سورة البقرة (2): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة البقرة بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير الطبري (الإمام أبو جعفر الطبري). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة البقرة مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة البقرة

سورة البقرة في القرآن الكريم

سورة البقرة هي ثاني سورة من سور القرآن الكريم، وتتألف من 286 آية. تعتبر سورة البقرة من أطول السور في القرآن الكريم، وتحتوي على مواضيع متنوعة تتعلق بالعقيدة والشريعة والأخلاق والتشريعات الاجتماعية.

تتضمن سورة البقرة العديد من الحكم والأوامر الإلهية التي تهدف إلى توجيه الإنسان في حياته وتربيته على القيم الإسلامية. كما تحتوي على قصص وأمثال تعبر عن الحكمة والعبرة للمؤمنين.

من بين المواضيع الرئيسية التي تتناولها سورة البقرة هي الإيمان والتوحيد، والشريعة والأحكام الشرعية، والأخلاق والتربية، والتاريخ الإسلامي والقصص القرآنية.

يعتبر قراءة سورة البقرة والتفكير في مضمونها من الأمور المهمة في الحياة اليومية للمسلم، حيث تحتوي على توجيهات ونصائح تساعد على تحسين الحياة الروحية والاجتماعية.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد الكثيرون أن قراءة سورة البقرة تحمي المنزل وأهله من الشرور والأذى، وتجلب البركة والرزق.

سُورَةُ البَقَرَةِ
الصفحة 26 (آيات من 170 إلى 176)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا۟ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُوا۟ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ ۗ أَوَلَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْـًٔا وَلَا يَهْتَدُونَ وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ كَمَثَلِ ٱلَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَآءً وَنِدَآءً ۚ صُمٌّۢ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُلُوا۟ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٰكُمْ وَٱشْكُرُوا۟ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيْرِ ٱللَّهِ ۖ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَآ إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَيَشْتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُو۟لَٰٓئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُا۟ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ ۚ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ ۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُوا۟ فِى ٱلْكِتَٰبِ لَفِى شِقَاقٍۭ بَعِيدٍ
26

الاستماع إلى سورة البقرة

تفسير سورة البقرة (تفسير الطبري: الإمام أبو جعفر الطبري)

الترجمة الإنجليزية

Waitha qeela lahumu ittabiAAoo ma anzala Allahu qaloo bal nattabiAAu ma alfayna AAalayhi abaana awalaw kana abaohum la yaAAqiloona shayan wala yahtadoona

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (170)قال أبو جعفر: وفي هذه الآية وجهان من التأويل.أحدهما: أن تكون " الهاء والميم " من قوله: " وإذا قيلَ لهم " عائدة على مَنْ في قوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا ، فيكون معنى الكلام: ومن الناس مَنْ يَتخذُ من دُون الله أندادًا, وإذا قيل لهم: اتبعوا ما أنزل الله. قالوا: بل نتبع ما ألفينا عَليه آباءنا.والآخر: أن تكون " الهاء والميم " اللتان في قوله: " وإذا قيل لهم "، من ذكر النَّاسُ الذين في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا ، فيكون ذلك انصرافًا من الخطاب إلى الخبر عن الغائب، كما في قوله تعالى ذكره: حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [سورة يونس: 22]* * *قال أبو جعفر: وأشبه عندي بالصواب وأولى بتأويل الآية (1) أن تكون " الهاء والميم " في قوله: " لهم "، من ذكر النَّاسُ , وأن يكون ذلك رجوعًا من الخطاب إلى الخبر عن الغائب. لأن ذلك عَقيب قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ . فلأنْ يكون خبرًا عنهم، أولى من أن يكون خبرًا عن الذين أخبرَ أنّ منهم مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا ، مع ما بينهما من الآيات، وانقطاع قَصَصهم بقصة مُستأنفة غيرها = وأنها نزلت في قوم من اليهود قالوا ذلك، (2) إذ دعوا إلى الإسلام، كما:-2446- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: دَعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهودَ من أهل الكتاب إلى الإسلام ورَغَّبهم فيه, وحذرهم عقاب الله ونقمته, فقال له رَافع بن خارجة، ومَالك بن عوف: بل نَتبع ما ألفينا عليه آباءنا، فإنهم كانوا أعلم وخيرًا منا! فأنزل الله في ذلك من قولهما (3) " وإذا قيلَ لهُم اتبعوا ما أنزل اللهُ قالوا بَل نتِّبع ما ألفينا عَليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يَهتدون ". (4)2447- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس مثله - إلا أنه قال: فقال له أبو رَافع بن خارجة، ومالك بن عوف. (5)* * *وأما تأويل قوله: " اتبعوا ما أنزلَ الله "، فإنه: اعملوا بما أنزل الله في كتابه على رسوله, فأحِلُّوا حلاله، وحرِّموا حرامه, واجعلوه لكم إمامًا تأتمون به, وقائدًا تَتبعون أحكامه.* * *وقوله: " ألفينا عَليه آباءنا "، يعني وَجدنا, كما قال الشاعر: (6)فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍوَلا ذَاكِرِ اللهَ إلا قَلِيلا (7)يعني: وجدته، وكما:-2448- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " قالوا بَل نَتبع ما ألفينا عليه آباءنا "، أي: ما وجدنا عليه آباءنا.2449- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.قال أبو جعفر: فمعنى الآية: وإذا قيل لهؤلاء الكفار: كلوا مما أحلّ الله لكم، ودَعوا خُطوات الشيطان وطريقه، واعملوا بما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في كتابه - استكبروا عن الإذعان للحقّ وقالوا: بل نأتم بآبائنا فنتَّبع ما وجدناهم عليه، من تحليل ما كانوا يُحلُّون، وتحريم ما كانوا يحرّمون.* * *قال الله تعالى ذكره: " أوَ لو كانَ آباؤهم " -يعني: آباء هؤلاء الكفار الذين مضوا على كفرهم بالله العظيم-" لا يعقلون شيئًا " من دين الله وفرائضه، وأمره ونهيه, فيُتَّبعون على ما سَلكوا من الطريق، ويؤتمُّ بهم في أفعالهم -" ولا يَهتدون " لرشد، فيهتدي بهم غيرهم, ويَقتدي بهم من طَلب الدين, وأراد الحق والصواب؟يقول تعالى ذكره لهؤلاء الكفار: فكيف أيها الناس تَتَّبعون ما وجدتم عليه آباءكم فتتركون ما يأمرُكم به ربكم، وآباؤكم لا يعقلون من أمر الله شيئًا، ولا هم مصيبون حقًّا، ولا مدركون رشدًا؟ وإنما يَتّبع المتبعُ ذا المعرفة بالشيء المستعملَ له في نفسه, فأما الجاهل فلا يتبعه -فيما هو به جاهل- إلا من لا عقل له ولا تمييز.------------الهوامش :(1) في المطبوعة : "وأشبه عندي وأولى بالآية" ، وهو كلام مختل ، ورددته إلى عبارة الطبري في تأويل أكثر الآيات السالفة .(2) في المطبوعة : "وإنما نزلت في قوم من اليهود" ، وهو خطأ ناطق ، واضطراب مفسد للكلام . والصواب ما أثبت . يقول أبو جعفر إن أولى الأقوال بالصواب أن تكون الآية نزلت في ذكر عرب الجاهلية الذين حرموا ما حرموا على أنفسهم ، كما ذكر في تفسير الآيتين السالفتين (168 ، 169) ، ويستبعد أن يكون المعنى بها من ورد ذكرهم في الآية (165) ، كما يستبعد قول من قال إنها نزلت في اليهود ، في الخبر الذي سيرويه بعد . فقوله : "وأنها نزلت" عطف على قوله"خبرًا" في قوله : "أولى من أن يكون خبرًا عن الذين أخبر أن منهم من يتخذ . . . " .(3) في المطبوعة : "فأنزل الله من قولهم ذلك" . وهو خطأ محض ، ورددتها إلى نصها في سيرة ابن هشام ، كما سيأتي مرجعه .(4) الأثر رقم : 2446- في سيرة ابن هشام 2 : 200-201 ، مع اختلاف يسير في لفظه .(5) الأثر رقم : 2447- انظر الأثر : 2446 .(6) هو أبو الأسود الدؤلي .(7) ديوانه : 49 (نفائس المخطوطات) ، سيبوبه 1 : 85 ، والأغاني 11 : 107 ، وأمالي بن الشجرى 1 : 283 والصدقة والصديق : 151 ، والخزانة 4 : 554 ، وشرح شواهد المغني : 316 ، واللسان (عتب) . وهو من أبيات قالها في امرأة كان يجلس إليها بالبصرة ، وكانت برزة جميلة ، فقالت له يومًا : يا أبا الأسود ، هل لك أن أتزوجك؟ فإني امرأة صناع الكف ، حسنة التدبير ، قانعة بالميسور . قال : نعم . فجمعت أهلها وتزوجته . ثم إنه وجدها على خلاف ما قالت ، فأسرعت في ماله ، ومدت يدها في خيانته ، وأفشت عليه سره ، فغدا على من كان حضر تزويجه ، فسألهم أن يجتمعوا عنده ، ففعلوا . فقال لهم :أَرَيْتَ امْرءًا كنتُ لَمْ أَبْلُهُأتَانِي, فَقَالَ : اتّخِذْنِي خليلاَفخالَلْتَهُ, ثُمَّ صَافيْتُهفَلَمْ أَسْتَفِدْ مِنْ لَدُنْهُ فتيلاَوَأَلفَيْتُهُ حِينَ جَرَّبْتُهكَذُوبَ الحَدِيثِ سَرُوقًا بَخِيلاَفَذَكَّرْتُه, ثُمَّ عَاتبتُهُعِتَابًا رَفِيقًا وَقَوْلاً جَمِيلاَفَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍوَلاَ ذَاكِرِ اللهَ إلاَّ قَلِيلاَأَلسْتُ حَقِيقًا بِتَوْدِيعِهِوَإتْبَاع ذلِكَ صَرْمًا طَوِيلاَ?!قالوا : بلى والله يا أبا الأسود! قال : تلك صاحبتكم ، وقد طلقتها ، وأنا أحب أن أستر ما أنكرت من أمرها . ثم صرفها معهم .قال ابن الشجرى : "والذي حسن لقائل هذا البيت حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، ونصب اسم الله تعالى ، واختيار ذلك على حذف التنوين للإضافة وجر اسم الله - أنه لو أضاف لتعرف بإضافته إلى المعرفة ، ولو فعل ذلك لم يوافق المعطوف المعطوف عليه في التنكير ، فحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، وأعمل اسم الفاعل" .واستعجب الرجل : رجع عن الإساءة وطلب الرضا ، فهو مستعتب .

