سورة المعارج: الآية 33 - والذين هم بشهاداتهم قائمون...

تفسير الآية 33, سورة المعارج

وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمْ قَآئِمُونَ

الترجمة الإنجليزية

Waallatheena hum bishahadatihim qaimoona

تفسير الآية 33

فمن طلب لقضاء شهوته غير الزوجات والمملوكات، فأولئك هم المتجاوزون الحلال إلى الحرام. والذين هم حافظون لأمانات الله، وأمانات العباد، وحافظون لعهودهم مع الله تعالى ومع العباد، والذين يؤدُّون شهاداتهم بالحق دون تغيير أو كتمان، والذين يحافظون على أداء الصلاة ولا يخلُّون بشيء من واجباتها. أولئك المتصفون بتلك الأوصاف الجليلة مستقرُّون في جنات النعيم، مكرمون فيها بكل أنواع التكريم.

«والذين هم بشهادتهم» وفي قراءة بالجمع «قائمون» يقيمونها ولا يكتمونها.

وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ أي: لا يشهدون إلا بما يعلمونه، من غير زيادة ولا نقص ولا كتمان، ولا يحابي فيها قريبا ولا صديقا ونحوه، ويكون القصد بها وجه الله.قال تعالى: وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ .

وقوله : ( والذين هم بشهاداتهم قائمون ) أي : محافظون عليها لا يزيدون فيها ، ولا ينقصون منها ، ولا يكتمونها ، ( ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) [ البقرة : 283 ] .

وقوله: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ أى: والذين هم من صفاتهم أنهم يؤدون الشهادة على وجهها الحق، فلا يشهدون بالزور أو الباطل، ولا يكتمون الشهادة إذا طلب منهم أن يؤدوها، عملا بقوله- تعالى- وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ.فالشهادات: جمع شهادة. والمراد بالقيام بها: أداؤها على أتم وجه وأكمله وأعدله، إذ القيام بها يشمل الاهتمام بشأنها، وحفظها إلى أن يؤديها صاحبها على الوجه الذي يحبه- سبحانه-.

"والذين هم بشهاداتهم قائمون"، قرأ حفص عن عاصم، ويعقوب: "بشهاداتهم": على الجمع، وقرأ الآخرون بشهادتهم على التوحيد، "قائمون"، أي يقومون فيها بالحق أو لا يكتمونها ولا يغيرونها.

والذين هم بشهاداتهم قائمون على من كانت عليه من قريب أو بعيد ، يقومون بها عند الحاكم ولا يكتمونها ولا يغيرونها . وقد مضى القول في الشهادة وأحكامها في سورة " البقرة " . وقال ابن عباس : بشهاداتهم أن الله واحد لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله . وقرئ " لأمانتهم " على التوحيد . وهي قراءة ابن كثير وابن محيصن . فالأمانة اسم جنس ، فيدخل فيها أمانات الدين ، فإن الشرائع أمانات ائتمن الله عليها عباده . ويدخل فيها أمانات الناس من الودائع ; وقد مضى هذا كله مستوفى في سورة " النساء " . وقرأ عباس الدوري عن أبي عمرو ويعقوب " بشهاداتهم " جمعا . الباقون بشهادتهم على التوحيد ، لأنها تؤدي عن الجمع . والمصدر قد يفرد وإن أضيف إلى جمع ، كقوله تعالى : إن أنكر الأصوات لصوت الحمير . وقال الفراء : ويدل على أنها بشهادتهم توحيدا قوله تعالى : وأقيموا الشهادة لله .

(وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ) يقول: والذين لا يكتمون ما استشهدوا عليه، ولكنهم يقومون بأدائها، حيث يلزمهم أداؤها غير مغيرة ولا مبدّلة.

وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وقوله : { والذين هم بشهادتهم قائمون } ذكر لمناسبة ذكر رعي الأمانات إذ الشهادة من جملة الأمانات لأن حق المشهود له وديعة في حفظ الشاهد فإذا أدى شهادته فكأنه أدى أمانة لصاحب الحق المشهود له كانت في حفظ الشاهد .ولذلك كان أداء الشهادة إذا طولب به الشاهد واجباً عليه ، قال تعالى : { ولا يأب الشهداء إذا ما دُعوا } [ البقرة : 282 ] .والقيام بالشهادة : الاهتمام بها وحفظها إلى أن تؤدى ، وهذا قيام مجازي كما تقدم عند قوله تعالى : { ويقيمون الصلاة } في سورة البقرة ( 3 ) .وباء بشهادتهم } للمصاحبة ، أي يقومون مصاحبين للشهادة ويصير معنى الباء في الاستعارة معنى التعدية .فذكر القيام بالشهادة إتمام لخصال أهل الإِسلام فلا يتطلب له مقابل من خصال أهل الشرك المذكورة فيما تقدم .والقول في اسمية جملة الصلة للغرض الذي تقدم لأن أداء الشهادة يشق على الناس إذ قد يكون المشهود عليه قريباً أو صديقاً ، وقد تثير الشهادة على المرء إِحْنَة منه وعداوة .وقرأ الجمهور { بشهادتهم } بصيغة الإِفراد ، وهو اسم جنس يعم جميع الشهادات التي تحملوها . وقرأ حفص ويعقوب { بشهاداتهم } بصيغة الجمع . وذلك على اعتبار جمع المضاف إليه .
الآية 33 - سورة المعارج: (والذين هم بشهاداتهم قائمون...)