سورة القلم: الآية 27 - بل نحن محرومون...

تفسير الآية 27, سورة القلم

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ

الترجمة الإنجليزية

Bal nahnu mahroomoona

تفسير الآية 27

فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها، وقالوا: لقد أخطأنا الطريق إليها، فلما عرفوا أنها هي جنتهم، قالوا: بل نحن محرومون خيرها؛ بسبب عزمنا على البخل ومنع المساكين. قال أعدلهم: ألم أقل لكم هلا تستثنون وتقولون: إن شاء الله؟ قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم: تنزَّه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا، بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا بترك الاستثناء وقصدنا السيِّئ. فأقبل بعضهم على بعض، يلوم كل منهم الآخر على تركهم الاستثناء وعلى قصدهم السيِّئ، قالوا: يا ويلنا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء ومخالفة أمر الله، عسى ربنا أن يعطينا أفضل من حديقتنا؛ بسبب توبتنا واعترافنا بخطيئتنا. إنا إلى ربنا وحده راغبون، راجون العفو، طالبون الخير. مثل ذلك العقاب الذي عاقبنا به أهل الحديقة يكون عقابنا في الدنيا لكل مَن خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله من النعم فلم يؤدِّ حق الله فيها، ولَعذاب الآخرة أعظم وأشد مِن عذاب الدنيا، لو كانوا يعلمون لانزجروا عن كل سبب يوجب العقاب.

«بل نحن محرومون» ثمرتها بمنعنا الفقراء منها.

فلما تحققوها، ورجعت إليهم عقولهم قالوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ منها، فعرفوا حينئذ أنه عقوبة.

ثم رجعوا عما كانوا فيه ، وتيقنوا أنها هي فقالوا : ( بل نحن محرومون ) أي : بل هذه هي ، ولكن نحن لا حظ لنا ولا نصيب .

ثم اعترفوا بالحقيقة المرة ، بعد أن تأكدوا أن ما أمامهم هى حديقتهم فقالوا : ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) أى : لسنا بضالين عن الطريق إليها ، بل الحقيقة أن الله - تعالى - قد حرمنا من ثمارها . . بسبب إصرارنا على حرماننا المساكين من حقوقهم منها .

فقال بعضهم : ( بل نحن محرومون ) حرمنا خيرها ونفعها بمنعنا المساكين وتركنا الاستثناء .

بل نحن محرومون أي حرمنا جنتنا بما صنعنا . روى أسباط عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياكم والمعاصي ؛ إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا كان هيئ له " ثم تلا : فطاف عليها طائف من ربك الآيتين .

فقال بعضهم: بل نحن محرومون حرمنا جنتنا.

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) و { بل نحن محرومون } إضراب للانتقال إلى ما هو أهم بالنظر لحال تبييتهم إذ بيَتوا حرمان المساكين من فضول ثمرتهم فكانوا هم المحرومين من جميع الثمار ، فالحرمان الأعظم قد اختص بهم إذ ليس حرمان المساكين بشيء في جانب حرمانهم .والكلام يفيد ذلك إما بطريق تقديم المسند إليه بأن أُتي به ضميراً بارزاً مع أن مقتضى الظاهر أن يكون ضميراً مستتراً في اسم المفعول مقدَّراً مؤخراً عنه لأنه لا يتصور إلاّ بعد سماع متحمِّله . فلما أبرز الضمير وقُدم كان تقديمه مؤذناً بمعنى الاختصاص ، أي القصر ، وهو قصر إضافي ، وهذا من مستتبعات التراكيب والتعويل على القرائن .ويحتمل أن يكون الضلال حقيقياً ، أي ضلال طريق الجنة ، أي قالوا : إنا أخطأنا الطريق في السير إلى جنتنا لأنهم توهموا أنهم شاهدوا جنة أخرى غير جنتهم التي عهدوها ، قالوا ذلك تحيراً في أمرهم .ويكون الإِضراب إبطالياً ، أي أبطلوا أن يكونوا ضَلّوا طريق جنتهم ، وأثبتوا أنهم محرومون من خير جنتهم فيكون المعنى أنها هي جنتهم ولكنها هلكت فحرموا خيراتها بأن أتلفها الله .
الآية 27 - سورة القلم: (بل نحن محرومون...)