الترجمة الإنجليزية

Wamathalu allatheena kafaroo kamathali allathee yanAAiqu bima la yasmaAAu illa duAAaan wanidaan summun bukmun AAumyun fahum la yaAAqiloona

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءًقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.* * *فقال بعضهم: معنى ذلك: مثل الكافر =في قلة فهمه عن الله ما يُتلى عليه في كتابه، وسُوء قبوله لما يدعى إليه من توحيد الله ويوعظ به= مثلُ البهيمة التي تسمع الصوتَ إذا نُعق بها، ولا تعقلُ ما يقال لها.* ذكر من قال ذلك:2450- حدثنا هناد بن السريّ قال، حدثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرمة، في قوله: " ومثلُ الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يَسمع إلا دعاء ونداءً" قال، مَثلُ البعير أو مثل الحمار، تدعوه فيسمع الصوت ولا يفقه ما تقول.2451- حدثني محمد بن عبد الله بن زريع قال، حدثنا يوسف بن خالد السمتي قال، حدثنا نافع بن مالك, عن عكرمة, عن ابن عباس في قوله: " كمثل الذي يَنعق بما لا يَسمع " قال، هو كمثل الشاة ونحو ذلك. (8) .2452- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " ومثل الذين كفروا كمثل الذي يَنعِق بما لا يَسمع إلا دعاءً ونداءً"، كمثل البعير والحمار والشاة، إن قلت لبعضها " كُلْ" - لا يعلم ما تقول، غير أنه يسمع صوتك. وكذلك الكافر، إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وَعظته، لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك.2453- حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: مثل الدابة تنادى فتسمعُ ولا تعقل ما يقال لها. كذلك الكافر، يسمع الصوت ولا يعقل.2454- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن خصيف, عن مجاهد: " كمثل الذي ينعق بما لا يسمع " قال، مثل الكافر مثل البهيمة تسمع الصوت ولا تعقل.2455- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " كمثل الذي ينعِق "، مثلٌ ضربه الله للكافر يسمع ما يقال له ولا يعقل, كمثل البهيمة تسمع النعيقَ ولا تعقل.2456- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً"، يقول: مثل الكافر كمثل البعير والشاة، يسمع الصوت ولا يعقل ولا يدري ما عُني به.2457- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " كمثل الذي ينعقُ بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً" قال، هو مثل ضربه الله للكافر. يقول: مَثل هذا الكافر مثل هذه البهيمة التي تسمع الصوت ولا تدري ما يقال لها. فكذلك الكافر لا ينتفع بما يقال له.2458- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قال: هو مَثل الكافر، يسمع الصوت ولا يعقل ما يقال له.2459- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: سألت عطاء ثم قلت له : يقال: لا تعقل -يعني البهيمة- إلا أنها تسمع دُعاء الداعي حين ينعِقُ بها, فهم كذلك لا يَعقلون وهم يسمعون. فقال: كذلك. قال: وقال مجاهد: " الذي ينعِق "، الراعي" بما لا يسمع " من البهائم.2460- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " كمثل الذي ينعق " الراعي" بما لا يسمع " من البهائم.2461- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو، قال حدثنا أسباط, عن السدي: " كمثل الذي ينعِق بما لا يَسمع إلا دُعاء ونداءً"، لا يعقل ما يقال له إلا أن تُدعي فتأتي، أو ينادَى بها فتذهب. وأما " الذي ينعق "، فهو الراعي الغنم، كما ينعق الراعي بما لا يسمع ما يقال له, إلا أن يُدعى أو ينادى. فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم، يدعو من لا يسمع إلا خرير الكلام، يقول الله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ [سورة البقرة: 18]* * *قال أبو جعفر: ومعنى قائلي هذا القول - في تأويلهم ما تأوَّلوا، على ما حكيت عنهم -: ومثَلُ وَعْظِ الذين كفروا وواعظهم، كمثل نَعْق الناعق بغنمه ونعيقِه بها. فأضيف " المثل " إلى الذين كفروا, وترك ذكر " الوعظ والواعظ "، لدلالة الكلام على ذلك. كما يقال: " إذا لقيت فلانًا فعظِّمه تعظيمَ السلطان ", يراد به: كما تعظم السلطانَ, وكما قال الشاعر:فَلَسْتُ مُسَلِّمًا مَا دُمْتُ حَيًّاعَلَى زَيْدٍ بِتَسْلِيمِ الأمِير (9)يراد به: كما يُسلِّم على الأمير.وقد يحتمل أن يكون المعنى -على هذا التأويل الذي تأوله هؤلاء-: ومثل الذين كفروا في قلة فهمهم عن الله وعن رسوله، كمثل المنعوق به من البهائم، الذي لا يَفقه من الأمر والنهي غير الصوت. وذلك أنه لو قيل له: " اعتلف، أو رِدِ الماء "، لم يدر ما يقال له غير الصوت الذي يسمعه من قائله. فكذلك الكافر, مَثله في قلة فهمه لما يؤمر به وينهى عنه -بسوء تدبُّره إياه وقلة نظره وفكره فيه- مَثلُ هذا المنعوق به فيما أمِر به ونُهِي عنه. فيكون المعنى للمنعوق به، والكلام خارجٌ على الناعق, كما قال نابغة بني ذبيان:وَقَدْ خِفْتُ, حَتَّى مَا تَزِيدُ مَخَافَتِيعَلَى وَعِلٍ فِي ذِي المَطَارَة عَاقِلِ (10)والمعنى: حتى مَا تزيدُ مخافة الوعل على مخافتي, وكما قال الآخر: (11)كَانَتْ فَرِيضَةُ مَا تَقُولُ, كَمَاكَانَ الزِّنَاءُ فَرِيضَةَ الرَّجْمِ (12)والمعنى: كما كان الرجمُ فريضة الزنا، فجعل الزنا فريضة الرجم، لوضوح معنى الكلام عند سامعه، وكما قال الآخر:إنّ سِرَاجًا لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهتَحْلَى بِهِ العَيْنُ إذَا مَا تَجْهَرُهْ (13)والمعنى: يَحلى بالعين، فجعله تحلى به العين. (14) ونظائر ذلك من كلام العرب أكثرُ من أن تحصى، مما تُوجِّهه العرب من خبر ما تخبر عنه إلى ما صاحَبَه، لظهور معنى ذلك عند سامعه, فتقول: " اعرِض الحوضَ على الناقة ", وإنما تعرض الناقة على الحوض, وما أشبه ذلك من كلامها. (15)* * *وقال آخرون: معنى ذلك: ومَثل الذين كفروا في دُعائهم آلهتهم وأوثانهم التي لا تسمع ولا تعقل, كمثل الذي يَنعق بما لا يسمع إلا دُعاءً ونداءً, وذلك الصدى الذي يسمع صوته, ولا يفهم به عنه الناعقُ شيئًا.فتأويل الكلام على قول قائلي ذلك: ومثل الذين كفروا وآلهتهم -في دعائهم إياها وهي لا تفقه ولا تعقل- كمثل الناعق بما لا يسمعه الناعقُ إلا دعاءً ونداءً, أي: لا يسمع منه الناعق إلا دعاءَه.* ذكر من قال ذلك:2462- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ومَثل الذين كفروا كمثل الذي يَنعِق بما لا يَسمعُ إلا دعاءً ونداءً" قال، الرجل الذي يصيح في جَوف الجبال فيجيبه فيها صوت يُراجعه يقال له " الصَّدى ". فمثل آلهة هؤلاء لَهم، كمثل الذي يُجيبه بهذا الصوت، لا ينفعه، لا يَسمع إلا دعاء ونداء. قال: والعرب تسمي ذلك الصدى.* * *وقد تحتمل الآية على هذا التأويل وجهًا آخر غير ذلك. وهو أن يكون معناها: ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم التي لا تفقه دعاءَهم، كمثل الناعق بغنم لهُ من حيث لا تسمعُ صوتَه غنمُه، فلا تنتفع من نَعقِه بشيء، غير أنه في عَناء من دعاء ونداء, فكذلك الكافر في دعائه آلهته، إنما هو في عناء من دعائه إياها وندائه لها, ولا ينفعه شيء.* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويل عندي بالآية، التأويل الأول الذي قاله ابن عباس ومَن وافقه عليه. وهو أن معنى الآية: ومثل وَعظ الكافر وواعظه، كمثل الناعق بغنمه ونَعيقه, فإنه يسمع نَعقه ولا يعقل كلامه، على ما قد بينا قبل.فأما وَجه جَواز حذف " وعظ " اكتفاء بالمثل منه، فقد أتينا على البيان عنه في قوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا [سورة البقرة: 17]، وفي غيره من نظائره من الآيات، بما فيه الكفاية عن إعادته. (16) .* * *وإنما اخترنا هذا التأويل, لأن هذه الآية نزلت في اليهود, وإياهم عَنى الله تعالى ذكره بها, ولم تكن اليهود أهل أوثان يَعبدونها، ولا أهل أصنام يُعظمونها ويرجون نَفعها أو دَفع ضرها. ولا وجه -إذ كان ذلك كذلك- لتأويل من تأوّل ذلك أنه بمعنى: مَثل الذين كفروا في ندائهم الآلهة ودُعائهم إياها.* * *فإن قال قائل: وما دليلك على أنّ المقصود بهذه الآية اليهود؟