سورة البقرة (2): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة البقرة بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة البقرة مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة البقرة

سورة البقرة في القرآن الكريم

سورة البقرة هي ثاني سورة من سور القرآن الكريم، وتتألف من 286 آية. تعتبر سورة البقرة من أطول السور في القرآن الكريم، وتحتوي على مواضيع متنوعة تتعلق بالعقيدة والشريعة والأخلاق والتشريعات الاجتماعية.

تتضمن سورة البقرة العديد من الحكم والأوامر الإلهية التي تهدف إلى توجيه الإنسان في حياته وتربيته على القيم الإسلامية. كما تحتوي على قصص وأمثال تعبر عن الحكمة والعبرة للمؤمنين.

من بين المواضيع الرئيسية التي تتناولها سورة البقرة هي الإيمان والتوحيد، والشريعة والأحكام الشرعية، والأخلاق والتربية، والتاريخ الإسلامي والقصص القرآنية.

يعتبر قراءة سورة البقرة والتفكير في مضمونها من الأمور المهمة في الحياة اليومية للمسلم، حيث تحتوي على توجيهات ونصائح تساعد على تحسين الحياة الروحية والاجتماعية.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد الكثيرون أن قراءة سورة البقرة تحمي المنزل وأهله من الشرور والأذى، وتجلب البركة والرزق.

سُورَةُ البَقَرَةِ
الصفحة 31 (آيات من 197 إلى 202)

ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَٰتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى ٱلْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا۟ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا۟ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ ۚ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُو۟لِى ٱلْأَلْبَٰبِ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا۟ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ ۚ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٍ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ ۖ وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَىٰكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا۟ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُوا۟ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُۥ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنْ خَلَٰقٍ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى ٱلْءَاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا۟ ۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
31

الاستماع إلى سورة البقرة

تفسير سورة البقرة (تفسير الوسيط لطنطاوي: محمد سيد طنطاوي)

الترجمة الإنجليزية

Alhajju ashhurun maAAloomatun faman farada feehinna alhajja fala rafatha wala fusooqa wala jidala fee alhajji wama tafAAaloo min khayrin yaAAlamhu Allahu watazawwadoo fainna khayra alzzadi alttaqwa waittaqooni ya olee alalbabi

وقوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ.أى: وقت الحج أشهر معلومات أو أشهر الحج أشهر معلومات فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.وجعلت النسبة إلى الحج نفسه لا إلى وقته، للإشعار بأن هذه الأشهر لكونها تؤدى فيها هذه الفريضة قد اكتسبت تقديسا وبركة منها، حتى لكأن هذه الأشهر هي الفريضة نفسها.قال القرطبي ما ملخصه: وأشهر الحج هي شوال وذو القعدة والعشرة الأولى من ذي الحجة. وقيل هي شوال وذو القعدة وذو الحجة كله وفائدة الفرق تعلق الدم فمن قال:إن ذا الحجة كله من أشهر الحج لم يوجب دما على من أخر طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة لأنه وقع في أشهر الحج، ومن قال بأن وقت الحج ينقضي بالعشرة الأولى من ذي الحجة يوجب الدم عليه لتأخيره عن وقته. ولفظ الأشهر قد يقع على شهرين وبعض الثالث، لأن بعض الشهر ينزل منزلة كله، كما يقال: رأيتك سنة كذا ولعله إنما رآه في ساعة منها» .وعبر- سبحانه- عن هذه الأشهر بأنها معلومات، لأن العرب كانوا يعرفون أشهر الحج من كل عام منذ عهد إبراهيم- عليه السلام- وقد جاء الإسلام مقررا لما عرفوه. أو المراد بكونها معلومات أنها مؤقتة بأوقات معينة لا يجوز تقديمها ولا تأخيرها عنها، وهو يتضمن بطلان النسيء الذي كان يفعله الجاهليون تبعا لأهوائهم.وقوله: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ بيان لما يحب أن يتحلى به المسلّم من فضائل عند أدائه لهذه الفريضة.قال الإمام الرازي: ومعنى فَرَضَ في اللغة ألزم وأوجب. يقال: فرضت عليك كذا، أى أوجبته. وأصل معنى الفرض في اللغة الحز الذي يقع فيه الوتر، ومنه فرض الصلاة وغيرها لأنها لازمة للعبد كلزوم الحز للقدح ففرض هنا بمعنى أوجب وألزم ... » .والرفث في الأصل: الفحش من القول. والمراد به هنا الجماع. أو الكلام المتضمن لما يستقبح ذكره من الجماع ودواعيه.قال القرطبي: وأجمع العلماء على أن الجماع قبل الوقوف بعرفة مفسد للحج وعليه حج قابل والهدى.والفسوق: الخروج عن طاعة الله بارتكاب المعاصي، ومن ذلك السباب وفعل محظورات الإحرام، وغير ذلك مما نهى الله عنه، والجدال على وزن فعال من المجادلة وهي مشتقة من الجدل وهو الفتل ومنه: زمام مجدول.وقيل: هي مشتقة من الجدالة التي هي الأرض. فكأن كل واحد من الخصمين يقاوم صاحبه حتى يغلبه، فيكون كمن ضرب به الجدالة.والمراد النهى عن المماراة والمنازعة التي تؤدى إلى البغضاء وتغير القلوب.والمعنى: أوقات الحج أشهر معلومات فمن نوى وأوجب على نفسه فيهن الحج وأحرم به فعليه أن يجتنب الجماع للنساء ودواعيه وأن يبتعد عن كل قول أو فعل يكون خارجا عن آداب الإسلام، ومؤديا إلى التنازع بين الرفقاء والإخوان، فإن الجميع قد اجتمعوا على مائدة الرحمن، فعليهم أن يجتمعوا على طاعته، وأن يتعاونوا على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.روى الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» .قال الآلوسى: وقال- سبحانه- فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ بالإظهار ولم يقل فيه مع أن المقام يقتضى الإضمار، لإظهار كمال الاعتناء بشأنه، وللإشعار بعلة الحكم، فإن زيارة البيت المعظم والتقرب بها إلى الله- تعالى- من موجبات ترك الأمور المذكورة المدنسة لمن قصد السير والسلوك إلى ملك الملوك. وإيثار النفي للمبالغة في النهى، والدلالة على أنها حقيقة بأن لا تكون فإن ما كان منكرا مستقبحا في نفسه منهيا عنه مطلقا فهو للمحرم بأشرف العبادات وأشقها أنكر وأقبح » .