سورة فاطر (35): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة فاطر بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تنوير المقباس من تفسير ابن عباس (عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة فاطر مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة فاطر

  • نوع سورة فاطر: مكية
  • عدد الآيات في سورة فاطر: 45
  • ترتيب سورة فاطر في القرآن الكريم: 35
  • ترتيب نزول الوحي: 43
  • اسم السورة باللغة الإنجليزية: The Originator
  • أرقام الصفحات في القرآن الكريم: من الصفحة 434 إلى 440
  • التفسير: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

سُورَةُ فَاطِرٍ
الصفحة 438 (آيات من 31 إلى 38)

وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِۦ لَخَبِيرٌۢ بَصِيرٌ ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِۦ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌۢ بِٱلْخَيْرَٰتِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ جَنَّٰتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَقَالُوا۟ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِىٓ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ٱلَّذِىٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا۟ وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَٰلِحًا غَيْرَ ٱلَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا۟ فَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيْبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
438

الاستماع إلى سورة فاطر

تفسير سورة فاطر (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي)

الترجمة الإنجليزية

Waallathee awhayna ilayka mina alkitabi huwa alhaqqu musaddiqan lima bayna yadayhi inna Allaha biAAibadihi lakhabeerun baseerun

وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31){ غَفُورٌ شَكُورٌ * والذى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب هُوَ الحق } .لما كان المبدأ به من أسباب ثواب المؤمنين هو تلاوتهم كتاب الله أعقب التنويه بهم بالتنويه بالقرآن للتذكير بذلك ، ولأن في التذكير بجلال القرآن وشرفه إيماء إلى علة استحقاق الذين يتلونه ما استحَقوا . وابتدىء التنويه به بأنه وحي من الله إلى رسوله ، وناهيك بهذه الصلة تنويهاً بالكتاب ، وهو يتضمن تنويهاً بشأن الذي أنزل عليه من قوله : { والذي أوحينا إليك } ، ففي هذا مسرة للنبيء صلى الله عليه وسلم وبشارة له بأنه أفضل الرسل وأن كتابه أفضل الكتب .وهذه نكتة تعريف المسند إليه باسم الموصول لما في الصلة من الإِيماء إلى وجه كونه الحق الكامل ، دون الإِضمار الذي هو مقتضى الظاهر بأن يقال : وهو الكتاب الحق .فالتعريف في { الكتاب } تعريف العهد .