قيل: دليلنا على ذلك مَا قبلها من الآيات وما بعدها, فإنهم هم المعنيون به. فكان ما بينهما بأن يكون خبرًا عنهم، أحق وأولى من أن يكون خبرًا عن غيرهم، حتى تأتي الأدلة واضحةً بانصراف الخبر عنهم إلى غيرهم. هذا، مع ما ذكرنا من الأخبار عَمن ذكرنا عنه أنها فيهم نزلت, والرواية التي روينا عن ابن عباس أنّ الآية التي قبل هذه الآية نزلت فيهم. (17) وبما قُلنا من أن هذه الآية معنيّ بها اليهود، كان عطاء يقول:2463- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال لي عطاء في هذه الآية: هم اليهود الذين أنزل الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا إلى قوله: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [سورة البقرة: 174-175].* * *وأما قوله: " يَنعِق "، فإنه: يُصوِّت بالغنم،" النَّعيق، والنُّعاق ", ومنه قول الأخطل:فَانْعِقْ بِضَأْنِكَ يَا جَرِيرُ, فَإِنَّمَامَنَّتْكَ نَفْسَكَ فِي الخَلاءِ ضَلالا (18)يعني: صوِّت به.* * *القول في تأويل قوله تعالى : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ"، هؤلاء الكفارَ الذين مَثلهم كمثل الذي يَنعق بما لا يسمع إلا دُعاءً ونداءً" صُمٌ" عن الحق فهم لا يسمعون -" بُكمٌ" يعني: خُرسٌ عن قيل الحقّ والصواب، والإقرار بما أمرهم الله أن يقرُّوا به، وتبيين ما أمرهم الله تعالى ذكره أن يُبينوه من أمر محمد صلى الله عليه وسلم للناس, فلا ينطقون به ولا يقولونه، ولا يبينونه للناس -," عُميٌّ" عن الهدى وطريق الحق فلا يبصرونه، (19) . كما:-2464- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله: " صُمٌ بكم عمي"، يقول: صم عن الحق فلا يسمعونه، ولا ينتفعون به ولا يعقلونه؛ عُمي عن الحق والهدى فلا يبصرونه؛ بُكم عن الحقّ فلا ينطقون به.2465- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " صم بكم عمي" يقول: عن الحق.2466- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " صم بكم عمي"، يقول: لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه ولا يعقلونه.* * *وأما الرفع في قوله: " صم بكم عمي"، فإنه أتاهُ من قبل الابتداء والاستئناف, يدل على ذلك قوله: " فهم لا يعقلون "، كما يقال في الكلام: " هو أصم لا يسمع، وهو أبكم لا يتكلم ". (20)---------------الهوامش :(8) الخبر : 2451- هذا خبر منهار الإسناد . أما"محمد بن عبد الله بن زريع" شيخ الطبري فلم أجد ترجمته . والطبري يروي عن"محمد بن عبد الله بن بزيع" ، ولا أستطيع الترجيح بأنه هو ، حرف اسم جده .وأما"يوسف بن خالد السمتي" : فهو ضعيف جدًا ، قال فيه ابن معين : "كذاب ، زنديق ، لا يكتب حديثه" . ولا يشتغل بمثله . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/388 ، وابن سعد 7/2/47 ، وابن أبي حاتم 4/2/221-222 . و"السمتي" : بفتح السين وسكون الميم ، نسبة إلى السمت والهيئة . قال ابن سعد : "وقيل له : السمتي - للحيته وهيئته وسمته"!!نافع بن مالك : هو الأصبحي ، أبو سهيل ، وهو عم الإمام مالك بن أنس ، وهو تابعي ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/86 ، وابن أبي حاتم 4/1/453 .(9) مضى تخريج هذا البيت في هذا الجزء : 281 تعليق : 1 ، وهذا القول في تفسير الآية ذكره الفراء في معاني القرآن 1 : 100 .(10) ديوانه : 90 ، وسيأتي في التفسير 30 : 146 (بولاق) ، ومجاز القرآن : 65 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 99 ، ومشكل القرآن : 151 ، والإنصاف : 164 ، وأمالي بن الشجرى 1 : 52 ، 324 ، وأمال الشريف 1 : 202 ، 216 ، ومعجم ما استعجم : 1238 . وهو من قصيدة مضى منها تخريج بيت في هذا الجزء : 213 . وقوله : "ذي المطارة" (بفتح الميم) ، وهو اسم جبل . وعاقل : قد عقل في رأس الجبل ، لجأ إليه واعتصم به وامتنع . والوعل : تيس الجبل : يتحصن بوزره من الصياد . وقد ذكر البكري أنه رأى لابن الأعرابي أنه يعني بذي المطارة (بضم الميم) ناقته ، وأنها مطارة الفؤاد من النشاط والمرح . ويعني بذلك : ما عليها من الرحل والأداة . يقول : كأني على رحل هذه الناقة وعلى عاقل من الخوف والفرق .(11) النابغة الجعدي .(12) سيأتي في التفسير 2 : 198 ، 327 (بولاق) ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 99 ، 131 ، ومشكل القرآن : 153 ، والإنصاف : 165 ، وأمالي الشريف 1 : 216 ، والصاحبي : 172 ، وسمط اللآلي : 368 ، واللسان (زنا) . وقال الطبري في 2 : 327 ، "يعني : كما كان الرجم الواجب من حد الزنا" .(13) سيأتي في التفسير : (2؛ 198 بولاق) ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 99 ، 131 ، وأمالي الشريف 1 : 216 ، واللسان (حلا) . يقال : "ما في الحي أحد تجهره عيني" ، أي تأخذه عيني فيعجبني . وفي حديث صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول علي : "لم يكن قصيرًا ولا طويلا ، وهو إلى الطول أقرب . من رآه جهره" ، أي عظم في عينه .(14) هذا الذي مضى أكثر من قول الفراء في معاني القرآن 1 : 99 .(15) هذا من نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن : 63-64 .(16) انظر ما سلف 1 : 318-328 ، واطلب ذلك في فهرس العربية من الجزاء السالفة .(17) هذا موضع مشكل في كلام أبي جعفر رضي الله عنه ، كان ينبغي أن يبينه فضل بيان . فإن صدر عبارته قاض بأن كل الآيات التي قبل هذه الآية نزلت في يهود ، وليس كذلك . ثم عاد بعد قليل يقول : "هذا مع الرواية التي رويناها عن ابن عباس أن الآية التي قبل هذه الآية نزلت فيهم" -يعني في يهود . ولو كان الأمر كما يفهم من صدر عبارته ، لم يكن لنصه بعد ذلك على أن الآية التي"قبل هذه الآية" نزلت فيهم ، فيما روي عن ابن عباس- معنى مفهوم .والظاهر أن أبا جعفر كان أراد أن يقول : إن الآيات السالفة نزلت في اليهود - إلا الآيات الأخيرة من أول قوله : "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار" إلى قوله : "وإلهكم إله وحد" (163-170) ، فهي قد نزلت في كفار العرب ، وذكر ابن عباس أن الآية الأخيرة : (170) نزلت في يهود أيضًا . ثم إن الآيات بعدها هي ولا شك في يهود وأهل الكتاب ، فلذلك حمل معنى الآية هذه أنه مراد به اليهود . فكأنه جعل الآيات من (163-169) اعتراضًا في سرد قصة واحدة ، هي قصة يهود .فإن لم يكن ذلك كذلك ، فلست أدري كيف يتسق كلامه . فهو منذ بدأ في تفسير هذه الآيات من 163-169 لم يذكر إلا أهل الشرك وحدهم ، وبين أن المقصود بقوله تعالى : "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبًا" - هم الذين حرموا على أنفسهم البحائر والسوائب والوصائل (ص 300) ، ثم عاد في تأويل قوله تعالى : "وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" فقال : فهو ما كانوا يحرمون من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي (ص 303 ) . واليهود ، كما أنهم لم يكونوا أهل أوثان يعبدونها ، أو أصنام يعظمونها كما قال أبو جعفر ، فهم أيضًا لم يحرموا بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة كما ذكر في تفسير الآيات السالفة . فهذا تناقض منه ر حمه الله - إلا إذا حمل كلامه على استثناء الآيات التي ذكرت أنه فسرها على أنه مراد بها مشركوا العرب الذين حرموا على أنفسهم ما حرموا من البحائر والسوائب والوصائل .والصواب من القول عندي ، أن هذه الآية تابعة للآيات السالفة ، وأن قصتها شبيهة بقصة ما قبلها في ذكر المشركين الذي قال الله لهم : "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبًا" ، وأن العود إلى قصة أهل الكتاب هو من أول قوله تعالى : "إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب" والآيات التي تليها . وانظر ما سيأتي : 317 ، فإنه قد عاد هناك ، فجعل الآية خاصة بالمشركين من أهل الجاهلية ، بذكره ما حرموا على أنفسهم من المطاعم ، وهو تناقض شديد .(18) ديوانه : 50 ، ونقائض جرير والأخطل : 81 ، وطبقات فحول الشعراء : 429 ، ومجاز القرآن : 64 ، واللسان (نعق) وقد مضت أبيات منها في 2 : 38 : 39 ، 492 ، 496 ، وهذا الجزء 3 : 294 ، وقد ذكر قبله حروب رهطه بني تغلب ، ثم قال لجرير : إنما أنت راعي غنم ، فصوت بغنمك ، ودع الحروب وذكرها . فلا علم لك ولا لأسلافك بها . وكل ما تحدث به نفسك من ذلك ضلال وباطل .(19) انظر تفسير : "صم""بكم""عمي" فيما سلف 1 : 328-331 . وقد حمل أبو جعفر معنى الآية هنا على أنه عنى به اليهود وأهل الكتاب . وانظر التعليق السالف ص : 314 ، رقم : 1 .(20) انظر إعرابه في الآية الأخرى فيما سلف 1 : 329-330 .

