سورة الأنفال: الآية 57 - فإما تثقفنهم في الحرب فشرد...

تفسير الآية 57, سورة الأنفال

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِى ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ

الترجمة الإنجليزية

Faimma tathqafannahum fee alharbi fasharrid bihim man khalfahum laAAallahum yaththakkaroona

تفسير الآية 57

فإن واجهت هؤلاء الناقضين للعهود والمواثيق في المعركة، فأنزِلْ بهم من العذاب ما يُدْخل الرعب في قلوب الآخرين، ويشتت جموعهم؛ لعلهم يذّكرون، فلا يجترئون على مثل الذي أقدم عليه السابقون.

«فإما» فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة «تثقفنَّهم» تجدنهم «في الحرب فشرِّد» فرق «بهم من خلفهم» من المحاربين بالتنكيل بهم والعقوبة «لعلَّهم» أي الذين خلفهم «يذَّكرون» يتعظون بهم.

تفسير الآيات من 55 الى 57 : هؤلاء الذين جمعوا هذه الخصال الثلاث‏:‏ الكفر، وعدم الإيمان، والخيانة، بحيث لا يثبتون على عهد عاهدوه ولا قول قالوه، هم شر الدواب عند الله فهم شر من الحمير والكلاب وغيرها، لأن الخير معدوم منهم، والشر متوقع فيهم ، فإذهاب هؤلاء ومحقهم هو المتعين، لئلا يسري داؤهم لغيرهم، ولهذا قال‏:‏ ‏‏فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ‏‏ أي‏:‏ تجدنهم في حال المحاربة، بحيث لا يكون لهم عهد وميثاق‏.‏ ‏‏فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ‏‏ أي‏:‏ نكل بهم غيرهم، وأوقع بهم من العقوبة ما يصيرون ‏[‏به‏]‏ عبرة لمن بعدهم ‏‏لَعَلَّهُمْ‏‏ أي من خلفهم ‏‏يَذْكُرُونَ‏‏ صنيعهم، لئلا يصيبهم ما أصابهم،وهذه من فوائد العقوبات والحدود المرتبة على المعاصي، أنها سبب لازدجار من لم يعمل المعاصي، بل وزجرا لمن عملها أن لا يعاودها‏.‏ ودل تقييد هذه العقوبة في الحرب أن الكافر ولو كان كثير الخيانة سريع الغدر أنه إذا أُعْطِيَ عهدا لا يجوز خيانته وعقوبته‏

( فإما تثقفنهم في الحرب ) أي : تغلبهم وتظفر بهم في حرب ، ( فشرد بهم من خلفهم ) أي : نكل بهم ، قاله : ابن عباس ، والحسن البصري ، والضحاك ، والسدي ، وعطاء الخراساني ، وابن عيينة ، ومعناه : غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلا ليخاف من سواهم من الأعداء - من العرب وغيرهم - ويصيروا لهم عبرة ( لعلهم يذكرون )وقال السدي : يقول : لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك .

ثم بين- سبحانه- ما يجب على المؤمنين نحو هؤلاء الناقضين لعهودهم في كل مرة بدون حياء أو تدبر للعواقب فقال: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فالفاء في قوله فَإِمَّا لترتيب ما بعدها على ما قبلها.وقوله: تَثْقَفَنَّهُمْ من الثقف بمعنى الحذق في إدراك الشيء وفعله.قال الراغب: يقال ثقفت كذا إذا أدركته ببصرك لحذق في النظر، ثم يتجوز فيه فيستعمل في الإدراك وإن لم تكن معه ثقافته.قال- تعالى- فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ.وقوله: فَشَرِّدْ بِهِمْ التشريد وهو عبارة عن التفريق مع الاضطراب، يقال شردت بنى فلان، أى: قلعتهم عن مواطنهم وطردتهم عنها حتى فارقوها قال الشاعر:أطوف في الأباطح كل يوم ... مخافة أن يشرد بي حكيمأى: مخافة أن يسمع بي ويطردنى حكيم، وحكيم رجل من بنى سليم كانت قريش قد ولته الأخذ على أيدى السفهاء.والمعنى: إنك يا محمد إذا ما أدركت في الحرب هؤلاء الكافرين الناقضين لعهودهم وظفرت بهم- وهم بنو قريظة ومن لف لفهم-.. فافعل بهم فعلا من القتل والتنكيل يتفرق معه جمع كل ناقض للعهد، ويفزع منه كل من كان على شاكلتهم في الكفر ونقض العهود، ويعتبر به كل من سمعه من أهل مكة وغيرهم.فالباء في قوله فَشَرِّدْ بِهِمْ للسببية، وقوله مَنْ خَلْفَهُمْ مفعول شرد.والمراد بمن خلفهم: كفار مكة وغيرهم من الضالين، أى: افعل ببني قريظة ما يشرد غيرهم خوفا وفزعا.وقوله لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ أى: لعل أولئك المشردين يتعظون بهذا القتل والتنكيل الذي نزل بهؤلاء الناقضين لعهودهم في كل مرة، فيمنعهم ذلك عن نقض العهد.هذا، وإن تلك الآية الكريمة لمن أحكم الآيات التي ترشد المؤمنين إلى وجوب أخذ المستمرين على كفرهم وعنادهم ونقضهم العهود أخذا شديدا رادعا.. حتى يبقى للمجتمع الإسلامى أمانه واستقراره وهيبته أمام أعدائه.إن الآية الكريمة ترسم صورة بديعة للأخذ المفزع، والهول المرعب، الذي يكفى السماع به للهرب والشرود، فما بال من يحل به هذا الأخذ الشديد؟إنها الضربة المروعة، يأمر الله- تعالى- رسوله أن ينزلها على رأس كل مستحق لها بسبب كفره وتلاعبه بالعهود.. وبذلك تبقى لدين الله هيبته وسطوته.هذا هو حكم المصرين على كفرهم الناقضين لعهودهم.. أما الذين تخشى منهم الخيانة فقد بين- سبحانه- حكمهم بقوله:

( فإما تثقفنهم ) تجدنهم ، ( في الحرب ) قال مقاتل : إن أدركتهم في الحرب وأسرتهم ، ( فشرد بهم من خلفهم ) قال ابن عباس : فنكل بهم من ورائهم . وقال سعيد بن جبير : أنذر بهم من خلفهم . وأصل التشريد : التفريق والتبديد ، معناه فرق بهم جمع كل ناقض ، أي : افعل بهؤلاء الذين نقضوا عهدك وجاءوا لحربك فعلا من القتل والتنكيل ، يفرق منك ويخافك من خلفهم من أهل مكة واليمن ، ( لعلهم يذكرون ) يتذكرون ويعتبرون فلا ينقضون العهد .

قوله تعالى : فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون شرط وجوابه . ودخلت النون توكيدا لما دخلت ما ، هذا قول البصريين . وقال الكوفيون : تدخل النون الثقيلة والخفيفة مع " إما " في المجازاة للفرق بين المجازاة والتخيير . ومعنى تثقفنهم تأسرهم وتجعلهم في ثقاف ، أو تلقاهم بحال ضعف ، تقدر عليهم فيها وتغلبهم . وهذا لازم من اللفظ ; لقوله : في الحرب . وقال بعض الناس : تصادفنهم وتلقاهم . يقال : ثقفته أثقفه ثقفا ، أي وجدته . وفلان ثقف لقف أي سريع الوجود لما يحاوله ويطلبه . وثقف لقف . وامرأة ثقاف . والقول الأول أولى ; لارتباطه بالآية كما بينا . والمصادف قد يغلب فيمكن التشريد به ، وقد لا يغلب . والثقاف في اللغة : ما يشد به القناة ونحوها . ومنه قول النابغة :تدعو قعينا وقد عض الحديد بها عض الثقاف على صم الأنابيبفشرد بهم من خلفهم قال سعيد بن جبير : المعنى أنذر بهم من خلفهم . قال أبو عبيد : هي لغة قريش ، شرد بهم سمع بهم . وقال الضحاك : نكل بهم . الزجاج : افعل بهم فعلا من القتل تفرق به من خلفهم . والتشريد في اللغة : التبديد والتفريق ، يقال : شردت بني فلان قلعتهم عن مواضعهم وطردتهم عنها حتى فارقوها . وكذلك الواحد ، تقول : تركته شريدا عن وطنه وأهله . قال الشاعر من هذيل :أطوف في الأباطح كل يوم مخافة أن يشرد بي حكيمومنه شرد البعير والدابة إذا فارق صاحبه . و من بمعنى الذي ، قاله الكسائي . وروي عن ابن مسعود ( فشرذ ) بالذال المعجمة ، وهما لغتان . وقال قطرب : التشريذ " بالذال المعجمة " التنكيل . وبالدال المهملة التفريق ، حكاه الثعلبي . وقال المهدوي : الذال لا وجه لها ، إلا أن تكون بدلا من الدال المهملة لتقاربهما ، ولا يعرف في اللغة " فشرذ " . وقرئ ( من خلفهم ) بكسر الميم والفاء .لعلهم يذكرون أي يتذكرون بوعدك إياهم . وقيل : هذا يرجع إلى من خلفهم ، لأن من قتل لا يتذكر أي شرد بهم من خلفهم من عمل بمثل عملهم .