و { مِن } بيانية لما في الموصول من الإِبهام ، والتقدير : والكتاب الذي أوحينا إليك هو الحقّ . فقدم الموصول الذي حقه أن يَقع صفة للكتاب تقديماً للتشويق بالإِبهام ليقع بعده التفصيل فيتمكن من الذهن فضْلَ تمكن .فجملة { والذي أوحينا إليك من الكتاب } معطوفة على جملة { إن الذين يتلون كتاب الله } [ فاطر : 29 ] فهي مثلها في حكم الاستئناف .وضمير { هو } ضمير فصل ، وهو تأكيد لما أفاده تعريفَ المسند من القصر .والتعريف في { الحق } تعريف الجنس . وأفاد تعريفُ الجزأين قصر المسند على المسند إليه ، أي قصر جنس الحق على { الذي أوحينا إليك } ، وهو قصر ادعائي للمبالغة لعدم الاعتداد بحقيّة ما عداه من الكتب .فأما الكتب غير الإِلهية مثل ( الزند فسْتَا ) كتاب ( زرادشت ) ومثل كتب الصابئة فلأنَّ ما فيها من قليل الحق قد غمر بالباطل والأوهام .وأما الكتب الإِلهية كالتوراة والإِنجيل وما تضمنته كتب الأنبياء كالزبور وكتاب أرميا من الوحي الإِلهي ، فما شهد القرآن بحقيته فقد دخل في شهادة قوله : { مصدقاً لما بين يديه } ، وما جاء نسخُه بالقرآن فقد بين النسخ تحديد صلاحيته في القرآن . وذلك أيضاً تصديق لها لأنه يدفع موهم بطلانها عند من يجد خلافها في القرآن وما عسى أن يكون قد نقل على تحريف أو تأويل فقد دخل فيما أخرجه القصر . وقد بين القرآن معظمهُ وكشف عن مواقعه كقوله : { وهو محرم عليكم إخراجهم } [ البقرة : 85 ] .ومعنى «ما بين يديه» ما سبقه لأن السابق يجيء متقدِّماً على المسبوق فكأنه يمشي بين يديه كقوله تعالى : { إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد } [ سبأ : 46 ] . والمراد بما بين يديه ما قبله من الشرائع ، وأهمها شريعة موسى وشريعة عيسى عليهما السلام .وانتصب { مصدقاً } على الحال من { الكتاب } والعامل في الحال فعل { أوحينا } ليفيد أنه مع كونه حقّاً بالغاً في الحقيَّة فهو مصدق للكتب الحقّة ، ومقرر لما اشتملت عليه من الحق .{ بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ الله بِعِبَادِهِ } .تذييل جامع لما تضمنته الآيات قبله من تفضيل بعض عباد الله على بعض ومن انطواء ضمائرهم على الخشية وعدمها ، وإقبال بعضهم على الطاعات وإعراض بعض ، ومن تفضيل بعض كتب الله على بعض المقتضي أيضاً تفضيل بعض المرسلين بها على بعض ، فموقع قوله : { إن الله بعباده لخبير بصير } موقع إقناع السامعين بأن الله عليم بعباده وهو يعاملهم بحسب ما يعلم منهم ، ويصطفي منهم من علم أنه خلقه كفئاً لاصطفائه ، فأَلْقَمَ بهذا الذين قالوا : { أأنزل عليه الذكر من بيننا } [ ص : 8 ] حَجراً ، وكأولئك أيضاً الذين ينكرون القرآن من أهل الكتاب بعلة أنه جاء مبطلاً لكتابهم .والخبير : العالم بدقائق الأمور المعقولة والمحسوسة والظاهرة والخفية .والبصير : العالم بالأمور المبصرة . وتقديم الخبير على البصير لأنه أشمل . وذكر البصير عقبه للعناية بالأعمال التي هي من المبصرات وهي غالب شرائع الإِسلام ، وقد تكرر إرداف الخبير بالبصير في مواضع كثيرة من القرآن .والتأكيد ب { إنَّ } واللام للاهتمام بالمقصود من هذا الخبر .

