سورة الحشر: الآية 4 - ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله...

تفسير الآية 4, سورة الحشر

ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ ۖ وَمَن يُشَآقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ

الترجمة الإنجليزية

Thalika biannahum shaqqoo Allaha warasoolahu waman yushaqqi Allaha fainna Allaha shadeedu alAAiqabi

تفسير الآية 4

ذلك- الذي أصاب اليهود في الدنيا وما ينتظرهم في الآخرة- لأنهم خالفوا أمر الله وأمر رسوله أشدَّ المخالفة، وحاربوهما وسعَوا في معصيتهما، ومن يخالف الله ورسوله فإن الله شديد العقاب له.

«ذلك بأنهم شاقوا» خالفوا «الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب» له.

وذلك لأنهم شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وعادوهما وحاربوهما، وسعوا في معصيتهما.وهذه عادته وسنته فيمن شاقه وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ

وقوله : ( ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ) أي : إنما فعل الله بهم ذلك وسلط عليهم رسوله وعباده المؤمنين ; لأنهم خالفوا الله ورسوله ، وكذبوا بما أنزل الله على رسله المتقدمين في البشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهم يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم ، ثم قال : ( ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب ) .

واسم الإشارة في قوله- تعالى- ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعود إلى ما نزل وسينزل بهم من عذاب.وقوله- تعالى-: شَاقُّوا من المشاقة بمعنى المعاداة والمخاصمة، حتى لكأن كل واحد من المتخاصمين في شق ومكان يخالف شق صاحبه ومكانه.أى: ذلك الذي حل بهم في الدنيا من عقاب، والذي سيحل بهم في الآخرة من عذاب، سببه أن هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب، عادوا الله- تعالى- وخالفوا دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم.وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ بأن يخالف ما أمر به، أو نهى عنه. يعذبه الله- تعالى- ويخذله، فإنه- سبحانه- شديد العقاب.وجملة فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ قائمة مقام جواب الشرط، أى: ومن يخالف أمر الله- تعالى- عذبه، فإنه- سبحانه- شديد العقاب، لمن أعرض عن طاعته وذكره.

( ذلك ) الذي لحقهم ( بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب )

قوله تعالى : ذلك ؛ أي ذلك الجلاء .بأنهم شاقوا الله أي عادوه وخالفوا أمره .ومن يشاق الله قرأ طلحة بن مصرف ومحمد بن السميقع " ومن يشاقق الله " بإظهار التضعيف كالتي في " الأنفال " ، وأدغم الباقون .

وقوله: ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعل الله بهؤلاء اليهود ما فعل بهم من إخراجهم من ديارهم، وقذف الرعب في قلوبهم من المؤمنين، وجعل لهم في الآخرة عذاب النار بما فعلوا هم في الدنيا من مخالفتهم الله ورسوله في أمره ونهيه، وعصيانهم ربهم فيما أمرهم به من اتباع محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.( وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) يقول تعالى ذكره: ومن يخالف الله في أمره ونهيه، فإن الله شديد العقاب.

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)الإِشارة إلى جميع ما ذكر من إخراج الذين كفروا من ديارهم ، وقذف الرعب في قلوبهم ، وتخريب بيوتهم ، وإعداد العذاب لهم في الآخرة .والباء للسببية وهي جَارَّة للمصدر المنسبك من ( أنَّ ) وجملتها .والمشاقَّة : المخاصمة والعداوة قال تعالى : { ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم } [ النحل : 27 ] وقد تقدم نظيره في أول الأنفال .والمشاقّة كالمحادّة مشتقة من الاسم . وهو الشِقّ ، كما اشتقت المحادّة من الحدّ ، كما تقدم في أول سورة المجادلة . وتقدم في سورة النساء ( 35 ) { وإن خفتم شقاق بينهما }وقد كان بنو النضير ناصبوا المسلمين العِدَاء بعد أن سكنوا المدينة وأَضْرَوْا المنافقين وعاهدوا مشركي أهل مكة كما علمت آنفاً .وجملة ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب } تذييل ، أي شديد العقاب لكل من يشاققه من هؤلاء وغيرهم .وعطف اسم الرسول صلى الله عليه وسلم على اسم الجلالة في الجملة الأولى لقصر تعظيم شأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليعلموا أن طاعته طاعة لله لأنه إنما يدعو إلى ما أمره الله بتبليغه ولم يعطف اسم الرسول صلى الله عليه وسلم في الجملة الثانية استغناء بما علم من الجملة الأولى .وأدغم القافان في { يشاق } لأن الإِدغام والإِظهار في مثله جائزان في العربية . وقرىء بهما في قوله تعالى : { ومن يرتدد منكم عن دينه } في سورة البقرة ( 217 ) . والفكّ لغة الحجاز ، والإِدغام لغة بقية العرب .وجملة فإن الله شديد العقاب } دليل جواب { من } الشرطية إذ التقدير : ومن يشاقِق الله فالله معاقبهم إنه شديد العقاب .
الآية 4 - سورة الحشر: (ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ۖ ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب...)