلة في المعنى بجملة { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } [ ق : 21 ] ولو اعتبرت معطوفة عليها لصح ذلك إلا أن عطفها على جملة { يوم يقول لجهنم هل امتلات } [ ق : 30 ] غنية عن ذلك ولا سيما مع طول الكلام .والإزلاف : التقريب مشتق من الزَلَف بالتحريك وهو القربة ، وقياس فعله أنه كفَرِح كما دل عليه المصدر ولم يُرو في كلامهم ، أي جعلت الجنة قريباً من المتقين ، أي ادْنُوا منها .والجنة موجودة من قبل وُرود المتَّقين إليها فإزلافها قد يكون بحشرهم للحساب بمقربة منها كرامة لهم عن كلفة المسير إليها ، وقد يكون عبارة عن تيسير وصولهم إليها بوسائل غير معروفة في عادة أهل الدنيا .وقوله : { غير بعيد } يرجح الاحتمال الأول ، أي غير بعيد منهم وإلاّ صار تأكيداً لفظياً ل { أُزلفت } كما يقال : عاجل غير آجل ، وقوله : { وأضل فرعون قومه وما هدى } [ طه : 79 ] والتأسيس أرجح من احتمال التأكيد .وانتصب { غير بعيد } على الظرفية باعتبار أنه وصف لظرف مكان محذوف . والتقدير : مكاناً غير بعيد ، أي عن المتقين . وهذا الظرف حال من { الجنة } . وتجريد { بعيد } من علامة التأنيث : إما على اعتبار { غير بعيد } وصفاً لمكاننٍ ، وإمّا جَريٌ على الاستعمال الغالب في وصف بَعيد وقريب إذا أريد البعد والقرب بالجهة دون النسب أن يُجرَّدَا من علامة التأنيث كما قاله الفرّاء أو لأن تأنيث اسم الجنة غير حقيقي كما قال الزجاج ، وإما لأنه جاء على زنة المصدر مثل الزئير والصَّليل ، كما قال الزمخشري ، ومثله قوله تعالى : { إن رحمة الله قريب من المحسنين } [ الأعراف : 56 ] .
الآية 31 - سورة ق: (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد...)