سورة البقرة: الآية 14 - وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا...

تفسير الآية 14, سورة البقرة

وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا۟ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمْ قَالُوٓا۟ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ

الترجمة الإنجليزية

Waitha laqoo allatheena amanoo qaloo amanna waitha khalaw ila shayateenihim qaloo inna maAAakum innama nahnu mustahzioona

تفسير الآية 14

هؤلاء المنافقون إذا قابلوا المؤمنين قالوا: صدَّقنا بالإسلام مثلكم، وإذا انصرفوا وذهبوا إلى زعمائهم الكفرة المتمردين على الله أكَّدوا لهم أنهم على ملة الكفر لم يتركوها، وإنما كانوا يَسْتَخِفُّون بالمؤمنين، ويسخرون منهم.

«وإذا لقوا» أصله لقيوا حذفت الضمة للاستثقال ثم الياء لالتقائها ساكنة مع الواو «الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا» منهم ورجعوا «إلى شياطينهم» رؤسائهم «قالوا إنا معكم» في الدين «إِنَّما نحن مستهزئون» بهم بإظهار الإيمان.

هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و[ذلك] أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين, أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم, فإذا خلوا إلى شياطينهم - أي: رؤسائهم وكبرائهم في الشر - قالوا: إنا معكم في الحقيقة, وإنما نحن مستهزءون بالمؤمنين بإظهارنا لهم, أنا على طريقتهم، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة, ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

يقول [ الله ] تعالى : وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين قالوا : ( آمنا ) أي : أظهروا لهم الإيمان والموالاة والمصافاة ، غرورا منهم للمؤمنين ونفاقا ومصانعة وتقية ، وليشركوهم فيما أصابوا من خير ومغنم ، ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) يعني : وإذا انصرفوا وذهبوا وخلصوا إلى شياطينهم . فضمن ( خلوا ) معنى انصرفوا ؛ لتعديته ب " إلى " ، ليدل على الفعل المضمر والفعل الملفوظ به . ومنهم من قال : " إلى " هنا بمعنى " مع " ، والأول أحسن ، وعليه يدور كلام ابن جرير .وقال السدي عن أبي مالك : ( خلوا ) يعني : مضوا ، و ( شياطينهم ) يعني : سادتهم وكبراءهم ورؤساءهم من أحبار اليهود ورءوس المشركين والمنافقين .قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود ، عن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) يعني : هم رءوسهم من الكفر .وقال الضحاك عن ابن عباس : وإذا خلوا إلى أصحابهم ، وهم شياطينهم .وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) من يهود ، الذين يأمرونهم بالتكذيب وخلاف ما جاء به الرسول .وقال مجاهد : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) إلى أصحابهم من المنافقين والمشركين .وقال قتادة : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) قال : إلى رءوسهم ، وقادتهم في الشرك ، والشر .وبنحو ذلك فسره أبو مالك ، وأبو العالية والسدي ، والربيع بن أنس .قال ابن جرير : وشياطين كل شيء مردته ، وتكون الشياطين من الإنس والجن ، كما قال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) [ الأنعام : 112 ] .وفي المسند عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن . فقلت : يا رسول الله ، وللإنس شياطين ؟ قال : نعم .وقوله تعالى : ( قالوا إنا معكم ) قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أي : إنا على مثل ما أنتم عليه ( إنما نحن مستهزئون ) أي : إنما نحن نستهزئ بالقوم ونلعب بهم .وقال الضحاك ، عن ابن عباس : قالوا إنما نحن مستهزئون ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .وكذلك قال الربيع بن أنس ، وقتادة .

( وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ ) يقال ولاقيته إذا استقبلته وصادفته وكان قريباً منك . والمصدر اللقاء واللقى واللقية . والمقصود : استقبلوهم وكانوا في مواجهتهم وقريبا منهم . ومرادهم بقولهم " آمنا " أخلصنا الإِيمان بقلوبنا لأن الإِقرار باللسان معلوم منهم .وإذا خلوا إلى شياطينهم ، أي : انفردوا مع رؤسائهم وقادتهم المشبهين الشياطين في تمردهم وعنوهم وصدهم عن سبيل الحق . يقال : خلابه وإليه ومعه ، خلوا وخلاء وخلوة : سأله أن يجتمع به في خلوة ففعل وأخلاه معه .أو المعنى : وإذا مضوا وذهبوا إلى شياطينهم ، يقال : خلا بمعنى مضى وذهب ، ومنه قوله تعالى ( قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ ) أي مضت .وعبر عن حالهم مع المؤمنين بالملاقاة ، وعن حالهم مع الشياطين بالخلوة إيذانا بأن هؤلاء المنافقين لا أنس لهم بالمؤمنين ، ولا طمأنينة منهم إليهم فهم لا يجالسونهم ولا يسامرونهم ، وإنما كل ما هنالك أن يلقوهم في عرض طريق ، أما شأنهم مع شياطينهم فهم إليهم يركنون ، وإليهم يتسامرون ويتحادثون ، لذلك هم بهم يخلون .والمعية في قولهم ( إِنَّا مَعَكُمْ ) ليزيلوا ما قد يجري في خواطراهم من أنهم فارقوا دينهم وانقلبوا إلى دين الإِسلام بقلوبهم .ولم يؤكدوا ما خاطبوا به المؤمنين ، إذ قالوا لهم ( آمَنَّا ) ولم يقولوا " إنا آمنا " ليوهموهم أنهم بمرتبة لا ينبغي أن يترددوا في إيمانهم حتى يحتاجوا إلى تأكيد .وقوله - تعالى - حكاية عنهم : ( إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) . وارد مورد الجواب عما قد يعترض به عليهم شياطينهم إذا قالوا لهم : كيف تدعون أنكم معنا مع أنكم توافقون المؤمنين في عقيدتهم وتشاركونهم في مظاهر دينهم؟فكان جوابهم عليهم ( إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) والاستهزاء : السخرية والاستخفاف بالغير ، يقال : هزأ منه وبه - كمنع وسمع - واستهزأ به ، أي : سخر .والمعنى : إننا نظهر للمؤمنين الموافقة على دينهم استخفافاً بهم وسخرية منهم ، لا أن ذلك صادر منا عن صدق وإخلاص .

وإذا لقوا الذين آمنوا: يعني هؤلاء المنافقين إذا لقوا المهاجرين والأنصارقالوا آمنا كإيمانكموإذا خلوا رجعوا، ويجوز أن يكون من الخلوة.إلى بمعنى الباء أي بشياطينهم، وقيل: (إلى) بمعنى مع؛ كما قال الله تعالى: ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم [2-النساء] أي مع أموالكم.شياطينهم: أي رؤسائهم وكهنتهم.قال ابن عباس رضي الله عنهما: "وهم خمسة نفر من اليهود كعب بن الأشرف بالمدينة، وأبو بردة في بني أسلم، وعبد الدار في جهينة، وعوف بن عامر في بني أسد، وعبد الله بن السوداء بالشام".ولا يكون كاهن إلا ومعه شيطان تابع له.والشيطان: المتمرد العاتي من الجن والإنس، ومن كل شيء وأصله البعد، يقال: بئر شطون أي: بعيدة العمق، سمي الشيطان شيطانا لامتداده في الشر وبعده عن الخير .وقال مجاهد: "إلى أصحابهم من المنافقين والمشركين".قالوا إنا معكم: أي على دينكم.إنما نحن مستهزئون: بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه بما نظهر من الإسلام .قرأ أبو جعفر (مستهزون) و(يستهزون) وقل (استهزوا) و(ليطفوا) و(ليواطوا) و(يستنبونك) و(خاطين) و(خاطون) و(متكن) و(متكون) (فمالون) و(المنشون) بترك الهمزة فيهن.

