سورة الجاثية: الآية 19 - إنهم لن يغنوا عنك من...

تفسير الآية 19, سورة الجاثية

إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا۟ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْـًٔا ۚ وَإِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ ۖ وَٱللَّهُ وَلِىُّ ٱلْمُتَّقِينَ

الترجمة الإنجليزية

Innahum lan yughnoo AAanka mina Allahi shayan wainna alththalimeena baAAduhum awliyao baAAdin waAllahu waliyyu almuttaqeena

تفسير الآية 19

إن هؤلاء المشركين بربهم الذين يدعونك إلى اتباع أهوائهم لن يغنوا عنك -أيها الرسول- من عقاب الله شيئًا إن اتبعت أهواءهم، وإن الظالمين المتجاوزين حدود الله من المنافقين واليهود وغيرهم بعضهم أنصار بعض على المؤمنين بالله وأهل طاعته، والله ناصر المتقين ربَّهم بأداء فرائضه واجتناب نواهيه.

«إنهم لن يغنوا» يدافعوا «عنك من الله» من عذابه «شيئاً وإن الظالمين» الكافرين «بعضهم أولياء بعض والله وليُّ المتقين».

إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أي: لا ينفعونك عند الله فيحصلوا لك الخير ويدفعوا عنك الشر إن اتبعتهم على أهوائهم، ولا تصلح أن توافقهم وتواليهم فإنك وإياهم متباينون، وبعضهم ولي لبعض واللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ يخرجهم من الظلمات إلى النور بسبب تقواهم وعملهم بطاعته.

وقال هاهنا : ( ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض ) أي : وماذا تغني عنهم ولايتهم لبعضهم بعضا ، فإنهم لا يزيدونهم إلا خسارا ودمارا وهلاكا ، ( والله ولي المتقين ) ، وهو تعالى يخرجهم من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات .

وقوله- سبحانه-: إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً تعليل للنهى عن اتباع أهوائهم.أى: إنك- أيها الرسول الكريم- إن اتبعت أهواء هؤلاء الضالين، صرت مستحقا لمؤاخذتنا، ولن يستطيع هؤلاء أو غيرهم، أن يدفع عنك شيئا مما أراده الله- تعالى- بك.وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ أى: بعضهم نصراء بعض في الدنيا، أما في الآخرة فولايتهم تنقلب إلى عداوة.وَاللَّهُ- تعالى- هو وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ الذين أنت إمامهم وقدوتهم، فاثبت على شريعتنا التي أوحيناها إليك، لتنال ما أنت أهله من رضانا وعطائنا.

( إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ) [ لن يدفعوا عنك من عذاب الله شيئا ] إن اتبعت أهواءهم ( وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ) .

قوله تعالى : إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين .قوله تعالى : إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا أي إن اتبعت أهواءهم لا يدفعون عنك من عذاب الله شيئا . وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض أي أصدقاء وأنصار وأحباب . قال ابن عباس : يريد أن المنافقين أولياء اليهود . والله ولي المتقين أي ناصرهم ومعينهم . والمتقون هنا : الذين اتقوا الشرك والمعاصي .

وقوله ( إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء الجاهلين بربهم, الذين يدعونك يا محمد إلى اتباع أهوائهم, لن يغنوا عنك إن أنت اتبعت أهواءهم, وخالفت شريعة ربك التي شرعها لك من عقاب الله شيئا, فيدفعوه عنك إن هو عاقبك, وينقذوك منه.وقوله ( وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) يقول: وإن الظالمين بعضهم أنصار بعض, وأعوانهم على الإيمان بالله وأهل طاعته ( وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ) يقول تعالى ذكره: والله يلي من اتقاه بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه بكفايته, ودفاع من أراده بسوء, يقول جلّ ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام فكن من المتقين, يكفك الله ما بغاك وكادك به هؤلاء المشركون, فإنه وليّ من اتقاه, ولا يعظم عليك خلاف من خالف أمره وإن كثر عددهم, لأنهم لن يضرّوك ما كان الله وليك وناصرك.

. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)وجملة { إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً } تعليل للنهي عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون ، ويتضمن تعليلَ الأمر باتباع شريعة الله فإن كونهم لا يغنون عنه من الله شيئاً يستلزم أن في مخالفة ما أمر الله من اتباع شريعته ما يوقع في غضب الله وعقابه فلا يغني عنه اتباع أهوائهم من عقابه .والإغناء : جعل الغير غنياً ، أي غير محتاج ، فالآثم المهدد من قدير غير غنيّ عن الذي يعاقبه ولو حماه من هو كفء لمهدده أو أقدر منه لأغناه عنه وضُمّن فعل الإغناء معنى الدفع فعدّي ب ( عن ) . وانتصب { شيئاً } على المفعول المطلق ، و { من الله } صفة ل { شيئاً } و { مِن } بمعنى بَدل ، أي لن يُغنُوا عنك بدلاً من عذاب الله ، أي قليلاً من الإغناء البديل من عقاب الله فالكلام على حذف مضاف ، وتقدم عند قوله تعالى : { إن الذين كفروا لن تُغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً } في آل عمران ( 10 ) .وعُطف على هذا التعليل تعليل آخر وهو { وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض } أي إنهم ظالمون وأنت لست من الظالمين في شيء فلا يجوز أن تتبعهم في شيء وإنما يتبعهم من هم أولياؤهم . وذُيل ذلك بقوله : { والله ولي المتقين } وهو يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم الله وليُّه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أول المتقين .
الآية 19 - سورة الجاثية: (إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ۚ وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض ۖ والله ولي المتقين...)