سورة ق: الآية 23 - وقال قرينه هذا ما لدي...

تفسير الآية 23, سورة ق

وَقَالَ قَرِينُهُۥ هَٰذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ

الترجمة الإنجليزية

Waqala qareenuhu hatha ma ladayya AAateedun

تفسير الآية 23

وقال المَلَك الكاتب الشهيد عليه: هذا ما عندي من ديوان عمله، وهو لديَّ مُعَدٌّ محفوظ حاضر.

«وقال قرينه» الملك الموكل به «هذا ما» أي الذي «لديَّ عتيد» حاضر فيقال لمالك.

يقول تعالى: وَقَالَ قَرِينُهُ أي: قرين هذا المكذب المعرض، من الملائكة، الذين وكلهم الله على حفظه، وحفظ أعماله، فيحضره يوم القيامة ويحضر أعماله ويقول: هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ أي: قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه، وحفظ عمله، فيجازى بعمله.

يقول تعالى مخبرا عن الملك الموكل بعمل ابن آدم : أنه يشهد عليه يوم القيامة بما فعل ويقول : ( هذا ما لدي عتيد ) أي : معتد محضر بلا زيادة ولا نقصان .وقال مجاهد : هذا كلام الملك السائق يقول : هذا ابن آدم الذي وكلتني به ، قد أحضرته .وقد اختار ابن جرير أن يعم السائق والشهيد ، وله اتجاه وقوة .

والمراد بقرينه في قوله- تعالى-: وَقالَ قَرِينُهُ ... الملك الموكل بكتابة ما يصدر عن الإنسان في حياته، وجاء به مفردا مع أن لكل إنسان قرينين لأن المراد به الجنس.ويصح أن يكون المراد بقرينه هنا، شيطانه الذي أضله وأغواه..قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: وَقالَ قَرِينُهُ ... أى: شيطانه المقيض له في الدنيا، ففي الحديث: «ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا، إلا أن الله- تعالى- أعاننى عليه، فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير» .وقوله: هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ إشارة إلى الشخص الكافر نفسه، أى: هذا ما عندي قد هيأته لجهنم..وقال قتادة: قرينه: الملك الموكل بسوقه وبكتابة سيئاته، يقول مشيرا إلى ما في صحيفته وما فيها من سيئات: هذا الذي في صحيفته من سيئات مكتوب عندي، وحاضر للعرض.و «ما» نكرة موصوفة بالظرف وبعتيد، أو موصولة والظرف صلتها، و «عتيد» خبر بعد خبر لاسم الإشارة، أو خبر لمبتدأ محذوف.. .

( وقال قرينه ) الملك الموكل به ( هذا ما لدي عتيد ) معد محضر ، وقيل : " ما " بمعنى ( من ) قال مجاهد : يقول هذا الذي وكلتني به من ابن آدم حاضر عندي قد أحضرته وأحضرت ديوان أعماله ، فيقول الله - عز وجل - لقرينه :

قوله تعالى : وقال قرينه يعني الملك الموكل به في قول الحسن وقتادة والضحاك .هذا ما لدي عتيد أي : هذا ما عندي من كتابة عمله معد محفوظ . وقال مجاهد : يقول هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته وأحضرت ديوان عمله . وقيل : المعنى : هذا ما عندي من العذاب حاضر . وعن مجاهد أيضا : قرينه الذي قيض له من الشياطين .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)يقول تعالى ذكره: وقال قرين هذا الإنسان الذي جاء به يوم القيامة معه سائق وشهيد.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) الملك.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ)... إلى آخر الآية, قال: هذا سائقه الذي وُكِّل به, وقرأ (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ).وقوله (هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل قَرينِ هذا الإنسان عند موافاته ربه به, ربّ هذا ما لديّ عتيد: يقول: هذا الذي هو عندي معدّ محفوظ.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله (هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) قال: والعتيد: الذي قد أخذه, وجاء به السائق والحافظ معه جميعا.

وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23(الواو واو الحال والجملة حال من تاء الخطاب في قوله : { لقد كنت في غفلة من هذا } [ ق : 22 ] أيْ يوبخ عند مشاهدة العذاب بكلمة { لقد كنتَ في غفلة من هذا } ، في حال قول قرينه { هذا ما لدي عتيد } .وهاء الغائب في قوله : { قرينه } عائدة إلى { كل نفس } [ ق : 21 ] أو إلى الإنسان .وقرين فَعيل بمعنى مفعول ، أي مقرون إلى غيره . وكأنَّ فعلَ قَرَنَ مشتق من القَرَن بالتحريك وهو الحبل وكانوا يقرنون البعير بمثله لوضع الهودج ، فاستعير القرين للملازم . وهذا ليس بالتفات إذ ليس هو تغيير ضمير ولكنه تعيين أسلوب الكلام وأعيد عليه ضمير الغائب المفرد باعتبار معنى { نفس أي شخص ، أو غلب التذكير على التأنيث .واسم الإشارة في قوله : هذا ما لديّ } الخ ، يفسره قوله : { ما لدي عتيد } .و { مَا } في قوله : { مَا لدي } موصولة بدل من اسم الإشارة . و { لدي } صلة ، و { عتيد } خبر عن اسم الإشارة .واختلف المفسرون في المراد بالقرين في هذه الآية على ثلاثة أقوال : فقال قتادة والحسن والضحاك وابن زيد ومجاهد في أحد قوليه هو المَلَك الموكل بالإنسان الذي يسوقه إلى المحشر أي هو السائق الشهيد . وهذا يقتضي أن يكون القرين في قوله الآتي { قال قرينه ربنا ما أطغيته } [ ق : 27 ] بمعنى غير معنى القرين في قوله : { وقال قرينه هذا ما لدي عتيد } .وعن مجاهد أيضاً : أن القرين شيطان الكافر الذي كان يزين له الكفر في الدنيا أي الذي ورد في قوله تعالى : { وقيّضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم } [ فصلت : 25 ] . وعن ابن زيد أيضاً : أن قرينه صاحبه من الإنس ، أي الذي كان قرينَه في الدنيا .وعلى الاختلاف في المراد بالقرين يختلف تفسير قوله : { هذا ما لدي عتيد } فإن كان القرين الملَكَ كانت الإشارة بقوله { هذا } إلى العذاب الموكَّل به ذلك المَلكُ؛ وإن كان القرين شيطاناً أو إنساناً كانت الإشارة محتمِلة لأن تعود إلى العذاب كما في الوجه الأول ، أو أن تعود إلى معاد ضمير الغيبة في قوله : { قرينه } وهو نفس الكافِر ، أي هذا الذي معي ، فيكون { لديَّ } بمعنى : معي ، إذ لا يخلو أحد من صاحببٍ يأنس بمحادثته والمراد به قرين الشرك المماثل .وقد ذكر الله من كان قريناً للمؤمن من المشركين واختلاف حاليهما يوم الجزاء بقوله { قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئِنّك لمن المصدقين } الآية في سورة الصافات ( 51 ، 52 ( . وقول القرين هذا ما لدي عتيد } مستعمل في التلهف والتحسر والإشفاق ، لأنه لما رأى ما به العذاب علم أنه قد هُيّىء له ، أو لمَّا رأى ما قدم إليه قرينه علم أنه لاحِق على أثره كقصة الثورين الأبيض والأحمر اللذين استعان الأسد بالأحمر منهما على أكل الثور الأبيض ثم جاء الأسد بعد يوم ليأكل الثور الأحمر فَعَلا الأحمر ربوة وصاح ألا إنما أكلت يومَ أكل الثور الأبيض .وتقدم معنى { عَتيد } عند قوله تعالى : { إلا لديه رقيب عتيد } [ ق : 18 ] ، وهو هنا متعيّن للمعنى الذي فسر عليه المفسرون ، أي مُعَدٌّ ومهيَّأ .
الآية 23 - سورة ق: (وقال قرينه هذا ما لدي عتيد...)