سورة البقرة: الآية 211 - سل بني إسرائيل كم آتيناهم...

تفسير الآية 211, سورة البقرة

سَلْ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ كَمْ ءَاتَيْنَٰهُم مِّنْ ءَايَةٍۭ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ

الترجمة الإنجليزية

Sal banee israeela kam ataynahum min ayatin bayyinatin waman yubaddil niAAmata Allahi min baAAdi ma jaathu fainna Allaha shadeedu alAAiqabi

تفسير الآية 211

سل -أيها الرسول- بني إسرائيل المعاندين لك: كم أعطيناهم من آيات واضحات في كتبهم تهديهم إلى الحق، فكفروا بها كلها، وأعرضوا عنها، وحَرَّفوها عن مواضعها. ومن يبدل نعمة الله -وهي دينه- ويكفر بها من بعد معرفتها، وقيام الحجة عليه بها، فإن الله تعالى شديد العقاب له.

«سل» يا محمد «بني إسرائيل» تبكيتا «كم آتيناهم» كم استفهامية معلقة سل عن المفعول الثاني وهي ثاني مفعول آتينا ومميزها «من آية بينة» ظاهرة كفلق البحر وإنزال المن والسلوى فبدَّلوها كفرا «ومن يبدِّل نعمه الله» أي ما أنعم به عليه من الآيات لأنها سبب الهداية «من بعد ما جاءته» كفرا «فإن الله شديد العقاب» له.

يقول تعالى: ( سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ) تدل على الحق, وعلى صدق الرسل, فتيقنوها وعرفوها, فلم يقوموا بشكر هذه النعمة, التي تقتضي القيام بها.بل كفروا بها وبدلوا نعمة الله كفرا, فلهذا استحقوا أن ينزل الله عليهم عقابه ويحرمهم من ثوابه، وسمى الله تعالى كفر النعمة تبديلا لها, لأن من أنعم الله عليه نعمة دينية أو دنيوية, فلم يشكرها, ولم يقم بواجبها, اضمحلت عنه وذهبت, وتبدلت بالكفر والمعاصي, فصار الكفر بدل النعمة، وأما من شكر الله تعالى, وقام بحقها, فإنها تثبت وتستمر, ويزيده الله منها.

يقول تعالى مخبرا عن بني إسرائيل : كم قد شاهدوا مع موسى ( من آية بينة ) أي : حجة قاطعة على صدقه فيما جاءهم به ، كيده وعصاه وفلقه البحر وضربه الحجر ، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر ، ومن إنزال المن والسلوى وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار ، وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه ، ومع هذا أعرض كثير منهم عنها ، وبدلوا نعمة الله [ كفرا ] أي : استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها ، والإعراض عنها . ( ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ) كما قال إخبارا عن كفار قريش : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار ) [ إبراهيم : 28 ، 29 ] .

ثم بين- سبحانه- أن كفر الكافرين ليس سيبه نقصان الدليل على صحة إيمان المؤمنين،وإنما سببه الجحود والحسد وإيثار الهوى على الهدى، بدليل أن بنى إسرائيل قد آتاهم الله آيات بينات تهدى إلى الإيمان ومع ذلك كفروا بها. استمع إلى القرآن وهو يصور موقفهم بعد تهديده للكافرين في الآية السابقة فيقول: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ....قال الفخر الرازي: اعلم أنه ليس المقصود: سل بنى إسرائيل ليخبروك عن تلك الآيات فتعلمها وذلك لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان عالما بتلك الأحوال بإعلام الله- تعالى- إياه، بل المقصود منه المبالغة في الزجر عن الإعراض عن دلائل الله- تعالى-.أى: سل هؤلاء الحاضرين أنا لما آتينا أسلافهم آيات بينات فأنكروها، لا جرم استوجبوا العقاب من الله- تعالى-، وذلك تنبيه لهؤلاء الحاضرين على أنهم لو زلوا عن آيات الله لوقعوا في العذاب كما وقع أولئك المتقدمون فيه. والمقصود من ذكر هذه الحكاية أن يعتبروا بغيرهم ... » «1» .