سورة ق: الآية 40 - ومن الليل فسبحه وأدبار السجود...

تفسير الآية 40, سورة ق

وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَٰرَ ٱلسُّجُودِ

الترجمة الإنجليزية

Wamina allayli fasabbihhu waadbara alssujoodi

تفسير الآية 40

فاصبر -أيها الرسول- على ما يقوله المكذبون، فإن الله لهم بالمرصاد، وصلِّ لربك حامدًا له صلاة الصبح قبل طلوع الشمس وصلاة العصر قبل الغروب، وصلِّ من الليل، وسبِّحْ بحمد ربك عقب الصلوات.

«ومن الليل فسبحه» أي صل العشاءين «وأَِدبار السجود» بفتح الهمزة جمع دبر وكسرها مصدر أدبر، أي صل النوافل المسنونة عقب الفرائض وقيل المراد حقيقة التسبيح في هذه الأوقات ملابسا للحمد.

وفي أوقات الليل، وأدبار الصلوات. فإن ذكر الله تعالى، مسل للنفس، مؤنس لها، مهون للصبر.

وقوله : ( ومن الليل فسبحه ) أي : فصل له ، كقوله : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) [ الإسراء : 79 ] .( وأدبار السجود ) قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : هو التسبيح بعد الصلاة .ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال : جاء فقراء المهاجرين فقالوا : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم . فقال : " وما ذاك ؟ " قالوا : يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق ، ويعتقون ولا نعتق ! قال : " أفلا أعلمكم شيئا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم ؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين " . قال : فقالوا : يا رسول الله ، سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ، ففعلوا مثله . قال : " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " .والقول الثاني : أن المراد بقوله : ( وأدبار السجود ) هما الركعتان بعد المغرب ، روي ذلك عن عمر وعلي ، وابنه الحسن وابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي أمامة ، وبه يقول مجاهد ، وعكرمة ، والشعبي ، والنخعي والحسن ، وقتادة وغيرهم .قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع وعبد الرحمن ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على أثر كل صلاة مكتوبة ركعتين إلا الفجر والعصر . وقال عبد الرحمن : دبر كل صلاة .ورواه أبو داود والنسائي ، من حديث سفيان الثوري ، به . زاد النسائي : ومطرف ، عن أبي إسحاق ، به .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، حدثنا ابن فضيل ، عن رشدين بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : بت ليلة عند رسول - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين خفيفتين ، اللتين قبل الفجر . ثم خرج إلى الصلاة فقال : " يابن عباس ، ركعتين قبل صلاة الفجر إدبار النجوم ، وركعتين بعد المغرب إدبار السجود " .ورواه الترمذي عن أبي هشام الرفاعي ، عن محمد بن فضيل ، به . وقال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .وحديث ابن عباس ، وأنه بات في بيت خالته ميمونة وصلى تلك الليلة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة ركعة ، ثابت في الصحيحين وغيرهما ، فأما هذه الزيادة فغريبة [ و ] لا تعرف إلا من هذا الوجه ، ورشدين بن كريب ضعيف ، ولعله من كلام ابن عباس موقوفا عليه ، والله أعلم .

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ- أيضا- ونزهه عن كل ما لا يليق به، وَأَدْبارَ السُّجُودِ أى: وفي أدبار وأعقاب الصلوات فأكثر من تسبيحه- عز وجل- وتقديسه.ومن الأحاديث التي وردت في فضل التسبيح بعد الصلوات المكتوبة، ما ثبت في الصحيحين عن أبى هريرة أنه قال: «جاء فقراء المهاجرين فقالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم. فقال: «وما ذاك» ؟ قالوا: يصلون كما نصلى، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق. فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أفلا أعلمكم شيئا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين» .قال: فقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلناه ففعلوا مثله.فقال صلّى الله عليه وسلّم: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» .وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ، وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها، وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى

