سورة المائدة (5): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة المائدة بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة المائدة مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة المائدة

سُورَةُ المَائـِدَةِ
الصفحة 111 (آيات من 18 إلى 23)

وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰٓؤُا۟ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُوا۟ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ۖ فَقَدْ جَآءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ يَٰقَوْمِ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنۢبِيَآءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَءَاتَىٰكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ ٱلْعَٰلَمِينَ يَٰقَوْمِ ٱدْخُلُوا۟ ٱلْأَرْضَ ٱلْمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِى كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا۟ عَلَىٰٓ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا۟ خَٰسِرِينَ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا۟ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا۟ مِنْهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُوا۟ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَٰلِبُونَ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓا۟ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
111

الاستماع إلى سورة المائدة

تفسير سورة المائدة (تفسير القرطبي: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

الترجمة الإنجليزية

Waqalati alyahoodu waalnnasara nahnu abnao Allahi waahibbaohu qul falima yuAAaththibukum bithunoobikum bal antum basharun mimman khalaqa yaghfiru liman yashao wayuAAaththibu man yashao walillahi mulku alssamawati waalardi wama baynahuma wailayhi almaseeru

قوله : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصيرقوله تعالى : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قال ابن عباس : خوف رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من اليهود العقاب فقالوا : لا نخاف فإنا أبناء الله وأحباؤه ; فنزلت الآية . قال ابن إسحاق : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضا وبحري بن عمرو وشأس بن عدي فكلموه وكلمهم ، ودعاهم إلى الله عز وجل وحذرهم نقمته فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ؟ ; نحن أبناء الله وأحباؤه ، كقول النصارى ; فأنزل الله عز وجل فيهم وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم إلى آخر الآية . قال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب : يا معشر يهود اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته ; فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا هذا لكم ، ولا أنزل الله من كتاب بعد موسى ، ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا من بعده ; فأنزل الله عز وجل : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل إلى قوله : والله على كل شيء قدير . السدي : زعمت اليهود أن الله عز وجل أوحى إلى إسرائيل عليه السلام أن ولدك بكري من الولد . قال غيره : والنصارى قالت نحن أبناء الله ; لأن في الإنجيل حكاية عن عيسى " أذهب إلى أبي وأبيكم " ، وقيل : المعنى : نحن أبناء رسل الله ، فهو على حذف مضاف ، وبالجملة . فإنهم رأوا لأنفسهم فضلا ; فرد عليهم قولهم فقال : فلم يعذبكم بذنوبكم فلم يكونوا يخلون من أحد وجهين ; إما أن يقولوا هو يعذبنا . فيقال لهم : فلستم إذا أبناءه وأحباءه ; فإن الحبيب لا يعذب حبيبه ، وأنتم تقرون بعذابه ; فذلك دليل على كذبكم - وهذا هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف - أو يقولوا : لا يعذبنا فيكذبوا ما في كتبهم ، وما جاءت به رسلهم ، ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب العصاة منهم ; ولهذا يلتزمون أحكام كتبهم ، وقيل : معنى يعذبكم عذبكم ; فهو بمعنى المضي ; أي : فلم مسخكم قردة وخنازير ؟ ولم عذب من قبلكم من اليهود والنصارى بأنواع العذاب وهم أمثالكم ؟ لأن الله سبحانه لا يحتج عليهم بشيء لم يكن بعد ، لأنهم ربما يقولون لا نعذب غدا ، بل يحتج عليهم بما عرفوه . ثم قال : بل أنتم بشر ممن خلق أي : كسائر خلقه يحاسبكم على الطاعة والمعصية ، ويجازي كلا بما عمل . يغفر لمن يشاء أي : لمن تاب من اليهود . ويعذب من يشاء من مات عليها . ولله ملك السماوات والأرض فلا شريك له يعارضه . وإليه المصير أي : يئول أمر العباد إليه في الآخرة .

الترجمة الإنجليزية

Ya ahla alkitabi qad jaakum rasooluna yubayyinu lakum AAala fatratin mina alrrusuli an taqooloo ma jaana min basheerin wala natheerin faqad jaakum basheerun wanatheerun waAllahu AAala kulli shayin qadeerun