والضمير في قوله: فِيهِنَّ للأشهر، لأنه جمع لغير العاقل فيجري على التأنيث.وجملة فَلا رَفَثَ.. إلخ في محل جزم جواب من الشرطية والرابط بين جملة الشرط والجواب ما في معنى فَلا رَفَثَ من ضمير يعود على «من» ، لأن التقدير فلا يرفث.ويجوز أن تكون جملة فَلا رَفَثَ.. وما عطف عليها في محل رفع خبر لمن على أنها موصولة.وقد أخذ الشافعية من هذه الآية أنه لا يجوز الإحرام بالحج في غير أشهر الحج لأن الإحرام به في غير أشهره يكون شروعا في العبادة في غير وقتها فلا تصح ويرى الأحناف والحنابلة، أنه يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره ولكنه مع الكراهة: والإمام مالك لا يرى كراهة في ذلك.ويبدو أن رأى الشافعية هنا أرجح، لأن قوله- تعالى-: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ..يشهد لهم، فقد جعل- سبحانه- هذه الأشهر وعاء لهذه الفريضة وظرفا لها.وقوله: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ حض على فعل الخير عقيب النهى عن فعل الشر.أى: اتركوا الأقوال والأفعال القبيحة، وسارعوا إلى الأعمال الصالحة خصوصا في تلك الأزمنة والأمكنة المفضلة، والله- تعالى- لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو- سبحانه- سيجازيكم على فعل الخير بما تستحقون من جزاء.ثم قال- تعالى-: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى.قال الإمام الرازي: في هذه الجملة الكريمة قولان:أحدهما: أن المراد وتزودوا من التقوى- أى الأعمال الصالحة- والدليل عليه قوله بعد ذلك فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وتحقيق الكلام فيه أن الإنسان له سفران: سفر في الدنيا وسفر من الدنيا، فالسفر في الدنيا لا بد له من زاد وهو الطعام والشراب والمال.. إلخ. والسفر من الدنيا لا بد له أيضا من زاد وهو معرفة الله ومحبته والإعراض عما سواه، وهذا الزاد خير من الزاد الأول لأن زاد الدنيا يخلصك من عذاب منقطع وزاد الآخرة يخلصك من عذاب دائم.. قال الأعشى مقررا هذا المعنى:إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ... ولاقيت بعد الموت من قد تزوداندمت على أن لا تكون كمثله ... وأنك لم ترصد بما كان أرصداوالقول الثاني: أن هذه الآية نزلت في أناس من أهل اليمن كانوا يحجون بغير زاد ويقولون إنا متوكلون، ثم كانوا يسألون الناس، وربما ظلموا الناس وغصبوهم فأمرهم الله- تعالى- أن يتزودوا بالمال والطعام الذي يغنيهم عن سؤال الناس .والذي نراه أن الجملة الكريمة تسع القولين. فهي تدعو الناس إلى أن يتزودوا بالزاد المعنوي النفسي الذي يسعدهم ألا وهو تقوى الله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والإكثار من العمل الصالح وفي الوقت نفسه هي تأمرهم- أيضا- بأن يتزودوا بالزاد المادي الحقيقي الذي يغنيهم عن سؤال الناس، ويصون لهم ماء وجوههم.وبذلك نكون قد استعملنا اللفظ في حقيقته ومجازه، وهو استعمال شائع مستساغ عند كثير من العلماء.ثم ختم- سبحانه- الآية بتأكيد أمر التقوى ووجوب الإخلاص فقال: وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ والألباب: جمع لب وهو العقل واللب من كل شيء: هو الخالص منه. وسمى به العقل، لأنه أشرف ما في الإنسان.أى: أخلصوا لي يا أصحاب العقول السليمة، والمدارك الواعية، لأنكم لما كنتم كذلك كان وجوبها عليكم أثبت، وإعراضكم عنها أقبح. ورحم الله القائل:ولم أر في عيوب الناس عيبا ... كنقص القادرين على التماموالجملة الكريمة ليست تكرارا لسابقتها، لأن الأولى حث على التقوى وهذه حث على الإخلاص فيها.