القول في تأويل قوله : فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإما تلقيَنَّ في الحرب هؤلاء الذين عاهدتهم فنقضوا عهدك مرة بعد مرة من قريظة، فتأسرهم, (9) =(فشرد بهم من خلفهم)، يقول: فافعل بهم فعلا يكون مشرِّدًا مَن خلفهم من نظرائهم، ممن بينك وبينه عهد وعقد.* * *و " التشريد "، التطريد والتبديد والتفريق.* * *وإنما أمِرَ بذلك نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل بالناقض العهد بينه وبينهم إذا قدر عليهم فعلا يكون إخافةً لمن وراءهم، ممن كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه عهد, حتى لا يجترئوا على مثل الذي اجترأ عليه هؤلاء الذين وصف الله صفتهم في هذه الآية من نقض العهد.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16212- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح, عن علي, عن ابن عباس قوله: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم)، يعني: نكّل بهم من بعدهم.16213- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (فشرد بهم من خلفهم)، يقول: نكل بهم من وراءهم.16214- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم)، يقول: عظْ بهم من سواهم من الناس.16215- حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم)، يقول: نكل بهم من خلفهم، مَنْ بعدهم من العدوّ, لعلهم يحذرون أن ينكُثوا فتصنع بهم مثل ذلك.16216- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن أيوب, عن سعيد بن جبير: (فشرد بهم من خلفهم)، قال: أنذر بهم من خلفهم.16217- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس قال: نكل بهم من خلفهم، مَنْ بعدهم =قال ابن جريج, قال عبد الله بن كثير: نكل بهم مَنْ وراءهم.16218- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون)، أي: نكل بهم من وراءهم لعلهم يعقلون. (10)16219- حُدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: (فشرد بهم من خلفهم)، يقول: نكل بهم من بعدهم.16220- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قول الله: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم)، قال: أخفهم بما تصنع بهؤلاء. وقرأ: وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ (11) [الأنفال: 60]* * *وأما قوله: (لعلهم يذكرون)، فإن معناه: كي يتعظوا بما فعلت بهؤلاء الذين وصفت صفتهم, (12) فيحذروا نقضَ العهد الذي بينك وبينهم خوفَ أن ينزل بهم منك ما نزل بهؤلاء إذا هم نقضوه.-------------------الهوامش :(9) انظر تفسير " ثقف " فيما سلف 3 : 564 7 : 110 .(10) الأثر : 16218 - سيرة ابن هشام 2 : 329 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16173 ، ثم هو في الحقيقة تابع الأثر السالف رقم : 16186 ، سيرة ابن هشام 2 : 318 ، 319 .(11) الأثر : 16220 - انظر الأثر التالي رقم : 16242 ، والتعليق عليه .(12) انظر تفسير " التذكر " فيما سلف من فهارس اللغة ( ذكر ) .