الترجمة الإنجليزية

Ya ayyuha allatheena amanoo kuloo min tayyibati ma razaqnakum waoshkuroo lillahi in kuntum iyyahu taAAbudoona

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " يا أيها الذين آمنوا "، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله, وأقروا لله بالعبودية, وأذعنوا له بالطاعة، كما:-2467- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر, عن الضحاك في قوله: " يا أيها الذين آمنوا "، يقول: صدَّقوا.* * *" كلوا من طيبات ما رَزَقناكم "، يعني: اطعَموا من حَلال الرزق الذي أحللناهُ لكم, فطاب لكم بتحليلي إياه لكم، مما كنتم تحرِّمونَ أنتم، ولم أكن حرمته عليكم، من المطاعم والمشارب." واشكروا لله "، يقول: وأثنوا على الله بما هو أهله منكم، على النعم التي رزقكم وَطيَّبها لكم." إن كنتم إياه تعبدون "، يقول: إن كنتم منقادين لأمره سامعين مطيعين, فكلوا مما أباح لكم أكله وحلله وطيَّبه لكم, ودعوا في تحريمه خطوات الشيطان.وقد ذكرنا بعض ما كانوا في جاهليتهم يحرِّمونه من المطاعم, وهو الذي ندبهم إلى أكله ونهاهم عن اعتقاد تحريمه, إذْ كان تحريمهم إياه في الجاهلية طاعةً منهم للشيطان، واتباعًا لأهل الكفر منهم بالله من الآباء والأسلاف. ثم بيّن لهم تعالى ذكره ما حرَّم عليهم, وفصَّله لهم مُفسَّرًا. (21)------------------الهوامش :(21) في المطبوعة : "وفصل لهم" ، والصواب ما أثبت . وهذا الذي قاله هنا برهان آخر على أن أبا جعفر قد اضطرب في قصة هذه الآيات ، فهو قد عاد وجعل بعض الآيات السالفة ، في مشركي العرب في جاهليتهم ، كما ترى ، وهو بين أيضًا في تفسيرة الآية التالية . انظر ص : 314 ، تعليق : 1 .