وسَلْ فعل أمر من سأل وأصله اسأل فنقلت فتحة الهمزة إلى السين قبلها وصارت ساكنة فحذفت. ولما فتحت السين لم يكن هناك حاجة إلى همزة الوصل فحذفت أيضا.وكَمْ إما خبرية والمسئول عنه محذوف، والجملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب مبينة لاستحقاقهم التقريع والتوبيخ. كأنه قيل «سل بنى إسرائيل» عن طغيانهم وجحودهم للحق بعد وضوحه فقد آتيناهم آيات كثيرة بينة ومع ذلك أعرض كثير منهم عنها.وإما استفهامية والجملة في موضع المفعول الثاني لقوله «سل» وقيل: في موضع المصدر، أى: سلهم هذا السؤال. وقيل: في موضع الحال. أى: سلهم قائلا: كم آتيناهم.والاستفهام للتقرير بمعنى حمل المخاطب على الإقرار- بأنه قد خالف ما تقتضيه الآيات من الإيمان بالله- تعالى-.فالمراد بهذا السؤال تقريعهم على جحودهم الحق بعد وضوح الآيات لا معرفة إجابتهم كما إذا أراد واحد منا توبيخ أحد فيقول لمن حضره: سله كم أنعمت عليه؟ومن الآيات البينات والمعجزات الواضحات التي أظهرها الله- تعالى- لبنى إسرائيل على أيدى أنبيائهم ليؤمنوا بهم: عصا موسى التي ألقاها فإذا هي حية تسعى والتي ألقاها فإذا هي تلقف ما صنعه السحرة، والتي ضرب بها البحر فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وحدانية الله وصدق من جرت على يديه هذه الخوارق، ومع ذلك فمنهم من قال لموسى أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ومنهم من كفر وعبد العجل..ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة الجاحدين لآياته فقال: وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.التبديل: جعل شيء بدلا عن آخر، ونعمة الله هنا تتناول آياته الدالة على صدق رسله، كما تتناول ما أسبغه الله على عباده من صحة ومال وعقل وغير ذلك من نعمه الظاهرة والباطنة.أى: ومن يبدل نعم الله بعد ما وصلت إليه واتضحت له، بأن كفر بها مع أنها تدعو إلى الإيمان، وجحد فضلها مع أنها تستلزم منه الشكر لمسديها من يبدل ذلك التبديل فإن الله سيعاقبه عقابا شديدا.وقوله: مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ زيادة توبيخ لهم، وأنهم مستحقون لأشد ألوان العذاب، لأنهم قد كفروا بآيات الله وجحدوا نعمه بعد معرفتها والوقوف على تفاصيلها. فهو كقوله- تعالى-: وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. فهو تبديل عن معرفة لا عن جهل أو خطأ.وقوله: فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ تعليل للجواب أقيم مقامه.أى: ومن يبدل نعمة الله عاقبه أشد عقوبة لأنه شديد العقاب فلا يفلت منه أحد. ويحتمل أن يكون هذه الجملة هي الجواب بتقدير الضمير أى شديد العقاب له.والعقاب هو الجزاء عن جناية وجرم، وهو مأخوذ- كما يقول القرطبي- من العقب، كأن المعاقب يمشى بالمحازاة للجاني في آثار عقبه، ومنه عقبة الراكب- أى الموضع الذي يركب منه-، فالعقاب والعقوبة يكونان بعقب الذنب وقد عاقبه بذنبه .فالآية الكريمة وعيد شديد لكل من يبدل نعم الله، ويترك شكرها.

قوله تعالى : ( سل بني إسرائيل ) أي سل يا محمد يهود المدينة ( كم آتيناهم ) أعطينا آباءهم وأسلافهم ( من آية بينة ) دلالة واضحة على نبوة موسى عليه السلام مثل العصا واليد البيضاء وفلق البحر وغيرها . وقيل : معناها الدلالات التي آتاهم في التوراة والإنجيل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .( ومن يبدل ) يغير ( نعمة الله ) كتاب الله وقيل : عهد الله وقيل : من ينكر الدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ( من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ) .