الترجمة الإنجليزية

Thumma awrathna alkitaba allatheena istafayna min AAibadina faminhum thalimun linafsihi waminhum muqtasidun waminhum sabiqun bialkhayrati biithni Allahi thalika huwa alfadlu alkabeeru

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32){ ثمّ } للترتيب الرتبي كما هو شأنها في عطفها الجمل فهي هنا لعطف الجمل عطفاً ذكرياً ، فالمتعاطفات بها بمنزلة المستأنفات ، فهذه الجملة كالمستأنفة ، و { ثم } للترقي في الاستئناف . وهذا ارتقاء في التنويه بالقرآن المتضمن التنويه بالرسول صلى الله عليه وسلم وعروج في مسرّته وتبشيره ، فبعد أن ذُكِّر بفضيلة كتابه وهو أمر قد تقرر لديه زيد تبشيراً بدوام كتابه وإيتائه أمة هم المصطَفون من عباد الله تعالى ، وتبشيره بأنهم يعملون به ولا يتركونه كما ترك أمم من قبله كتبهم ورسلهم ، لقوله : { فمنهم ظالم لنفسه } الآية ، فهذه البشارة أهم عند النبي صلى الله عليه وسلم من الإخبار بأن القرآن حق مصدق لما بين يديه ، لأن هذه البشارة لم تكن معلومة عنده فوقعها أهمّ .وحمل الزمخشري { ثم } هنا على التراخي الزمني فاحتاج إلى تكلف في إقامة المعنى .والمراد ب { الكتاب } الكتاب المعهود وهو الذي سبق ذكره في قوله : { والذي أوحينا إليك من الكتاب } [ فاطر : 31 ] أي القرآن .و { أورثنا } جعلنا وارثِين . يقال : ورث ، إذا صار إليه مال ميت قريب . ويستعمل بمعنى الكسب عن غير اكتساب ولا عوض ، فيكون معناه : جعلناهم آخذين الكتاب منا ، أو نَجعَل الإِيراث مستعملاً في الأمر بالتلقي ، أي أمرنا المسلمين بأن يرثوا القرآن ، أي يتلقوه من الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى الاحتمالين ففي الإِيراث معنى الإِعطاء فيكون فعل { أورثنا } حقيقاً بأن ينصب مفعولين . وكان مقتضى الظاهر أن يكون أحد المفعولين الذي هو الآخذُ في المعنى هو المفعولَ الأول والآخر ثانياً ، وإنما خولف هنا فقُدِّم المفعول الثاني لأمْننِ اللبس قصداً للاهتمام بالكتاب المعطى . وأما التنويه بآخذي الكتاب فقد حصل من الصلة .والمراد بالذين اصطفاهم الله : المؤمنون كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } إلى قوله : { هو اجتباكم } [ الحج : 77 ، 78 ] . وقد اختار الله للإِيمان والإِسلام أفضل أمة من الناس ، وقد رويت أحاديث كثيرة تؤيد هذا المعنى في مسند أحمد بن حنبل وغيره ذكرها ابن كثير في «تفسيره» .ولما أريد تعميم البشارة مع بيان أنهم مراتب فيما بُشروا به جيء بالتفريع في قوله : { فمنهم ظالم لنفسه } إلى آخره ، فهو تفصيل لمراتب المصطفَيْن لتشمل البشارة جميع أصنافهم ولا يظن أن الظالم لنفسه محروم منها ، فمناط الاصطفاء هو الإِيمان والإِسلام وهو الانقياد بالقول والاستسلام .وقدم في التفصيل ذكر الظالم لنفسه لدفع توهم حرمانه من الجنة وتعجيلاً لمسرَّته .والفاء في قوله : { فمنهم ظالم لنفسه } الخ تفصيل لأحوال الذين أورثوا الكتاب أي أعطوا القرآن . وضمير «منهم» الأظهر أنه عائد إلى { الذين اصطفينا } ، وذلك قول الحسن وعليه فالظالم لنفسه من المصطفَيْن . وقيل هو عائد إلى { عبادنا } أي ومن عبادنا علمه والإطلاق . وهو قول ابن عباس وعكرمة وقتادة والضحاك ، وعليه فالظالم لنفسه هو الكافر .ويسري أثر هذا الخلاف في محْمل ضمير { جنات عدن يدخلونها } [ فاطر : 33 ] ولذلك يكون قول الحسن جارياً على وفاق ما روي عن عمر وعثمان وابن مسعود وأبي الدرداء وعقبة بن عمرو وما هو مروي عن عائشة وهو الراجح .