الترجمة الإنجليزية

Innama harrama AAalaykumu almaytata waalddama walahma alkhinzeeri wama ohilla bihi lighayri Allahi famani idturra ghayra baghin wala AAadin fala ithma AAalayhi inna Allaha ghafoorun raheemun

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: لا تُحرموا على أنفسكم ما لم أحرمه عليكم أيها المؤمنون بالله وبرسوله منَ البحائر والسوائب ونحو ذلك, بَل كلوا ذلك، فإني لم أحرم عليكم غير الميتة والدم ولحم الخنزير، ومَا أهلّ به لغيري.* * *ومعنى قوله: " إنما حَرَّم عليكم الميتة "، ما حرَّم عليكم إلا الميتة." وإنما ": حرف واحدٌ, ولذلك نصبت " الميتة والدم ", وغير جائز في" الميتة " إذا جعلت " إنما " حرفًا واحدًا - إلا النصب. ولو كانت " إنما " حرفين، وكانت منفصلة من " إنّ"، لكانت " الميتة " مرفوعة وما بعدها. وكان تأويل الكلام حينئذ: إنّ الذي حرم الله عليكم من المطاعم الميتةُ والدمُ ولحمُ الخنزير، لا غير ذلك. (22)وقد ذُكر عن بعض القراء أنه قرأ ذلك كذلك، على هذا التأويل. ولست للقراءة به مستجيزًا =وإن كان له في التأويل والعربية وَجه مفهومٌ- لاتفاق الحجة من القراء على خلافه. فغيرُ جائز لأحد الاعتراض عليهم فيما نقلوه مجمعين عليه.* * *ولو قرئ في" حرّم " بضم الحاء من " حرّم "، لكان في" الميتة " وجهان من الرفع. أحدهما: من أن الفاعل غير مسمى," وإنما " حرفٌ واحد.والآخر: " إن " و " ما " في معنى حرفين, و " حرِّم " من صلة " ما "," والميتة " خبر " الذي" مرفوع على الخبر. ولست، وإن كان لذلك أيضًا وجه، مستجيزًا للقراءة به، لما ذكرت.* * *وأما " الميتة "، فإن القرأةَ مختلفة في قراءتها. فقرأها بعضهم بالتخفيف، ومعناه فيها التشديد, ولكنه يُخففها كما يخفف القائلون في: " هو هيّن ليّن "" الهيْن الليْن "، (23) كما قال الشاعر: (24)لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيْتٍإِنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأحْيَاءِ (25)فجمع بين اللغتين في بيت واحد، في معنى واحد.وقرأها بعضهم بالتشديد، وحملوها على الأصل, وقالوا: إنما هو " مَيْوِت "," فيعل "، من الموت. ولكن " الياء " الساكنة و " الواو " المتحركة لما اجتمعتا،" والياء " مع سكونها متقدمة، قلبت " الواو "" ياء " وشددت، فصارتا " ياء " مشددة, كما فعلوا ذلك في" سيد وجيد ". قالوا: ومن خففها، فإنما طلب الخفة. والقراءةُ بها على أصلها الذي هو أصلها أولى.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن التخفيف والتشديد في" ياء "" الميتة " لغتان معروفتان في القراءة وفي كلام العرب, فبأيهما قرأ ذلك القارئ فمصيب. لأنه لا اختلاف في معنييهما.* * *وأما قوله: " وَمَا أهِلَّ به لغير الله "، فإنه يعني به: وما ذُبح للآلهة والأوثان يُسمى عليه بغير اسمه، أو قُصد به غيرُه من الأصنام.وإنما قيل: " وما أهِلَّ به "، لأنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما قرَّبوه لآلهتهم، سموا اسم آلهتهم التي قربوا ذلك لها، وجَهروا بذلك أصْواتَهم, فجرى ذلك من أمرهم على ذلك، حتى قيل لكل ذابح، سمَّى أو لم يُسمِّ، (26) جهر بالتسمية أو لم يجهر-: " مُهِلٌّ". فرفعهم أصواتهم بذلك هو " الإهلال " الذي ذكره الله تعالى فقال: " وما أهِلَّ به لغير الله ". ومن ذلك قيل للملبِّي في حَجة أو عمرة " مُهِلّ", لرفعه صوته بالتلبية. ومنه " استهلال " الصبي، إذا صاح عند سقوطه من بَطن أمه," واستهلال " المطر، وهو صوت وُقوعه على الأرض, كما قال عمرو بن قميئة:ظَلَمَ البِطَاحَ لَهُ انْهِلالُ حَرِيصَةٍفَصَفَا النِّطَافُ لَهُ بُعَيْدَ المُقْلَعِ (27)واختلف أهل التأويل في ذلك. فقال بعضهم: يعني بقوله: " وما أهِلَّ به لغير الله "، ما ذبح لغير الله.* ذكر من قال ذلك:2468- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " وما أهِلّ به لغير الله " قال، ما ذبح لغير الله.2469- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " وما أهلّ به لغير الله " قال، ما ذبح لغير الله مما لم يُسم عليه.2470- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " وما أهلّ به لغير الله "، ما ذبح لغير الله.2471- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج, قال ابن عباس في قوله: " وما أهِلّ به لغير الله " قال، ما أهِلّ به للطواغيت.2472- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر, عن جويبر, عن الضحاك قال: " وما أُهلّ به لغير الله " قال، ما أهل به للطواغيت.2473- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: " وما أهِلّ به لغير الله "، يعني: ما أهِل للطواغيت كلّها. يعني: ما ذبح لغير الله من أهل الكفر، غير اليهود والنصارى.2474- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن عطاء في قول الله: " وما أهِلّ به لغير الله " قال، هو ما ذبح لغير الله.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: ما ذكر عليه غير اسم الله.* ذكر من قال ذلك:2475- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " وما أهلّ به لغير الله "، يقول: ما ذكر عليه غير اسم الله.2476- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد -وسألته عن قوله الله: " وما أهلّ به لغير الله "- قال: ما يذبح لآلهتهم، الأنصابُ التي يعبدونها أو يسمُّون أسماءَها عليها. قال: يقولون: " باسم فلان ", كما تقول أنت: " باسم الله " قال، فذلك قوله: " وما أهلّ به لغير الله ".2477- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثنا حيوة، عن عقبة بن مسلم التُّجيبي وقيس بن رافع الأشجعي أنهما قالا أحِل لنا ما ذُبح لعيد الكنائس, وما أهدي لها من خبز أو لحم, فإنما هو طعام أهل الكتاب. قال حيوة، قلت: أرأيت قَول الله: " وما أهِلّ به لغير الله "؟ قال: إنما ذلك المجوسُ وأهلُ الأوثان والمشركون.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فمن اضطر "، فمن حَلَّت به ضَرورة مجاعة إلى ما حرَّمت عليكم من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله -وهو بالصفة التي وصفنا- فلا إثم عليه في أكله إن أكله.* * *وقوله: فمن " اضطر "" افتعل " من " الضّرورة ".* * *و " غيرَ بَاغ " نُصِب على الحال مِنْ" مَنْ", فكأنه. قيل: فمن اضطرّ لا باغيًا ولا عاديًا فأكله, فهو له حلال.* * *وقد قيل : إن معنى قوله: " فمن اضطر "، فمن أكره على أكله فأكله, فلا إثم عليه.* ذكر من قال ذلك:2478- حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا إسرائيل, عن سالم الأفطس, عن مجاهد قوله: " فمن اضطر غيرَ باغ ولا عاد " قال: الرجل يأخذُه العدو فيدعونه إلى معصية الله.* * *وأما قوله: " غيرَ بَاغ ولا عَاد "، فإن أهل التأويل في تأويله مختلفون.فقال بعضهم: يعني بقوله: " غير باغ "، غيرَ خارج على الأئمة بسيفه باغيًا عليهم بغير جَور, ولا عاديًا عليهم بحرب وعدوان، فمفسدٌ عليهم السبيلَ.* ذكر من قال ذلك:2479- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت ليثًا، عن مجاهد: " فمن اضطر غيرَ بَاغٍ ولا عاد " قال، غيرَ قاطع سبيل, ولا مفارق جماعة, ولا خارج في معصية الله, فله الرخصة.2480- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " فمن اضطر غيرَ باغ ولا عاد "، يقول: لا قاطعًا للسبيل, ولا مفارقًا للأئمة, ولا خارجًا في معصية الله, فله الرخصة. ومن خرج بَاغيًا أو عاديًا في معصية الله, فلا رخصة له وإن اضطُرَّ إليه.2481- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد: " غير باغ ولا عاد " قال، هو الذي يقطع الطريق, فليس له رخصة إذا جاع أن يأكل الميتة، وإذا عطش أن يشربَ الخمر.2482- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك, عن شريك، عن سالم -يعني الأفطس- عن سعيد في قوله: " فمن اضطُر غير باغ ولا عاد " قال، الباغي العادي الذي يقطع الطريق، فلا رخصة له ولا كرامة.2483- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد في قوله: " فمن اضطُر غير باغ ولا عاد " قال، إذا خرج في سبيل من سُبُل الله فاضطر إلى شرب الخمر شرب, وإن اضطر إلى الميتة أكل. وإذا خرج يقطع الطريق، فلا رخصة له.2484- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حفص بن غياث, عن الحجاج, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد قال: " غيرَ باغ " على الأئمة،" ولا عاد " قال، قاطع السبيل.2485- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد " قال، غير قاطع السبيل, ولا مفارق الأئمة, ولا خارج في معصية الله فله الرخصة.2486- حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية, عن حجاج, عن الحكم, عن مجاهد : " فمن اضطُر غير بَاغ ولا عاد " قال، غير باغ على الأئمة, ولا عاد على ابن السبيل.