قوله تعالى : سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقابقوله تعالى : سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة سل من السؤال : بتخفيف الهمزة ، فلما تحركت السين لم يحتج إلى ألف الوصل . وقيل : إن للعرب في سقوط ألف الوصل في " سل " وثبوتها في " واسأل " وجهين :أحدهما - حذفها في إحداهما وثبوتها في الأخرى ، وجاء القرآن بهما ، فاتبع خط المصحف في إثباته للهمزة وإسقاطها .والوجه الثاني - أنه يختلف إثباتها وإسقاطها باختلاف الكلام المستعمل فيه ، فتحذف الهمزة في الكلام المبتدإ ، مثل قوله : سل بني إسرائيل ، وقوله : سلهم أيهم بذلك زعيم . وثبت في العطف ، مثل قوله : واسأل القرية ، واسألوا الله من فضله قاله علي بن عيسى . وقرأ أبو عمرو في رواية ابن عباس عنه " اسأل " على الأصل . وقرأ قوم " اسل " على نقل الحركة إلى السين وإبقاء ألف الوصل ، على لغة من قال : الأحمر . و " كم " في موضع نصب ؛ لأنها مفعول ثان ل " آتيناهم " . وقيل : بفعل مضمر ، تقديره كم آتينا آتيناهم . ولا يجوز أن يتقدمها الفعل لأن لها صدر الكلام . من آية في موضع نصب على التمييز على التقدير الأول ، وعلى الثاني مفعول ثان ل " آتيناهم " ، ويجوز أن تكون في موضع رفع بالابتداء ، والخبر في " آتيناهم " ، ويصير فيه عائد على " كم " ، تقديره : كم آتيناهموه ، ولم يعرب وهي اسم لأنها بمنزلة الحروف لما وقع فيه معنى الاستفهام ، وإذا فرقت بين " كم " وبين الاسم كان الاختيار أن تأتي بمن كما في هذه الآية ، فإن حذفتها نصبت في الاستفهام والخبر ، ويجوز الخفض في الخبر كما قال الشاعر :كم بجود مقرف نال العلا وكريم بخله قد وضعهوالمراد بالآية كم جاءهم في أمر محمد عليه السلام من آية معرفة به دالة عليه . قال مجاهد والحسن وغيرهما : يعني الآيات التي جاء بها موسى عليه السلام من فلق البحر والظلل من الغمام والعصا واليد وغير ذلك . وأمر الله تعالى نبيه بسؤالهم على جهة التقريع لهم والتوبيخ .قوله تعالى : ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته لفظ عام لجميع العامة ، وإن كان المشار إليه بني إسرائيل ، لكونهم بدلوا ما في كتبهم وجحدوا أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، فالجحود منسحب على كل مبدل نعمة الله تعالى . وقال الطبري : النعمة هنا الإسلام ، وهذا قريب من الأول . ويدخل في اللفظ أيضا كفار قريش ، فإن بعث محمد صلى الله عليه وسلم فيهم نعمة عليهم ، فبدلوا قبولها والشكر عليها كفرا .قوله تعالى : فإن الله شديد العقاب خبر يتضمن الوعيد . والعقاب مأخوذ من العقب ، كأن المعاقب يمشي بالمجازاة له في آثار عقبه ، ومنه عقبة الراكب وعقبة القدر . فالعقاب والعقوبة يكونان بعقب الذنب ، وقد عاقبه بذنبه .

