سورة المؤمنون: الآية 38 - إن هو إلا رجل افترى...

تفسير الآية 38, سورة المؤمنون

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُۥ بِمُؤْمِنِينَ

الترجمة الإنجليزية

In huwa illa rajulun iftara AAala Allahi kathiban wama nahnu lahu bimumineena

تفسير الآية 38

وما هذا الداعي لكم إلى الإيمان إلا رجل اختلق على الله كذبًا، ولسنا بمصدقين ما قاله لنا.

«إن هو» ما الرسول «إلا رجل افترى على الله كذباً وما نحن له بمؤمنين» مصدقين بالبعث بعد الموت.

إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فلهذا أتى بما أتى به من توحيد الله وإثبات المعاد فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ أي ارفعوا عنه العقوبة بالقتل وغيره احتراما له ولأنه مجنون غير مؤاخذ بما يتكلم به أي فلم يبق بزعمهم الباطل مجادلة معه لصحة ما جاء به فإنهم قد عرفوا بطلانه وإنما بقي الكلام هل يوقعون به أم لا؟ فبزعمهم أن عقولهم الرزينة اقتضت الإبقاء عليه وترك الإيقاع به مع قيام الموجب فهل فوق هذا العناد والكفر غاية؟ « ولهذا لما اشتد كفرهم ولم ينفع فيهم الإنذار دعا عليهم نبيهم فقال :

( إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا ) أي : فيما جاءكم به من الرسالة والنذارة والإخبار بالمعاد . ( وما نحن له بمؤمنين )

ثم أضافوا إلى إنكارهم هذا للدار الآخرة، تطاولا على نبيهم، واتهاما له بما هو برىء منه، فقالوا: إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ... أى ما هذا النبي الذي أمركم بترك عبادة آلهتكم، وأخبركم بأن هناك بعثا وحسابا، إلا رجل اختلق على الله الكذب فيما يقوله ويدعو إليه وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ في يوم من الأيام، فكونوا مثلنا- أيها الناس- في عدم الإيمان به، وفي الانصراف عنه.وهكذا يصور لنا القرآن الكريم بأسلوبه البليغ، موقف الطغاة من دعوة الحق، وكيف أنهم لا يكتفون بالانصراف عنها وحدهم، بل يؤلبون غيرهم بكل وسيلة على الانقياد لهم، وعلى محاربة من جاء بهذه الدعوة بمختلف السبل وشتى الطرق.

( إن هو ) يعني الرسول ، ( إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين ) بمصدقين بالبعث بعد الموت . ( قال رب انصرني بما كذبون ) .

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌيعنون الرسول .افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَأي اختلق .

يقول تعالى ذكره: قالوا ما صالح إلا رجل اختلق على الله كذبا في قوله : مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وفي وعده إياكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مُخرجون. وقوله: هُوَ من ذكر الرسول، وهو صالح. وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ يقول: وما نحن له بمصدقين فيما يقول : إنه لا إله لنا غير الله، وفيما يعدنا من البعث بعد الممات.

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)ثم جاءت جملة { إن هو إلا رجل افترى على الله كذباً } نتيجة عقب الاستدلال ، فجاءت مستأنفة لأنها مستقلة على ما تقدمها فهي تصريح بما كني عنه آنفاً في قوله : { ما هذا إلا بشر مثلكم } وما بعده من تكذيب دعوته ، فاستخلصوا من ذلك أن حاله منحصر في أنه كاذب على الله فيما ادعاه من الإرسال . وضمير { إن هو } عائد إلى اسم الإشارة من قوله : { ما هذا إلا بشر مثلكم } .فجملة { افترى على الله كذباً } صفة ل { رجل } وهي منصَبّ الحصر فهو من قصر الموصوف على الصفة قصر قلب إضافياً ، أي لا كما يزعم أنه مرسل من الله .وإنما أجروا عليه أنه رجل متابعة لوصفه بالبشرية في قولهم : { ما هذا إلا بشر مثلكم } تقريراً لدليل المماثلة المنافية للرسالة في زعمهم ، أي زيادة على كونه رجلاً مثلهم فهو رجل كاذب .والافتراء : الاختلاق . وهو الكذب الذي لا شبهة فيه للمخبِر . وتقدم عند قوله تعالى : { ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب } في سورة المائدة ( 103 ) .وإنما صرحوا بأنهم لا يؤمنون به مع دلالة نسبته إلى الكذب على أنهم لا يؤمنون به إعلاناً بالتبري من أن ينخدعوا لما دعاهم إليه ، وهو مقتضى حال خطاب العامة .والقول في إفادة الجملة الاسميَّة التقوية كالقول في { وما نحن بمبعوثين } .
الآية 38 - سورة المؤمنون: (إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين...)