والظالمون لأنفسهم هم الذين يجرُّون أنفسهم إلى ارتكاب المعصية فإن معصية المرء ربَّه ظلم لنفسه لأنه يورطها في العقوبة المعينة للمعاصي على تفصيلها وذلك ظلم للنفس لأنه اعتداء عليها إذ قصر بها عن شيء من الخيرات قليل أو كثير ، وورطها فيما تجد جزاء ذميماً عليه . قال تعالى حكاية عن آدم وحواء حين خالفا ما نُهِيا عنه من أكل الشجرة { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا } [ الأعراف : 23 ] وقال : { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً } [ النساء : 110 ] وقال : { إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم } في سورة النمل ( 11 ) ، وقال : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللَّه إن اللَّه يغفر الذنوب جميعاً } في سورة الزمر ( 53 ) .واللام في لنفسه } لام التقوية لأن العامل فرع في العمل إذ هو اسم فاعل .والمقتصد : هو غير الظالم نفسه كما تقتضيه المقابلة ، فهم الذين اتقوا الكبار ولم يحرموا أنفسهم من الخيرات المأمور بها وقد يلمون باللمم المعفو عنه من الله ، ولم يأتوا بمنتهى القربات الرافعة للدرجات ، فالاقتصاد افتعال من القصد وهو ارتكاب القصد وهو الوسط بين طرفين يبينه المقام ، فلما ذكر هنا في مقابلة الظالم والسابق عُلم أنه مرتكب حالة بين تينك الحالتين فهو ليس بظالم لنفسه وليس بسابق .والسابق أصله : الواصل إلى غاية معينة قبلَ غيره من الماشين إليها . وهو هنا مجاز لإِحراز الفضل لأن السابق يحرز السَبق ( بفتح الباء ) ، أو مجاز في بذل العناية لنوال رضى الله ، وعلى الاعتبارين في المجاز فهو مكنّى عن الإِكثار من الخير لأن السبْق يستلزم إسراع الخطوات ، والإِسراع إكثار . وفي هذا السبق تفاوت أيضاً كخيل الحلبة .والخيرات : جمع خير على غير قياس ، والخير : النافع . والمراد بها هنا الطاعات لأنها أعمال صالحة نافعة لعاملها وللناس بآثارها .والباء للظرفية ، أي في الخيرات كقوله : { يسارعون في الإِثم والعدوان } [ المائدة : 62 ] .وفي ذكر الخيرات في القسم الآخر دلالة على أنها مرادة في القسمين الأولين فيؤول إلى معنى ظالم لنفسه في الخيرات ومقتصد في الخيرات أيضاً ، ولك أن تجعل معنى { ظالم لنفسه } أنه ناقصها من الخيرات كقوله : { كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلِم منه شيئاً أي لم تنقص عن معتادها في الإِثمار } في سورة الكهف ( 33 ) .والإِذن مستعمل في التيسير على سبيل المجاز ، والباء للسببية متعلقة بسابق } ، وليس المراد به الأمر لأن الله أمر الناس كلهم بفعل الخير سواء منهم من أتى به ومن قصّر به .ولك أن تجعل الباء للملابسة وتجعلها ظرفاً مستقراً في موضع الحال من { سابق } أي متلبساً بإذن الله ويكون الإِذن مصدراً بمعنى المفعول ، أي سابق ملابس لما أذن الله به ، أي لم يخالفه .وعلى الوجه الأول هو تنويه بالسابقين بأن سبقهم كان بعون من الله وتيسير منه .وفيما رأيتَ من تفسير هذه المراتب الثلاث في الآية المأخوذِ من كلام الأيمة ، مع ضميمةٍ لا بد منها . تستغني عن التيه في مهامه أقوال كثيرة في تفسيرها تجاوزت الأربعين قولاً .والإِشارة في قوله : { ذلك هو الفضل الكبير } إلى الاصطفاء المفهوم من { اصطفينا } أو إلى المذكور من الاصطفاء وإيراث الكتاب .و { الفضل } : الزيادة في الخير ، و { الكبيرُ } مراد به ذو العظم المعنوي وهو الشرف وهو فضل الخروج من الكفر إلى الإِيمان والإِسلام . وهذا الفضل مراتب في الشرف كما أشار إليه تقسيم أصحابه إلى : ظالم ، ومقتصد ، وسابق . وضمير الفصل لتأكيد القصر الحاصل من تعريف الجزأين ، وهو حقيقي لأن الفضل الكبير منحصر في المشار إليه بذلك لأن كل فضل هو غير كبير إلا ذلك الفضل .ووجه هذا الانحصار أن هذا الاصطفاء وإيراث الكتاب جمع فضيلة الدنيا وفضل الآخرة قال تعالى : { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } [ النحل : 97 ] ، وقال : { وعد اللَّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً } [ النور : 55 ] .

