سورة ق: الآية 35 - لهم ما يشاءون فيها ولدينا...

تفسير الآية 35, سورة ق

لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ

الترجمة الإنجليزية

Lahum ma yashaoona feeha waladayna mazeedun

تفسير الآية 35

لهؤلاء المؤمنين في الجنة ما يريدون، ولدينا على ما أعطيناهم زيادة نعيم، أعظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم.

«لهم ما يشاءُون فيها ولدينا مزيد» زيادة على ما عملوا وطلبوا.

لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا أي: كل ما تعلقت به مشيئتهم، فهو حاصل فيها ولهم فوق ذلك مَزِيدٌ أي: ثواب يمدهم به الرحمن الرحيم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأعظم ذلك، وأجله، وأفضله، النظر إلى وجه الله الكريم، والتمتع بسماع كلامه، والتنعم بقربه، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.

وقوله : ( لهم ما يشاءون فيها ) أي : مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن كثير بن مرة قال : من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : ماذا تريدون فأمطره لكم ؟ فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم . قال كثير : لئن أشهدني الله ذلك لأقولن : أمطرينا جواري مزينات .وفي الحديث عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : " إنك لتشتهي الطير في الجنة ، فيخر بين يديك مشويا " .وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي عن عامر الأحول ، عن أبي الصديق ، عن أبي سعيد الخدري ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة ، كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة " .ورواه الترمذي وابن ماجه ، عن بندار ، عن معاذ بن هشام ، به وقال الترمذي : حسن غريب ، وزاد " كما يشتهي " .وقوله : ( ولدينا مزيد ) كقوله تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [ يونس : 26 ] . وقد تقدم في صحيح مسلم عن صهيب بن سنان الرومي : أنها النظر إلى وجه الله الكريم . وقد روى البزار وابن أبي حاتم ، من حديث شريك القاضي ، عن عثمان بن عمير أبي اليقظان ، عن أنس بن مالك في قوله عز وجل : ( ولدينا مزيد ) قال : يظهر لهم الرب ، عز وجل في كل جمعة .وقد رواه الإمام أبو عبد الله الشافعي مرفوعا فقال في مسنده : أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثني موسى بن عبيدة ، حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك يقول : أتى جبرائيل بمرآة بيضاء فيها نكتة إلى رسول الله ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما هذه ؟ " فقال : هذه الجمعة ، فضلت بها أنت وأمتك ، فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ، ولكم فيها خير ، ولكم فيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له ، وهو عندنا يوم المزيد . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا جبريل ، وما يوم المزيد ؟ " قال : إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب المسك ، فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله ما شاء من ملائكته ، وحوله منابر من نور ، عليها مقاعد النبيين ، وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد ، عليها الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب ، فيقول الله عز وجل : أنا ربكم ، قد صدقتكم وعدي ، فسلوني أعطكم . فيقولون : ربنا ، نسألك رضوانك ، فيقول : قد رضيت عنكم ، ولكم علي ما تمنيتم ، ولدي مزيد . فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير ، وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش ، وفيه خلق آدم ، وفيه تقوم الساعة " .[ و ] هكذا أورده الإمام الشافعي في كتاب " الجمعة " من الأم ، وله طرق عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه . وقد أورد ابن جرير هذا من رواية عثمان بن عمير ، عن أنس بأبسط من هذا وذكر هاهنا أثرا مطولا عن أنس بن مالك موقوفا وفيه غرائب كثيرةوقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الرجل في الجنة ليتكئ في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحول ثم تأتيه امرأة فتضرب على منكبه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة ، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب . فتسلم عليه ، فيرد السلام ، فيسألها : من أنت ؟ فتقول : أنا من المزيد . وإنه ليكون عليها سبعون حلة ، أدناها مثل النعمان من طوبى ، فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك ، وإن عليها من التيجان ، إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب " .وهكذا رواه عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن دراج ، به .

لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها أى: لهؤلاء المتقين ما يشاءون ويشتهون.. في الجنة.وَلَدَيْنا مَزِيدٌ أى: وعندنا- فضلا عن كل هذا النعيم الذي يرفلون فيه- المزيد منه، مما لم يخطر لهم على بال، ولم تره أعينهم قبل ذلك.قال ابن كثير: وقوله: وَلَدَيْنا مَزِيدٌ كقوله- تعالى-: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ، وقد تقدم في صحيح مسلم عن صهيب بن سنان، أنها النظر إلى وجه الله الكريم .ثم تحدثت السورة الكريمة في أواخرها عن مصارع المكذبين السابقين، وعن مظاهر قدرة الله- تعالى- وعن الدواء الذي يزيل عن القلوب همومها،

( لهم ما يشاءون فيها ) وذلك أنهم يسألون الله تعالى حتى تنتهي مسألتهم فيعطون ما شاءوا ، ثم يزيدهم الله من عنده ما لم يسألوه ، وهو قوله : ( ولدينا مزيد ) يعني الزيادة لهم في النعيم ما لم يخطر ببالهم . وقال جابر وأنس : هو النظر إلى وجه الله الكريم .

قوله تعالى : لهم ما يشاءون فيها يعني ما تشتهيه أنفسهم وتلذ أعينهم .ولدينا مزيد من النعم مما لم يخطر على بالهم . وقال أنس وجابر : المزيد النظر إلى وجه الله تعالى بلا كيف . وقد ورد ذلك في أخبار مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال : الزيادة النظر إلى وجه الله الكريم . وذكر ابن المبارك ويحيى بن سلام ، قالا : أخبرنا المسعودي عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود قال : تسارعوا إلى الجمعة فإن الله تبارك وتعالى يبرز لأهل الجنة كل يوم جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون منه في القرب . قال ابن المبارك : على قدر تسارعهم إلى الجمعة في الدنيا . وقال يحيى بن سلام : لمسارعتهم إلى الجمع في الدنيا ، وزاد ( فيحدث الله لهم من الكرامة شيئا لم يكونوا رأوه قبل ذلك ) . قال يحيى : وسمعت غير المسعودي يزيد فيه ، قوله تعالى : ولدينا مزيد .قلت : قوله ( في كثيب ) يريد أهل الجنة ، أي وهم على كثب ; كما في مرسل الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أهل الجنة ينظرون ربهم في كل يوم جمعة على كثيب من كافور الحديث . وقد ذكرناه في كتاب " التذكرة " . وقيل : إن المزيد ما يزوجون به من الحور العين ; رواه أبو سعيد الخدري مرفوعا .

