سورة ق: الآية 41 - واستمع يوم يناد المناد من...

تفسير الآية 41, سورة ق

وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ

الترجمة الإنجليزية

WaistamiAA yawma yunadi almunadi min makanin qareebin

تفسير الآية 41

واستمع -أيها الرسول- يوم ينادي المَلَك بنفخه في "القرن" من مكان قريب، يوم يسمعون صيحة البعث بالحق الذي لا شك فيه ولا امتراء، ذلك يوم خروج أهل القبور من قبورهم.

«واستمع» يا مخاطب مقولي «يوم يناد المناد» هو إسرافيل «من مكان قريب» من السماء وهو صخرة بيت المقدس أقرب موضع من الأرض إلى السماء يقول: أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.

أي: وَاسْتَمِعْ بقلبك نداء المنادي وهو إسرافيل عليه السلام، حين ينفخ في الصور مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ من الخلق

يقول تعالى : ( واستمع ) يا محمد ( يوم ينادي المناد من مكان قريب ) قال قتادة : قال كعب الأحبار : يأمر الله [ تعالى ] ملكا أن ينادي على صخرة بيت المقدس : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء .

ثم أمر- سبحانه- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يلقى سمعه لما يخبره به- تعالى- من أهوال يوم القيامة فقال: وَاسْتَمِعْ.... والمستمع إليه محذوف للتهويل والتعظيم.. أى: واستمع- أيها الرسول الكريم- أو- أيها العاقل- لما سأخبرك به من أهوال يوم القيامة.ثم بين- سبحانه- ذلك فقال: يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ.أى: استمع استماع تنبه وتيقظ يوم يناد المناد وهو إسرافيل- عليه السلام- من مكان قريب بحيث يسمع نداءه الناس جميعا..قال ابن كثير: قال قتادة: قال كعب الأحبار: يأمر الله ملكا أن ينادى على صخرة بيت المقدس: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء .وفي ورود الأمر بالاستماع مطلقا، ثم توضيحه بما بعده، تهويل وتعظيم للمخبر به، لما في الإبهام، ثم التفسير، من التهويل والتفخيم لشأن المحدث عنه.

( واستمع يوم ينادي المنادي ) أي : واستمع يا محمد صيحة القيامة والنشور يوم ينادي المنادي ، قال مقاتل : يعني إسرافيل ينادي بالحشر يا أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة ، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء ( من مكان قريب ) من صخرة بيت المقدس ، وهي وسط الأرض . قال الكلبي : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا .

قوله تعالى : واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب مفعول الاستماع محذوف ; أي : استمع النداء والصوت أو الصيحة وهي صيحة القيامة ، وهي النفخة الثانية ، والمنادي جبريل . وقيل : إسرافيل . الزمخشري : وقيل إسرافيل ينفخ وجبريل ينادي ، فينادي بالحشر ويقول : هلموا إلى الحساب فالنداء على هذا في المحشر . وقيل : واستمع نداء الكفار بالويل والثبور من مكان قريب ، أي يسمع الجميع فلا يبعد أحد عن ذلك النداء . قال عكرمة : ينادي منادي الرحمن فكأنما ينادي في آذانهم . وقيل : المكان القريب صخرة بيت المقدس . ويقال : إنها وسط الأرض وأقرب الأرض من السماء باثني عشر ميلا . وقال كعب : بثمانية عشر ميلا ، ذكر الأول القشيري والزمخشري ، والثاني الماوردي . فيقف جبريل أو إسرافيل على الصخرة فينادي بالحشر : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، ويا عظاما نخرة ، ويا أكفانا فانية ، ويا قلوبا خاوية ، ويا أبدانا فاسدة ، ويا عيونا سائلة ، قوموا لعرض رب العالمين . قال قتادة : هو إسرافيل صاحب الصور .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : واستمع يا محمد صيحة يوم القيامة, يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب.وذُكر أنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا الوليد بن مسلم, عن سعيد بن بشر, عن قتادة, عن كعب, قال : ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال مَلك قائم على صخرة بيت المقدس ينادي: أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة; إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.حدثنا بشر; قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد; عن قتادة ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال: كنا نحدّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة, وهي أوسط الأرض.وحُدّثنا أن كعبا قال: هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال: بلغني أنه ينادي من الصخرة التي في بيت المقدس.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال: هي الصيحة.حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا الوليد بن مسلم, قال: ثني بعض أصحابنا, عن الأغرّ, عن مسلم بن حيان, عن ابن بُريدة, عن أبيه بُريدة, قال: مَلك قائم على صخرة بيت المقدس, واضع أصبعيه في أذُنيه ينادي, قال: قلتُ: بماذا ينادي؟ قال: يقول يا أيها الناس هلموا إلى الحساب; قال: فيقبلون كما قال الله كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ .

وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41(لا محالة أن جملة { استمع } عطف على جملة { سَبح بحمد ربك } [ ق : 39 ] ، فالأمر بالاستماع مفرع بالفاء التي فرع بها الأمر بالصبر على ما يقولون . فهو لاحق بتسلية النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون المسموع إلا من نوع ما فيه عناية به وعقوبة لمكذبيه .وابتداء الكلام ب { استمع } يفيد توثيقاً إلى ما يرد بعده على كل احتمال . والأمر بالاستماع حقيقته : الأمر بالإنصات والإصْغاء .وللمفسرين ثلاث طرق في محمل { استمع } ، فالذي نحاه الجمهور حمل الاستماع على حقيقته وإذ كان المذكور عقب فعل السمع لا يصلح لأن يكون مسموعاً لأن اليوم ليس مما يُسمع تعين تقدير مفعول ل { استمع } يدل عليه الكلام الذي بعده فيقدر : استمع نداءَ المنادي ، أو استمع خبرهم ، أو استمع الصيحة يوم ينادي المنادي . ولك أن تجعل فعل { استمع } منزلاً منزلة اللازم ، أي كُن سامِعاً ويتوجه على تفسيره هذا أن يكون معنى الأمر بالاستماع تخييلاً لصيحة ذلك اليوم في صورة الحاصل بحيث يؤمر المخاطب بالإصغاء إليها في الحال كقول مالك بن الرَّيّب :دَعاني الهوى من أهل ودي وجيرتي ... بذي الطَّبَسَيْن فالتفَتُّ وَرائياونحَا ابنُ عطية حمل { استمع } على المجاز ، أي انتظر . قال : «لأن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بأن يستمع في يوم النداء لأن كل مَن فيه يستمع وإنما الآية في معنى الوعيد للكفار فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم تحسس هذا اليوم وارتقبه فإن فيه تبّين صحة ما قلته» اه . ولم أر مَن سَبَقه إلى هذا المعنى ومثله في «تفسير الفخر» وفي «تفسير النسفي» . ولعلهما اطلعا عليه لأنهما متأخران عن ابن عطية وهما وإن كانا مشرقيّين فإن الكتب تُنقل بين الأقطار . وللزمخشري طريقة أخرى فقال «يعني : واستمع لما أخبرك به من حال يوم القيامة . وفي ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبَر به كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل " يا معاذ اسمع ما أقول لك ثم حدثه بعد ذلك " ولم أرَ من سبقه إلى هذا وهو محمل حسن دقيق .واللائق بالجري على المحامل الثلاثة المتقدمة أن يكون { يوم يناد المنادي } مبتدأ وفتحته فتحة بناء لأنه اسم زمان أضيف إلى جملة فيجوز فيه الإعراب والبناءُ على الفتح ، ولا يناكده أن فعل الجملة مضارع لأن التحقيق أن ذلك وارد في الكلام الفصيح وهو قول نحاة الكوفة وابننِ مالك ولا ريبة في أنه الأصوب . ومنه قوله تعالى : { قال الله هذَا يوم ينفع الصادقين صدقهم } [ المائدة : 119 ] في قراءة نافع بفتح { يومَ } .
الآية 41 - سورة ق: (واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب...)