سورة الحجر: الآية 25 - وإن ربك هو يحشرهم ۚ...

تفسير الآية 25, سورة الحجر

وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٌ

الترجمة الإنجليزية

Wainna rabbaka huwa yahshuruhum innahu hakeemun AAaleemun

تفسير الآية 25

وإن ربك هو يحشرهم للحساب والجزاء، إنه حكيم في تدبيره، عليم لا يخفى عليه شيء.

«وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم» في صنعه «عليم» بخلقه.

تقسير الآيتين 24 و 25 :يعلم المستقدمين من الخلق والمستأخرين منهم ويعلم ما تنقص الأرض منهم وما تفرق من أجزائهم، وهو الذي قدرته لا يعجزها معجز فيعيد عباده خلقا جديدا ويحشرهم إليه. إِنَّهُ حَكِيمٌ يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها، ويجازي كل عامل بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

" وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم " فقال عون بن عبد الله وفقك الله وجزاك خيرا.

ثم بين- سبحانه- أن مرجع الخلق جميعا إليه فقال: وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ، إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ.أى: وإن ربك- وحده- أيها المخاطب- هو الذي يتولى حشر الأولين والآخرين، وجمعهم يوم القيامة للحساب والثواب والعقاب، إنه- سبحانه- حَكِيمٌ في كل تصرفاته وأفعاله عَلِيمٌ بأحوال خلقه ما ظهر منها وما بطن.وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة، قد اشتملت على ألوان من الأدلة الدالة على وحدانية الله- تعالى- وعظيم قدرته، وبديع صنعه، وشمول علمه، مما يوجب الإيمان به- سبحانه- وإخلاص العبادة له، ومقابلة نعمه بالشكران لا بالكفران، وبالطاعة لا بالمعصية ...وبعد أن ساق- سبحانه- ألوانا من الأدلة على وحدانيته وقدرته، عن طريق خلقه للسماء وما فيها من بروج وشهب.. وللأرض وما عليها من جبال ونبات.. وللرياح وما تحمله من سحب وأمطار ...أتبع ذلك بأدلة أخرى على كمال ذاته وصفاته عن طريق خلقه للإنسان وللجن وللملائكة..فقال- تعالى-:

( وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم ) على ما علم منهم .وقيل : يميت الكل ، ثم يحشرهم الأولين والآخرين .أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن ، أخبرنا أبو سعيد الصيرفي ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من مات على شيء بعثه الله عليه " .

قوله تعالى : وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليمقوله تعالى : وإن ربك هو يحشرهم أي للحساب والجزاء .إنه حكيم عليم يضع كل شيء موضعه

وقوله ( وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ) يعني بذلك جلّ ثناؤه: وإن ربك يا محمد هو يجمع جميع الأوّلين والآخرين عنده يوم القيامة، أهل الطاعة منهم والمعصية، وكلّ أحد من خلقه، المستقدمين منهم والمستأخرين.وبنحو ما قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ) قال: أي الأوّل والآخر.حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا أبو خالد القرشيّ، قال: ثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، في قوله ( وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ) قال: هذا من هاهنا، وهذا من هاهنا.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخُرَاسانيّ، عن ابن عباس ( وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ) قال: وكلهم ميت، ثم يحشرهم ربهم.حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عليّ بن عاصم، عن داود بن أبي هند، عن عامر ( وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ) قال: يجمعهم الله يوم القيامة جميعا ، قال الحسن: قال عليّ: قال داود: سمعت عامرا يفسر قوله ( إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) يقول: إن ربك حكيم في تدبيره خلقه في إحيائهم إذا أحياهم، وفي إماتتهم إذا أماتهم، عليم بعددهم وأعمالهم ، وبالحيّ منهم والميت، والمستقدم منهم والمستأخر.كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: كلّ أولئك قد علمهم الله، يعني المستقدمين والمستأخرين.

وجملة { وإن ربك هو يحشرهم } نتيجة هذه الأدلة من قوله : { وإنا لنحن نحي ونميت } [ سورة الحجر : 23 ] فإن الذي يُحيي الحياة الأولى قادر على الحياة الثانية بالأوْلى ، والّذي قدّر الموت ما قدره عبثاً بعد أن أوجد الموجودات إلاّ لتستقبلوا حياة أبدية؛ ولولا ذلك لقدر الدّوام على الحياة الأولى ، قال تعالى : { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً } [ سورة الملك : 2 ].وللإشارة إلى هذا المعنى من حكمة الإحياء والإماتة أتبعه بقوله : إنه حكيم عليم } تعليلاً لجملة { وإن ربك هو يحشرهم } لأن شأن { إنّ } إذا جاءت في غير معنى الرد على المنكر أن تفيد معنى التعليل والربط بما قبلها .والحكيم الموصوف بالحكمة . وتقدم عند قوله تعالى : { يؤتي الحكمة من يشاء } [ سورة البقرة : 269 ] وعند قوله تعالى : { فاعلموا أن الله عزيز حكيم } في سورة البقرة ( 209 ).و العَليم الموصوف بالعلم العام ، أي المحيط . وتقدم عند قوله تعالى : { وليعلم الله الذين آمنوا } في سورة آل عمران ( 140 ).وقد أكدت جملة { وإن ربك هو يحشرهم } بحرف التوكيد وبضمير الفصل لرد إنكارهم الشديد للحشر . وقد أسند الحشر إلى الله بعنوان كونه رب محمد صلى الله عليه وسلم تنويهاً بشأن النبي عليه الصلاة والسلام لأنهم كذبوه في الخبر عن البعث { وقال الذين كفروا هل ندلّكم على رجل ينبّئكم إذا مزّقتم كل ممزّق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذباً أم به جِنّة } [ سورة سبأ : 7 8 ] أي فكيف ظنك بجزائه مكذبيك إذا حشرهم .
الآية 25 - سورة الحجر: (وإن ربك هو يحشرهم ۚ إنه حكيم عليم...)