سورة المعارج: الآية 14 - ومن في الأرض جميعا ثم...

تفسير الآية 14, سورة المعارج

وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ

الترجمة الإنجليزية

Waman fee alardi jameeAAan thumma yunjeehi

تفسير الآية 14

يرونهم ويعرفونهم، ولا يستطيع أحد أن ينفع أحدًا. يتمنى الكافر لو يفدي نفسه من عذاب يوم القيامة بأبنائه، وزوجه وأخيه، وعشيرته التي تضمه وينتمي إليها في القرابة، وبجميع مَن في الأرض مِنَ البشر وغيرهم، ثم ينجو من عذاب الله.

«ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه» ذلك الافتداء عطف على يفتدي.

بل لو يفتدي [المجرم المستحق للعذاب] بجميع ما في الأرضِ ثم ينجيه لم ينفعه ذلك.

وقوله : ( يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا ) أي : لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض ، وبأعز ما يجده من المال ، ولو بملء الأرض ذهبا ، أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده ، يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ، ولا يقبل منه .

وقوله: وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ داخل في إطار ما يتمناه ويوده.أى: يود هذا المجرم أن يفتدى نفسه من عذاب هذا اليوم، بأولاده، ويصاحبته، وبأخيه، وبعشيرته التي هو فرد منها، وبأهل الأرض جميعا من الجن والإنس.ثم يتمنى- أيضا- أن يقبل منه هذا الافتداء، لكي ينجو بنفسه من هذا العذاب.فقوله ثُمَّ يُنْجِيهِ معطوف على قوله يَفْتَدِي، أى: يود لو يفتدى ثم لو ينجيه الافتداء. وكان العطف بثم، للإشعار باستبعاد هذا الافتداء، وأنه عسير المنال.وقوله: وَمَنْ فِي الْأَرْضِ معطوف على بِبَنِيهِ أى: ويفتدى نفسه بجميع أهل الأرض.وهكذا نرى الآيات الكريمة تحكى لنا بهذا الأسلوب المؤثر، حالة المجرم في هذا اليوم، وأنه يتمنى أن يفتدى نفسه مما حل به من عذاب، بأقرب وأحب الناس إليه، بل بأهل الأرض جميعا.. ولكن هيهات أن يقبل منه شيء من ذلك.

"ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه"، ذلك الفداء من عذاب ربك.

ومن في الأرض جميعا أي ويود لو فدي بهم لافتدى" ثم ينجيه " أي يخلصه ذلك الفداء . فلا بد من هذا الإضمار ، كقوله : وإنه لفسق أي وإن أكله لفسق . وقيل : يود المجرم يقتضي جوابا بالفاء ; كقوله : ودوا لو تدهن فيدهنون . والجواب في هذه الآية " ثم ينجيه " لأنها من حروف العطف ; أي يود المجرم لو يفتدي فينجيه الافتداء .

وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ

وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) و { ثم } في قوله : { ثم ينجيه } للتراخي الرتبي ، أي يودّ بذل ذلك وأن ينجيه الفداء من العذاب ، فالإِنجاء من العذاب هو الأهم عند المجرم في ودادته والضمير البارز في قوله : { ينجيه } عائد إلى الافتداء المفهوم من { يفتدي } على نحو قوله تعالى : { اعدلوا هو أقرب للتقوى } [ المائدة : 8 ] .والمعطوف ب { ثم } هو المسبب عن الودادة فلذلك كان الظاهر أن يعطف بالفاء وهو الأكثر في مثله كقوله تعالى : { ودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكُونون سواء } [ النساء : 89 ] وقوله : { ودُّوا لو تدهن فيدهنون } [ القلم : 9 ] ، فعدل عن عطفه بالفاء هنا إلى عطفه ب { ثم } للدلالة على شدة اهتمام المجرم بالنجاة بأية وسيلة .ومتعلق { ينجيه } محذوف يدل عليه قوله : { من عذاب يومئذٍ .وكَلاَّ } حرف ردع وإبطال لكلام سابق ، ولا يخلو من أن يذكر بعده كلام ، وهو هنا لإِبطال ما يخامر نفوس المجرم من الودادة ، نزل منزلة الكلام لأن الله مطلع عليه أو لإِبطال ما يتفوه به من تمنّي ذلك . قال تعالى : { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } [ النبأ : 40 ] ، ألا ترى أنه عبر عن قوله ذلك بالودادة ، في قوله تعالى : { يومئذٍ يودّ الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض } [ النساء : 42 ] أي يصيرون من ترابها .فالتقدير : يقال له كلا ، أي لا افتداء ولا إنجاء .
الآية 14 - سورة المعارج: (ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه...)