سورة الشعراء: الآية 58 - وكنوز ومقام كريم...

تفسير الآية 58, سورة الشعراء

وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ

الترجمة الإنجليزية

Wakunoozin wamaqamin kareemin

تفسير الآية 58

فأخرج الله فرعون وقومه من أرض "مصر" ذات البساتين وعيون الماء وخزائن المال والمنازل الحسان. وكما أخرجناهم، جعلنا هذه الديار من بعدهم لبني إسرائيل.

«وكنوز» أموال ظاهرة من الذهب والفضة، وسميت كنوزا لأنه لم يعط حق الله تعالى منها «ومقامٍ كريمٍ» مجلس حسن للأمراء والوزراء يحفه أتباعهم.

وَمَقَامٍ كَرِيمٍ يعجب الناظرين, ويلهي المتأملين، تمتعوا به دهرا طويلا وقضوا بلذته وشهواته, عمرا مديدا, على الكفر والفساد, والتكبر على العباد والتيه العظيم .

قال الله تعالى : ( فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم ) أي : فخرجوا من هذا النعيم إلى الجحيم ، وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والأنهار والأموال والأرزاق والملك والجاه الوافر في الدنيا .

وَكُنُوزٍ أى: وأموال كانت تحت أيديهم وَمَقامٍ كَرِيمٍ أى: ومساكن حسنة جميلة كانوا يقيمون فيها.أى: أخرجناهم من كل ذلك بقدرتنا ومشيئتنا، ليلقوا مصيرهم المحتوم وهو الغرق، بسبب إصرارهم على كفرهم وطغيانهم.

( وكنوز ) يعني الأموال الظاهرة من الذهب والفضة . قال مجاهد : سماها كنوزا لأنه لم يعط حق الله منها ، وما لم يعط حق الله منه فهو كنز وإن كان ظاهرا ، قيل : كان لفرعون ثمانمائة ألف غلام ، كل غلام على فرس عتيق ، في عنق كل فرس طوق من ذهب ، ) ( ومقام كريم ) أي : مجلس حسن ، قال المفسرون : أراد مجالس الأمراء والرؤساء التي كانت تحفها الأتباع . وقال مجاهد ، وسعيد بن جبير : هي المنابر . وذكر بعضهم : أنه كان إذا قعد على سريره وضع بين يديه ثلاثمائة كرسي من ذهب يجلس عليها الأشراف عليهم الأقبية من الديباج مخوصة بالذهب .

" وكنوز " جمع كنز ; وقد مضى هذا في سورة ( براءة ) . والمراد بها هاهنا الخزائن . وقيل : الدفائن . وقال الضحاك : الأنهار ; وفيه نظر ; لأن العيون تشملها . " ومقام كريم " قال ابن عمر وابن عباس ومجاهد : المقام الكريم المنابر ; وكانت ألف منبر لألف جبار يعظمون عليها فرعون وملكه . وقيل : مجالس الرؤساء والأمراء ; حكاه ابن عيسى وهو قريب من الأول . وقال سعيد بن جبير : المساكن الحسان . وقال ابن لهيعة : سمعت أن المقام الكريم الفيوم . وقيل : كان يوسف عليه السلام قد كتب على مجلس من مجالسه ( لا إله إلا الله إبراهيم خليل الله ) فسماها الله كريمة بهذا . وقيل : مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عدة وزينة ; فصار مقامها أكرم منزل بهذا ; ذكره الماوردي . والأظهر أنها المساكن الحسان كانت تكرم عليهم . والمقام في اللغة يكون الموضع ويكون مصدرا . قال النحاس : المقام في اللغة : الموضع ; من قولك قام يقوم ، وكذا المقامات واحدها مقامة ; كما قال [ زهير بن أبي سلمى ] :وفيهم مقامات حسان وجوههم وأندية ينتابها القول والفعلوالمقام أيضا المصدر من قام يقوم . والمقام ( بالضم ) الموضع من أقام . والمصدر أيضا من أقام يقيم .

وكنوز ذهب وفضة, ومقام كريم. قيل: إن ذلك المقام الكريم: المنابر.

وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) والمعنى : أن الله أرزأ أعداء موسى ما كان لهم من نعيم إذ أهلكهم وأعطى بني إسرائيل خيرات مثلها لم تكن لهم ، وليس المراد أنه أعطى بني إسرائيل ما كان بيد فرعون وقومه من الجنات والعيون والكنوز ، لأن بني إسرائيل فارقوا أرض مصر حينئذ وما رجعوا إليها كما يدل عليه قوله في سورة الدخان ( 28 ) { كذلك وأورثناها قوماً آخرين } ولا صحة لما يقوله بعض أهل قصص القرآن من أن بني إسرائيل رجعوا فملكوا مصر بعد ذلك ، فإن بني إسرائيل لم يملكوا مصر بعد خروجهم منها سائر الدَّهر فلا محيص من صرف الآية عن ظاهرها إلى تأويل يدل عليه التاريخ ويدل عليه ما في سورة الدخان .
الآية 58 - سورة الشعراء: (وكنوز ومقام كريم...)