الترجمة الإنجليزية

Laysa AAalaykum junahun an tabtaghoo fadlan min rabbikum faitha afadtum min AAarafatin faothkuroo Allaha AAinda almashAAari alharami waothkuroohu kama hadakum wain kuntum min qablihi lamina alddalleena

ثم بين- سبحانه- أن التزود بالزاد الروحي لا يتنافى مع التزود يا لزاد المادي متى توافرت التقوى، فقال- تعالى-: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ.الجناح: أصله من جنح الشيء إذا مال: يقال جنحت السفينة إذا مالت إلى أحد جانبيها.والمراد بالجناح هنا الإثم والذنب، لأنه لما كان الإثم يميل بالإنسان عن الحق إلى الباطل سمى جناحا.والابتغاء: الطلب بشدة، وجملة أَنْ تَبْتَغُوا في موضع جر بتقدير في.والفضل: الزيادة وتكون في الخير والشر إلا أنه جرى العرف أن يعبر عن الزيادة الحسنة بالفضل وعن الزيادة القبيحة بالفضول.والمراد به هنا: المال الحلال المكتسب عن طريق التجارة المشروعة أو غيرها من وجوه الرزق الحلال.أى: لا إثم ولا حرج عليكم في أن تطلبوا رزقا حلالا ومالا طيبا عن طريق التجارة أو غيرها من وسائل الكسب المشروعة في موسم الحج.وقد ذكر المفسرون أن الناس كانوا يتحاشون من التجارة في الحج، حتى إنهم كانوا يتجنبون البيع والشراء في العشر الأوائل من ذي الحجة، فنزلت هذه الآية لتخبرهم أنه لا حرج عليهم في ذلك.روى البخاري عن ابن عباس قال: كان ذو المجاز وعكاظ متجر الناس في الجاهلية فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ.وقال ابن كثير: وروى الإمام أحمد عن أبى أمامة التيمي قال: قلت لابن عمر: إنا نكري فهل لنا من حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت وترمون الجمار وتحلقون رءوسكم وتقضون المناسك قال: قلت بلى. فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فسأله عن الذي سألتنى فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فدعاه النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال له «أنتم حجاج» .فالآية الكريمة صريحة في إباحة طلب الرزق لمن هو في حاجة إلى ذلك في موسم الحج، بشرط ألا يشغله عن أداء فرائض الله.ثم قال- تعالى-: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ.الفاء في قوله: فإذا لتفصيل بعض ما أجمل من قبل في قوله فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ..وأفضتم. اندفعتم بكثرة متزاحمين. وذلك تشبيه لهم بالماء إذا كثر ودفع بعضه بعضا فانتشر وسال من حافتي الوادي والإناء والإفاضة في الحديث الاندفاع فيه بإكثار وتصرف في وجوهه ومنه قوله- تعالى- إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ. فأصل هذه الكلمة الدفع للشيء بكثرة حتى يتفرق.والتقدير: أفضتم أنفسكم فحذف المفعول للعلم به.والمراد: خروجهم من عرفات بشيء من السرعة في تكاثر وازدحام متجهين إلى المزدلفة.وعرفات: اسم للجبل المعروف، قيل سمى بذلك لأن الناس يتعارفون به فهم يجتمعون عليه في وقت واحد فيجري التعارف بينهم.وقد اتفق العلماء على أن الوقوف بعرفات هو ركن الحج الأكبر ففي الحديث الشريف «الحج عرفة» ويكون ذلك في اليوم التاسع من ذي الحجة.