قوله تعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قديرقوله تعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يعني محمدا صلى الله عليه وسلم . يبين لكم انقطاع حجتهم حتى لا يقولوا غدا ما جاءنا رسول . على فترة من الرسل أي : سكون ; يقال فتر الشيء سكن ، وقيل : على فترة على انقطاع ما بين النبيين ; عن أبي علي وجماعة أهل العلم ، حكاه الرماني ; قال : والأصل فيها انقطاع العمل عما كان عليه من الجد فيه ، من قولهم : فتر عن عمله وفترته عنه ، ومنه فتر الماء إذا انقطع عما كان من السخونة إلى البرد . وامرأة فاترة الطرف أي : منقطعة عن حدة النظر ، وفتور البدن كفتور الماء ، والفتر ما بين السبابة والإبهام إذا فتحتهما ، والمعنى ; أي : مضت للرسل مدة قبله ، واختلف في قدر مدة تلك الفترة ; فذكر محمد بن سعد في كتاب " الطبقات " عن ابن عباس قال : كان بين موسى بن عمران وعيسى ابن مريم عليهما السلام ألف سنة وسبعمائة سنة ، ولم يكن بينهما فترة ، وأنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم . وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون سنة ، بعث في أولها ثلاثة أنبياء ; وهو قوله تعالى : إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث والذي عزز به " شمعون " وكان من الحواريين ، وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولا أربعمائة سنة وأربعا وثلاثين سنة ، وذكر الكلبي أن بين عيسى ومحمد عليهما السلام خمسمائة سنة وتسع وستون ، وبينهما أربعة أنبياء ; واحد من العرب من بني عبس وهو خالد بن سنان . قال القشيري : ومثل هذا مما لا يعلم إلا بخبر صدق . وقال قتادة : كان بين عيسى ومحمد عليهما السلام ستمائة سنة ; وقاله مقاتل والضحاك ووهب بن منبه ، إلا أن وهبا زاد عشرين سنة ، وعن الضحاك أيضا أربعمائة وبضع وثلاثون سنة ، وذكر ابن سعد عن عكرمة قال : بين آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام . قال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمرو بن واقد الأسلمي عن غير واحد قالوا : كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، والقرن مائة سنة ، وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون ، والقرن مائة سنة ، وبين إبراهيم وموسى بن عمران عشرة قرون ، والقرن مائة سنة ; فهذا ما بين آدم ومحمد عليهما السلام من القرون والسنين . والله أعلم . أن تقولوا أي : لئلا أو كراهية أن تقولوا ; فهو في موضع نصب . ما جاءنا من بشير أي : مبشر . ولا نذير أي : منذر ، ويجوز من بشير ولا نذير على الموضع . قال ابن عباس : قال معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب لليهود ; يا معشر يهود اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أن محمدا رسول الله ، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه بصفته ; فقالوا : ما أنزل الله من كتاب بعد موسى ولا أرسل بعده من بشير ولا نذير ; فنزلت الآية . والله على كل شيء قدير على إرسال من شاء من خلقه . وقيل : قدير على إنجاز ما بشر به وأنذر منه .

الترجمة الإنجليزية

Waith qala moosa liqawmihi ya qawmi othkuroo niAAmata Allahi AAalaykum ith jaAAala feekum anbiyaa wajaAAalakum mulookan waatakum ma lam yuti ahadan mina alAAalameena

قوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكمتبيين من الله تعالى أن أسلافهم تمردوا على موسى وعصوه ; فكذلك هؤلاء على محمد عليه السلام ، وهو تسلية له ; أي : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ، واذكروا قصة موسى ، وروي عن عبد الله بن كثير أنه قرأ " يا قوم اذكروا " بضم الميم ، وكذلك ما أشبهه ; وتقديره يا أيها القوم . إذ جعل فيكم أنبياء لم ينصرف ; لأنه فيه ألف التأنيث . وجعلكم ملوكا أي : تملكون أمركم لا يغلبكم عليه غالب بعد أن كنتم مملوكين لفرعون مقهورين ، فأنقذكم منه بالغرق ; فهم ملوك بهذا الوجه ، وبنحوه فسر السدي والحسن وغيرهما . قال السدي : ملك كل واحد منه نفسه وأهله وماله ، وقال قتادة : إنما قال : وجعلكم ملوكا لأنا كنا نتحدث أنهم أول من خدم من بني آدم . قال ابن عطية : وهذا ضعيف ; لأن القبط قد كانوا يستخدمون بني إسرائيل ، وظاهر أمر بني آدم أن بعضهم كان يسخر بعضا مذ تناسلوا وكثروا ، وإنما اختلفت الأمم في معنى التمليك فقط ، وقيل : جعلكم ذوي منازل لا يدخل عليكم إلا بإذن ; روي معناه عن جماعة من أهل العلم . قال ابن عباس : إن الرجل إذا لم يدخل أحد بيته إلا بإذنه فهو ملك ، وعن الحسن أيضا وزيد بن أسلم من كانت له دار وزوجة وخادم فهو ملك ; وهو قول عبد الله بن عمرو كما في صحيح مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل فقال : ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ فقال له عبد الله : ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال : نعم . قال : ألك منزل تسكنه ؟ قال : نعم . قال : فأنت من الأغنياء . قال : فإن لي خادما . قال : فأنت من الملوك . قال ابن العربي : وفائدة هذا أن الرجل إذا وجبت عليه كفارة وملك دارا وخادما باعهما في الكفارة ولم يجز له الصيام ، لأنه قادر على الرقبة والملوك لا يكفرون بالصيام ، ولا يوصفون بالعجز عن الإعتاق ، وقال ابن عباس ومجاهد : جعلهم ملوكا بالمن والسلوى والحجر والغمام ، أي : هم مخدومون كالملوك ، وعن ابن عباس أيضا يعني الخادم والمنزل ; وقاله مجاهد وعكرمة والحكم بن عيينة ، وزادوا الزوجة ; وكذا قال زيد بن أسلم إلا أنه قال فيما يعلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم : من كان له بيت - أو قال منزل - يأوي إليه وزوجة وخادم يخدمه فهو ملك ; ذكره النحاس ، ويقال : من استغنى عن غيره فهو ملك ; وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم : من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها .قوله تعالى : وآتاكم أي : أعطاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين والخطاب من موسى لقومه في قول جمهور المفسرين ; وهو وجه الكلام . مجاهد : والمراد بالإيتاء المن والسلوى والحجر والغمام ، وقيل : كثرة الأنبياء فيهم ، والآيات التي جاءتهم ، وقيل : قلوبا سليمة من الغل والغش ، وقيل : إحلال الغنائم والانتفاع بها .قلت : وهذا القول مردود ; فإن الغنائم لم تحل لأحد إلا لهذه الأمة على ما ثبت في الصحيح ; وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ، وهذه المقالة من موسى توطئة لنفوسهم حتى تعزز وتأخذ الأمر بدخول أرض الجبارين بقوة ، وتنفذ في ذلك نفوذ من أعزه الله ورفع من شأنه ، ومعنى من العالمين أي : عالمي زمانكم ; عن الحسن . وقال ابن جبير وأبو مالك : الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ; وهذا عدول عن ظاهر الكلام بما لا يحسن مثله . وتظاهرت الأخبار أن دمشق قاعدة الجبارين . والمقدسة معناه المطهرة . مجاهد : المباركة ; والبركة التطهير من القحوط والجوع ونحوه . قتادة : هي الشام . مجاهد : الطور وما حوله . ابن عباس والسدي وابن زيد : هي أريحاء . قال الزجاج : دمشق وفلسطين وبعض الأردن ، وقول قتادة يجمع هذا كله . التي كتب الله لكم أي : فرض دخولها عليكم ووعدكم دخولها وسكناها لكم . ولما خرجت بنو إسرائيل من مصر أمرهم بجهاد أهل أريحاء من بلاد فلسطين فقالوا : لا علم لنا بتلك الديار ; فبعث بأمر الله اثني عشر نقيبا ، من كل سبط رجل يتجسسون الأخبار على ما تقدم ، فرأوا سكانها الجبارين من العمالقة ، وهم ذوو أجسام هائلة ; حتى قيل : إن بعضهم رأى هؤلاء النقباء فأخذهم في كمه مع فاكهة كان قد حملها من بستانه وجاء بهم إلى الملك فنثرهم بين يده وقال : إن هؤلاء يريدون قتالنا ; فقال لهم الملك : ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا ; على ما تقدم ، وقيل : إنهم لما رجعوا أخذوا من عنب تلك الأرض عنقودا فقيل : حمله رجل واحد ، وقيل : حمله النقباء الاثنا عشر .قلت : وهذا أشبه ; فإنه يقال : إنهم لما وصلوا إلى الجبارين وجدوهم يدخل في كم أحدهم رجلان منهم ، ولا يحمل عنقود أحدهم إلا خمسة منهم في خشبة ، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبه خمسة أنفس أو أربعة .قلت : ولا تعارض بين هذا والأول ; فإن ذلك الجبار الذي أخذهم في كمه - ويقال : في حجره - هو عوج بن عناق وكان أطولهم قامة وأعظمهم خلقا ; على ما يأتي من ذكره إن شاء الله تعالى ، وكان طول سائرهم ستة أذرع ونصفا في قول مقاتل . وقال الكلبي : كان طول كل رجل منهم ثمانين ذراعا ، والله أعلم . فلما أذاعوا الخبر ما عدا يوشع وكالب بن يوقنا ، وامتنعت بنو إسرائيل من الجهاد عوقبوا بالتيه أربعين سنة إلى أن مات أولئك العصاة ونشأ أولادهم ، فقاتلوا الجبارين وغلبوهم .