وقوله ( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا ) يقول: لهؤلاء المتقين ما يريدون في هذه الجنة التي أزلفت لهم من كل ما تشتهيه نفوسهم, وتلذّه عيونهم.وقوله ( وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) يقول: وعندنا لهم على ما أعطيناهم من هذه الكرامة التي وصف جلّ ثناؤه صفتها مزيد يزيدهم إياه. وقيل: إن ذلك المزيد: النظر إلي الله جلّ ئناؤه.* ذكر من قال ذلك:حدثني أحمد بن سهيل الواسطي, قال: ثنا قُرةُ بن عيسى, قال: ثنا النضر بن عربيّ عن جده, عن أنس, " إن الله عزّ وجلّ إذا أسكن أهل الجنة الجنة, وأهل النار النار, هبط إلى مَرْج من الجنة أفيح, فمدّ بينه وبين خلقه حُجُبا من لؤلؤ, وحُجُبا من نور ثم وُضعت منابر النور وسُرُرُ النور وكراسيّ النور, ثم أُذِن لرجل على الله عزّ وجلّ بين يديه أمثال الجبال من النور يُسْمَع دَويّ تسبيح الملائكة معه, وصفْقُ أجنحتهم فمدّ أهل الجنة أعناقهم, فقيل: من هذا الذي قد أُذن له على الله؟ فقيل: هذا المجعول بيده, والمُعَلَّم الأسماء, والذي أُمرت الملائكة فسجدت له, والذي له أبيحت الجنة, آدم عليه السلام, قد أُذِن له على الله تعالى; قال: ثم يؤذَن لرجل آخر بين يديه أمثال الجبال من النور, يُسْمع دَوِيّ تسبيح الملائكة معه, وصفْقُ أجنحتهم; فمدّ أهل الجنة أعناقهم, فقيل: من هذا الذي قد أُذِن له على الله؟ فقيل: هذا الذي اتخذه الله خليلا وجعل عليه النار بَرْدا وسلاما, إبراهيم قد أُذن له على الله. قال: ثم أُذِن لرجل آخر على الله, بين يديه أمثال الجبال من النور يُسْمع دوي تسبيح الملائكة معه, وصَفْق أجنحتهم; فمدّ أهل الجنة أعناقهم, فقيل: من هذا الذي قد أُذن له على الله؟ فقيل: هذا الذي اصطفاه الله برسالته (12) وقرّبه نجيا, وكلَّمه [كلاما] (13) موسى عليه السلام, قد أُذِن له على الله. قال: ثم يُؤذن لرجل آخر معه مثلُ جميع مواكب النبيين قبله, بين يديه أمثال الجبال, [من النور] (14) يسمع دَوِي تسبيح الملائكة معه, وصَفْق أجنحتهم; فمدّ أهل الجنة أعناقهم, فقيل: من هذا الذي قد أُذِن له على الله؟ فقيل: هذا أوّل شافع, وأوّل مشفَّع, وأكثر الناس واردة, وسيد ولد آدم; وأوّل من تنشقّ عن ذُؤابتيه الأرض, وصاحب لواء الحمد, أحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , قد أُذِن له على الله. قال: فجلس النبيون على منابر النور, [والصدّيقون على سُرُر النور; والشهداء على كراسيّ النور] (15) وجلس سائر الناس على كُثْبان المسك الأذفر الأبيض, ثم ناداهم الربّ تعالى من وراء الحُجب: مَرْحَبًا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي. يا ملائكتي, انهضوا إلى عبادي, فأطعموهم. قال: فقرّبت إليهم من لحوم طير, كأنها البُخت لا ريش لها ولا عظم, فأكلوا, قال: ثم ناداهم الربّ من وراء الحجاب: مرحبا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي, أكلوا اسقوهم. قال: فنهض إليهم غلمان كأنهم اللؤلؤ المكنون بأباريق الذهب والفضة بأشربة مختلفة لذيذة, لذة آخرها كلذّة أوّلها, لا يُصَدّعون عنها ولا يُنزفون; ثم ناداهم الربّ من وراء الحُجب: مرحبا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي, أكلوا وشربوا, فَكِّهوهم. قال: فيقرب إليهم على أطباق مكلَّلة بالياقوت والمرجان; ومن الرُّطَب الذي سَمَّى الله, أشدّ بياضا من اللبن, وأطيب عذوبة من العسل. قال: فأكلوا ثم ناداهم الربّ من وراء الحجب: مرحبا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي, أكلوا وشربوا, وفُكِّهوا; اكسوهم; قال ففتحت لهم ثمار الجنة بحلل مصقولة بنور الرحمن فألبسوها. قال: ثم ناداهم الربّ تبارك وتعالى من وراء الحجب: مرحبا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي; أكلوا; وشربوا; وفُكِّهوا; وكُسُوا طَيِّبوهم. قال: فهاجت عليهم ريح يقال لها المُثيرة, بأباريق المسك [الأبيض] (16) الأذفر, فنفحت على وجوههم من غير غُبار ولا قَتام. قال: ثم ناداهم الربّ عز وجل من وراء الحُجب: مرحبا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي, أكلوا وشربوا وفكهوا, وكسوا وطُيِّبوا, وعزتي لأتجلينّ لهم حتى ينظروا إليّ قال: فذلك انتهاء العطاء وفضل المزيد; قال: فتجلى لهم الربّ عزّ وجلّ, ثم قال: السلام عليكم عبادي, انظروا إليّ فقد رضيت عنكم. قال: فتداعت قصور الجنة وشجرها, سبحانك أربع مرّات, وخرّ القوم سجدا; قال: فناداهم الربّ تبارك وتعالى: عبادي ارفعوا رءوسكم فإنها ليست بدار عمل, ولا دار نَصَب إنما هي دار جزاء وثواب, وعزّتي وجلالي ما خلقتها إلا من أجلكم, وما من ساعة ذكرتموني فيها في دار الدنيا, إلا ذكرتكم فوق عرشي".