قوله تعالى : وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئونقوله تعالى : وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا أنزلت هذه الآية في ذكر المنافقين . أصل ( لقوا ) : لقيوا ، نقلت الضمة إلى القاف وحذفت الياء لالتقاء الساكنين . وقرأ محمد بن السميقع اليماني : " لاقوا الذين آمنوا " . والأصل لاقيوا ، تحركت الياء وقبلها فتحة انقلبت ألفا ، اجتمع ساكنان الألف والواو فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ثم حركت الواو بالضم .وإن قيل : لم ضمت الواو في " لاقوا " في الإدراج وحذفت من " لقوا " ؟ فالجواب : أن قبل الواو التي في " لقوا " ضمة ، فلو حركت الواو بالضم لثقل على اللسان النطق بها فحذفت لثقلها ، وحركت في " لاقوا " لأن قبلها فتحة .قوله تعالى : وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إن قيل : لم وصلت خلوا ب " إلى " وعرفها أن توصل بالباء ؟ قيل له : خلوا هنا بمعنى ذهبوا وانصرفوا ، ومنه قول الفرزدق :كيف تراني قالبا مجني أضرب أمري ظهره لبطن قد قتل الله زيادا عنيلما أنزله منزلة : صرف . وقال قوم : إلى بمعنى مع ، وفيه ضعف . وقال قوم : إلى بمعنى الباء ، وهذا يأباه الخليل وسيبويه . وقيل : المعنى : وإذا خلوا من المؤمنين إلى شياطينهم ، ف " إلى " على بابها . والشياطين جمع شيطان على التكسير ، وقد تقدم القول في اشتقاقه ومعناه في الاستعاذة . واختلف المفسرون في المراد بالشياطين هنا ، فقال ابن عباس والسدي : هم رؤساء الكفر . وقال الكلبي : هم شياطين الجن . وقال جمع من المفسرين : هم الكهان . ولفظ الشيطنة الذي معناه البعد عن الإيمان والخير يعم جميع من ذكر . والله أعلم .قوله تعالى : إنما نحن مستهزئون أي مكذبون بما ندعى إليه . وقيل : ساخرون . والهزء : السخرية واللعب ، يقال : هزئ به واستهزأ ، قال الراجز صخر الهلالي :قد هزئت مني أم طيسله قالت أراه معدما لا مال لهوقيل : أصل الاستهزاء : الانتقام ، كما قال الآخر :قد استهزءوا منهم بألفي مدجج سراتهم وسط الصحاصح جثم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْقال أبو جعفر: وهذه الآية نظيرة الآية الأخرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه فيها عن المنافقين بخداعهم الله ورسولَه والمؤمنين, فقال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ . ثم أكْذَبهم تعالى ذكره بقوله: وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ، وأنهم بقيلهم ذلك يخُادعون الله والذين آمنوا. وكذلك أخبر عنهم في هذه الآية أنهم يقولون -للمؤمنين المصدِّقين بالله وكتابه ورسوله- بألسنتهم: آمنا وصدَّقنا بمحمد وبما جاء به من عند الله, خِداعًا عن دمائهم وأموالهم وذَرَاريهم, ودرءًا لهم عنها, وأنهم إذا خَلَوْا إلى مَرَدَتهم وأهل العُتُوّ والشر والخُبث منهم ومن سائر أهل الشرك (87) الذين هم على مثل الذي هم عليه من الكُفر بالله وبكتابه ورسوله - وهم شياطينهم، وقد دللنا فيما مضى من كتابنا على أن شياطينَ كل شيء مَرَدَتُه - قالوا لهم: " إنا معكم "، أي إنا معكم على دينكم, وظُهراؤكم على من خالفكُم فيه, وأولياؤكم دون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ بالله وبكتابه ورسوله وأصحابه، كالذي-:349- حدثنا محمد بن العلاء (88) قال: حدثنا عثمان بن سعيد, قال: حدثنا بِشْر بن عُمارة، عن أبي رَوْق, عن الضحاك, عن ابن عباس في قوله: ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا )، قال: كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو بعضهم, قالوا: إنا على دينكم. وإذا خلوا إلى أصحابهم، وهم شياطينهم، قالوا: (إنا معكم إنما نحن مستهزئون).350- حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ) قال: إذا خلوا إلى شياطينهم من يهودَ، الذين يأمرونهم بالتكذيب وخلاف ما جاء به الرسول (قالوا إنا معكم)، أي إنا على مثل ما أنتم عليه إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ .351- حدثني موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط, عن السُّدّيّ في خبر ذكره عن أبي مالك, وعن أبي صالح, عن ابن عباس - وعن مُرَّة الهَمْداني، عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا خلوا إلى شياطينهم)، أما شياطينهم, فهم رءوسهم في الكُفر.352- حدثنا بشر بن مُعاذ العَقَدي (89) قال: حدثنا يزيد بن زُرَيْع, عن سعيد, عن قتادة قوله: (وإذا خلوا إلى شياطينهم) أي رؤسائهم في الشرّ قالوا إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ .353- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أنبأنا معمر عن قتادة في قوله: (وإذا خلوا إلى شياطينهم)، قال: المشركون.354- حدثني محمد بن عمرو الباهلي, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى بن ميمون, قال: حدثنا عبد الله بن أبي نَجيح, عن مجاهد في قول الله عز وجل: (وإذا خلوا إلى شياطينهم)، قال: إذا خلا المنافقون إلى أصحابهم من الكفّار.355- حدثني المثنى بن إبراهيم, قال: حدثنا أبو حُذيفة, عن شِبْل بن عبّاد, عن عبد الله بن أبي نَجيح, عن مجاهد: (وإذا خلوا إلى شياطينهم)، قال: أصحابِهم من المنافقين والمشركين.356- حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج, عن عبد الله بن أبي [ 1-198 ] جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس (وإذا خلوا إلى شياطينهم)، قال: إخوانهم من المشركين, " قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ" .357- حدثنا القاسم بن الحسن, قال: حدثنا الحسين بن داود, قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج في قوله: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا)، قال: إذا أصاب المؤمنين رخاءٌ قالوا: إنا نحن معكم، إنما نحن إخوانكم, وإذا خلوا إلى شياطينهم استهزءوا بالمؤمنين.358- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, قال: وقال مجاهد: شياطينُهم: أصحابُهم من المنافقين والمشركين (90) .فإن قال لنا قائل: أرأيتَ قولَه (وإذا خلوا إلى شياطينهم)؟ فكيف قيل: (خلوا إلى شياطينهم)، ولم يقل خَلَوْا بشياطينهم؟ فقد علمتَ أنّ الجاريَ بين الناس في كلامهم: " خلوتُ بفلان " أكثر وأفشَى من: " خلوتُ إلى فلان "؛ ومن قولك: إن القرآن أفصح البيان!قيل: قد اختلف في ذلك أهل العلم بلغة العرب. فكان بعض نحويِّي البصرة يقول: يقال " خلوتُ إلى فلان " إذا أريدَ به: خلوتُ إليه في حاجة خاصة. لا يحتَمِل -إذا قيل كذلك- إلا الخلاءَ إليه في قضاء الحاجة. فأما إذا قيل: " خلوت به " احتمل معنيين: أحدهما الخلاء به في الحاجة, والآخَر في السخرية به. فعلى هذا القول، ( وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ )، لا شكّ أفصحُ منه لو قيل " وإذا خلوا بشياطينهم "، لما في قول القائل: " إذا خلوا بشياطينهم " من التباس المعنى على سامعيه، الذي هو مُنتفٍ عن قوله: " وإذا خلوا إلى شياطينهم ". فهذا أحد الأقوال.