سورة القلم: الآية 31 - قالوا يا ويلنا إنا كنا...

تفسير الآية 31, سورة القلم

قَالُوا۟ يَٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا طَٰغِينَ

الترجمة الإنجليزية

Qaloo ya waylana inna kunna tagheena

تفسير الآية 31

فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها، وقالوا: لقد أخطأنا الطريق إليها، فلما عرفوا أنها هي جنتهم، قالوا: بل نحن محرومون خيرها؛ بسبب عزمنا على البخل ومنع المساكين. قال أعدلهم: ألم أقل لكم هلا تستثنون وتقولون: إن شاء الله؟ قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم: تنزَّه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا، بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا بترك الاستثناء وقصدنا السيِّئ. فأقبل بعضهم على بعض، يلوم كل منهم الآخر على تركهم الاستثناء وعلى قصدهم السيِّئ، قالوا: يا ويلنا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء ومخالفة أمر الله، عسى ربنا أن يعطينا أفضل من حديقتنا؛ بسبب توبتنا واعترافنا بخطيئتنا. إنا إلى ربنا وحده راغبون، راجون العفو، طالبون الخير. مثل ذلك العقاب الذي عاقبنا به أهل الحديقة يكون عقابنا في الدنيا لكل مَن خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله من النعم فلم يؤدِّ حق الله فيها، ولَعذاب الآخرة أعظم وأشد مِن عذاب الدنيا، لو كانوا يعلمون لانزجروا عن كل سبب يوجب العقاب.

«قالوا يا» للتنبيه «ويلنا» هلا كنا «إنا كنا طاغين».

قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ أي: متجاوزين للحد في حق الله، وحق عباده.

( قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين ) أي : اعتدينا وبغينا وطغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا

( قَالُواْ ياويلنا ) أى : يا هلاكنا ويا حسرتنا . . ( إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ) أى : إنا كنا متجاوزين لحدودنا ، وفاسقين عن أمر ربنا ، عندما صممنا على البخل بما أعطانا - سبحانه - من فضله .

ونادوا على أنفسهم بالويل : ( قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين ) في منعنا حق الفقراء . وقال ابن كيسان : طغينا نعم الله فلم نشكرها ولم نصنع ما صنع آباؤنا من قبل .

قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين أي عاصين بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء . وقال ابن كيسان : طغينا نعم الله فلم نشكرها كما شكرها آباؤنا من قبل .

وقوله: (يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ) يقول: قال أصحاب الجنة: يا ويلنا إنا كنا مُبْعَدين: مخالفين أمر الله في تركنا الاستثناء والتسبيح.

قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) وقد تلقى كل واحد منهم لوم غيره عليه بإحقاق نفسه بالملامة وإشراك بقيتهم فيها فقال كل واحد منهم : { يا ويلنا إنّا كنّا طاغين } إلى آخره ، فأسند هذا القول إلى جميعهم لذلك .فجملة { قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين } إلى آخرها يجوز أن تكون مبينة لجملة { يتلاومون ، } أي يلوم بعضهم بعضاً بهذا الكلام فتكون خبراً مستعملاً في التقريع على طريقة التعريض بغيره والإِقرار على نفسه ، مع التحسر والتندم بما أفاده { يا ويلنا . } وذلك كلام جامع للملامة كلها ولَم تعطف الجملة لأنها مبينة .ويجوز أن تكون جوابَ بعضهم بعضاً عن لومه غيره ، فكما أجمعوا على لوم بعضهم بعضاً كذلك أجمعوا على إجابة بعضهم بعضاً عن ذلك الملام فقال كل مَلُوم للائِمِه { يا ويلنا إنا كنّا طاغين } الخ جواباً بتقرير ملامه والاعتراف بالذنب ورجاء العفو من الله وتعويضِهم عن جنتهم خيراً منها إذا قبل توبتهم وجعل لهم ثواب الدنيا مع ثواب الآخرة ، فيكون ترك العطف لأن فعل القول جرى في طريقة المحاورة .والإِقبال : حقيقته المجيء إلى الغير من جهة وجهه وهو مشتق من القُبُل وهو ما يبدو من الإِنسان من جهة وجهه ضد الإِدبار ، وهو هنا تمثيل لحال العناية باللَّوم .واللوم : إنكار متوسط على فعل أو قوللٍ وهو دون التوبيخ وفوق العتاب ، وتقدم عند قوله تعالى :{ فإنهم غير مَلومين } في سورة المؤمنين ( 6 ) .والطغيان : تجاوز الحدّ المتعارف في الكِبْر والتعاظم والمعنى : إنا كنا طاغين على حدود الله .
الآية 31 - سورة القلم: (قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين...)