سورة المرسلات: الآية 45 - ويل يومئذ للمكذبين...

تفسير الآية 45, سورة المرسلات

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

الترجمة الإنجليزية

Waylun yawmaithin lilmukaththibeena

تفسير الآية 45

إن الذين خافوا ربهم في الدنيا، واتقوا عذابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، هم يوم القيامة في ظلال الأشجار الوارفة وعيون الماء الجارية، وفواكه كثيرة مما تشتهيه أنفسهم يتنعمون. يقال لهم: كلوا أكلا لذيذًا، واشربوا شربًا هنيئًا؛ بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال. إنا بمثل ذلك الجزاء العظيم نجزي أهل الإحسان في أعمالهم وطاعتهم لنا. هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بيوم الجزاء والحساب وما فيه من النعيم والعذاب.

«ويل يومئذ للمكذبين».

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بعدما بين الله لهم الآيات، وأراهم العبر والبينات.

أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.

وقوله - تعالى - ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ) تكرير للتوبيخ والتقريع على جحودهم لنعم الله ، التى يرونها بأعينهم ، ويحسونها بحواسهم ويستعملونها لمنفعتهم .

"ويل يومئذ للمكذبين".

أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .[ النبأ : 26 ] .وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .وقاله ابن عباس وغيره .قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي .مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .

وقوله: ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) يقول: ويل للذين يكذّبون خبر الله عما أخبرهم به به من تكريمه هؤلاء المتقين بما أكرمهم به يوم القيامة.

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45)هي على الوجه الأول في جملة { إنَّ المتقين في ظِلال وعيون } [ المرسلات : 41 ] تكرير لنظائرها واليوم المضاف إلى ( إذْ ) ذاتتِ تنوين العوض هو يوم صدور تلك المقالة .وأما على الوجه الثاني في جملة { إن المتقين في ظِلال وعيون } [ المرسلات : 41 ] الخ فهي متصلة بتلك الجملة لمقابلة ذكر نعيم المؤمنين المُطْنَب في وصفه بذكر ضده للمشركين بإيجاز حاصل من كلمة { ويل } لتحصل مقابلة الشيء بضده ولتكون هذه الجملة تأكيداً لنظائرها ، واليوم المضاف إلى ( إذ ) يومٌ غير مذكور ولكنه مما يقتضيه كون المتقين في ظِلال وعيون وفواكه ليعلم بأن ذلك يكون لهم في يوم القيامة .
الآية 45 - سورة المرسلات: (ويل يومئذ للمكذبين...)