القول في تأويل قوله عز ذكره : سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: سل يا محمد بني إسرائيل = الذين لا ينتظرون - بالإنابة إلى طاعتي، والتوبة إليّ بالإقرار بنبوتك وتصديقك فيما جئتهم به من عندي- إلا إن آتيهم في ظلل من الغمام وملائكتي، فأفصلُ القضاء بينك وبين من آمن بك وصدَّقك بما أنزلت إليك من كتبي، وفرضت عليك وعليهم من شرائع ديني، وبينهم = كم جئتهم به من قبلك من آية وعلامة، على ما فرضتُ عليهم من فرائضي، فأمرتهم به من طاعتي، وتابعتُ عليهم من حججي على أيدي أنبيائي ورسلي من قبلك، مؤيِّدةً لهم على صدقهم، بيِّنةً أنها من عندي، واضحةً أنها من أدلتي على صدق نُذُري ورُسلي فيما افترضت عليهم من تصديقهم وتصديقك، فكفروا حُجَجي، وكذَّبوا رسلي، وغيَّروا نعمي قِبَلهم، وبدَّلوا عهدي ووصيتي إليهم.* * *وأما " الآية "، فقد بينت تأويلها فيما مضى من كتابنا بما فيه الكفاية (1) وهي ها هنا. ما:-4040 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: " سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آيه بينة "، ما ذكر الله في القرآن وما لم يذكر، وهم اليهود.4041 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آيه بينة "، يقول: آتاهم الله آيات بينات: عصا موسى ويده، وأقطعهم البحر، وأغرق عدوَّهم وهم ينظرون، وظلَّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنّ والسلوى، وذلك من آيات الله التي آتاها بني إسرائيل في آيات كثيرة غيرها، خالفوا معها أمر الله، فقتلوا أنبياء الله ورسله، وبدلوا عهده ووصيته إليهم، قال الله: وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ .* * *قال أبو جعفر: وإنما أنبأ الله نبيه بهذه الآيات، فأمره بالصبر على من كذَّبه، واستكبر على ربه، وأخبره أنّ ذلك فعل من قبْله من أسلاف الأمم قبلهم بأنبيائهم، مع مظاهرته عليهم الحجج، وأنّ من هو بين أظهُرهم من اليهودِ إنما هم من بقايا من جرت عادتهم [بذلك]، ممن قص عليه قصصهم من بني إسرائيل. (2)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211)قال أبو جعفر: يعني" بالنعم " جل ثناؤه: الإسلام وما فرض من شرائع دينه.ويعني بقوله: " ومن يُبدّل نعمة الله " ومن يغير ما عاهد الله في نعمته التي هي الإسلام، (3) من العمل والدخول فيه فيكفر به، فإنه مُعاقبه بما أوْعد على الكفر به من العقوبة، والله شديدٌ عقابه، أليم عذابه.* * *فتأويل الآية إذًا يا أيها الذين آمنوا بالتوراة فصَدَّقوا بها، ادخلوا في الإسلام جميعًا، ودعوا الكفر، وما دعاكم إليه الشيطان من ضلالته، وقد جاءتكم البينات من عندي بمحمد، وما أظهرت على يديه لكم من الحجج والعِبَرِ، فلا تبدِّلوا عهدي إليكم فيه وفيما جاءكم به من عندي في كتابكم بأنه نبي ورسولي، فإنه من يبدِّل ذلك منكم فيغيره فإنى له معاقب بالأليم من العقوبة.وبمثل الذي قلنا في قوله: " ومن يبدِّل نعمة الله من بعد ما جاءته "، قال جماعة من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:4042- حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ومن يبدِّل نعمة الله من بعد ما جاءته "، قال: يكفر بها.4043 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.4044 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " ومن يبدِّل نعمة الله "، قال: يقول: من يبدِّلها كفرًا.4045 - حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع " ومن يبدِّل نعمة الله من بعد ما جاءته "، يقول: ومن يكفُر نعمتَه من بعد ما جاءته.---------------------الهوامش :(1) انظر ما سلف معنى"الآية" 1 : 106/ ثم 2 : 397- 398 ، 553/ ثم 3 : 184 . ومعنى"بينة" في 2 : 318 ، 397/ ثم 3 : 249/ وهذا الجزء 4 : 259 ، 260 .(2) ما بين القوسين زيادة ، أخشى أن تكون لازمة حتى يستقيم الكلام .(3) انظر معنى"التبديل" فيما سلف 3 : 396 .