( ومن الليل فسبحه ) يعني : صلاة المغرب والعشاء . وقال مجاهد : " ومن الليل " أي : صلاة الليل أي وقت صلى . ( وأدبار السجود ) قرأ أهل الحجاز وحمزة " وإدبار السجود " بكسر الهمزة ، مصدر أدبر إدبارا ، وقرأ الآخرون بفتحها على جمع الدبر .قال عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي : " أدبار السجود " الركعتان بعد صلاة المغرب ، وأدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر . وهي رواية العوفي عن ابن عباس . وروي عنه مرفوعا ، هذا قول أكثر المفسرين .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا أبو أيوب الدمشقي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين أمام الصبح .أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا صالح بن عبد الله ، حدثنا أبو عوانة عن قتادة ، عن زرارة بن أبي أوفى ، عن سعيد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " .أخبرنا أبو عثمان الضبي ، أخبرنا أبو محمد الجراحي ، أخبرنا أبو العباس المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا بدل بن المحبر ، حدثنا عبد الملك بن معدان عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ما أحصى ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل [ صلاة الفجر ] : ب " قل يا أيها الكافرون " ، و " قل هو الله أحد " .قال مجاهد : " وأدبار السجود " هو التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبات .أخبرنا أبو الحسين طاهر بن الحسين الروقي الطوسي بها ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن أيوب ، أخبرنا مسدد ، حدثنا خالد هو ابن عبد الله ، حدثنا سهيل عن أبي عبيد عن عطاء بن يزيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وكبر الله ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين ، فذلك تسعة وتسعون ، ثم قال تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا إسحاق ، أخبرنا يزيد ، أخبرنا ورقاء عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قالوا : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم ، قال : كيف ذاك ؟ قالوا : صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا ، وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال ، قال : " أفلا أخبركم بأمر تدركون به من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ، ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله : تسبحون في دبر كل صلاة عشرا ، وتحمدون عشرا ، وتكبرون عشرا " .

ومن الليل فسبحه يعني صلاة العشاءين . وقيل : المراد تسبيحه بالقول تنزيها قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ; قاله عطاء الخراساني وأبو الأحوص . وقال بعض العلماء في قوله : قبل طلوع الشمس قال ركعتي الفجر وقبل الغروب الركعتين قبل المغرب ، وقال ثمامة بن عبد الله بن أنس : كان ذوو الألباب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصلون الركعتين قبل المغرب . وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال : كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فركعوا ركعتين ، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما . وقال قتادة : ما أدركت أحدا يصلي الركعتين إلا أنسا وأبا برزة الأسلمي .قوله تعالى : ومن الليل فسبحه وأدبار السجود فيه أربعة أقوال : الأول : هو تسبيح الله تعالى في الليل ؛ قاله أبو الأحوص . الثاني : أنها صلاة الليل كله ؛ قاله مجاهد . الثالث : أنها ركعتا الفجر ؛ قاله ابن عباس . الرابع : أنها صلاة العشاء الآخرة ؛ قاله ابن زيد . قال ابن العربي : من قال إنه التسبيح في الليل فيعضده الصحيح : من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وأما من قال : إنها الصلاة بالليل فإن الصلاة تسمى تسبيحا لما فيها من تسبيح الله ، ومنه سبحة الضحى . وأما من قال إنها صلاة الفجر أو العشاء فلأنهما من صلاة الليل ، والعشاء أوضحه .قوله تعالى : وأدبار السجود قال عمر وعلي وأبو هريرة والحسن بن علي والحسن البصري والنخعي والشعبي والأوزاعي والزهري : أدبار السجود الركعتان بعد المغرب ، وأدبار النجوم الركعتان قبل الفجر ، ورواه العوفي عن ابن عباس ، وقد رفعه ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ركعتان بعد المغرب أدبار السجود ؛ ذكره الثعلبي . ولفظ الماوردي : وروي عن ابن عباس قال : بت ليلة عند النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين قبل الفجر ، ثم خرج إلى الصلاة فقال : يا ابن عباس ركعتان قبل الفجر أدبار النجوم وركعتان بعد المغرب أدبار السجود . وقال أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى ركعتين بعد المغرب قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليين . قال أنس فقرأ في الركعة الأولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد قال مقاتل : ووقتها ما لم يغرب الشفق الأحمر . وعن ابن عباس أيضا : هو الوتر . قال ابن زيد : هو النوافل بعد الصلوات ، ركعتان بعد كل صلاة مكتوبة ، قال النحاس : والظاهر يدل على هذا إلا أن الأولى اتباع الأكثر وهو صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وقال أبو الأحوص : هو التسبيح في أدبار السجود . قال ابن العربي وهو الأقوى في النظر . وفي صحيح الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر الصلاة المكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد وقيل : إنه منسوخ بالفرائض فلا يجب على أحد إلا خمس صلوات ، نقل ذلك الجماعة .قرأ نافع وابن كثير وحمزة " وإدبار السجود " بكسر الهمزة على المصدر من أدبر الشيء إدبارا إذا ولى . الباقون بفتحها جمع دبر . وهي قراءة علي وابن عباس ، ومثالها طنب وأطناب ، أو دبر كقفل وأقفال . وقد استعملوه ظرفا نحو جئتك في دبر الصلاة وفي أدبار الصلاة . ولا خلاف في آخر " والطور " وإدبار النجوم أنه بالكسر مصدر ، وهو ذهاب ضوئها إذا طلع الفجر الثاني ، وهو البياض المنشق من سواد الليل .

وقوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) اختلف أهل التأويل في التسبيح الذي أمر به من الليل, فقال بعضهم: عني به صلاة العَتمة.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ ) قال: العَتَمة وقال آخرون: هي الصلاة بالليل في أيّ وقت صلى.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمارة الأسدي, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) قال: من الليل كله.والقول الذي قاله مجاهد في ذلك أقرب إلى الصواب, وذلك أن الله جلّ ثناؤه قال ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) فلم يَحُدَّ وقتا من الليل دون وقت. وإذا كان ذلك كذلك كان على جميع ساعات الليل. وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا, فهو بأن يكون أمرا بصلاة المغرب والعشاء, أشبه منه بأن يكون أمرا بصلاة العَتَمة, لأنهما يصلَّيان ليلا.وقوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) يقول: سبح بحمد ربك أدبار السجود من صلاتك.واختلف أهل التأويل في معنى التسبيح الذي أمر الله نبيه أن يسبحه أدبار السجود, فقال بعضهم: عُنِي به الصلاة, قالوا: وهما الركعتان اللتان يصليان بعد صلاة المغرب.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عنبسة, عن أبي إسحاق, عن الحارث, قال: سألت عليا, عن أديار السجود, فقال: الركعتان بعد المغرب.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: ثنا ابن جُرَيج, عن مجاهد, قال: قال عليّ رضي الله عنه ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا مصعب بن سلام, عن الأجلح, عن أبي إسحاق, عن الحارث. قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن الحارث, عن عليّ رضي الله عنه , في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: الركعتان بعد المغرب.قال: ثنا يحيى, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن الحارث, عن عاصم بن ضمرة, عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما, قال ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا حماد, قال: ثنا عليّ بن زيد, عن أوس بن خالد, عن أبي هريرة, قال: أدبار السجود: ركعتان بعد صلاة المغرب.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن علوان بن أبي مالك, عن الشعبيّ, قال: ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن جابر, عن عكرِمة, عن ابن عباس وإبراهيم بن مهاجر, عن مجاهد ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن إبراهيم بن مهاجر, عن إبراهيم, مثله.حدثنا ابن المثنى. قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن إبراهيم بن مهاجر, عن إبراهيم في هذه الآية ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) - وَإِدْبَارَ النُّجُومِ قال: الركعتان قبل الصبح, والركعتان بعد المغرب, قال شعبة: لا أدري أيتهما أدبار السجود, ولا أدري أيتهما إدبار النجوم.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: كان مجاهد يقول: ركعتان بعد المغرب.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: هما السجدتان بعد صلاة المغرب.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو فضيل, عن رشدين بن كُرَيب, عن أبيه, عن ابن عباس, قال: قال لي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " يا ابْنَ عَبَّاس رَكْعَتانِ بَعْدَ المَغْرِب أدْبارَ السُّجُود ".حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: أخبرنا أبو زرعة, وهبة الله بن راشد, قال: أخبرنا حيوة بن شريح, قال: أخبرنا أبو صخر, أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول: سمعت أبا الصهباء البكريّ يقول: سألت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: هما ركعتان بعد المغرب.حدثني سعيد بن عمرو السكوني, قال: ثنا بقية, قال: ثنا جرير, قال: ثنا حمير بن يزيد الرحبي, عن كُرَيب بن يزيد الرحبي; قال: وكان جبير بن نفير يمشي إليه, قال: كان إذا صلى الركعتين قبل الفجر, والركعتين بعد المغرب أخفّ, وفسَّر إدبار النجوم, وأدبار السجود.حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن عيسى بن يزيد, عن أبي إسحاق الهمداني, عن الحسن ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عنبسة, عن المُغيرة, عن إبراهيم, قال: كان يقال ( أَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.قال: ثنا عنبسة, عن إبراهيم بن مهاجر, عن مجاهد ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) : الركعتان بعد المغرب.قال: ثنا جرير, عن عطاء, قال: قال عليّ: أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن البرّ, قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة, قال: سُئل الأوزاعيّ عن الركعتين بعد المغرب, قال: هما في كتاب الله ( فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ).حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن حُمَيد, عن الحسن, عن عليّ رضي الله عنه في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: الركعتان بعد المغرب.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: ركعتان بعد المغرب.وقال آخرون: عنى بقوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) : التسبيح في أدبار الصلوات المكتوبات, دون الصلاة بعدها.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال ابن عباس في ( فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: هو التسبيح بعد الصلاة.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) قال: كان ابن عباس يقول: التسبيح. قال ابن عمرو: في حديثه في إثر الصلوات كلها. وقال الحارث في حديثه في دُبر الصلاة كلها.وقال آخرون: هي النوافل في أدبار المكتوبات.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) : النوافل.وأولى الأقوال في ذلك بالصحة, قول من قال: هما الركعتان بعد المغرب, لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك, ولولا ما ذكرت من إجماعها عليه, لرأيت أن القول في ذلك ما قاله ابن زيد, لأن الله جلّ ثناؤه لم يخصص بذلك صلاة دون صلاة, بل عمّ أدبار الصلوات كلها, فقال: وأدبار السجود, ولم تقم بأنه معنيّ به: دبر صلاة دون صلاة, حجة يجب التسليم لها من خبر ولا عقل.واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) فقرأته عامة قرّاء الحجاز والكوفة, سوى عاصم والكسائي ( وإدْبارِ السُّجُودِ ) بكسر الألف, على أنه مصدر أدبر يُدبر إدبارا. وقرأه عاصم والكسائي وأبو عمرو ( وأدْبارَ ) بفتح الألف على مذهب جمع دبر وأدبار.والصواب عندي الفتح على جمع دبر.

