سورة المؤمنون: الآية 28 - فإذا استويت أنت ومن معك...

تفسير الآية 28, سورة المؤمنون

فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى نَجَّىٰنَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ

الترجمة الإنجليزية

Faitha istawayta anta waman maAAaka AAala alfulki faquli alhamdu lillahi allathee najjana mina alqawmi alththalimeena

تفسير الآية 28

فإذا علوت السفينة مستقرًا عليها أنت ومن معك آمنين من الغرق، فقل: الحمد لله الذي نجَّانا من القوم الكافرين.

«فإذا استويت» اعتدلت «أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين» الكافرين وإهلاكهم.

فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ أي: علوتم عليها، واستقلت بكم في تيار الأمواج، ولجج اليم، فاحمدوا الله على النجاة والسلامة. فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين، وهذا تعليم منه له ولمن معه، أن يقولوا هذا شكرا له وحمدا على نجاتهم من القوم الظالمين في عملهم وعذابهم.

وقوله : ( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ) ، كما قال : ( وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون . لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) [ الزخرف : 12 14 ] . وقد امتثل نوح ، عليه السلام ، هذا ، كما قال تعالى : ( وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها ) [ هود : 41 ] . فذكر الله تعالى عند ابتداء سيره وعند انتهائه

ثم أرشد الله- تعالى- نبيه نوحا إلى ما يقوله بعد أن يستقر في السفينة فقال- سبحانه-: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ من أهلك وأتباعك المؤمنين عَلَى الْفُلْكِ.أى: السفينة التي علمناك عن طريق وحينا كيفية صنعها بإحكام وإتقان فَقُلِ يا نوح على سبيل الشكر لنا، والتقدير لذاتنا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا بفضله وكرمه مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الذين استحبوا العمى على الهدى، وآثروا الضلالة على الهداية، وتطاولوا على نبيهم الذي جاء لسعادتهم.

( فإذا استويت ) اعتدلت ( أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ) أي : الكافرين .

قوله تعالى : فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين قوله تعالى : فإذا استويت أي علوت . أنت ومن معك على الفلك راكبين .فقل الحمد لله أي احمدوا الله على تخليصه إياكم . الذي نجانا من القوم الظالمين ومن الغرق . والحمد لله : كلمة كل شاكر لله . وقد مضى في الفاتحة بيانه .

يعني تعالى ذكره بقوله: ( فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ ) فإذا اعتدلت في السفينة أنت ومن معك ، ممن حملته معك من أهلك، راكبا فيها عاليا فوقها( فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) يعني من المشركين.

فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) الاستواء : الاعتلاء . وتقدم عند قوله تعالى : { ثم استوى على العرش } في سورة الأعراف ( 54 ) .وإطلاق الاستواء على الاستقرار في داخل السفينة مجاز مرسل بعلاقة الإطلاق وإلا فحقيقة الاستقرار في الفلك أنه دخول . وأُتي بحرف الاستعلاء دون حرف الظرفية لأنه الذي يتعدى به معنى الاعتلاء إيذاناً بالتمكن من الفلك فهو ترشيح للمجاز .والتنجية من القوم الظالمين : الإنجاء من أذاهم والكوننِ فيهم لأن في الكون بينهم مشاهدة كفرهم ومناكرهم وذلك مما يؤذي المؤمن .والظلم : يجوز أن يراد به الشرك كما قال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] ، ويجوز أن يراد به الاعتداء على الحق لأن الكافرين كانوا يؤذون نوحاً والمؤمنين بشتَّى الأذى باطلاً وعدواناً وإنما كان ذلك إنجاء لأنهم قد استقلوا بجماعتهم فسلموا من الاختلاط بأعدائهم .وقد ألهمه الله بالوحي أن يحمَد ربه على ما سَهَّل له من سبيل النجاة وأن يسأله نزولاً في منزل مبارك عقب ذلك الترحل ، والدعاءُ بذلك يتضمن سؤال سلامة من غرق السفينة . وهذا كالمحامد التي يُعلمها الله محمداً صلى الله عليه وسلم يوم الشفاعة . فيكون في ذلك التعليم إشارة إلى أنه سيتقبَّل ذلك منه .
الآية 28 - سورة المؤمنون: (فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين...)