والقول الآخر: فأن تُوَجِّه معنى (91) قوله (وإذا خلوا إلى شياطينهم)،" وإذا ص[ 1-199 ]خلوا مع شياطينهم ", إذ كانت حروف الصِّفات يُعاقِبُ بعضُها بعضًا (92) ، كما قال الله مخبرًا عن عيسى ابن مريم أنه قال للحواريين: مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ [سورة الصف: 14]، يريد: مع الله. وكما توضع " على " في موضع " من "، و " في" و " عن " و " الباء ", كما قال الشاعر:إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍلَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا (93)بمعنى عَنِّي.وأما بعض نحويي أهل الكوفة، فإنه كان يتأوَّل أن ذلك بمعنى: وإذا لَقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وإذا صَرفوا خَلاءهم إلى شياطينهم - فيزعم أن الجالب لِ " إلى "، المعنى الذي دلّ عليه الكلامُ: من انصرافِ المنافقين عن لقاء المؤمنين إلى شياطينهم خالين بهم, لا قوله " خَلَوْا ". وعلى هذا التأويل لا يصلح في موضع " إلى " غيرُها، لتغير الكلام بدخول غيرها من الحروف مكانها.وهذا القول عندي أولى بالصواب, لأن لكل حرف من حُرُوف المعاني وجهًا هو به أولى من غيره (94) فلا يصلح تحويل ذلك عنه إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها. ولِ " إلى " في كل موضع دخلت من الكلام حُكْم، وغيرُ جائز سلبُها معانِيَها في أماكنها.القول في تأويل قوله جل ثناؤه: إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14)أجمع أهل التأويل جميعًا -لا خلاف بينهم- على أن معنى قوله: (إنما نحن مستهزئون) : إنما نحن ساخرون. فمعنى الكلام إذًا: وإذا انصرف المنافقون خالين إلى مَرَدتهم من المنافقين والمشركين قالوا: إنا معكم عن ما أنتم عليه من التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، ومعاداتِه ومعاداة أتباعه, إنما نحن ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، بقيلنا لهم إذا لقيناهم: آمَنَّا بالله وباليوم الآخر (95) كما-:359- حدثنا محمد بن العلاء, قال: حدثنا عثمان بن سعيد, قال: حدثنا بشر بن عُمارة، عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: قالوا: ( إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) ، ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.360- حدثنا ابن حُميد, قال: حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (إنما نحن مستهزئون) ، أي: إنما نحن نستهزئ بالقوم ونلعبُ بهم.361- حدثنا بشر بن مُعاذ العَقَدي, قال: حدثنا يزيد بن زُرَيع, عن سعيد, عن قتادة: (إنما نحن مستهزئون) ، إنما نستهزئ بهؤلاء القوم ونَسخَر بهم.362- حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج, عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه, عن الربيع: (إنما نحن مستهزئون) ، أي نستهزئ بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم (96) .-------------------الهوامش :(87) في المخطوطة : "وأنهم إذا خلوا إلى أهل مودتهم" ، والذي في المطبوعة أصح في سياق تفسيره .(88) "محمد بن العلاء" ، هو"أبو كريب" ، الذي أكثر الرواية عنه فيما مضى وفيما يستقبل .(89) بشر بن معاذ العقدي : ثقة معروف ، روى عنه الترمذي : والنسائي وابن ماجه وغيرهم . و"العقدي" : بالعين المهملة والقاف المفتوحين ، نسبة إلى"العقد" : بطن من بجيلة .