سورة طه: الآية 37 - ولقد مننا عليك مرة أخرى...

تفسير الآية 37, سورة طه

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰٓ

الترجمة الإنجليزية

Walaqad mananna AAalayka marratan okhra

تفسير الآية 37

ولقد أنعمنا عليك - يا موسى - قبل هذه النعمة نعمة أخرى، حين كنت رضيعًا، فأنجيناك مِن بطش فرعون.

«ولقد مننا عليك مرة أخرى».

لما ذكر منته على عبده ورسوله، موسى بن عمران، في الدين، والوحي، والرسالة، وإجابة سؤاله، ذكر نعمته عليه، وقت التربية، والتنقلات في أطواره فقال: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى

هذه إجابة من الله لرسوله موسى ، عليه السلام ، فيما سأل من ربه عز وجل ، وتذكير له بنعمه السالفة عليه ، فيما كان ألهم أمه حين كانت ترضعه ، وتحذر عليه من فرعون وملئه أن يقتلوه; لأنه كان قد ولد في السنة التي يقتلون فيها الغلمان . فاتخذت له تابوتا ، فكانت ترضعه ثم تضعه فيه ، وترسله في البحر - وهو النيل - وتمسكه إلى منزلها بحبل فذهبت مرة لتربطه فانفلت منها وذهب به البحر ، فحصل لها من الغم والهم ما ذكره الله عنها في قوله : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها ) [ القصص : 10 ] فذهب به البحر إلى دار فرعون ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) [ القصص : 8 ] أي قدرا مقدورا من الله ، حيث كانوا هم يقتلون الغلمان من بني إسرائيل ، حذرا من وجود موسى ، فحكم الله - وله السلطان العظيم ، والقدرة التامة - ألا يربى إلا على فراش فرعون ، ويغذى بطعامه وشرابه ، مع محبته وزوجته له

وقوله- تعالى-: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى تذكير منه- سبحانه- لموسى، بجانب من النعم التي أنعم بها عليه، حتى يزداد ثباتا وثقة بوعد الله- تعالى- ولذا صدرت الجملة بالقسم.أى: وبعزتي وجلالي لقد مننا عليك، وأحسنا إليك مَرَّةً أُخْرى قبل ذلك، ومنحناك من رعايتنا قبل أن تلتمس منا أن نشرح لك صدرك، وأن نيسر لك أمرك ...

( ولقد مننا عليك ) أنعمنا عليك ، ( مرة أخرى ) يعني قبل هذه المرة وهي :

أي قبل هذه , وهي حفظه سبحانه له من شر الأعداء في الابتداء ; وذلك حين الذبح .والله أعلم .والمن الإحسان والإفضال .

( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ) يقول تعالى ذكره: ولقد تطولنا عليك يا موسى قبل هذه المرة مرّة أخرى.

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) جملة ولقد مَنَنَّا عليْكَوَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أخرى * إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى * أَنِ } معطوفة على جملة { قد أوتيتَ سُؤْلك } [ طه : 36 ] لأنّ جملة { قد أوتيت سؤلك تتضمن منّة عليه ، فعطف عليها تذكير بمنّة عليه أخرى في وقت ازدياده ليعلم أنّه لما كان بمحل العناية من ربّه من أوّل أوقات وجوده فابتدأه بعنايته قبل سؤاله فعنايته به بعدَ سؤاله أحْرى ، ولأن تلك العناية الأولى تمهيد لما أراد الله به من الاصطفاء والرسالة ، فالكرم يقتضي أن الابتداء بالإحسان يستدعي الاستمرار عليه . فهذا طمأنة لفؤاده وشرح لصدره ليعلم أنه سيكون مؤيّداً في سائر أحواله المستقبلة ، كقوله تعالى لمحمد : { ولسوف يعطيك ربك فترضى ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى } [ الضحى : 5 8 ].وتأكيد الخبر بلام القسم و ( قد ) لتحقيق الخبر ، لأنّ موسى عليه السلام قد علم ذلك ، فتحقيق الخبر له تحقيق للازمه المراد منه ، وهو أن عناية الله به دائمة لا تنقطع عنه زيادة في تطمين خاطره بعد قوله تعالى : { قد أوتيت سؤلك } [ طه : 36 ].والمَرّة : فَعلة من المرور ، غلبت على معنى الفَعلة الواحدة من عمل معيّن يعرف بالإضافة أو بدلالة المقام . وقد تقدمت عند قوله تعالى : { وهم بدأوكم أول مرة } في سورة براءة ( 13 ). وانتصاب مَرَّةً } هنا على المفعولية المطلقة لفعل { مَنَنَّا } ، أي مرّة من المنّ . ووصفها بأخرى هنا باعتبار أنها غير هذه المنّة .و { إذْ } ظرف للمنّة .
الآية 37 - سورة طه: (ولقد مننا عليك مرة أخرى...)