تتنزل هاته الآية من التي قبلها منزلةَ البرهان على معنى الجملة السابقة ، فإن قوله : { هل ينظرون } [ البقرة : 210 ] سواء كان خبراً أو وعيداً أو وعداً أم تهكماً ، وأيّاً ما كان معاد الضمير فيه على الأوجه السابقة قد دل بكل احتمال على تعريض بِفرَققٍ ذَوي غُرور وتماد في الكفر وقلةِ انتفاع بالآيات البينات ، فناسب أن يعقب ذلك بإلفاتهم إلى ما بلَغهم من قلة انتفاع بني إسرائيل بما أُوتوه من آيات الاهتداء مع قلة غَناء الآيات لديهم على كثرتها ، فإنهم عاندوا رسولهم ثم آمنوا به إيماناً ضعيفاً ثم بدلوا الدين بعد ذلك تبديلاً .وعلى احتمال أن يكون الضمير في { ينظرون } [ البقرة : 210 ] لأهل الكتاب : أي بني إسرائيل فالعدول عن الإضمار هنا إلى الإظهار بقوله : { بني إسرائيل } لزيادة النداء على فضيحة حالهم ويكون الاستدلال عليهم حينئذٍ أشد ، أي هم قد رأوا آيات كثيرة فكان المناسب لهم أن يبادوا بالإيمان بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم أعلم الناس بأحوال الرسل ، وعلى كل فهذه الآية وما بعدها معترضات بين أغراض التشريع المتتابعة في هذه السورة .و { سَلْ } أمر من سأل يسأل أصله اسأل فحذفت الهمزة تخفيفاً بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها إلحاقاً لها بنقل حركة حرف العلة لشبه الهمزة بحرف العلة فلما تحرك أول المضارع استغنى عن اجْتلاب همزة الوصل ، وقيل : سل أمر من سَألَ الذي جعلت همزته ألفاً مثل الأمر من خَاف يَخاف خَف ، والعرب يكثرون من هذا التخفيف في سأل ماضياً وأمراً؛ إلاّ أن الأمر إذا وقع بعد الواو والفاء تركوا هذا التخفيف غالباً .والمأمور بالسؤال هو الرسول؛ لأنه الذي يترقب أن يجيبه بنو إسرائيل عن سؤاله؛ إذ لا يعبأون بسؤال غيره؛ لأن المراد بالسؤال سؤال التقرير للتقريع ، ولفظ السؤال يجيء لما تجيء له أدوات الاستفهام . والمقصود من التقرير إظهار إقرارهم لمخالفتهم لمقتضى الآيات فيجيء من هذا التقرير التقريعُ فليس المقصود تصريحهم بالإقرار؛ بل مجرد كونهم لا يسعهم الإنكار .والمراد ب ( بني إسرائيل ) الحاضرون من اليهود . والضمير في { آتيناهم } لهم ، والمقصود إيتاء سلفهم؛ لأن الخصال الثابتة لأسلاف القبائل والأمم ، يصح إثباتها للخلف لترتب الآثار للجميع كما هو شائع في مصطلح الأمم الماضية من العرب وغيرهم . ويجوز أن يكون معنى إيتائهم الآيات أنهم لما تناقلوا آياتتِ رسلهم في كتبهم وأيقنوا بها فكأنهم أوتوها مباشرة .و ( كم ) اسم للعدد المبهم فيكون للاستفهام ويكون للإخبار ، وإذا كانت للإخبار دلت على عدد كثير مبهم؛ ولذلك تحتاج إلى مميز في الاستفهام وفي الإخبار ، وهي هنا استفهامية كما يدل عليه وقوعها في حيز السؤال ، فالمسؤول عنه هو عدد الآيات .وحق سأل أن يتعدى إلى مفعولين من باب كَسَا أي ليس أصلُ مفعوليه مبتدأً وخبراً ، وجملة { كم آتيناهم } لا تكون مفعوله الثاني؛ إذ ليس الاستفهام مطلوباً بل هو عين الطلب ، ففعل { سَلْ } معلَّق عن المفعول الثاني لأجل الاستفهام ، وجملة { كم آتيناهم } في موقع المفعول الثاني سادة مسده .