قال القرطبي: أجمع أهل العلم على أن من وقف بعرفة يوم عرفة قبل الزوال ثم أفاض منها قبل الزوال أنه لا يعتد بوقوفه ذلك قبل الزوال. وأجمعوا على تمام حج من وقف بعرفة بعد الزوال وأفاض نهارا قبل الليل إلا مالك بن أنس فإنه قال: لا بد أن يأخذ من الليل شيئا، وأما من وقف بعرفة بالليل فإنه لا خلاف بين الأمة في تمام حجه. والحجة للجمهور مطلق قوله: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ: فإنه لم يختص ليلا من نهار. وحديث عروة بن مضرس قال: أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو في الموقف من جمع- أى من المزدلفة- فقلت: يا رسول الله، جئتك من جبل طيئ أكللت مطيتي وأتعبت نفسي.. فهل لي من حج يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من صلّى معنا صلاة الغداة بجمع وقد أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه » .ومن في قوله: مِنْ عَرَفاتٍ ابتدائية. أى، فإذا أفضتم خارجين من عرفات إلى المشعر الحرام.والمشعر الحرام: هو المزدلفة وقيل هو موضع بها. والمشعر: اسم مشتق من الشعور أى:العلم، أو من الشعار أى: العلامة.ووصف المشعر بوصف الحرام لأنه من أرض الحرم، وهو منسك له حرمة وتقديس.والمزدلفة من الازدلاف وهو القرب وسميت بذلك لأن الحجاج يزدلفون إليها من عرفات ليبيتوا بها قاصدين الاقتراب من منى.وتسمى المزدلفة- أيضا- «جمع» لاجتماع الناس في هذا المكان أو جمعهم فيه بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير. وتسمى كذلك «قزح» .ويرى الحنفية والشافعية أن الوقوف بالمزدلفة واجب وليس بركن، ومن فاته لا يبطل حجه ويجب عليه دم.ويرى أكثر المالكية أن الوقوف بها سنة مؤكدة.ويرى بعض التابعين وبعض الشافعية أن الوقوف بها ركن كالوقوف بعرفات والمعنى: فإذا سرتم- يا معشر الحجاج- من عرفات متدافعين متزاحمين متجهين إلى المزدلفة فأكثروا من ذكر الله- تعالى- بالتلبية والتهليل والدعاء بقلوب مخبتة، ونفوس صافية، لأن ذكر الله- تعالى- في تلك المواطن المقدسة والأوقات الفاضلة من شأنه أن يرفع الدرجات، ويوصل إلى أعلا المقامات.ثم قال- تعالى-: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ الكاف للتشبيه. ومعنى التشبيه في مثل هذا التركيب المشابهة في التساوي في الحسن والكمال. كما تقول: اخدمه كما أكرمك تعنى:لا تتقاصر خدمتك عن إكرامه.والمعنى: اذكروا الله- تعالى- ذكرا حسنا مماثلا لهدايته لكم، وأنتم تعلمون أن هذه الهداية شأنها عظيم فبسببها خرجتم من الظلمات إلى النور، فيجب عليكم أن تكثروا من ذكر الله ومن الثناء عليه.قال الآلوسى: و «ما» تحتمل أن تكون مصدرية فمحل كَما هَداكُمْ النصب على المصدرية، بحذف الموصوف. أى: ذكرا مماثلا لهداكم.. وتحتمل أن تكون كافة فلا محل لها من الإعراب. والمقصود من الكاف مجرد تشبيه مضمون الجملة بالجملة، لذا لا تطلب عاملا تفضى بمعناه إلى مدخولها. وقيل: إن الكاف للتعليل، وما مصدرية. أى، اذكروه وعظموه لأجل هدايته السابقة منه- تعالى- لكم.وأَنْ في قوله: وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ هي المخففة من الثقيلة والضمير في مِنْ قَبْلِهِ يعود إلى الهدى المأخوذ من ما المصدرية وما دخلت عليه والمراد بالضلال هنا: الجهل بالإيمان وبالتكاليف التي كلف الله بها عباده.أى: اذكروا الله- تعالى- ذكرا مشابها لهدايته لكم، وإنكم لولا هذه الهداية لبقيتم على ضلالكم وجهلكم بالدين الحق، ولكن الله- تعالى- من عليكم بهذه الهداية فأكثروا من ذكره وشكره عليها.