الترجمة الإنجليزية

Jannatu AAadnin yadkhuloonaha yuhallawna feeha min asawira min thahabin waluluan walibasuhum feeha hareerun

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33)الأظهر أنه بدل اشتمال من قوله : { ذلك هو الفضل الكبير } [ فاطر : 32 ] فإن مما يشتمل عليه الفضل دخولهم الجنة كما علمت وتخصيص هذا الفضل من بين أصنافه لأنه أعظم الفضل لأنه أمارة على رضوان الله عنهم حين إدخالهم الجنة ، { ورضوانٌ من الله أكبر } [ التوبة : 72 ] .ويجوز أن يكون استئنافاً بيانياً لبيان الفضل الكبير وقد بيّن بأعظم أصنافه . والمعنى واحد .وضمير الجماعة في { يدخلونها } راجع إلى { الذين اصطفينا } [ فاطر : 32 ] المقسم إلى ثلاثة أقسام : ظالممٍ ، ومقتصدٍ ، وسابققٍ ، أي هؤلاء كلهم يدخلون الجنة لأن المؤمنين كلهم مآلهم الجنة كما دلت عليه الأخبار التي تكاثرت . وقد روى الترمذي بسند فيه مجهولان عن أبي سعيد الخدري «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } [ فاطر : 32 ] قال : " هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة " . قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . قال أبو بكر بن العربي في «العارضة» : من الناس من قال : إن هذه الأصناف الثلاثة هم الذين في سورة الواقعة ( 8 10 ) : { أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون } وهذا فاسد لأن أصحاب المشأمة في النار الحامية ، وأصحاب سورة فاطر في جنة عالية لأن الله ذكرهم بين فاتحة وخاتمة فأما الفاتحة فهي قوله : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } [ فاطر : 32 ] فجعلهم مصطفَيْن . ثم قال في آخرهم { جنات عدن يدخلونها } [ فاطر : 33 ] ولا يصطفَى إلا من يدخل الجنة ، ولكن أهل الجنة ظالم لنفسه فقال : { فمنهم ظالم لنفسه } [ فاطر : 32 ] وهو العاصي والظالم المطلق هو الكافر ، وقيل عنه : الظالم لنفسه رفقاً به ، وقيل للآخر : السابق بإذن الله إنباء أن ذلك بنعمة الله وفضله لا من حال العبد ا ه .وفي الإِخبار بالمسند الفعلي عن المسنْد إليه إفادة تقوي الحكم وصوَغ الفعل بصيغة المضارع لأنه مستقبل ، وكذلك صوغ { يحلون } وهو خبر ثاننٍ عن { جنات عدن } . وتقدم نظيرها في سورة الحج فانظره .وقرأ نافع وعاصم وأبو جعفر { ولؤلؤاً } بالنصب عطفاً على محل { أساور } لأنه لما جر بحرف الجر الزائد كان في موضع نصب على المفعول الثاني لفعل { يحلون } فجاز في المعطوف أن ينصب على مراعاة محل المعطوف عليه . وقرأه الباقون بالجر على مراعاة اللفظ ، وهما وجهان .

الترجمة الإنجليزية

Waqaloo alhamdu lillahi allathee athhaba AAanna alhazana inna rabbana laghafoorun shakoorun

وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الأظهر أن جملة { وقالوا } في موضع الحال من ضمير { يحلون } [ فاطر : 33 ] لئلا يلزم تأويل الماضي بتحقيق الوقوع مع أنه لم يقصد في قوله : { يدخلونها } [ فاطر : 33 ] . وتلك المقالة مقارنة للتحلية واللباس ، وهو كلام يجري بينهم ساعتئذ لإِنشاء الثناء على الله على ما خوّلهم من دخول الجنة ، ولما فيه من الكرامة .وإذهاب الحزن مجاز في الإِنجاء منه فتصدق بإزالته بعد حصوله ويصدق بعدم حصوله .و { الحزن } الأسف . والمراد : أنهم لمّا أعطوا ما أعطوه زال عنهم ما كانوا فيه قبلُ من هول الموقف ومن خشية العقاب بالنسبة للسابقين والمقتصدين ومما كانوا فيه من عقاب بالنسبة لظالمي أنفسهم .وجملة { إن ربنا لغفور شكور } استئنافُ ثناء على الله شكروا به نعمة السلامة أثنوا عليه بالمغفرة لما تجاوز عما اقترفوه من اللمم وحديثثِ الأنفس ونحو ذلك مما تجاوز الله عنه بالنسبة للمقتصدين والسابقين ، ولما تجاوز عنه من تطويل العذاب وقبول الشفاعة بالنسبة لمختلف أحوال الظالمين أنفسهم وأثنوا على الله بأنه شكور لما رأوا من إفاضته الخيرات عليهم ومُضاعفة الحسنات مما هو أكثر من صالحات أعمالهم . وهذا على نحو ما تقدم في قوله : { ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } [ فاطر : 30 ] .