الترجمة الإنجليزية

Ya qawmi odkhuloo alarda almuqaddasata allatee kataba Allahu lakum wala tartaddoo AAala adbarikum fatanqaliboo khasireena

قوله تعالى : ولا ترتدوا على أدباركم أي : لا ترجعوا عن طاعتي وما أمرتكم به من قتال الجبارين ، وقيل : لا ترجعوا عن طاعة الله إلى معصيته ، والمعنى واحد .

الترجمة الإنجليزية

Qaloo ya moosa inna feeha qawman jabbareena wainna lan nadkhulaha hatta yakhrujoo minha fain yakhrujoo minha fainna dakhiloona

قوله تعالى : قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين أي : عظام الأجسام طوال ، وقد تقدم ; يقال : نخلة جبارة أي : طويلة ، والجبار المتعظم الممتنع من الذل والفقر . وقال الزجاج : الجبار من الآدميين العاتي ، وهو الذي يجبر الناس على ما يريد ; فأصله على هذا من الإجبار وهو الإكراه ; فإنه يجبر غيره على ما يريده ; وأجبره أي : أكرهه . وقيل : هو مأخوذ من جبر العظم ; فأصل الجبار على هذا المصلح أمر نفسه ، ثم استعمل في كل من جر لنفسه نفعا بحق أو باطل ، وقيل : إن جبر العظم راجع إلى معنى الإكراه . قال الفراء : لم أسمع فعالا من أفعل إلا في حرفين ; جبار من أجبر ودراك من أدرك . ثم قيل : كان هؤلاء من بقايا عاد ، وقيل : هم من ولد عيصوا بن إسحاق ، وكانوا من الروم ، وكان معهم عوج الأعنق ، وكان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا ; قاله ابن عمر ، وكان يحتجن السحاب أي : يجذبه بمحجنه ويشرب منه ، ويتناول الحوت من قاع البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله ، وحضر طوفان نوح عليه السلام ولم يجاوز ركبتيه وكان عمره ثلاثة آلاف وستمائة سنة ، وأنه قلع صخرة على قدر عسكر موسى ليرضخهم بها ، فبعث الله طائرا فنقرها ووقعت في عنقه فصرعته ، وأقبل موسى عليه السلام وطوله عشرة أذرع ; وعصاه عشرة أذرع وترقى في السماء عشرة أذرع فما أصاب إلا كعبه وهو مصروع فقتله ، وقيل : بل ضربه في العرق الذي تحت كعبه فصرعه فمات ووقع على نيل مصر فجسرهم سنة . ذكر هذا المعنى باختلاف ألفاظ محمد بن إسحاق والطبري ومكي وغيرهم ، وقال الكلبي : عوج من ولد هاروت وماروت حيث وقعا بالمرأة فحملت ، والله أعلم .قوله تعالى : إنا لن ندخلها يعني البلدة إيلياء ، ويقال : أريحاء حتى يخرجوا منها أي : حتى يسلموها لنا من غير قتال ، وقيل : قالوا ذلك خوفا من الجبارين ولم يقصدوا العصيان ; فإنهم قالوا :فإن يخرجوا منها فإنا داخلون

الترجمة الإنجليزية

Qala rajulani mina allatheena yakhafoona anAAama Allahu AAalayhima odkhuloo AAalayhimu albaba faitha dakhaltumoohu fainnakum ghaliboona waAAala Allahi fatawakkaloo in kuntum mumineena

قوله تعالى : قال رجلان من الذين يخافون قال ابن عباس وغيره : هما يوشع وكالب بن يوقنا ويقال ابن قانيا ، وكانا من الاثني عشر نقيبا . ويخافون أي : من الجبارين . قتادة : يخافون الله تعالى ، وقال الضحاك : هما رجلان كانا في مدينة الجبارين على دين موسى ; فمعنى يخافون على هذا أي : من العمالقة من حيث الطبع لئلا يطلعوا على إيمانهم فيفتنوهم ولكن وثقا بالله ، وقيل : يخافون ضعف بني إسرائيل وجبنهم ، وقرأ مجاهد وابن جبير " يخافون " بضم الياء ، وهذا يقوي أنهما من غير قوم موسى . أنعم الله عليهما أي : بالإسلام أو باليقين والصلاح . ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون قالا لبني إسرائيل لا يهولنكم عظم أجسامهم فقلوبهم ملئت رعبا منكم ; فأجسامهم عظيمة وقلوبهم ضعيفة ، وكانوا قد علموا أنهم إذا دخلوا من ذلك الباب كان لهم الغلب ، ويحتمل أن يكونا قالا ذلك ثقة بوعد الله . ثم قالا : وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين مصدقين به ; فإنه ينصركم . ثم قيل على القول الأول : لما قالا هذا أراد بنو إسرائيل رجمهما بالحجارة ، وقالوا : نصدقكما وندع قول عشرة ! .
111