سورة ص: الآية 38 - وآخرين مقرنين في الأصفاد...

تفسير الآية 38, سورة ص

وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى ٱلْأَصْفَادِ

الترجمة الإنجليزية

Waakhareena muqarraneena fee alasfadi

تفسير الآية 38

وسخَّرنا له الشياطين يستعملهم في أعماله: فمنهم البناؤون والغوَّاصون في البحار، وآخرون، وهم مردة الشياطين، موثوقون في الأغلال. هذا المُلْك العظيم والتسخير الخاص عطاؤنا لك يا سليمان، فأعط مَن شئت وامنع مَن شئت، لا حساب عليك.

«وآخرين» منهم «مقرنين» مشدودين «في الأصفاد» القيود بجمع أيديهم إلى أعناقهم.

ف قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فاستجاب اللّه له وغفر له، ورد عليه ملكه، وزاده ملكا لم يحصل لأحد من بعده، وهو تسخير الشياطين له، يبنون ما يريد، ويغوصون له في البحر، يستخرجون الدر والحلي، ومن عصاه منهم قرنه في الأصفاد وأوثقه.

( وآخرين مقرنين في الأصفاد ) أي : موثقون في الأغلال والأكبال ممن قد تمرد وعصى وامتنع من العمل وأبى أو قد أساء في صنيعه واعتدى .

وقوله- سبحانه-: وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ معطوف على كل بناء، داخل معه في حكم البدل من الشياطين.أى: أن الشياطين المسخرين لسليمان كان منهم البناءون، وكان منهم الغواصون، وكان منهم المقيدون بالسلاسل والأغلال، لتمردهم وكثرة شرورهم.فمعنى «مقرنين» : مقرونا بعضهم ببعض بالأغلال والقيود. والأصفاد: جمع صفد وهو ما يوثق به الأسير من قيد وغلّ.

( وآخرين مقرنين في الأصفاد ) مشدودين في القيود ، أي : وسخرنا له آخرين يعني : مردة الشياطين ، سخروا له حتى قرنهم في الأصفاد .

وآخرين مقرنين في الأصفاد أي وسخرنا له مردة الشياطين حتى قرنهم في سلاسل الحديد وقيود الحديد ، قال قتادة . السدي : الأغلال . ابن عباس : في وثاق . ومنه قول الشاعر [ عمرو بن كلثوم ] :فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفديناقال يحيى بن سلام : ولم يكن يفعل ذلك إلا بكفارهم ، فإذا آمنوا أطلقهم ولم يسخرهم .

( وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ ) قال: مردة الشياطين في الأغلال.حُدثت عن المحاربيّ, عن جُوَيبر, عن الضحاك ( وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ) قال: لم يكن هذا في ملك داود, أعطاه الله ملك داود وزاده الريح ( وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ ) يقول: في السلاسل.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله ( الأصْفَادِ ) قال: تجمع اليدين إلى عنقه, والأصفاد: جمع صَفَد وهي الأغلال.

وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38)و { ءَاخَرِينَ } عطف على { كُلَّ بناءٍ وغوَّاصٍ } فهو من جملة بدل البعض . وجمع آخر بمعنى مغاير ، فيجوز أن تكون المغايرة في النوع من غير نوع الجن ، ويجوز أن تكون المغايرة في الصفة ، أي غير بنائين وغوّاصين . وقد كان يجلب من الممالك المجاورة له والداخلة تحت ظل سلطانه ما يحتاج إليه في بناء القصور والحصون والمدن وكانت مملكته عظيمة وكل الملوك يخشون بأسه ويصانعونه .والمقرَّن : اسم مفعول من قرنه مبالغة في قرنه أي جعله قريناً لغيره لا ينفك أحدهما عن الآخر .و { الأصفاد } : جمع صَفَد بفتحتين وهو القيد . يقال : صفده ، إذا قيّده . وهذا صنف ممن عبر عنهم بالشياطين شديد الشكيمة يخشى تفلته ويرام أن يستمر يعمل أعمالاً لا يجيدها غيرُه فيصفد في القيود ليعمل تحت حراسة الحراس . وقد كان أهل الرأي من الملوك يَجعلون أصحاب الخصائص في الصناعات محبوسين حيث لا يتصلون بأحد لكيلا يستهويهم جواسيس ملوك آخرين يستصنعونهم ليتخصص أهل تلك المملكة بخصائص تلك الصناعات فلا تشاركها فيها مملكة أخرى وبخاصة في صنع آلات الحرب من سيوف ونبال وقِسِيّ ودرق ومَجَانَ وخُوذ وبيضات ودروع ، فيجوز أن يكون معنى : { مُقَرَّنينَ في الأصفَادِ } حقيقة ، ويجوز أن يكون تمثيلاً لمنع الشياطين من التفلت .وقد كان ملك سليمان مشتهراً بصنع الدروع السابغات المتقنة . يقال : دروع سليمانية . قال النابغة: ... وكل صَموت نثلة تُبَّعِيّةونَسْج سُلَيم كلَّ قمصاء ذائل ... أراد نسج سليمان ، أي نسج صنّاعه .
الآية 38 - سورة ص: (وآخرين مقرنين في الأصفاد...)