وإذ قد تحقّق منهم نقض العهد فيما مضى ، وهو متوقّع منهم فيما يأتي ، لا جرم تفرّع عليه أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجعلهم نَكالاً لغيرهم ، متى ظفر بهم في حرب يشهرونها عليه أو يعينون عليه عدوّه .وجاء الشرط بحرف ( إنْ ) مزيدة بعدها ( ما ) لإفادة تأكيد وقوع الشرط وبذلك تنسلخ ( إن ) عن الإشعار بعدم الجرم بوقوع الشرط وزيد التأكيد باجتلاب نون التوكيد . وفي «شرح الرضي على الحاجبية» ، عن بعض النحاة : لا يجيء ( إمّا ) إلاّ بنون التأكيد بعده كقوله تعالى : { فإما ترين } [ مريم : 26 ]. وقال ابن عطية في قوله : { فإما تثقفنهم } دخلت النون مع إما : إمَّا للتأكيد أو للفرق بينها وبين إمّا التي هي حرف انفصال في قولك : جاءني إمّا زيد وإمّا عَمرو .وقلت : دخول نون التوكيد بعد ( إنْ ) المؤكَّدةِ بما ، غالب ، وليس بمطّرد ، فقد قال الأعشى: ... إمَّا تريْنَا حُفاة لا نعال لناإنَّا كذلككِ ما تَحفى وننتعل ... فلم يدخل على الفعل نونَ التوكيد .والثقف : الظفَر بالمطلوب ، أي : فإن وجدتهم وظفرت بهم في حرب ، أي انتصرت عليهم .والتشريدُ : التطريد والتفريق ، أي : فبعِّد بهم مَن خلفهم ، وقد يجعل التشريد كناية عن التخويف والتنفير .وجعلت ذوات المتحدّث عنهم سبب التشريد باعتبارها في حال التلبّس بالهزيمة والنكال ، فهو من إناطة الأحكام بالذوات والمرادُ أحوال الذوات مثل { حرمت عليكم الميتة } [ المائدة : 3 ]. وقد علم أنّ متعلّق تشريد { من خَلفهم } هو ما أوجب التنكيل بهم وهو نقض العهد .والخَلْف هنا مستعار للاقتداء بجامع الاتِّباع ، ونظيره ( الوراء ). في قول ضمّام بن ثعلبة :«وأنا رسول من ورائي» . وقال وفد الأشعريين للنبيء صلى الله عليه وسلم «فمُرنا بأمر نأخذ به ونُخبر به مَن وراءنا» ، والمعنى : فاجعلهم مثَلاً وعبرة لغيرهم من الكفار الذين يترقّبون ماذا يجتني هؤلاء من نقض عهدهم فيفعلون مثل فعلهم ، ولأجل هذا الأمر نكل النبي صلى الله عليه وسلم بقريظة حين حاصرهم ونزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فحكم بأن تقتل المقاتلة وتُسْبَى الذرية ، فقتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكانوا أكثر من ثمانمائة رجل .وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر بالإغلاظ على العدوّ لما في ذلك من مصلحة إرهاب أعدائه ، فإنّهم كانوا يستضعفون المسلمين ، فكان في هذا الإغلاظ على الناكثين تحريض على عقوبتهم ، لأنّهم استحقّوها . وفي ذلك رحمة لغيرهم لأنّه يصدّ أمثالهم عن النكث ويكفي المؤمنين شرَّ الناكثين الخائنين . فلا تخالف هذه الشدّة كونَ الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل رحمة للعالمين ، لأنّ المراد أنّه رحمة لعموم العالمين وإن كان ذلك لا يخلو من شدّة على قليل منهم كقوله تعالى : { ولكم في القصاص حياة } [ البقرة : 179 ].وضمير الغيبة في { لعلهم يذكرون } راجع إلى { من } الموصولة باعتبار كون مدلول صلتها جماعة من الناس .والتذكّر تذكّر حالة المثقفين في الحرب التي انجرّت لهم من نقض العهد ، أي لعلّ من خلفهم يتذكّرون ما حَلَّ بناقضي العهد من النكال ، ، فلا يقدموا على نقض العهد ، فآل معنى التذكّر إلى لازمه وهو الاتّعاظ والاعتبار ، وقد شاع إطلاق التذكر وإرادة معناه الكنائي وغلب فيه .
الآية 57 - سورة الأنفال: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون...)