والتعليق يكثر في الكلام في أفعال العلم والظن إذا جاء بعد الأفعال استفهام أو نفي أو لام ابتداء أو لام قسم ، وألحق بأفعال العلم والظن ما قارب معناها من الأفعال ، قال في «التسهيل» «ويشاركهن فيه ( أي في التعليق ) مع الاستفهام ، نَظَر وتَفَكَّر وأَبصر وسأل» ، وذلك كقوله تعالى : { يسألون أيان يوم الدين } [ الذاريات : 12 ] ولما أخذ سأل هنا مفعوله الأول فقد علق عن المفعول الثاني ، فإن سبب التعليق هو أن مضمون الكلام الواقع بعد الحرف الموجب للتعليق ليس حالة من حالات المفعول الأول فلا يصلح لأن يكون مفعولاً ثانياً للفعل الطالب مفعولين ، قال سيبويه «لأنه كلام قد عمل بعضه في بعض فلا يكون إلاّ مبتدأ لا يعمل فيه شيء قبله» اه وذلك سبب لفظي مانع من تسلط العامل على معموله لفظاً ، وإن كان لم يزل عاملاً فيه معنى وتقديراً ، فكانت الجملة باقية في محل المعمول ، وأداة الاستفهام من بين بقية موجبات التعليق أقوى في إبعادها معنى ما بعدها عن العامل الذي يطلبه ، لأن الكلام معها استفهام ليس من الخبر في شيء ، إلاّ أن ما تحدثه أداة الاستفهام من معنى الاستعلام هو معنى طارىء في الكلام غير مقصود بالذات بل هو قد ضعف بوقوعه بعد عامل خبري فصار الاستفهام صورياً ، فلذلك لم يبطل عمل العامل إلاّ لفظاً ، فقولك : علمتُ هل قام زيد قد دل عَلِمَ على أن ما بعده محقق فصار الاستفهام صورياً وصار التعليق دليلاً على ذلك ، ولو كان الاستفهام باقياً على أصله لما صح كون جملته معمولة للعامل المعلّق .قال الرضي : «إن أداة الاستفهام بعد العلم ليست مفيدة لاستفهام المتكلم بها للزوم التناقض بين علمتُ وأزيد قائم بل هي لمجرد الاستفهام والمعنى علمت الذي يستفهم الناس عنه» اه ، فيجيء من كلامه أن قولك علمت أزيد قائم يقوله : من عَلم شيئاً يجهله الناس أو يعتنون بعلمه ، بخلاف قولك علمتُ زيداً قائماً ، وقد يكون الاستفهام الوارد بعد السؤال حكاية للفظ السؤال فتكون جملة الاستفهام بياناً لجملة السؤال قال صدر الأفاضل في قول الحريري «سألناه أنَّى اهتديتَ إلينا» أي سألناه هذا السؤال اه . وهو يتأتى في هذه الآية .ويجوز أن يضمن سل معنى القول ، أي فيكون مفعوله الثاني كلاماً فقد أعطي سل مفعولين : أحدهما مناسب لمعنى لفظه والآخر مناسب لمعنى المضمَّن .وجَوّز التفتازاني في «شرح الكشاف» أن جملة { كم آتيناهم } بيان للمقصود من السؤال ، أي سلهم جواب هذا السؤال ، قال السلكوتي في «حاشية المطول» : فتكون الجملة واقعة موقع المفعول ، أي ولا تعليق في الفعل .وجوز صاحب «الكشاف» أن تكون ( كم ) خبرية ، أي فتكون ابتداء كلام وقد قطع فعل السؤال عن متعلِّقه اختصاراً لما دل عليه ما بعده ، أي سلهم عن حالهم في شكر نعمة الله ، فبذلك حصل التقريع . ويكون { كم آتيناهم } تدرجاً في التقريع بقرينة { ومن يبدل نعمة الله } ، ولبعد كونها خبرية أنكره أبو حيان على صاحب «الكشاف» وقال إنه يفضي إلى اقتطاع الجملة التي فيها { كم } عن جملة السؤال مع أن المقصود السؤال عن النعم .و { من ءاية بينة } تمييز ( كم ) دخلت عليه مِنْ التي ينتصب تمييز كم الاستفهاميّة على معناها والتي يجر تمييز كم الخبرية بتقديرها ظهرت في بعض المواضع تصريحاً بالمقدَّر ، لأن كل حرف ينصب مضمراً يجوز ظهوره إلاّ في مواضع مثل إضمار أنْ بعد حتى ، قال الرضي : إذا فصل بين كم الخبرية والاستفهامية وبين مميزهما بفعل متعد وجب جر التمييز بمن ( أي ظاهرة ) لئلا يلتبس التمييز بالمفعول نحو قوله تعالى : { كم تركوا من جنات وعيون } [ الدخان : 25 ] و { وكم أهلكنا من قرية } [ القصص : 58 ] اه أي لئلا يلتبس بمفعول ذلك الفعل الفاصل ، أو هو للتنبيه من أول الأمر على أنه تمييز لا مفعولٌ إغاثةً لفهم السامع وذلك من بلاغة العرب ، وعندي أن موجب ظهور من في حالة الفصل هو بُعد المميِّز عن المميَّز لا غير ، وقيل : ظهور ( مِنْ ) واجب مع الفصل بالفعل المتعدي ، وجائز مع الفصل بغيره ، كما تقل عبد الحكيم عن اليَمني والتفتازانيِّ في «شرحي الكشاف» .