الترجمة الإنجليزية

Thumma afeedoo min haythu afada alnnasu waistaghfiroo Allaha inna Allaha ghafoorun raheemun

وبعد أن تحدث- سبحانه- عن الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة وأمر بالإكثار من ذكره، عقب ذلك ببيان الطريقة المثلى للإفاضة فقال: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:أى: أفيضوا من عرفة لا من المزدلفة. وهناك قولان في المخاطب بهذه الآية.أحدهما: أن الخطاب فيها لقريش وحلفائها، وذلك لأنهم كانوا يترفعون على الناس، فلا يقفون معهم على عرفات، وإنما يقفون وحدهم بالمزدلفة، وكانوا يقولون: نحن قطين الله- أى سكان حرمه فينبغي لنا أن نعظم الحرم- وهو المزدلفة- ولا نعظم شيئا من الحل- وهو عرفات-.روى البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- قالت، كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر الله- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يأتى عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.والمعنى: أفيضوا يا معشر قريش من المكان الذي يفيض منه الناس وهو عرفة، واتركوا ما تفعلونه من الإفاضة من المزدلفة، فالمقصود إبطال ما كانت تفعله قريش.والثاني: أن الخطاب في الآية لجميع الناس، أمرهم الله- تعالى- فيه أن يفيضوا من حيث أفاض الناس.والمراد بالناس في الآية إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- فإن سنتهما كانت الإفاضة من عرفة لا من المزدلفة.قال بعضهم: وإيقاع اسم الجمع على الواحد جائز إذا كان رئيسا يقتدى به كما في قوله- تعالى-: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ يعنى «نعيم بن مسعود» .والذي نراه أن القول الثاني أولى بالقبول، لأن المغزى الذي تهدف إليه الآية في معناها الخاص والعام هو دعوة الناس جميعا إلى التجمع في مكان واحد ليشعروا بالإخاء والمساواة عند أدائهم لفريضة الحج بدون تفرقة بين كبير وصغير، وغنى وفقير، وقرشي وغير قرشي، ويدخل في النهى دخولا أوليا تلك الحالة التي كانت عليها قريش. وقد قال العلماء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.و «ثم» للتفاوت المعنوي بين الإفاضتين- أى الإفاضة من عرفات والإفاضة من مزدلفة- لبيان البعد بينهما، إذ أن إحداهما صواب والأخرى خطأ.أى: لا تفيضوا من المزدلفة لأنه خطأ جسيم، واجعلوا إفاضتكم من عرفات لأن هذا العمل هو الصواب الذي يحبه الله ويرضاه.وقوله: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ معطوف على أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ أى: استغفروا الله من ذنوبكم ومما سلف منكم من أخطاء فإن المؤمن كلما قويت روحه، وصفت نفسه أحس بأنه مقصر أمام نعم خالقه التي لا تحصى. ومن أكثر من التوبة والاستغفار غفر الله له ما فرط منه، لأنه- سبحانه- كثير الغفران، واسع الرحمة.

الترجمة الإنجليزية

Faitha qadaytum manasikakum faothkuroo Allaha kathikrikum abaakum aw ashadda thikran famina alnnasi man yaqoolu rabbana atina fee alddunya wama lahu fee alakhirati min khalaqin

ثم بين- سبحانه- ما يجب عليهم عمله بعد فراغهم من أعمال الحج فقال- تعالى-:فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً.المناسك: جمع منسك مشتق من نسك نسكا من باب نصر إذا تعبد. والمراد هنا العبادات التي تتعلق بالحج.قال ابن كثير: عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم- بين مسجد منى وبين الجبل بعد فراغهم من الحج يذكرون فضائل آبائهم- فيقول الرجل منهم. كان أبى يطعم الطعام ويحمل الديات ... ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله- تعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية» .والمعنى: فإذا فرغتم من عباداتكم، وأديتم أعمال حجكم، فتوفروا على ذكر الله وطاعته كما كنتم تتوفرون على ذكر مفاخر آبائكم، بل عليكم أن تجعلوا ذكركم لله- تعالى- أشد وأكثر من ذكركم لمآثر آبائكم، لأن ذكر مفاخر الآباء إن كان كذبا أدى إلى الخزي في الدنيا والعقوبةفي الآخرة. وإن كان صدقا فإنه في الغالب يؤدى إلى العجب وكثرة الغرور، أما ذكر الله بإخلاص وخشوع فثوابه عظيم، وأجره كبير. وفضلا عن ذلك فإن المرء إذا كان لا ينسى أباه لأنه سبب وجوده فأولى به ثم أولى ألا ينسى الذي خلق أباه وهو الله رب العالمين.فالمقصود من الآية الكريمة الحث على ذكر الله- تعالى- والنهى عن التفاخر بالأحساب والأنساب.و «أو» هنا في معنى الإضراب والترقي إلى أعلى، لأنه.. سبحانه أمرهم أولا بأن يذكروه ذكرا يماثل ذكرهم لآبائهم ثم ترقى بهم إلى ما هو أعلى من ذلك وأسمى فطالبهم بأن يكون ذكرهم له- سبحانه- أكثر وأعظم من ذكرهم لآبائهم.قال صاحب الكشاف: وقوله: أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً في موضع جر عطف على ما أضيف إليه الذكر في قوله: «كذكركم» كما تقول كذكر قريش آباءهم أو قوم أشد منهم ذكرا. أو في موضع نصب عطف على آباءَكُمْ بمعنى، أو أشد ذكرا من آبائكم.وبعد أن أمر- سبحانه- الناس بذكره، بين أنهم بالنسبة لدعائه وسؤاله فريقان، أما الفريق الأول فقد عبر عنه بقوله: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.أى: من الناس نوع يقول في دعائه يا ربنا آتنا ما نرغبه في الدنيا فنحن لا نطلب غيرها، وهذا النوع ليس له في الآخرة من خَلاقٍ أى: نصيب وحظ من الخير.وهذا النوع من الناس هو الذي استولى عليه حب الدنيا وشهواتها ومتعها فأصبح لا يفكر إلا فيها، ولا يهتم إلا بها، صارفا نظره عن الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب.والفاء في قوله: فَمِنَ النَّاسِ للتفصيل، لأن ما بعدها تقسيم للناس إلى فريقين.وحذف مفعول آتِنا للدلالة على تعميم المطلوب فهم يطلبون كل ما يمكن أن تصل إليه أيديهم من متاع الدنيا بدون تمييز بين حلال أو حرام.