حدثنا عليّ بن الحسين بن أبجر, قال: ثنا عمر بن يونس اليمامي, قال: ثنا جهضم بن عبد الله بن أبي الطفيل قال: ثني أبو طيبة, عن معاوية العبسيّ, عن عثمان بن عمير, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " أتانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي كَفِّه مِرْآةٌ بَيْضَاءُ, فِيها نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَقُلْتُ: يا جِبْرِيلُ ما هَذِهِ؟ قالَ: هَذِهِ الجُمُعَةُ, قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ فِيها؟ قالَ: هِيَ السَّاعَةُ تَقُومُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الأيَّامِ عِنْدَنا, وَنَحْنُ نَدْعُوهُ فِي الآخِرَةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ; قُلْتٌ: وَلِمَ تَدْعُونَ يَوْمَ المَزِيدِ قالَ: إنَّ رَبَّكَ تَبارَكَ وَتَعالى اتَّخَذَ فِي الجَنَّةِ وَاديا أفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أبْيَضَ, فإذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ نزلَ مِنْ عِلِّيِّين على كُرْسِيِّه, ثُمَّ حَفَّ الكُرْسِيَّ بِمنَابِرَ مِنْ نُورٍ, ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّونَ حتى يَجْلِسُوا عَلَيْها ثُمَّ تَجِيءُ أهلُ الجَنَّةِ حتى يَجْلِسُوا على الكُثُبِ فَيَتَجَلَّى لَهمْ رَبُّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ حتى يَنْظُرُوا إلى وَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ: أنا الَّذِي صَدَقْتُكُم عِدَتِي, وأتْمَمْتُ عَلَيْكُم نِعْمَتِي, فَهَذَا مَحلُّ كَرَامَتِي, فَسَلُونِي, فَيَسألُونهُ الرِّضَا, فَيَقُولُ: رِضَايَ أحَلَّكُمْ دَارِي وأنالَكُم كَرَامَتِي, فَسَلُونِي, فَيَسأَلُونهُ حتى تَنْتَهِيَ رَغْبتهُمْ, فَيُفْتَحُ لَهُمْ عِنْدَ ذلكَ ما لا عين رأَتْ, وَلا أُذُنٌ سَمعَتْ, وَلا خَطَر على قَلْبِ بَشَرٍ, إلى مِقْدَارٍ مُنْصَرَف النَّاسِ مِنَ الجُمُعَة حتى يَصْعَدَ على كُرْسِيِّه فَيَصْعَدُ مَعَهُ الصدّيقُونَ والشُّهَدَاءُ, وَتَرْجِعُ أهْلُ الجَنَّةِ إلى غُرَفِهِمْ دُرَّةً بَيْضَاءَ, لا نَظْمَ فِيها ولا فَصْمَ, أوْ ياقُوتَةً حَمْرَاءَ, أوْ زَبْرَجَدَةً خَضْرَاءَ, مِنْها غُرَفُها وأبْوَابُها, فَلَيْسُوا إلى شَيْءٍ أحْوَجَ مِنْهُمْ إلى يَوْمِ الجُمُعَةِ, لِيَزْدَادُوا مِنْهُ كَرَامَةً, وَلِيَزْدَادُوا نَظَرًا إلى وَجْهِهِ, وَلِذَلكَ دُعِيَ يَوْمَ المَزِيدِ".حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا جرير, عن ليث بن أبي سليم, عن عثمان بن عمير, عن أنس بن مالك, عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , نحو حديث عليّ بن الحسين.حدثنا الربيع بن سليمان, قال: ثنا أسد بن موسى, قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم, عن صالح بن حيان, عن أبي بُرَيدة, عن أنس بن مالك, عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بنحوه.حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا ابن عون, عن محمد, قال: حدثنا, أو قال: " قالوا: إن أدنى أهل الجنة منزلة, الذي يقال له تمنّ, ويذكِّره أصحابه فيتمنى, ويذكره أصحابه فيقال له ذلك ومثله معه. قال: قال ابن عمر: ذلك لك وعشرة أمثاله, وعند الله مزيد ".حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا عمرو بن الحارث أن درّاجا أبا السَّمْح, حدثه عن أبي الهَيثم, عن أبي سعيد الخُدريّ, أنه قال عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " إنَّ الرَّجُلَ فِي الجَنَّةِ لَيَتَّكِئَ سَبْعِينَ سَنَةً قَبْل أنْ يَتَحَوَّلَ ثُمَّ تأْتِيهِ امْرأتُهُ فَتَضْربُ على مَنْكِبَيْهِ, فَيَنْطُرُ وَجْهَهُ فِي خَدّها أصْفَى مِنْ المِرْآةِ, وإنَّ أدْنَى لُؤْلُؤْةٍ عَلَيْها لَتُضِيءُ ما بَينَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ, فَتُسَلِّمُ عَلَيْهِ, فَيرُدُّ السَّلامَ, وَيَسألُها مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أنا مِنَ المَزِيدِ وَإنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْها سَبْعُونَ ثَوْبا أدْناها مِثْلُ النُّعْمَانِ مِنْ طُوبى فَيَنْفُذُها بَصَرُهُ حتى يَرَى مُخَّ ساقِها مِنْ وَرَاءِ ذلكَ, وَإنَّ عَلَيْها مِن التِّيجانِ, وَإنَّ أدْنَى لُؤْلُؤْةٍ فِيها لَتُضِيءُ ما بَينَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ".------------------------الهوامش:(12) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وفي الأصل برسالاته ، وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .(13) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .(14) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .(15) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .(16) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .

لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35(من قوله : { هذا ما توعدون لكل أوّاب حفيظ } فيكون ضمير الغيبة التفاتاً وأصله : لكم ما تشاؤون . ويجوز أن تكون مما خوطب به الفريقان في الدنيا وعلى الاحتمالين فهي مستأنفة استئنافاً بيانياً .و { لدينا مزيد } ، أي زيادة على ما يشاؤون مما لم يخطرُ ببالهم ، وذلك زيادة في كرامتهم عند الله ووردت آثار متفاوتة القوة أن من المزيد مفاجأتهم بخيرات ، وفيها دلالة على أن المفاجأة بالإنعام ضرب من التلطف والإكرام ، وأيضاً فإن الأنعام يجيئهم في صور معجبة .والقول في { مزيد } هنا كالقول في نظيره السابق آنفاً .وجاء ترتيب الآيات في منتهى الدقة فبدأت بذكر إكرامهم بقوله : { وأزلفت الجنة للمتقين } ، ثم بذكر أن الجنة جزاؤهم الذي وعدوا به فهي حق لهم ، ثم أوْمَأت إلى أن ذلك لأجل أعمالهم بقوله : { لكل أوّاب حفيظ مَن خشي الرحمان } الخ ، ثم ذكرت المبالغة في إكرامهم بعد ذلك كله بقوله : { ادخلوها بسلام } ، ثم طمْأنهم بأن ذلك نعيم خالد ، وزِيد في إكرامهم بأن لهم ما يشاؤون ما لم يروه حين الدخول ، وبأن الله عدهم بالمزيد من لدنه .
الآية 35 - سورة ق: (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد...)