سورة الأنعام: الآية 49 - والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب...

تفسير الآية 49, سورة الأنعام

وَٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُوا۟ يَفْسُقُونَ

الترجمة الإنجليزية

Waallatheena kaththaboo biayatina yamassuhumu alAAathabu bima kanoo yafsuqoona

تفسير الآية 49

والذين كذَّبوا بآياتنا من القرآن والمعجزات فأولئك يصيبهم العذاب يوم القيامة، بسبب كفرهم وخروجهم عن طاعة الله تعالى.

«والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون» يخرجون عن الطاعة.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ أي: ينالهم، ويذوقونه بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ

ثم قال : ( والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ) أي : ينالهم العذاب بما كفروا بما جاءت به الرسل ، وخرجوا عن أوامر الله وطاعته ، وارتكبوا محارمه ومناهيه وانتهاك حرماته .

ثم بين- سبحانه- عاقبة من آمن وعاقبة من كفر فقال: فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ.والمعنى: فمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأصلح في عمله. فلا خوف عليهم من عذاب الدنيا الذي ينزل بالجاحدين، ولا من عذاب الآخرة الذي يحل بالمكذبين، ولا هم يحزنون يوم لقاء الله على شيء فاتهم.والمس اللمس باليد، ويطلق على ما يصيب المرء من ضر أو شر- في الغالب- وفي قوله يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ استعارة تبعية، فكأن العذاب كائن حي يفعل بهم ما يريد من الآلام والعذاب.ثم لقن الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم الأجوبة الحاسمة التي تدمغ شبهات الكافرين، وتبين ضلال مقترحاتهم فقال:

( والذين كذبوا بآياتنا يمسهم ) يصيبهم ( العذاب بما كانوا يفسقون ) يكفرون .

قوله تعالى : والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون قوله تعالى : والذين كذبوا بآياتنا أي : بالقرآن والمعجزات . وقيل : بمحمد عليه الصلاة والسلام . يمسهم العذاب أي : يصيبهم بما كانوا يفسقون أي : يكفرون .

القول في تأويل قوله : وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأما الذين كذَّبوا بمن أرسلنا إليه من رسلنا، وخالفوا أمرنا ونهينا، ودافعوا حجتنا, فإنهم يباشرهم عذابُنا وعقابنا، على تكذيبهم ما كذبوا به من حججنا (17) =" بما كانوا يفسقون "، يقول: بما كانوا يكذّبون.* * *وكان ابن زيد يقول: كل " فسق " في القرآن, فمعناه الكذب. (18)13251 - حدثني بذلك يونس قال، أخبرنا ابن وهب، عنه. (19)---------------------الهوامش :(17) انظر تفسير"المس" فيما سلف ص: 287 ، تعليق: 1؛ والمراجع هناك.(18) انظر ما سلف قريبًا ص: 206 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك. وانظر أيضًا الأثران رقم: 12103 ، 12983.(19) عند هذا الموضع ، انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت عنه نسختنا ، وفيها ما نصه:"يتلوه القولُ في تأويل قوله قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ الله وَلا أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إنِّي مَلَكٌ إنْ أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إليِّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصِيرُ أفَلا تتفكَّرُون وَصَلَّى الله على محمد النبي وآله وسلم كثيرًا" ثم يتلوه ما نصه: "بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم رَبِّ أَعِنْ"

والمسُّ حقيقته مباشرة الجسم باليد وهو مرادف اللمس والجسّ ، ويستعار لإصابة جسم جسماً آخر كما في هذه الآية .وقد تقدّم في قوله تعالى : { ليَمَسَّنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم } في سورة [ المائدة : 73 ]. ويستعار أيضاً للتَّكيّف بالأحوال كما يقال : به مسّ من الجنون . قال تعالى : { إنّ الذين اتَّقوا ءا مسَّهم طائف من الشيطان تذكَّروا فإذا هم مبصرون } [ الأعراف : 201 ].وجمع الضمائر العائدة إلى ( مَنْ ) مراعاة لمعناها ، وأمَّا إفراد فعل { آمن } و { أصلح } فلرعي لفظها .والباء للسببية ، و ( ما ) مصدرية ، أي بسبب فسقهم . والفسق حقيقته الخروج عن حدّ الخير . وشاع استعماله في القرآن في معنى الكفر وتجاوز حدود الله تعالى . وتقدّم تفصيله عند قوله تعالى : { وما يضلّ به إلاّ الفاسقين } في سورة [ البقرة : 26 ].وجيء بخبر ( كان ) جملة مضارعية للإشارة إلى أنّ فسقهم كان متجدّداً متكرّراً ، على أنّ الإتيان ب ( كان ) أيضاً للدلالة على الاستمرار لأنّ ( كان ) إذا لم يقصد بها انقضاء خبرها فيما مضى دلَّت على استمرار الخبر بالقرينة ، كقوله تعالى : { وكان الله غفوراً رحيما } [ النساء : 96 ].
الآية 49 - سورة الأنعام: (والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون...)