(90) هذه الآثار السالفة : 349 - 358 : ذكر أكثرها ابن كثير في تفسيره 1 : 93 ، والسيوطي 1 : 31 ، والشوكاني 1 : 33 .(91) في المطبوعة : "والقول الآخر : أن توجيه معنى قوله" .(92) حروف الصفات : هي حرف الجر ، وسميت حروف الجر ، لأنها تجر ما بعدها ، وسميت حروف الصفات ، لأنها تحدث في الاسم صفة حادثة ، كقولك : "جلست في الدار" ، دلت على أن الدار وعاء للجلوس . وقيل : سميت بذلك ، لأنها تقع صفات لما قبلها من النكرات . ويسميها الكوفيون أيضًا : حروف الإضافة ، لأنها تضيف الاسم إلى الفعل ، أي توصله إليه وتربطه به . (همع الهوامع 2 : 19) وتسمى أيضًا حروف المعاني ، كما سيأتي بعد قليل . والمعاقبة : أن يستعمل أحدهما مكان الآخر بمثل معناه .(93) الشعر للعقيف العقيلي ، يمدح حكيم بن المسيب القشيري . نوادر أبي زيد : 176 ، خزانة الأدب 4 : 247 ، وغيرهما كثير .(94) حروف المعاني ، هي حروف الصفات ، وحروف الجر ، كما مضى آنفًا ، تعليق : 1(95) في المطبوعة : "في قيلنا لهم إذا لقيناهم" .(96) هذه الآثار تتمة الآثار السالفة في تفسير أول الآية

عطف { وإذا لقوا } على ما عطف عليه : { وإذا قيل لهم لا تفسدوا } [ البقرة : 12 ] { وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس } [ البقرة : 13 ] . والكلام في الظرفية والزمان سواء .والتقييد بقوله : { وإذ لقوا الذين آمنوا } تمهيد لقوله : { وإذا خلوا } فبذلك كان مفيداً فائدة زائدة على ما في قوله : { ومن الناس من يقول آمنا بالله } [ البقرة : 8 ] الآية فليس ما هنا تكراراً مع ما هناك ، لأن المقصود هنا وصف ما كانوا يعملون مع المؤمنين وإيهامهم أنهم منهم ولقائهم بوجوه الصادقين ، فإذا فارقوهم وخلصوا إلى قومهم وقادتهم خلعوا ثوب التستر وصرحوا بما يبطنون . ونكتة تقديم الظرف تقدمت في قوله : { وإذا قيل لهم لا تفسدوا } .ومعنى قولهم { آمنا } أي كنا مؤمنين فالمراد من الإيمان في قولهم { آمنا } الإيمان الشرعي الذي هو مجموع الأوصاف الاعتقادية والعلمية التي تلقب بها المؤمنون وعُرفوا بها على حد قوله تعالى : { إنا هدنا إليك } [ الأعراف : 156 ] أي كنا على دين اليهودية فلا متعلق بقوله { آمنا } حتى يحتاج لتوجيه حذفه أو تقديره ، أو أريد آمنا بما آمنتم به ، والأول أظهر ، ولقاؤهم الذين آمنوا هو حضورهم مجلس النبيء صلى الله عليه وسلم ومجالس المؤمنين . ومعنى { قالوا آمنا } أظهروا أنهم مؤمنون بمجرد القول لا بعقد القلب ، أي نطقوا بكلمة الإسلام وغيرها مما يترجم عن الإيمان .وقوله : { وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم } معطوف على قوله : { وإذا لقوا } والمقصود هو هذا المعطوف وأما قوله : { وإذا لقوا الذين آمنوا } فتمهيد له كما علمت ، وذلك ظاهر من السياق لأن كل أحد يعلم أن المقصود أنهم يقولون آمنا في حال استهزاء يصرِّحون بقصده إذا خلوا بدليل أنه قد تقدم أنهم يأبون من الإيمان ويقولون : { أنؤمن كما آمن السفهاء } [ البقرة : 13 ] إنكاراً لذلك ، وواو العطف صالحة للدلالة على المعية وغيرها بحسب السياق وذلك أن السياق في بيان ما لهم من وجهين وجه مع المؤمنين ووجه مع قادتهم ، وإنما لم يُجعل مضمون الجملة الثانية في صورة الحال كأن يقال قائلين لشياطينهم إذا خلوا ولم نحمل الواو في قوله : { وإذا خلوا } على الحال ، أما الأول فلأن مضمون كلتا الجملتين لما كان صالحاً لأن يعتبر صفة مستقلة دالة على النفاق قصد بالعطف استقلال كلتيهما لأن الغرض تعداد مساويهم فإن مضمون : { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } منادٍ وحده بنفاقهم في هاته الحالة كما يفصح عنه قوله : { وإذا لقوا } الدال على أن ذلك في وقت مخصوص ، وأما الثاني فلأن الأصل اتحاد موقع الجملتين المتماثلتين لفظاً . ولما تقدم إيضاحه في وجه العدول عن الإتيان بالحال .