* * *وقال آخرون في تأويل قوله: " غيرَ باغ ولا عاد ": غيرَ باغ الحرامَ في أكله, ولا معتدٍ الذي أبيحَ له منه.* ذكر من قال ذلك.2487- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيدعن قتادة قوله: " فمن اضطُرَّ غير باغ ولا عاد " قال، غير باغ في أكله, ولا عادٍ: أن يتعدى حلالا إلى حرام، وهو يجد عنه مَندوحة.2488- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن الحسن في قوله: " فمن اضطر غيرَ باغ ولا عاد " قال، غير باغ فيها ولا معتدٍ فيها بأكلها، وهو غنيٌّ عنها.2489- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق, عن معمر, عمن سمع الحسن يقول ذلك.2490- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال حدثنا أبو تميلة، (28) عن أبي حمزة, عن جابر, عن مجاهد وعكرمة قوله: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد "،" غير باغ " يَبتغيه," ولا عادٍ": يتعدى على ما يُمسك نفسه.2491- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد "، يقول: من غير أن يبتغي حرامًا ويتعداه, ألا ترى أنه يقول: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [سورة المؤمنون: 7 سورة المعارج: 31]2492- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " فمن اضطُرّ غير باغٍ ولا عادٍ" قال، أن يأكل ذلك بَغيًا وتعديًا عن الحلال إلى الحرام, ويترك الحلال وهو عنده, ويتعدى بأكل هذا الحرام. هذا التعدي. ينكر أن يكونا مختلفين, ويقول: هذا وهذا واحد!* * *وقال آخرون تأويل ذلك: فمن اضطر غير باغ في أكله شهوة، ولا عاد فوق ما لا بُدَّ له منه.* ذكر من قال ذلك:2493- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد ". أمَّا " باغ "، فيبغي فيه شهوته. وأما " العادي"، فيتعدى في أكله, يأكل حتى يشبع, ولكن يأكل منه قدر ما يُمسك به نفسه حتى يبلغ به حاجته.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: فمن اضطر غير باغ بأكله ما حُرم عليه من أكله، ولا عاد في أكله, وله عن ترك أكله -بوجود غيره مما أحله الله له- مندوحة وغنى.وذلك أن الله تعالى ذكره لم يرخّصْ لأحد في قتل نفسه بحال. وإذ كان ذلك كذلك، فلا شك أن الخارجَ على الإمام والقاطعَ الطريقَ، وإن كانا قد أتيا ما حرَّم الله عليهما =: من خروج هذا على من خرج عليه، وسَعي هذا بالإفساد في الأرض, = فغيرُ مبيح لهما فعلهما ما فعلا مما حرّم الله عليهما -ما كان حرّم الله عليهما قبل إتيانهما ما أتيا من ذلك- من قتل أنفسهما. [ورَدُّهما إلى محارم الله عليهما بعد فعلهما، ما فعلا وإن كان قد حرم عليهما ما كان مرخصا لهما قبل ذلك من فعلهما، وإن لم نرَ رَدَّهما إلى محارم الله عليهما تحريما، (29) فغير مرخِّص لهما ما كان عليهما قبل ذلك حرامًا]. فإذ كان ذلك كذلك, فالواجبُ على قُطاع الطريق والبغاة على الأئمة العادلة, الأوبةُ إلى طاعة الله, والرجوعُ إلى ما ألزمهما الله الرجوع إليه, والتوبةُ من معاصي الله - لا قتلُ أنفسهما بالمجاعة, فيزدادان إلى إثمهما إثمًا, وإلى خلافهما أمرَ الله خلافًا. (30)وأما الذي وجَّه تأويل ذلك إلى أنه غيرُ باغ في أكله شهوة, فأكل ذلك شهوة، لا لدفع الضرورة المخوف منها الهلاك -مما قد دخل فيما حرمه الله عليه- فهو بمعنى ما قلنا في تأويله, وإن كان للفظه مخالفًا.فأما توجيه تأويل قوله: " ولا عاد "، و لا آكل منه شبعه، ولكن ما يمسك به نفسه، فإن ذلك، بعض معاني الاعتداء في أكله. ولم يخصص الله من معاني الاعتداء في أكله معنى، فيقال عنى به بعض معانيه.فإذ كان ذلك كذلك, فالصواب من القول ما قلنا: من أنه الاعتداء في كل معانيه المحرّمة.* * *وأما تأويل قوله: " فلا إثم عليه "، يقول: من أكل ذلك على الصفة التي وصفنا، فلا تبعة عليه في أكله ذلك كذلك ولا حَرج.* * *القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: " إنّ الله غَفور رحيم "،" إنّ الله غَفورٌ" =إن أطعتم الله في إسلامكم، فاجتنبتم أكل ما حرم عليكم، وتركتم اتباعَ الشيطان فيما كنتم تحرمونه في جاهليتكم- طاعةً منكم للشيطان واقتفاءً منكم خُطواته - مما لم أحرمه عليكم = لما سلف منكم، في كفركم وقبل إسلامكم، في ذلك من خطأ وذنب ومعصية, فصافحٌ عنكم, وتارك عقوبتكم عليه," رحيم " بكم إن أطعتموه.-------------------الهوامش :(22) انظر تفصيل هذا في معاني القرآن للفراء 1 : 102-103 .(23) في المطبوعة : "القائلون وهو هين لين . . . " ، وكأن الصواب ما أثبت .(24) هو عدي بن الرعلاء الغساني ، والرعلاء أمه .(25) الأصمعيات : 5 ، ومعجم الشعراء : 252 ، وتهذيب الألفاظ : 448 ، واللسان (موت) وحماسة ابن الشجرى : 51 ، والخزانة 4 : 187 ، وشرح شواهد المغني : 138 . من أبيات جيدة صادقة ، يقول بعده :إِنَّمَا المَيْتُ مَنْ يَعِيشُ ذَلِيلاًكَاسِفًا بَالُهُ قَلِيلَ الرّجَاءِفَأُنَاسٌ يُمَصَّصُونَ ثِمَادًاوَأُنَاسٌ حُلُوقُهُمْ فِي المَاءالثماد الماء القليل يبقى في الحفر . وما أصدق ما قال هذا الأبي الحر .(26) في المطبوعة : "يسمي بذلك أو لم يسم" ، والصواب ما أثبت ، فعل ماض كالذي يليه .(27) سلف تخريج هذا البيت في 1 : 523-524 ، وأن صواب نسبته إلى الحادرة الذبياني .(28) في المطبوعة : "أبو نميلة" ، والصواب بالتاء . مضت ترجمته برقم : 392 ، 461 .(29) في المطبوعة : "وإن لم يؤدهما إلى محارم الله عليهما تحريمًا" . وهو تصحيف مفسد قد آذى من أراد أن يفهم عن الطبري ما يقول . و"المحارم" : كل ما حرم الله سبحانه علينا فهو من محارم الله . وانظر التعليق التالي .(30) هذه الفقرة رد على القول الأول ، قول من ذهب إلى أن"الباغي" هو الخارج على الأئمة ، وأن"العادي" هو قاطع الطريق ، وأنهما لفعلهما ذلك مستثنيان من حكم الآية في الترخيص للمضطر أن يأكل مما حرم الله عليه . ولكن العبارة في الأصل فاسدة ، لا يكاد يكون لها معنى . ولم أستجز أن أدعها في الأصل على ما هي عليه . وهكذا كانت في الأصل :[بل ذلك من فعلهما ، وإن لم يؤدهما إلى محارم الله عليهما تحريمًا ، فغير مرخص لهما ما كان عليهما قبل ذلك حراما] .وهو كلام لا يستقيم ، وقد اجتهدت فرأيت أنه سقط من ناسخ كلامه سطر كامل فيما أرجح ، بين قوله : "من قتل أنفسهما" وقوله : "قبل ذلك من فعلهما" فبقيت"قبل" وحدها ، فجاء ناسخ آخر فلم يستبن معنى ما يكتب ، فجعل"قبل""بل" ، ظنًا منه أن ذلك يقيم المعنى على وجه من الوجوه . فاضطرب الكلام كما ترى اضطرابًا لا يخلص إلى شيء مفهوم . وزاده فسادًا واضطرابًا تصحيف قوله : "وإن لم نر ردهما" بما كتب : "وإن لم يؤدهما" ، فخلص إلى كلام ضرب عليه التخليط ضربًا!وقد ساق الطبري في هذه الفقرة حجتين لرد قول من قال إن الباغي هو الخارج على الإمام ، وإن العادي هو قاطع السبيل .فالحجة الأولى : أن الباغي والعادي ، وإن كان كلاهما قد أتى فعلا محرمًا ، فإن إتيان هذا الفعل المحرم ، لا يجعل قتل أنفسهما مباحًا لهما ، إذ هو محرم عليهما قبل إتيانهما ما أتيا من محارم الله عليهما .والحجة الأخرى : أن الله قد رخص لكل مضطر أن يأكل مما حرم عليه ، فاستثناء الباغي والعادي من رخصة الله للمضطر . لا يعد عنده تحريمًا ، بل هو رد إلى ما كان محرمًا عليهما قبل البغي أو العدوان . ومع ذلك فإن هذا الرد إلى ما كان محرمًا عليهما ، وإن كان قد حرم عليهما ما كان مرخصًا لهما ولكل مضطر قبل البغي والعدوان ، فإنه لا يرخص لهما قتل أنفسهما ، وهو حرام عليهما قبل البغي والعدوان .وإذن ، فالواجب عليهما أن يتوبا ، لا أن يقتلا أنفسهما بالمجاعة ، فيزدادان إثمًا إلى إثمهما ، وخلافًا إلى خلافهما بالبغي والعدوان أمر الله .