وفي «الكافية» أن ظهور ( من ) في مميز ( كم ) الخبرية والاستفهامية جائز هكذا أطلقه ابن الحاجب ، لكن الرضي قال إنه لم يعثر على شاهد عليه في ( كم ) الاستفهامية إلاّ مع الفصل بالفعل وأما في كم الخبرية فظهور ( من ) موجود بكثرة بدون الفصل ، والظاهر أن ابن الحاجب لم يعبأ بخصوص الأمثلة التي ذكرها الرضي ، وإنما اعتد بظهور ( من ) في المميز وهو الظاهر .و ( الآية ) هنا المعجزة ودليل صدق الرسل ، أو الكلمات الدالة على مجيء محمد صلى الله عليه وسلم فإنها آية لموسى؛ إذ أخبر بها قبل قرون ، وآيةٌ لمحمد عليه الصلاة والسلام ، إذ كان التبشير به قبل وجوده بقرون ، ووصفها بالبينة على الاحتمالين مبالغة في الصفة من فعل بَانَ أي ظهر ، فيكون الظهور ظهور العيان على الوجه الأول ، وظهور الدلالة على الوجه الثاني ، وفي هذا السؤال وصيغته حذف دل عليه قوله : { ومَن يبدِّل نعمة الله } تقديره فبدَّلوها ولم يعملوا بها .وقوله : { ومن يبدل نعمة الله } تذييل لجملة { سل بني إسرائيل كم آتيناهم } الخ ، أفاد أأن المقصود أولاً من هذا الوعيدِ هم بنو إسرائيل المتحدث عنهم بقوله : { سل بني إسرائيل } ، وأفاد أن بني إسرائيل قد بدَّلوا نعمة الله تعالى فدل ذلك على أن الآيات التي أوتيها بنو إسرائيل هي نعم عليهم وإلاَّ لما كان لتذييل خبرهم بحكم من يبدِّل نعم الله مناسبة وهذا مما يقصده البلغاء ، فيغني مثلُه في الكلام عن ذكر جمل كثيرة إيجازاً بديعاً من إيجاز الحذف وإيجاز القصر معاً؛ لأنه يفيد مفاد أن يقال كم آتيناهم من آية بينة هي نعمة عليهم فلم يقدروها حق قدرها ، فبدلوا نعمة الله بضدها بعد ظهورها فاستحقوا العقاب ، لأن من يبدِّل نعمة الله فالله معاقبه ، ولأنه يفيد بهذا العموم حكماً جامعاً يشمل المقصودين وغيرَهم ممن يشبههم ولذلك يكون ذكر مثل هذا الكلام الجامع بعد حكم جزئي تقدمه في الأصل تعريضاً يشبه التصريح ، ونظيره أن يحدثك أحد بحديث فتقول فعل الله بالكاذبين كذا وكذا تريد أنه قد كذب فيما حدثك وإلاّ لما كان لذلك الدعاء عند سماع ذلك الحديث موقع .وإنما أثبت للآيات أنها نعم لأنها إن كانت دلائل صدق الرسول فكونها نعماً لأن دلائل الصدق هي التي تهدي الناس إلى قبول دعوة الرسول عن بصيرة لمن لم يكن اتبعه ، وتزيد اللذين اتبعوه رسوخ إيمان قال تعالى : { فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً } [ التوبة : 124 ] وبذلك التصديق يحصل تلقى الشرع الذي فيه صلاح الدنيا والآخرة وتلك نعمة عاجلة وآجلة ، وإن كانت الآيات الكلامَ الدال على البشارة بالرسول فهي نعمة عليهم ، لأنها قصد بها تنوير سبيل الهداية لهم عند بعثة الرسول لئلا يترددوا في صدقه بعد انطباق العلامات التي ائتمنوا على حفظها .