الترجمة الإنجليزية

Allathee ahallana dara almuqamati min fadlihi la yamassuna feeha nasabun wala yamassuna feeha lughoobun

الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)و { المُقَامة } مصدر ميمي من أقام بالمكان إذا قطنه . والمراد : دار الخلود . وانتصب { دار المقامة } على المفعول الثاني ل { أحلنا } أي أسكننا .و { مِن } في قوله : { من فضله } ابتدائية في موضع الحال من { دار المقامة } .والفضل : العطاء ، وهو أخُو التفضل في أنه عطاء منّة وكرم .ومن فضل الله أن جعل لهم الجنة جزاء على الأعمال الصالحة لأنه لو شاء لما جعل للصالحات عطاء ولكان جزاؤها مجرد السلامة من العقاب ، وكان أمر مَن لم يستحق الخلود في النار كفافاً ، أي لا عقاب ولا ثواب فيبقى كالسوائم ، وإنما أرادوا من هذا تمام الشكر والمبالغة في التأدب .وجملة { لا يمسنا فيها نصب } حال ثانية .والمسّ : الإِصابة في ابتداء أمرها ، والنصب : التعب من نحو شدّة حر وشدة برد . واللغوب : الإِعياء من جراء عمل أو جري .وإعادة الفعل المنفي في قوله : { ولا يمسنا فيها لغوب } لتأكيد انتفاء المسّ .

الترجمة الإنجليزية

Waallatheena kafaroo lahum naru jahannama la yuqda AAalayhim fayamootoo wala yukhaffafu AAanhum min AAathabiha kathalika najzee kulla kafoorin

وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)مقابلة الأقسام الثلاثة للذين أُورثوا الكتاب بذكر الكافرين يزيدنا يقيناً بأن تلك الأقسام أقسام المؤمنين ، ومقابلة جزاء الكافرين بنار جهنم يوضح أن الجنة دار للأقسام الثلاثة على تفاوت في الزمان والمكان .وفي قوله تعالى في الكفار : { ولا يخفف عنهم من عذابها } إيماء إلى أن نار عقاب المؤمنين خفيفة عن نار المشركين .فجملة { والذين كفروا } معطوفة على جملة { جنات عدن يدخلونها } [ فاطر : 33 ] .ووقع الإِخبار عن نار جهنم بأنها { لهم } بلام الاستحقاق للدلالة على أنها أعدت لجزاء أعمالهم كقوله تعالى : { فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين } في سورة البقرة ( 24 ) وقوله : { واتقوا النار التي أعدت للكافرين } في سورة آل عمران ( 131 ) ، فنار عقاب عصاة المؤمنين نار مخالفة أو أنها أعدت للكافرين .وإنما دخل فيها من أدخل من المؤمنين الذين ظلموا أنفسهم لاقترافهم الأعمال السيئة التي شأنها أن تكون للكافرين .وقدم المجرور في لهم نار جهنم } على المسند إليه للتشويق إلى ذكر المسند إليه حتى إذا سمعه السامعون تمكن من نفوسهم تمام التمكن .وجملة { لا يقضى عليهم } بدل اشتمال من جملة { لهم نار جهنم } ، والقضاء : حقيقته الحكم ، ومنه قضاء الله حكمه وما أوجده في مخلوقاته . وقد يستعمل بمعنى أماته كقوله تعالى : { فوكزه موسى فقضى عليه } [ القصص : 15 ] . وهو هنا محتمل للحقيقة ، أي لا يقدرُ الله موتهم ، فقوله : { فيموتوا } مسبب على القضاء . والمعنى : لا يقضى عليهم بالموت فيموتوا ، ومحتمل للمجاز وهو الموت . وتفريع { فيموتوا } على هذا الوجه أنهم لا يموتون إلا الإِماتة التي يتسبب عليها الموت الحقيقي الذي يزول عنده الإِحساس ، فيفيد أنهم يُماتون مَوتاً ليس فيه من الموت إلا آلامه دون راحته ، قال تعالى : { ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون } [ الزخرف : 77 ] وقال تعالى : { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب } [ النساء : 56 ] .وضمير { عذابها } عائد إلى جهنم ليشمل ما ورد من أن المعذبين يعذبون بالنار ويعذبون بالزمهرير وهو شدة البرد وكل ذلك من عذاب جهنم .ووقع { كذلك } موقع المفعول المطلق لقوله : { نجزي } أي نجزيهم جزاء كذلك الجزاء ، وتقدم عند قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } في سورة البقرة ( 143 ) .وجملة كذلك نجزي كل كفور } تذييل . والكفور : الشديد الكفر ، وهو المشرك .وقرأ الجمهور { نجزي } بنون العظمة ونصب { كل } . وقرأه أبو عمرو وحده { يُجزَى } بياء الغائب والبناء للنائب ورفع { كل } .