الترجمة الإنجليزية

Inna allatheena yaktumoona ma anzala Allahu mina alkitabi wayashtaroona bihi thamanan qaleelan olaika ma yakuloona fee butoonihim illa alnnara wala yukallimuhumu Allahu yawma alqiyamati wala yuzakkeehim walahum AAathabun aleemun

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " إنّ الذينَ يَكتمون ما أنزل الله من الكتاب "، أحبارَ اليهود الذين كتموا الناس أمرَ محمد صلى الله عليه وسلم ونبوّته, وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة، برُشًى كانوا أُعطوها على ذلك، كما:-2494- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " إنّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب " الآية كلها، هم أهل الكتاب، كتموا ما أنزل الله عليهم وبَين لهم من الحق والهدى، من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وأمره.2495- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه, عن الربيع في قوله: (إنّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويَشترون به ثمنًا قليلا) قال: هم أهل الكتاب، كتموا ما أنزل الله عليهم من الحق والإسلامَ وشأنَ محمد صلى الله عليه وسلم.2496- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال حدثنا أسباط, عن السدي: " إن الذين يكتمون مَا أنزل الله منَ الكتاب "، فهؤلاء اليهود، كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم.2497- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة قوله: " إنّ الذين يكتمونَ ما أنزل الله من الكتاب "، والتي في"آل عمران إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا [سورة آل عمران: 77] نزلتا جميعًا في يهود.* * *وأما تأويل قوله: " ويَشترون به ثمنًا قليلا "، فإنه يعني: يبتاعون به." والهاء " التي في" به "، من ذكر " الكتمان ". فمعناه: ابتاعوا بكتمانهم ما كتموا الناس من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر نبوَّته ثمنًا قليلا. وذلك أنّ الذي كانوا يُعطَوْن = على تحريفهم كتابَ الله وتأويلهِمُوه على غير وجهه، وكتمانهم الحق في ذلك = اليسيرَ من عرض الدنيا، كما:-2498- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ويشترون به ثمنًا قليلا " قال، كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم, وأخذوا عليه طمعًا قليلا فهو الثمن القليل.* * *وقد بينت فيما مضى صفة " اشترائهم " ذلك، بما أغنى عن إعادته هاهنا.* * *القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أولئك "، - هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب في شأن محمد صلى الله عليه وسلم بالخسيس من الرِّشوة يُعطَوْنها, فيحرِّفون لذلك آيات الله ويغيِّرون معانيها =" ما يأكلون في بطونهم " - بأكلهم ما أكلوا من الرُّشى على ذلك والجعالة، (31) وما أخذوا عليه من الأجر =" إلا النار " - يعني: إلا ما يوردهم النار ويُصْليهموها, كما قال تعالى ذكره: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [سورة النساء: 10] معناه: ما يأكلون في بطونهم إلا ما يوردهم النار بأكلهم. فاستغنى بذكر " النار " وفهم السامعين معنى الكلام، عن ذكر " ما يوردهم، أو يدخلهم ". وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:2499- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " أولئك مَا يَأكلون في بُطونهم إلا النار "، يقول: ما أخذوا عليه من الأجر.* * *فإن قال قائل: فهل يكون الأكل في غير البطن فيقال: " ما يأكلون في بطونهم "؟قيل: قد تقول العرب: " جُعت في غير بطني, وشَبعتُ في غير بطني", فقيل: في بُطونهم لذلك، كما يقال: " فعل فُلان هذا نفسُه ". وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع، فيما مضى. (32)وأما قوله: " ولا يُكلِّمهمُ الله يَومَ القيامة "، يقول: ولا يكلمهم بما يحبون ويشتهون, فأما بما يسُوءهم ويكرَهون، فإنه سيكلمهم. لأنه قد أخبر تعالى ذكره أنه يقول لهم - إذا قالوا: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ الآيتين [سورة المؤمنون: 107-108].* * *وأما قوله: " ولا يُزكِّيهم "، فإنه يعني: ولا يطهِّرهم من دَنس ذنوبهم وكفرهم، (33) " ولهم عذاب أليم "، يعني: مُوجع (34)----------------الهوامش :(31) الجعل (بضم فسكون) والجعالة (مثلثة الجيم) : أجر مشروط يجعل للقائل أو الفاعل شيئًا .(32) انظر ما سلف 2 : 272 ، وهذا الجزء 3 : 159-160 .(33) انظر ما سلف 1 : 573-574 ، وهذا الجزء 3 : 88 .(34) انظر ما سلف 1 : 283 . ثم 2 : 140 ، 377 ، 506 ، 540

الترجمة الإنجليزية

Olaika allatheena ishtarawoo alddalalata bialhuda waalAAathaba bialmaghfirati fama asbarahum AAala alnnari

القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أولئك الذين اشترَوُا الضلالة بالهدى "، أولئك الذين أخذوا الضلالة، وتركوا الهدى, وأخذوا ما يوجب لهم عذاب الله يوم القيامة، وتركوا ما يُوجب لهم غفرانه ورضْوَانه. فاستغنى بذكر " العذاب " و " المغفرة "، من ذكر السبب الذي يُوجبهما, لفهم سامعي ذلك لمعناه والمراد منه. وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى. (35) وكذلك بينا وجه " اشتروا الضلالة بالهدى " باختلاف المختلفين، والدلالة الشاهدة بما اخترنا من القول، فيما مضى قبل، فكرهنا إعادته. (36)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم معنى ذلك: فما أجرأهم على العمل الذي يقرِّبُهم إلى النار.* ذكر من قال ذلك:2500- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " فما أصْبَرهم على النار "، يقول: فما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار.2501- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " فما أصْبَرهم على النار "، يقول: فما أجرأهم عليها.2502- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم, عن بشر، عن الحسن في قوله: " فما أصْبرهم على النار " قال، والله ما لهم عليها من صبر, ولكن ما أجرأهم على النار.2503- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا مسعر = وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو بكير قال، حدثنا مسعر =، عن حماد، عن مجاهد، أو سعيد بن جبير، أو بعض أصحابه: " فما أصبرهم على النار "، ما أجرأهم.2504- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " فما أصبرهم على النار "، يقول: ما أجرأهم وأصبرهم على النار.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما أعملهم بأعمال أهل النار.* * ** ذكر من قال ذلك:2505- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " فما أصْبرهم على النار " قال، ما أعملهم بالباطل.2506- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.* * *واختلفوا في تأويل " ما " التي في قوله: " فما أصبرهم على النار ". فقال بعضهم: هي بمعنى الاستفهام، وكأنه قال: فما الذي صبَّرهم؟ أيُّ شيء صبرهم؟ (37)* ذكر من قال ذلك:2507- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فما أصبرَهم على النار "، هذا على وجه الاستفهام. يقول: مَا الذي أصبرهم على النار؟2508- حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج الأعور قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال لي عطاء: " فما أصبرهم على النار " قال، ما يُصبِّرهم على النار، حين تَركوا الحق واتبعوا الباطل؟2509- حدثنا أبو كريب قال: سُئل أبو بكر بن عياش: " فما أصبرهم على النار " قال، هذا استفهام, ولو كانت من الصبر قال: " فما أصبرُهم "، رفعًا. قال: يقال للرجل: " ما أصبرك ", ما الذي فعل بك هذا؟2510- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " فما أصبرهم على النار " قال، هذا استفهام. يقول ما هذا الذي صبَّرهم على النار حتى جَرأهم فعملوا بهذا؟* * *وقال آخرون: هو تعجُّب. يعني: فما أشد جراءتهم على النار بعَملهم أعمال أهل النار!* ذكر من قال ذلك:2511- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي, عن ابن عيينة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد : " فما أصبرهم على النار " قال، ما أعملهم بأعمال أهل النار!وهو قول الحسن وقتادة, وقد ذكرناه قبل. (38)* * *فمن قال: هو تعجُّب - وجَّه تأويلَ الكلام إلى: أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ، فما أشد جراءتهم -بفعلهم ما فعلوا من ذلك- على ما يوجب لهم النار! كما قال تعالى ذكره: قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ [سورة عبس: 17]، تعجبًا من كفره بالذي خَلقه وسَوَّى خلقه.* * *فأما الذين وجهوا تأويله إلى الاستفهام، فمعناه: هؤلاء الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة، فما أصبرهم على النار -والنار لا صبر عليها لأحد- حتى استبدلوها بمغفرة الله فاعتاضوها منها بدلا؟* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: ما أجرأهم على النار, بمعنى: ما أجرأهم على عَذاب النار وأعملهم بأعمال أهلها. وذلك أنه مسموع من العرب: " ما أصبرَ فلانًا على الله ", بمعنى: ما أجرأ فلانًا على الله! (39) وإنما يعجب الله خَلقه بإظهار الخبر عن القوم الذين يكتمون ما أنزل الله تبارك وتعالى من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوَّته, واشترائهم بكتمان ذلك ثَمنًا قليلا من السحت والرشى التي أعطوها - على وَجه التعجب من تقدمهم على ذلك. (40) مع علمهم بأنّ ذلك موجبٌ لهم سَخط الله وأليم عقابه.وإنما معنى ذلك: فما أجرأهم على عذاب النار! ولكن اجتزئ بذكر " النار " من ذكر " عذابها "، كما يقال: " ما أشبه سخاءك بحاتم ", بمعنى: ما أشبه سَخاءك بسخاء حاتم," وما أشبه شَجاعتك بعنترة ". (41)---------------الهوامش :(35) انظر ما سلف فهارس مباحث العربية .(36) انظر ما سلف 1 : 311-315 .(37) وذلك قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : 64 .(38) انظر ما سلف رقم : 2501 ، 2502 .(39) انظر خبر ذلك في معاني القرآن للفراء 1 : 103 .(40) قدم ، وتقدم ، وأقدم ، واستقدم ، كلها بمعنى واحد ، إذا كان جرئيًا فاقتحم .(41) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 103 ، أيضًا .

الترجمة الإنجليزية

Thalika bianna Allaha nazzala alkitaba bialhaqqi wainna allatheena ikhtalafoo fee alkitabi lafee shiqaqin baAAeedin

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)قال أبو جعفر: أما قوله: " ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق "، فإنه اختلف في المعنيِّ ب " ذلك ".* * *فقال بعضهم: معنيُّ" ذلك "، فعلُهم هذا الذي يفعلون = من جراءتهم على عذاب النار، في مخالفتهم أمر الله، وكتمانهم الناسَ ما أنزل الله في كتابه، وأمرَهم ببيانه لهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر دينه = من أجل أن الله تبارك تعالى " نزل الكتاب بالحق "، وتنزيله الكتاب بالحق هو خبرُه عنهم في قوله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [سورة البقرة: 6-7] فهم -مع ما أخبر الله عنهم من أنهم لا يؤمنون- لا يكون منهم غيرُ اشتراء الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة.وقال آخرون: معناه: " ذلك " معلومٌ لهم، بأن الله نزل الكتاب بالحق، لأنّا قد أخبرنا في الكتاب أنّ ذلك لهم، والكتابُ حَق.كأن قائلي هذا القول كان تأويل الآية عندهم: ذلك العذاب = الذي قال الله تعالى ذكره، فما أصبرهم عليه = معلومٌ أنه لهم. لأن الله قد أخبر في مواضع من تنزيله أن النار للكافرين, وتنزيله حق, فالخبر عن " ذلك " عندهم مُضمر.*وقال آخرون: معنى " ذلك "، أن الله وصف أهل النار، فقال: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ، ثم قال: هذا العذاب بكفرهم. و " هذا " هاهنا عندهم، هي التي يجوز مكانها " ذلك "، (42) كأنه قال: فعلنا ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق فكفروا به. قال: فيكون " ذلك " -إذا كان ذلك معناه- نصبًا، ويكون رفعًا بالباء.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بتأويل الآية عندي: أن الله تعالى ذكره أشار بقوله: " ذلك "، إلى جميع ما حواه قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ ، إلى قوله: " ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق "، من خبره عن أفعال أحبار اليهود، وذكره ما أعد لهم تعالى ذكره من العقاب على ذلك, فقال: هذا الذي فعلته هؤلاء الأحبارُ من اليهود = بكتمانهم الناسَ ما كتموا من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته مع علمهم به، طلبًا منهم لعرَض من الدنيا خسيس -وبخلافهم أمري وطاعتي= وذلك -من تركي تطهيرَهم وتزكيتهم وتكليمهم, وإعدادي لهم العذاب الأليم- بأني أنزلت كتابي بالحق، فكفروا به واختلفوا فيه.فيكون في" ذلك " حينئذ وجهان من الإعراب: رفعٌ ونصب. والرفع ب " الباء ", والنصب بمعنى: فعلت ذلك بأني أنزلت كتابي بالحق، فكفروا به واختلفوا فيه. وترك ذكر " فكفروا به واختلفوا "، اجتزاءً بدلالة ما ذكر من الكلام عليه.* * *وأما قوله: " وإنّ الذينَ اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد "، يعني بذلك اليهودَ والنصارى. اختلفوا في كتاب الله، فكفرت اليهودُ بما قصَّ الله فيه من قَصَص عيسى ابن مريم وأمه. وصَدقت النصارى ببعض ذلك، وكفروا ببعضه, وكفروا جميعًا بما أنزل الله فيه من الأمر بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم. فقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء الذين اختلفوا فيما أنزلت إليك يا محمد لفي منازعة ومفارقة للحق بعيدة من الرشد والصواب, كما قال الله تعالى ذكره: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ [سورة البقرة: 137] كما:2512- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي : " وإنّ الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد "، يقول: هم اليهود والنصارى. يقول: هم في عَداوة بعيدة. وقد بَينتُ معنى " الشقاق "، فيما مضى. (43)* * *---------------------------الهوامش :(42) انظر ما سلف 1 : 225-227 في بيان"ذلك" ، و"هذا" .(43) انظر ما سلف في هذا الجزء 3 : 115 ، 116 .
26