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40(والنذر ابتداء من قوله : { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم } .{ يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ } { للهالغروب * وَمِنَ اليل فَسَبِّحْهُ وأدبار السجود } .عطف على { فاصبر على ما يقولون } فهو من تمام التفريع ، أي اصبر على أقوال أذَاهُمْ وسخريتهم . ولعلّ وجه هذا العطف أن المشركين كانوا يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا قاموا إلى الصلاة مثل قصة إلقاء عقبةَ بن أبي مُعيط سلا الجزور على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم حين سجد في المسجد الحرام في حجر الكعبة فأقبل عقبة بن أبي مُعيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال : { أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله } [ غافر : 28 ] الآية . وقال تعالى : { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى إلى قوله : { كلالا تطعه واسجد واقترب } [ العلق : 9 19 ] .فالمراد بالتسبيح : الصلاة وهو من أسماء الصلاة . قال ابن عطية : أجمع المتأولون على أن التسبيح هنا الصلاة . قلت : ولذلك صار فعل التسبيح منزلاً منزلة اللازم لأنه في معنى : صَلّ . والباء في { بحمد ربك } يرجح كون المراد بالتسبيح الصلاة لأن الصلاة تقرأ في كل ركعة منها الفاتحة وهي حمد لله تعالى ، فالباء للملابسة .واختلف المفسرون في المراد بالصلاة من قوله : { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود } ففي «صحيح مسلم» عن جرير بن عبد الله : " كُنَّا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر فقال : إنكم سَتَرَوْنَ ربَّكم كما ترون هذا القمر لا تُضامُون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تُغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " يعني بذلك العصر والفجر . ثم قرأ جرير { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } كذا . والقراءة { الغروب } . وعن ابن عباس : قبل الغروب : الظهر والعصر . وعن قتادة : العصر .وقوله : { ومن الليل فسبحه } الجمهورُ على أن التسبيح فيه هو الصلاة ، وعن أبي الأحوص أنه قول سبحان الله ، فعلى أن التسبيح الصلاة قال ابن زيد : صلاة المغرب وصلاة العشاء .و { قبل الغروب } ظرْفٌ واسع يبتدىء من زوال الشمس عن كبد السماء لأنها حين تزول عن كبد السماء قد مالت إلى الغروب وينتهي بغروبها ، وشمل ذلك وقتَ صلاة الظهر والعصر ، وذلك معلوم للنبيء صلى الله عليه وسلم وتسبيح الليل بصلاتي المغرب والعشاء لأن غروب الشمس مبدأ الليل ، فإنهم كانوا يؤرخون بالليالي ويبتدئون الشهر بالليلة الأولى التي بعد طلوع الهلال الجديد عقب غروب الشمس .وقيل هذه المذكورات كلها نوافل ، فالذي قبل طلوع الشمس ركعتا الفجر ، والذي قبل الغروب ركعتان قبل غروب الشمس قاله أبو برزة وأنس بن مالك ، والذي من الليل قيام الليل قاله مجاهد . ويأتي على هذا الوجه الاختلافُ في محمل الأمر على الندب إن كانا عاماً أو على الوجوب إن كانا خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في سورة المزمل .وقريب من هذه الآية قوله تعالى : { فاصبر لِحكم ربك ولا تطع منهم آثماً أو كفورا واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبِّحهُ ليلاً طويلاً } في سورة الإنسان ( 24 26 ( .وقريب منها أيضاً قوله تعالى : { واصبر لحكم ربك فإنك بأعييننا وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم } في سورة الطور ( 48 ، 49 ( .وأما قوله : وإدبار السجود } فيجوز أن يكون معطوفاً على قوله : { قبل طلوع الشمس } ، ويجوز أن يكون معطوفاً على قوله : { ومن الليل فسبحه } .والإدبار : بكسر الهمزة حقيقته : الانصراف لأن المنصرف يستدبر من كان معه ، واستعير هنا للانقضاء ، أي انقضاء السجود ، والسجود : الصلاة ، قال تعالى : { واسجد واقترب } . وانتصابه على النيابة عن الظرف لأن المراد : وقْت إدبار السجود . وقرأه نافع وابن كثير وأبو جعفر وحَمزة وخلف بكسر همزة { إدبار } . وقرأه الباقون بفتح الهمزة على أنه جمع : دُبر ، بمعنى العقب والآخِر ، وعلى كلتا القراءتين هو وقت انتهاء السجود .ففسر السجود بالحَمل على الجنس ، أي بعد الصلوات قاله ابن زيد ، فهو أمر بالرواتب التي بعد الصلوات . وهو عام خصصته السنة بأوقات النوافل ، ومجمل بينت السنة مقاديره ، وبينت أن الأمر فيه أمر ندب وترغيب لا أمر إيجاب . وعن المهدوي أنه كان فرضاً فنسخ بالفرائض . وحمل على العهد فقال جمع من الصحابة والتابعين هو صلاة المغرب ، أي الركعتان بعدها . وعن ابن عباس أنه الوتر .والفاء في قوله : { فسبحه } للتفريع على قوله : { وسبح بحمد ربك } على أن يكون الوقت على قوله : { ومن الليل } تأكيداً للأمر لإفادة الوجوب فيجعل التفريع اعتراضاً بين الظروف المتعاطفة وهو كالتفريع الذي في قوله آنفاً { فنقَّبوا في البلاد } [ ق : 36 ] وقوله تعالى : { ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار } [ الأنفال : 14 ] .
الآية 40 - سورة ق: (ومن الليل فسبحه وأدبار السجود...)