الترجمة الإنجليزية

Wahum yastarikhoona feeha rabbana akhrijna naAAmal salihan ghayra allathee kunna naAAmalu awalam nuAAammirkum ma yatathakkaru feehi man tathakkara wajaakumu alnnatheeru fathooqoo fama lilththalimeena min naseerin

وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37){ كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صالحا غَيْرَ الذى كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن } .الضمير إلى { الذين كفروا } [ فاطر : 36 ] والجملة عطف على جملة { لهم نار جهنم } [ فاطر : 36 ] ولا تجعل حالاً لأن التذييل آذنَ بانتهاء الكلام وباستقبال كلام جديد .و { يصطرخون } مبالغة في ( يصرخون ) لأنه افتعال من الصراخ وهو الصياح بشدة وجهد ، فالاصطراخ مبالغة فيه ، أي يصيحون من شدة ما نابهم .وجملة { ربنا أخرجنا } بيان لجملة { يصطرخون } ، يحسبون أن رفع الأصوات أقرب إلى علم الله بندائهم ولإِظهار عدم إطاقة ما هم فيه .وقولهم : { نعمل صالحاً } وعدٌ بالتدارك لما فاتهم من الأعمال الصالحة ولكنها إنابة بعد إبانها .ولإِرادة الوعد جُزم { نعمل صالحاً } في جواب الدعاء . والتقدير : إن تخرجنا نعملْ صالحاً .و { غير الذي كنا نعمل } نعت ل { صالحاً } ، أي عملاً مغايراً لما كنا نعمله في الدنيا وهذا ندامة على ما كانوا يعملونه لأنهم أيقنوا بفساد عملهم وضره فإن ذلك العالَم عالم الحقائق .{ كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ النذير فَذُوقُواْ فَمَا للظالمين } .الواو عاطفة فعل قول محذوفاً لعلمه من السياق بحسب الضمير في { نعمركم } معطوفاً على جملة { وهم يصطرخون فيها } فإن صراخهم كلام منهم ، والتقدير : يقولون ربنا أخرجنا ونقول ألم نعمركم .والاستفهام تقريع للتوبيخ ، وجُعل التقرير على النفي توطئة ليُنكره المقرَّر حتى إذا قال : بلى علم أنه لم يسعه الإِنكار حتى مع تمهيد وطاء الإِنكار إليه .والتعمير : تطويل العمر . وقد تقدم غير مرة ، منها عند قوله تعالى : { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } في سورة البقرة ( 96 ) ، وقوله : { وما يعمر من معمر } في هذه السورة ( 11 ) .وما } ظرفية مصدرية ، أي زمان تعمير مُعَمَّر .وجملة { يتذكر فيه من تذكر } صفة ل { ما } ، أي زماناً كافياً بامتداده للتذكّر والتبصير .و { النذير } الرسول محمد صلى الله عليه وسلموجملة { وجاءكم النذير } عطف على جملة «ألم نعمركم» لأن معناها الخبر فعطف عليها الخبر ، على أن عطف الخبر على الإِنشاء جائز على التحقيق وهو هنا حسن .ووصف الرسول بالنذير لأن الأهم من شأنه بالنسبة إليهم هو النذارة .والفاء في { فذوقوا } للتفريع . وحذف مفعول «ذوقوا» لدلالة المقام عليه ، أي ذوقوا العذاب .والأمر في قوله { فذوقوا } مستعمل في معنى الدوام وهو كناية عن عدم الخلاص من العذاب .وقوله : { فما للظالمين من نصير } تفريع على ما سبق من الحكاية . فيجوز أن يكون من جملة الكلام الذي وبخهم الله به فهو تذييل له وتفريع عليه لتأييسهم من الخلاص يعني : فأين الذين زعمتم أنهم أولياؤكم ونصراؤكم فما لكم من نصير .وعدل عن ضمير الخطاب أن يقال : فما لكم من نصير ، إلى الاسم الظاهر بوصف «الظالمين» لإِفادة سبب انتفاء النصير عنهم؛ ففي الكلام إيجاز ، أي لأنكم ظالمون وما للظالمين من نصير ، فالمقصود ابتداء نفي النصير عنهم ويتبعه التعميم بنفي النصير عن كل من كان مثلهم من المشركين .ويجوز أن يكون كلاماً مستقلاً مفرعاً على القصة ذُيّلت به للسامعين من قوله : { والذين كفروا لهم نار جهنم } [ فاطر : 36 ] ، فليس فيه عدول عن الإِضمار إلى الإِظهار لأن المقصود إفادة شمول هذا الحكم لكل ظالم فيدخل الذين كفروا المتحدث عنهم في العموم .والظلم : هو الاعتداء على حق صاحب حق ، وأعظمه الشرك لأنه اعتداء على الله بإنكار صفته النفيسة وهي الوحدانية ، واعتداء المشرك على نفسه إذْ أقحمها في العذاب قال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] .وتعميم «الظالمين» وتعميم «النصير» يقتضي أن نصر الظالم تجاوزٌ للحق ، لأن الحق أن لا يكون للظالم نصير ، إذ واجب الحكمة والحقِّ أن يأخذ المقتدر على يد كل ظالم لأن الأمة مكلفة بدفع الفساد عن جماعتها .وفي هذا إبطال لخُلُق أهل الجاهلية القائلين في أمثالهم " انصُرْ أخاك ظالماً أو مظلوماً " . وقد ألقى النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه إبطال ذلك فساق لهم هذا المثلَ حتى سألوا عنه ثم أصلح معناه مع بقاء لفظه فقال : " إذا كان ظالماً تنصره على نفسه فتكفه عن ظلمه " .