والتبديل على الوجه الأول تبديل الوصف بأن أعرضوا عن تلك الآيات فتبدل المقصود منها ، إذ صارت بالإعراض سببَ شقاوتهم في الدنيا والآخرة ، لأنها لو لم تؤت لهم لكان خيراً لهم في الدنيا؛ إذ يكونون على سذاجة هم بها أقرب إلى فعل الخير منهم بعد قصد المكابرة والإعراض؛ لأنهما يزيدانهم تعمداً لارتكاب الشرور ، وفي الآخرة أيضاً لأن العقاب على الكفر يتوقف على الدعوة وظهورِ المعجزة ، وقد أشبههم في هذا التبديل المشركون بإعراضهم عن القرآن والتدبر في هديه أو التبديل بأن استعملوا تلك الآيات في غير المراد منها بأن جعلوها أسباب غرور فإن الله ما آتى رسولهم تلك الآيات إلاّ لتفضيل أمته فتوكأوا على ذلك وتهاونوا على الدين فقالوا { نحن أبناء الله وأحباؤه } [ المائدة : 18 ] { وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة } [ البقرة : 80 ] .والتبديل جعل شيء بدلاً عن آخر ، أي تعويضه به فيكون تعويض ذات بذات وتعويض وصف بوصف كقول أبي الشيص: ... بُدِّلتُ من بُرْدِ الشباب مُلاءةًخَلَقَاً وبئسَ مثُوبَةُ المُقْتَاضِ ... فإنه أراد تبدل حالة الشباب بحالة الشيب ، وكقول النابغة: ... عَهِدْتُ بها حَيّاً كِراماً فبُدِّلَتْحَنَاظِيلَ آجَاللِ النِّعَاج الجَوافل ... وليس قوله : { نعمة الله } من قبيل وضع الظاهر موضع الضمير بأن يكون الأصل ومن يبدلها أي الآيات فإن الله شديد العقاب لظهور أن في لفظ ( نعمة الله ) معنى جامعاً للآيات وغيرها من النعم .وقوله : { من بعد ما جاءته } المجيء فيه كناية عن الوضوح والمشاهدة والتمكن ، لأنها من لوازم المجيء عرفاً .وإنما جعل العقاب مترتباً على التبديل الواقع بعد هذا التمكن للدلالة على أنه تبديل عن بصيرة لا عن جهل أو غلط كقوله تعالى فيما تقدم : { ثم يحرقونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون } [ البقرة : 75 ] . وحذف ما بدل به النعمة ليشمل جميع أحوال التبديل من كتم بعضها والإعراض عن بعض وسوء التأويل . والعقاب ناشىء عن تبديل تلك النعم في أوصافها أو في ذواتها ، ولا يكون تبديلها إلاّ لقصد مخالفتها ، وإلاّ لكان غير تبديل بل تأييداً وتأويلاً ، بخلاف قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفراً } [ إبراهيم : 28 ] لأن تلك الآية لم يتقدم فيها ما يؤذن بأن النعمة ما هي ولا تؤذن بالمستبدل به هنالك فتعين التصريح بالمستبدل به ، والمبدلون في تلك الآية غير المراد من المبدلين في هذه ، لأن تلك في كفار قريش بدليل قوله بعدها : { وجعلوا لله أنداداً } [ إبراهيم : 30 ] .وقوله : { فإن الله شديد العقاب } دليل جواب الشرط وهو علته ، لأن جعل هذا الحكم العام جواباً للشرط يعلم منه أن من ثبت له فعل الشرط يدخل في عموم هذا الجواب ، فكون الله شديد العقاب أمر محقق معلوم فذِكره لم يقصد منه الفائدة لأنها معلومة بل التهديد ، فعلم أن المقصود تهديد المبدِّل فدل على معنى : فالله يعاقبه ، لأن الله شديد العقاب ، ومعنى شدة عقابه : أنه لا يفلت الجاني وذلك لأنه القادر على العقاب ، وقد جُوّز أن يكون فإن الله شديد العقاب نفسَ جواب الشرط بجعل أل في العقاب عوضاً عن الضمير المضاف إليه أي شديدُ معاقبِته .وإظهار اسم الجلالة هنا مع أن مقتضى الظاهر أن يقال : فإنه شديد العقاب ، لإدخال الرَّوْع في ضمير السامع وتربية المهابة ، ولتكون هذه الجملة كالكلام الجامع مستقلاً بنفسه ، لأنها بمنزلة المثل أمر قد علمه الناس من قبل ، والعقاب هو الجزاء المؤلم عن جناية وجرم ، سمي عقاباً لأنه يعقب الجناية .
الآية 211 - سورة البقرة: (سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ۗ ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد...)