سورة طه: الآية 29 - واجعل لي وزيرا من أهلي...

تفسير الآية 29, سورة طه

وَٱجْعَل لِّى وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِى

الترجمة الإنجليزية

WaijAAal lee wazeeran min ahlee

تفسير الآية 29

قال موسى: رب وسِّع لي صدري، وسَهِّل لي أمري، وأطلق لساني بفصيح المنطق؛ ليفهموا كلامي. واجعل لي معينا من أهلي، هارون أخي. قَوِّني به وشدَّ به ظهري، وأشركه معي في النبوة وتبليغ الرسالة؛ كي ننزهك بالتسبيح كثيرًا، ونذكرك كثيرا فنحمدك. إنك كنت بنا بصيرًا، لا يخفى عليك شيء من أفعالنا.

«واجعل لي وزيرا» معينا عليها «من أهلي».

تفسير الآيات من 29 الى 31 : وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي أي: معينا يعاونني، ويؤازرني، ويساعدني على من أرسلت إليهم، وسأل أن يكون من أهله، لأنه من باب البر، وأحق ببر الإنسان قرابته، ثم عينه بسؤاله فقال: هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي أي: قوني به، وشد به ظهري، قال الله: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا

وقوله : ( واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي ) : وهذا أيضا سؤال من موسى في أمر خارجي عنه ، وهو مساعدة أخيه هارون له .قال الثوري ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال : فنبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى ، عليهما السلام .وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن ابن نمير ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة أنها خرجت فيما كانت تعتمر ، فنزلت ببعض الأعراب ، فسمعت رجلا يقول : أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه ؟ قالوا : ما ندري . قال : والله أنا أدري . قالت : فقلت في نفسي : في حلفه لا يستثني ، إنه ليعلم أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه . قال : موسى حين سأل لأخيه النبوة . فقلت : صدق والله . قلت : وفي هذا قال الله تعالى في الثناء على موسى ، عليه السلام : ( وكان عند الله وجيها ) [ الأحزاب : 69 ] .

وقوله- سبحانه-: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي دعاء آخر تضرع به إلى ربه في أمر خارجى عنه، بعد أن دعاه في أمر يتعلق بصدره ولسانه.وقوله: وَزِيراً من الموازرة وهي المعاونة. يقال: وازرت فلانا موازرة، إذا أعنته على أمره. أو من الوزر- بفتح الواو والزاى- وهو الملجأ الذي يعتصم به الإنسان لينجو من الهلاك.أى: وأسألك- يا إلهى- أن تجعل لي «وزيرا» أى: معينا وظهيرا من أهلى في إبلاغ رسالتك،

( واجعل لي وزيرا ) معينا وظهيرا ، ( من أهلي ) والوزير من يوازرك ويعينك ويتحمل عنك بعض ثقل عملك ، ثم بين من هو فقال :

فسأل موسى الله تعالى أن يجعل له وزيرا , إلا أنه لم يرد أن يكون مقصورا على الوزارة حتى لا يكون شريكا له في النبوة , ولولا ذلك لجاز أن يستوزره من غير مسألة .

( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ) يقول: واجعل لي عونا من أهل بيتي .

وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) والوزير : فعيل بمعنى فاعل ، من وَزار على غير قياس ، مثل حكيم من أحكم ، وهو مشتق من الأزْر ، وهو المعونة ، والمؤازرة كذلك ، والكل مشتق من الأزر ، أي الظهر ، كما سيأتي قريباً ، فحقه أن يكون أزيراً بالهمزة إلا أنّهم قلبوا همزته واواً حملاً على موازر الذي هو بمعناه الذي قلبت همزته واواً لانضمام ما قبلها . فلما كثر في الكلام قولهم : موازر ويوازر بالواو نطقوا بنظيره في المعنى بالواو بدون موجب للقلب إلاّ الحمل على النظير في النطق ، أي اعتياد النطق بهمزته واواً ، أي اجعَل معيناً من أهلي .
الآية 29 - سورة طه: (واجعل لي وزيرا من أهلي...)