الترجمة الإنجليزية

Inna Allaha AAalimu ghaybi alssamawati waalardi innahu AAaleemun bithati alssudoori

إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38) جملة { إن الله عالم غيب السماوات والأرض } استئناف واصل بين جملة { إن الله بعباده لخبير بصير } [ فاطر : 31 ] وبين جملة { قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض } [ فاطر : 40 ] الآية ، فتسلسلت معانيه فعاد إلى فذلكة الغرض السالف المنتقل عنه من قوله : { وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم } إلى قوله : { إن اللَّه بعباده لخبير بصير } [ فاطر : 25 31 ] ، فكانت جملة { إن الله عالم غيب السماوات والأرض } كالتذييل لجملة { إن اللَّه بعباده لخبير بصير } .وفي هذا إيماء إلى أن الله يجازي كل ذي نية على حسب ما أضمره ليزداد النبي صلى الله عليه وسلم يقيناً بأن الله غير عالم بما يكنه المشركون .وجملة { إنه عليم بذات الصدور } مستأنفة هي كالنتيجة لِجملة { إن الله عالم غيب السماوات والأرض } لأن ما في الصدور من الأمور المغيبة فيلزم من علم الله بغيب السموات والأرض علمه بما في صدور الناس .و «ذات الصدور» ضمائر الناس ونِيَّاتهم ، وتقدم عند قوله تعالى : { إنه عليم بذات الصدور } في سورة الأنفال ( 43 ) .وجيء في الإِخبار بعلم الله بالغيب بصيغة اسم الفاعل ، وفي الإِخبار بعلمه بذات الصدور بصيغة المبالغة لأن المقصود من إخبار المخاطبين تنبيههم على أنه كناية عن انتفاء أن يفوت علمَه تعالى شيءٌ . وذلك كناية عن الجزاء عليه فهي كناية رمزية .
438