سورة الليل: الآية 20 - إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى...

تفسير الآية 20, سورة الليل

إِلَّا ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلْأَعْلَىٰ

الترجمة الإنجليزية

Illa ibtighaa wajhi rabbihi alaAAla

تفسير الآية 20

وسيُزحزَح عنها شديد التقوى، الذي يبذل ماله ابتغاء المزيد من الخير. وليس إنفاقه ذاك مكافأة لمن أسدى إليه معروفا، لكنه يبتغي بذلك وجه ربه الأعلى ورضاه، ولسوف يعطيه الله في الجنة ما يرضى به.

«إلا» لكن فعل ذلك «ابتغاء وجه ربه الأعلى» أي طلب ثواب الله.

إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى هذا الأتقى بما يعطيه الله من أنواع الكرامات والمثوبات، والحمد لله رب العالمين.

"ابتغاء وجه ربه الأعلى" أي طمعا في أن يحصل له رؤيته في الدار الآخرة في روضات الجنات.

قال الآلوسى: وقوله: إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى منصوب على الاستثناء المنقطع من قوله: مِنْ نِعْمَةٍ لأن الابتغاء لا يندرج فيها، فالمعنى: لكنه فعل ذلك لابتغاء وجه ربه- سبحانه- وطلب رضاه، لا لمكافأة لأحد على نعمة.وجوز أن يكون نصبه على أنه مفعول لأجله، أى: لا يؤتى ماله لأجل شيء من الأشياء إلا لأجل طلب رضا ربه، لا لأجل شيء آخر، فهو استثناء مفرغ من أعم العلل والأسباب.. .

"إلا"، لكن "ابتغاء وجه ربه الأعلى"، يعني: لا يفعل ذلك مجازاة لأحد بيد له عنده، ولكنه يفعله وجه ربه الأعلى وطلب رضاه.

إلا ابتغاء أي لكن ابتغاء فهو استثناء منقطع فلذلك نصبت . كقولك : ما في الدار أحد إلا حمارا . ويجوز الرفع . وقرأ يحيى بن وثاب إلا ابتغاء وجه ربه بالرفع ، على لغة من يقول : يجوز الرفع في المستثنى . وأنشد في اللغتين قول بشر بن أبي خازم :أضحت خلاء قفارا لا أنيس بها إلا الجآذر والظلمان تختلفوقول القائل :وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيسوفي التنزيل : ما فعلوه إلا قليل منهم وقد تقدم .وجه ربه الأعلى أي مرضاته وما يقرب منه . والأعلى من نعت الرب الذي استحق صفات العلو . ويجوز أن يكون ابتغاء وجه ربه مفعولا له على المعنى ; لأن معنى الكلام : لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه ، لا لمكافأة نعمته .

وعلى هذا التأويل الذي ذكرناه عن هؤلاء، ينبغي أن يكون قوله: ( إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى ) نصبا على الاستثناء من معنى قوله: ( وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ) لأن معنى الكلام: وما يؤتي الذي يؤتي من ماله ملتمسا من أحد ثوابه، إلا ابتغاء وجه ربه. وجائز أن يكون نصبه على مخالفة ما بعد إلا ما قبلها، كما قال النابغة:... ... ... ... ... ... ... ... ... ...... وَما بالرَّبْعِ مِنْ أحَدِإلا أَوَارِيَّ لأيًا ما أُبَيِّنُها... ... ... ... ... ... ... ... ... (3)

إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وقوله : { وما لأحد عنده من نعمة تجزى } الآية اتفق أهل التأويل على أن أول مقصود بهذه الصلة أبو بكر الصديق رضي الله عنه لمَّا أعتق بلالاً قال المشركون : ما فعل ذلك أبو بكر إلا ليد كانت لبلال عنده . وهو قول من بهتانهم ( يعللون به أنفسهم كراهية لأن يكون أبو بكر فعل ذلك محبة للمسلمين ) ، فأنزل الله تكذيبهم بقوله : { وما لأحد عنده من نعمة تجزى } مراداً به بعض من شمله عموم { الذي يؤتي ماله يتزكى } ، وهذا شبيه بذكر بعض أفراد العام وهو لا يخصص للعموم ولكن هذه لما كانت حالة غير كثيرة في أسباب إيتاء المال تعين أن المراد بها حالة خاصة معروفة بخلاف نحو قوله : { وآتى المال على حبه ذوي القربى } [ البقرة : 177 ] ، وقوله : { إنما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً } [ الإنسان : 9 ] .و { عنده } ظرف مكان وهو مستعمل هنا مجازاً في تمكن المعنى من المضاف إليه عنه كتمكن الكائن في المكان القريب ، قال الحارث بن حِلِّزَة: ... من لنا عِندَه من الخير آيات ثلاث في كلهن القضاء ... و { من نعمة } اسم { ما } النافية جر ب { من } الزائدة التي تزاد في النفي لتأكيد النفي والاستثناء في { إلا ابتغاء وجه ربه } مُنقطع ، أي لكن ابتغاء لوجه الله .والابتغاء : الطلب بجد لأنه أبلغ من البغي .والوجه مستعمل مراداً به الذات كقوله تعالى : { ويبقى وجه ربك } [ الرحمن : 27 ] . ومعنى ابتغاء الذات ابتغاء رضا الله .
الآية 20 - سورة الليل: (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى...)