سورة طه: الآية 9 - وهل أتاك حديث موسى...

تفسير الآية 9, سورة طه

وَهَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ

الترجمة الإنجليزية

Wahal ataka hadeethu moosa

تفسير الآية 9

وهل أتاك - أيها الرسول - خبر موسى بن عمران عليه السلام؟

«وهل» قد «أتاك حديث موسى».

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على وجه الاستفهام التقريري والتعظيم لهذه القصة والتفخيم لها: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى في حاله التي هي مبدأ سعادته، ومنشأ نبوته، أنه رأى نارا من بعيد، وكان قد ضل الطريق، وأصابه البرد، ولم يكن عنده ما يتدفأ به في سفره.

من ههنا شرع تبارك وتعالى في ذكر قصة موسى وكيف كان ابتداء الوحي إليه وتكليمه إياه وذلك بعد ما قضى موسى الأجل الذي كان بينه وبين صهره في رعاية الغنم.

قال ابن كثير- رحمه الله-: «من هاهنا شرع- تبارك وتعالى- في ذكر قصة موسى، وكيف كان ابتداء الوحى إليه وتكليمه إياه، وذلك بعد ما قضى موسى الأجل الذي كان بينه وبين صهره في رعاية الغنم وسار بأهله، قيل: قاصدا بلاد مصر بعد ما طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين، ومعه زوجته فأضل الطريق، وكانت ليلة شاتية، ونزل منزلا بين شعاب وجبال، في برد وشتاء، وسحاب وظلال وضباب، وجعل يقدح بزند معه ليورى نارا، كما جرت العادة به، فجعل لا يقدح شيئا، ولا يخرج منه شرر ولا شيء، فبينما هو كذلك، إذ آنس من جانب الطور نارا.

قوله عز وجل : ( وهل أتاك حديث موسى ) أي : قد أتاك ، استفهام بمعنى التقرير .

قوله تعالى : وهل أتاك حديث موسى قال أهل المعاني : هو استفهام وإثبات وإيجاب معناه ؛ أليس قد أتاك ؟ وقيل : معناه وقد أتاك ؛ قاله ابن عباس . وقال الكلبي : لم يكن أتاه حديثه بعد ثم أخبره .

القول في تأويل قوله تعالى : وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مسليه عما يلقى من الشدّة من مشركي قومه، ومعرفه ما إليه بصائر أمره وأمرهم، وأنه معليه عليهم، وموهن كيد الكافرين، ويحثه على الجدّ في أمره، والصبر على عبادته، وأن يتذكر فيما ينوبه فيه من أعدائه من مُشركي قومه وغيرهم، وفيما يزاول من الاجتهاد في طاعته ما ناب أخاه موسى صلوات الله عليه من عدّوه، ثم من قومه، ومن بني إسرائيل وما لقي فيه من البلاء والشدة طفلا صغيرا، ثم يافعا مترعرعا، ثم رجلا كاملا( وَهَلْ أَتَاكَ ) يا محمد ( حَدِيثُ مُوسَى ) ابن عمران

وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) أعقب تثبيت الرسول على التبليغ والتنويه بشأن القرآن بالنسبة إلى من أنزله ومن أنزل عليه بذكر قصة موسى عليه السلام ليتأسّى به في الصبر على تحمل أعباء الرسالة ومقاساة المصاعب ، وتسليةً له بأن الذين كذبوه سيكون جزاؤهم جزاء مَن سلَفَهم من المكذبين ، ولذلك جاء في عقب قصة موسى قوله تعالى : { وقد آتيناك من لدنا ذكراً من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه } [ طه : 99 101 ]. وجاء بعد ذكر قصة آدم وأنه لم يكن له عزم { فاصبر على ما يقولون } [ طه : 130 ] الآيات .فجملة { وهل أتَاكَ حَدِيثُ موسى } عطف على جملة { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } [ طه : 2 ]. الغرض هو مناسبة العطف كما تقدم قريباً . وهذه القصة تقدّم بعضها في سورة الأعراف وسورة يونس .والاستفهام مستعمل في التشويق إلى الخبر مجازاً وليس مستعملاً في حقيقته سواء كانت هذه القصة قد قُصت على النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أم كان هذا أولَ قصصها عليه . وفي قوله : { إذ رأى ناراً زيادة في التشويق كما يأتي قريباً .وأوثر حرف ( هل ) في هذا المقام لما فيه من معنى التحقيق لأن ( هل ) في الاستفهام مثل ( قَد ) في الإخبار .
الآية 9 - سورة طه: (وهل أتاك حديث موسى...)