والشياطين جمع شيطان ، جمع تكسير ، وحقيقة الشيطان أنه نوع من المخلوقات المجردة ، طبيعتها الحرارة النارية وهم من جنس الجن قال تعالى في إبليس :{ كان من الجن } [ الكهف : 50 ] وقد اشتهر ذكره في كلام الأنبياء والحكماء ، ويطلق الشيطان على المفسد ومثير الشر ، تقول العرب فلان من الشياطين ومن شياطين العرب وذلك استعارة ، وكذلك أطلق هنا على قادة المنافقين في النفاق ، قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين } [ الأنعام : 112 ] الخ .ووزن شيطان اختلف فيه البصريون والكوفيون من علماء العربية فقال البصريون هو فيعال من شطن بمعنى بعد؛ لأنه أبعد عن رحمة الله وعن الجنة فنونه أصلية وقال الكوفيون هو فعلان من شاط بمعنى هاج أو احترق أو بطل ووجه التسمية ظاهر . ولا أحسب هذا الخلاف إلا أنه بحث عن صيغة اشتقاقه فحسب أي البحث عن حروفه الأصول وهل إن نونه أصل أو زائد وإلا فإنه لا يظن بنحاة الكوفة أن يدَّعوا أنه يعامل معاملة الوصف الذي فيه زيادة الألف والنون مثل غضبان ، كيف وهو متفق على عدم منعه من الصرف في قوله تعالى : { وحفظناها من كل شيطان رجيم } [ الحجر : 17 ] . وقال ابن عطية ويرد على قول الكوفيين أن سيبويه حكى أن العرب تقول تشيطن إذا فعل الشيطان فهذا يبين أنه من شطن وإلا لقالوا تشيط ا ه . وفي «الكشاف» : جعل سيبويه نون شيطان في موضع من كتابه أصلية وفي آخر زائدة ا ه .والوجه أن تشيطن لما كان وصفاً مشتقاً من الاسم كقولهم تنمر أثبتوا فيه حروف الاسم على ما هي عليه لأنهم عاملوه معاملة الجامد دون المشتق لأنه ليس مشتقاً مما اشتق منه الاسم بل من حروف الاسم فهو اشتقاق حصل بعد تحقيق الاستعمال وقطع النظر عن مادة الاشتقاق الأول فلا يكون قولهم ذلك مرجحاً لأحد القولين .وعندي أنه اسم جامد شابه في حروفه مادة مشتقة ودخل في العربية من لغة سابقة لأن هذا الاسم من الأسماء المتعلقة بالعقائد والأديان ، وقد كان العرب العراق فيها السبق قبل انتقالهم إلى الحجاز واليمن ، ويدل لذلك تقارب الألفاظ الدالة على هذا المعنى في أكثر اللغات القديمة . وكنت رأيت قول من قال إن اسمه في الفارسية سَيْطان .و ( خلوا ) بمعنى انفردوا فهو فعل قاصر ويعدى بالباء وباللام ومن ومع بلا تضمين ويعدى بإلى على تضمين معنى آب أو خلص ويعدى بنفسه على تضمين تجاوز وباعد ومنه ما شاع من قولهم : «افعل كذا وخلاك ذم» أي إن تبعة الأمر أو ضره لا تعود عليك . وقد عدي هنا بإلى اليشير إلى أن الخلوة كانت في مواضع هي مآبهم ومرجعهم وأنّ لقاءهم للمؤمنين إنما هو صدفة ولمحات قليلة ، أفاد ذلك كله قوله : { لقوا وخلوا . } وهذا من بديع فصاحة الكلمات وصراحتها .واعلم أنه حكى خطابهم للذين آمنوا بما يقتضي أنهم لم يأتوا فيه بما يحقق الخبر من تأكيد ، وخطابهم موهم بما يقتضي أنهم حققوا لهم بقاءهم على دينهم بتأكيد الخبر بما دل عليه حرف التأكيد في قوله : { إنا معكم } مع أن مقتضى الظاهر أن يكون كلامهم بعكس ذلك؛ لأن المؤمنين يشكون في إيمان المنافقين ، وقومهم لا يشكون في بقائهم على دينهم ، فجاءت حكاية كلامهم الموافقة لمدلولاته على خلاف مقتضى الظاهر لمراعاة ما هو أجدر بعناية البليغ من مقتضى الظاهر .