سورة القمر: الآية 18 - كذبت عاد فكيف كان عذابي...

تفسير الآية 18, سورة القمر

كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ

الترجمة الإنجليزية

Kaththabat AAadun fakayfa kana AAathabee wanuthuri

تفسير الآية 18

كذبت عاد هودًا فعاقبناهم، فكيف كان عذابي لهم على كفرهم، ونذري على تكذيب رسولهم، وعدم الإيمان به؟ إنه كان عظيمًا مؤلمًا.

«كذبت عاد» نبيهم هودا فعذبوا «فكيف كان عذابي ونذر» إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله أي وقع موقعه وقد بينه بقوله.

وعاد هي القبيلة المعروفة باليمن، أرسل الله إليهم هودا عليه السلام يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته، فكذبوه

قول تعالى مخبرا عن عاد قوم هود : إنهم كذبوا رسولهم أيضا ، كما صنع قوم نوح

والمراد بعاد، تلك القبيلة التي ينتهى نسبها إلى جدهم عاد، وكانت مساكنهم بالأحقاف في جنوب الجزيرة العربية. وكانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله- تعالى- إليهم نبيهم هودا- عليه السلام- لكي يأمرهم بعبادة الله- تعالى- وحده، وينهاهم عن عبادة غيره..وقد جاء الحديث عنهم بصورة أكثر تفصيلا، في سور: الأعراف، وهود، والشعراء، والأحقاف ... ولم تعطف قصتهم هنا على قصة نوح التي قبلها، للإشعار بأنها قصة مستقلة جديرة بأن يعتبر بها المعتبرون، ويتعظ بها المتعظون..وحذف المفعول في قوله: كَذَّبَتْ عادٌ للعلم به وهو نبيهم هود- عليه السلام- أى: كذبت قبيلة عاد نبيها هودا- عليه السلام-.والاستفهام في قوله- سبحانه-: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ للتهويل، ولتشويق السامعين إلى معرفة العذاب الشديد الذي حل بهم. أى: كذبت قبيلة عاد نبيها، فهل علمتم ما حل بها من دمار وهلاك؟ إن كنتم لم تعلموا ذلك فهاكم خبره..

" كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر "

قوله تعالى : كذبت عاد هم قوم هود .فكيف كان عذابي ونذر وقعت " نذر " في هذه السورة في ستة أماكن محذوفة الياء في جميع المصاحف ، وقرأها يعقوب مثبتة في الحالين ، وورش في الوصل لا غير ، وحذف الباقون . ولا خلاف في حذف الياء من قوله : فما تغن النذر والواو من قوله : يدع فأما الياء من " الداع " الأولى فأثبتها في الحالين ابن محيصن ويعقوب وحميد والبزي ، وأثبتها ورش وأبو عمرو في الوصل ، وحذف الباقون . وأما " الداع " الثانية فأثبتها يعقوب وابن محيصن وابن كثير في الحالين ، وأثبتها أبو عمرو ونافع في الوصل ، وحذفها الباقون .

القول في تأويل قوله تعالى : كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18)يقول تعالى ذكره: كذّبت أيضا عاد نبيهم هودا صلى الله عليه وسلم فيما أتاهم به عن الله, كالذي كذّبت قوم نوح, وكالذي كذّبتم مَعْشر قريش نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى جميع رسله,( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول: فانظروا معشر كفرة قريش بالله كيف كان عذابي إياهم, وعقابي لهم على كفرهم بالله, وتكذيبهم رسوله هودا وإنذاري بفعلي بهم ما فعلت من سلك طرائقهم, وكانوا على مثل ما كانوا عليه من التمادي في الغيّ والضلالة.

كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18(موقع هذه الجملة كموقع جملة { كذبت قبلهم قوم نوح } [ القمر : 9 ] فكان مقتضى الظاهر أن تعطف عليها ، وإنما فصلت عنها ليكون في الكلام تكرير التوبيخ والتهديد والنعي عليهم عقب قوله : { ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغن النذر } [ القمر : 4 ، 5 ] . ومقام التوبيخ والنعي يقتضي التكرير .والحكم على عاد بالتكذيب عموم عرفي بناء على أن معظمهم كذبوه وما آمن به إلا نفر قليل قال تعالى : { ولما جاء أمرنا نجينا هوداً والذين آمنوا معه برحمة منا } [ هود : 58 ] .وفرع على التذكير بتكذيب عاد قوله : { فكيف كان عذابي ونذر } قبل أن يذكر في الكلام ما يشعر بأن الله عذبهم فضلاً عن وصف عذابهم .فالاستفهام مستعمل في التشويق للخبر الوارد بعده وهو مجاز مرسل لأن الاستفهام يستلزم طلب الجواب والجواب يتوقف على صفة العذاب وهي لَمّا تذكر فيحصل الشوق إلى معرفتها وهو أيضاً مكنى به عن تهويل ذلك العذاب .وفي هذا الاستفهام إجمال لحال العذاب وهو إجمال يزيد التشويق إلى ما يبينه بعده
الآية 18 - سورة القمر: (كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر...)