سورة الحاقة: الآية 26 - ولم أدر ما حسابيه...

تفسير الآية 26, سورة الحاقة

وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ

الترجمة الإنجليزية

Walam adri ma hisabiyah

تفسير الآية 26

وَأمَّا من أعطي كتاب أعماله بشماله، فيقول نادمًا متحسرًا: يا ليتني لم أُعط كتابي، ولم أعلم ما جزائي؟ يا ليت الموتة التي متُّها في الدنيا كانت القاطعة لأمري، ولم أُبعث بعدها، ما نفعني مالي الذي جمعته في الدنيا، ذهبت عني حجتي، ولم يَعُدْ لي حجة أحتج بها.

«ولم أدر ما حسابيه».

وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ أي: ليتني كنت نسيا منسيا ولم أبعث وأحاسب ولهذا قال:

وهذا إخبار عن حال الأشقياء إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله ، فحينئذ يندم غاية الندم ، فيقول : ( فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية )قال الضحاك : يعني موتة لا حياة بعدها . وكذا قال محمد بن كعب والربيع والسدي .وقال قتادة : تمنى الموت ، ولم يكن شيء في الدنيا أكره إليه منه .

( وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ) أى : ويا ليتنى لم أعرف شيئا عن حسابى ، فإن هذه المعرفة التى لم أحسن الاستعدا لها ، أوصلتنى إلى العذاب المبين .

"ولم أدر ما حسابيه".

وإذا كان الرجل رأسا في الشر , يدعو إليه ويأمر به فيكثر تبعه عليه , نودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه , فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات , فيبدأ بالحسنات فيقرأها ويظن أنه سينجو , فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه " هذه حسناتك وقد ردت عليك " فيسود وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير , ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزنا , ولا يزداد وجهه إلا سوادا , فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه " هذه سيئاتك وقد ضوعفت عليك " أي يضاعف عليه العذاب .ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل - قال - فيعظم للنار وتزرق عيناه ويسود وجهه , ويكسى سرابيل القطران ويقال له : انطلق إلى أصحابك وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا ; ينطلق وهو يقول : " يا ليتني لم أوت كتابيه " .

(وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ) يقول: ولم أدر أيّ شيء حسابيه.

وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) وجملة { ولم أدْرِ ما حسابيه } في موضع الحال من ضمير { لَيتَني .والمعنى : إنه كان مكذباً بالحساب وهو مقابل قول الذي أوتي كتابه بيمينه : { إِني ظننتُ أني ملاقٍ حسابيه } [ الحاقة : 20 ] .وجملة الحال معترضة بين جملتي التمني .ويجوز أن يكون عطفاً على التمني ، أي يا ليتني لم أدر مَا حسابيَه ، أي لم أعرِف كنه حسابي ، أي نتيجته ، وهذا وإن كان في معنى التمني الذي قبله فإِعادته تكرير لأجْل التحسر والتحزن .و { ما } استفهامية ، والاستفهام بها هو الذي عَلَّق فعل { أدْرِ } عن العمل ، و { يا ليتها كانت القاضية } تمنَ آخر ولم يعطف على التمنّي الأول لأن المقصود التحسر والتندم .
الآية 26 - سورة الحاقة: (ولم أدر ما حسابيه...)