سورة السجدة: الآية 30 - فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون...

تفسير الآية 30, سورة السجدة

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَٱنتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ

الترجمة الإنجليزية

FaaAArid AAanhum waintathir innahum muntathiroona

تفسير الآية 30

فأعرض -أيها الرسول- عن هؤلاء المشركين، ولا تبال بتكذيبهم، وانتظر ما الله صانع بهم، إنهم منتظرون ومتربصون بكم دوائر السوء، فسيخزيهم الله ويذلهم، وينصرك عليهم. وقد فعل فله الحمد والمنة.

«فأعرض عنهم وانتظر» إنزال العذاب بهم «إنهم منتظرون» بك حادث موت أو قتل فيستريحون منك، وهذا قبل الأمر بقتالهم.

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ لما وصل خطابهم إلى حالة الجهل، واستعجال العذاب. وَانْتَظِرْ الأمر الذي يحل بهم، فإنه لا بد منه، ولكن له أجل، إذا جاء لا يتقدم ولا يتأخر. إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ بك ريب المنون، ومتربصون بكم دوائر السوء، والعاقبة للتقوى.تم تفسير سورة السجدة - بحول اللّه ومنه فله تعالى كمال الحمد والثناء والمجد.

ثم قال : ( فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون ) أي : أعرض عن هؤلاء المشركين وبلغ ما أنزل إليك من ربك ، كقوله : ( اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ) [ الأنعام : 106 ] ، وانتظر فإن الله سينجز لك ما وعدك ، وسينصرك على من خالفك ، إنه لا يخلف الميعاد .وقوله : ( إنهم منتظرون ) أي : أنت منتظر ، وهم منتظرون ، ويتربصون بكم الدوائر ، ( أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ) [ الطور : 30 ] ، وسترى أنت عاقبة صبرك عليهم وعلى أداء رسالة الله ، في نصرتك وتأييدك ، وسيجدون غب ما ينتظرونه فيك وفي أصحابك ، من وبيل عقاب الله لهم ، وحلول عذابه بهم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، [ والله أعلم ] .[ آخر تفسير سورة " الم السجدة " ]

وما دام الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ. أى: فأعرض عن هؤلاء المشركين، وعن أقوالهم الفاسدة دون أن تلتفت إليها، وامض في طريقك أنت وأتباعك، وانتظر النصرة عليهم بفضلنا وإرادتنا، إنهم- أيضا- منتظرون ما سيئول إليه أمرك، وسيكون أمرك بخلاف ما يمكرون وما ينتظرون.وبعد: فهذا تفسير وسيط لسورة السجدة، نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

( فأعرض عنهم ) قال ابن عباس : نسختها آية السيف ( وانتظر إنهم منتظرون ) قيل : انتظر موعدي لك بالنصر إنهم منتظرون بك حوادث الزمان . وقيل : انتظر عذابنا فيهم فإنهم منتظرون ذلك .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا سفيان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي هريرة أنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر يوم الجمعة ( آلم تنزيل ) و ( هل أتى على الإنسان ) .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا سفيان ، عن ليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينام حتى يقرأ : " تبارك " و " آلم تنزيل " .

قوله تعالى : فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون .قوله تعالى : فأعرض عنهم معناه فأعرض عن سفههم ولا تجبهم إلا بما أمرت به . وانتظر إنهم منتظرون أي انتظر يوم الفتح ، يوم يحكم الله لك عليهم . ابن عباس : فأعرض عنهم أي عن مشركي قريش مكة ، وأن هذا منسوخ بالسيف في ( براءة ) في قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم . وانتظر أي موعدي لك . قيل : يعني يوم بدر . إنهم منتظرون أي ينتظرون بكم حوادث الزمان . وقيل : الآية غير منسوخة ; إذ قد يقع الإعراض مع الأمر بالقتال كالهدنة وغيرها . وقيل : أعرض عنهم بعدما بلغت الحجة ، وانتظر إنهم منتظرون . إن قيل : كيف ينتظرون القيامة وهم لا يؤمنون ؟ ففي هذا جوابان : أحدهما : أن يكون المعنى أنهم منتظرون الموت وهو من أسباب القيامة ; فيكون هذا مجازا . والآخر : أن فيهم من يشك وفيهم من يؤمن بالقيامة ; فيكون هذا جوابا لهذين الصنفين . والله أعلم . وقرأ ابن السميقع : ( إنهم منتظرون ) بفتح الظاء . ورويت عن مجاهد وابن محيصن . قال الفراء : لا يصح هذا إلا بإضمار ، مجازه : إنهم منتظرون بهم . قال أبو حاتم : الصحيح الكسر ; أي انتظر عذابهم إنهم منتظرون هلاكك . وقد قيل : إن قراءة ابن السميقع ( بفتح الظاء ) معناها : وانتظر هلاكهم فإنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم ; يعني : إنهم هالكون لا محالة ، وانتظر ذلك فإن الملائكة في السماء ينتظرونه ; ذكره الزمخشري . وهو معنى قول الفراء . والله أعلم .

وقوله: (فأعْرِض عَنْهُمْ وانْتَظِرْ إنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين بالله، القائلين لك: متى هذا الفتح المستعجليك بالعذاب، وانتظر ما الله صانع بهم، إنهم منتظرون ما تعدهم من العذاب ومجيء الساعة.كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَأعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) يعني يوم القيامة.آخر تفسير سورة السجدة، ولله الحمد والمنة.

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)ثم فرع على جميع هذه المجادلات والدلالات توجيه الله خطابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يعرض عن هؤلاء القائلين المكذبين وأن لا يزيد في الإلحاح عليهم تأييساً من إيمان المجادلين منهم المتصدّين للتمويه على دهمائهم . وهذا إعراض متاركة عن الجدال وقتياً لا إعراض مستمر ، ولا عن الدعوة إلى الله ولا علاقة له بأحكام الجهاد المشروع في غير هذه الآية .والانتظار : الترقب . وأصله مشتق من النظر فكأنه مطاوع : أنظره ، أي أراه فانتظر ، أي : تكلف أن ينظُر . وحذف مفعول { انتظر } للتهويل ، أي : انتظر أياماً يكون لك فيها النصر ، ويكون لهم فيها الخسران مثل سني الجوع إنْ كان حصلت بعد نزول هذه السورة ، ومثل يوم بدر ويوم فتح مكة وهما بعد نزول هذه السورة لا محالة ، ففي الأمر بالانتظار تعريض بالبشارة للمؤمنين بالنظر ، وتعريض بالوعيد للمشركين بالعذاب في الدارين .وجملة { إنهم منتظرون } تعليل لما تضمنه الأمر بالانتظار من إضمار العذاب لهم . ومفعول { منتظرون } محذوف دل عليه السياق ، أي منتظرون لكم الفرصة لحربكم أو لإخراجكم قال تعالى : { أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون } [ الطور : 30 ] وقال : { ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء } [ التوبة : 98 ] أي لم نكن ظالمين في تقدير العذاب لهم لأنهم بدأوا بالظلم .
الآية 30 - سورة السجدة: (فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون...)