سورة طه: الآية 57 - قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا...

تفسير الآية 57, سورة طه

قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَٰمُوسَىٰ

الترجمة الإنجليزية

Qala ajitana litukhrijana min ardina bisihrika ya moosa

تفسير الآية 57

قال فرعون: هل جئتنا - يا موسى - لتخرجنا من ديارنا بسحرك هذا؟

«قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا» مصر ويكون لك فيها «بسحرك يا موسى».

أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ زعم أن هذه الآيات التي أراه إياها موسى، سحر وتمويه، المقصود منها إخراجهم من أرضهم، والاستيلاء عليها، ليكون كلامه مؤثرا في قلوب قومه، فإن الطباع تميل إلى أوطانها، ويصعب عليها الخروج منها ومفارقتها.فأخبرهم أن موسى هذا قصده، ليبغضوه، ويسعوا في محاربته

يقول تعالى مخبرا عن فرعون أنه قال لموسى حين أراه الآية الكبرى ، وهي إلقاء عصاه فصارت ثعبانا عظيما ونزع يده من تحت جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء فقال : هذا سحر ، جئت به لتسحرنا وتستولي به على الناس ، فيتبعونك وتكاثرنا بهم ، ولا يتم هذا معك

وقوله- سبحانه-: قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا، وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ، وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ .ثم أضاف فرعون إلى تهديده لموسى تهديدا آخر فقال: فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ، فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً.

( قال ) يعني فرعون ( أجئتنا لتخرجنا من أرضنا ) يعني : مصر ، ( بسحرك ياموسى ) أي : تريد أن تغلب على ديارنا فيكون لك الملك وتخرجنا منها .

لما رأى الآيات التي أتاه بها موسى قال : إنها سحر ; والمعنى : جئت لتوهم الناس أنك جئت بآية توجب اتباعك والإيمان بك , حتى تغلب على أرضنا وعلينا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56)يقول تعالى ذكره: ولقد أرينا فرعون آياتنا، يعني أدلتنا وحججنا على &; 18-322 &; حقيقة ما أرسلنا به رسولينا، موسى وهارون إليه كلها( فَكَذَّبَ وَأَبَى ) أن يقبل من موسى وهارون ما جاءا به من عند ربهما من الحق استكبارا وعتوّا.

قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) هذه الجملة متصلة بجملة { قال فما بال القرون الأولى } [ طه : 51 ] وجواب موسى عنها . وافتتاحُها بفعل { قَالَ } وعدم عطفه لا يترك شكّاً في أن هذا من تمام المحاورة .وقوله { أجِئتَنَا لِتُخْرِجَنَا من أرْضِنَا بِسِحْرِكَ } يقتضي أنه أراه آية انقلاب العصا حَيّة ، وانقلاب يَده بيضاء . وذلك ما سمّاه فرعون سِحراً . وقد صُرح بهذا المقتضى في قوله تعالى حكاية عنهما : { قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين قال أو لو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره . . . } الآية في سورة [ الشعراء : 29 - 35 ]. وقد استغنى عن ذكره هنا بما في جملة { ولقد أريناه آياتنا كلها } [ طه : 56 ] من العموم الشامل لآية انقلاب العصا حيّة .وإضافته السحرَ إلى ضمير موسى قُصد منها تحقير شأن هذا الذي سمّاه سحراً .وأسنَدَ الإتيان بسحرٍ مثله إلى ضمير نفسه تعظيماً لشأنه . ومعنى إتيانه بالسحر : إحضار السحرة بين يديه
الآية 57 - سورة طه: (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى...)