فخلو خطابهم مع المؤمنين عما يفيد تأكيد الخبر لأنهم لا يريدون أن يعرضوا أنفسهم في معرض من يتطرق ساحته الشك في صدقه لأنهم إذا فعلوا ذلك فقد أيقظوهم إلى الشك وذلك من إتقان نفاقهم على أنه قد يكون المؤمنون أخلياء الذهن من الشك في المنافقين لعدم تعينهم عندهم فيكون تجريد الخبر من المؤكدات مقتضى الظاهر .وأما قولهم لقومهم { إنا معكم } بالتأكيد فذلك لأنه لما بدا من إبداعهم في النفاق عند لقاء المسلمين ما يوجب شك كبرائهم في البقاء على الكفر وتطرق به التهمة أبواب قلوبهم احتاجوا إلى تأكيد ما يدل على أنهم باقون على دينهم . وكذلك قولهم : { إنما نحن مستهزئون } فقد أبدوا به وجه ما أظهروه للمؤمنين وجاءوا فيه بصيغة قصر القلب لرد اعتقاد شياطينهم فيهم أن ما أظهروه للمؤمنين حقيقة وإيمان صادق .وقد وجه صاحب «الكشاف» العدول عن التأكيد في قولهم : { آمنا } والتأكيد في قولهم { إنا معكم } بأن مخاطبتهم المؤمنين انتفى عنها ما يقتضي تأكيد الخبر لأن المخبرين لم يتعلق غرضهم بأكثر من ادعاء حدوث إيمانهم لأن نفوسهم لا تساعدهم على أن يتلفظوا بأقوى من ذلك ولأنهم علموا أن ذلك لا يروج على المسلمين أي فاقتصروا على اللازم من الكلام فإن عدم التأكيد في الكلام قد يكون لعدم اعتناء المتكلم بتحقيقه ، ولعلمه أن تأكيده عبث لعدم رواجه عند السامع ، وهذه نكتة غريبة مرجعها قطع النظر عن إنكار السامع والإعراض عن الاهتمام بالخبر . وأما مخاطبتهم شياطينهم فإنما أتوا بالخبر فيها مؤكداً لإفادة اهتمامهم بذلك الخبر وصدق رغبتهم في النطق به ولعلمهم أن ذلك رائج عند المخاطبين فإن التأكيد قد يكون لاعتناء المتكلم بالخبر ورواجه عند السامع أي فهو تأكيد للاهتمام لا لرد الإنكار .وقولهم : { إنما نحن مستهزئون } قصروا أنفسهم على الاستهزاء قصراً إضافياً للقلب أي مؤمنون مخلصون ، وجملة : { إنما نحن مستهزئون } تقرير لقوله : { إنا معكم } لأنهم إذا كانوا معهم كان ما أظهروه من مفارقة دينهم استهزاء أو نحوه فأما أن تكون الجملة الثانية استئنافاً واقعة في جواب سؤال مقدر كأن سائلاً يعجب من دعوى بقائهم على دينهم لما أتقنوه من مظاهر النفاق في معاملة المسلمين ، وينكر أن يكونوا باقين على دينهم ويسأل كيف أمكن الجمع بين البقاء على الدين وإظهار المودة للمؤمنين فأجابوا { إنما نحن مستهزئون ، } وبه يتضح وجه الإتيان بأداة القصر لأن المنكر السائل يعتقد كذبهم في قولهم { إنا معكم } ويدعي عكس ذلك ، وإما أن تكون الجملة بدلاً من { إنا معكم } بدل اشتمال لأن من دام على الكفر وتغالى فيه وهو مقتضى { معكم } أي في تصلبكم فقد حقر الإسلام وأهله واستخف بهم ، والوجه الأول أولى الوجوه لأنه يجمع ما تفيده البدلية والتأكيد من تقرير مضمون الجملة الأولى مع ما فيه من الإشارة إلى رد التحير الذي ينشأ عنه السؤال وهذا يفوت على تقديري التأكيد والبدلية .والاستهزاء السخرية يقال : هزأ به واستهزأ به فالسين والتاء للتأكيد مثل استجاب ، أي عاملَه فعلاً أو قولاً يحصل به احتقاره أو والتطرية به ، سواءٌ أَشعره بذلك أم أخفاه عنه . والباء فيه للسببية قيل : لا يتعدى بغير الباء وقيل : يتعدى بمن ، وهو مرادف سخر في المعنى دون المادة كما سيأتي في سورة الأنعام .وقرأ أبو جعفر ( مستهزون ) بدون همزة وبضم الزاي تخفيفاً وهو لغة فصيحة في المهموز .
الآية 14 - سورة البقرة: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون...)