الترجمة الإنجليزية

Waminhum man yaqoolu rabbana atina fee alddunya hasanatan wafee alakhirati hasanatan waqina AAathaba alnnari

وأما الفريق الثاني فقد عبر- سبحانه- عنه بقوله: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ.أى: يقولون يا ربنا اعطنا حسنة في الدنيا أى: حالا حسنة في الدنيا تكون معها أبداننا سليمة، ونفوسنا آمنة، ومعيشتنا ميسرة بحيث لا نحتاج إلى أحد سواك، ولا نذل إلا لك، وامنحنا حالا حسنة في الآخرة بأن تجعلنا يوم لقائك ممن رضيت عنهم، ورضوا عنك. وأبعدنا يوم القيامة من عذاب النار. ولم يذكر- سبحانه- قسما ثالثا من الناس وهو الذي يطلب الآخرة فقط، ولا يطلب الدنيا، لأن الإسلام دين لا يرضى لأتباعه أن ينسوا حظوظهم من الدنيا، ولا يقر الانقطاع عن زينتها التي أخرجها الله لهم، وإنما يريد لهم أن يكونوا من العاملين بقوله- تعالى-: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا.وبين- سبحانه- أن هذا النوع الثاني من الناس قد التمس من خالقه أن يقيه عذاب النار مع أن هذا الدعاء مندرج تحت حسنة الآخرة، وذلك لأن هذا النوع من الناس لقوة إيمانه، وصفاء وجدانه، وشدة خشيته من ربه يغلب الخوف على الرجاء، فهو يستصغر حسناته مهما كثرت بجانب نعم الله وفضله، ويلح في الدعاء وفي الطلب أملا في الاستجابة.وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية الكريمة من جوامع الدعاء، وورد في فضل الدعاء بها أحاديث كثيرة منها ما رواه البخاري عن أنس بن مالك قال كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» .وروى ابن أبى حاتم عن عبد السلام بن شداد قال: كنت عند أنس بن مالك فقال له ثابت: إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم. فقال: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» وتحدثوا حتى إذا أرادوا القيام قال: يا أبا حمزة إن إخوانك يريدون القيام فادع الله لهم فقال: أتريدون أن أشقق لكم الأمور!! إذا آتاكم الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاكم عذاب النار فقد آتاكم الخير كله .قال الإمام الرازي: اعلم أن الله- تعالى- بين أولا تفصيل مناسك الحج، ثم أمر بعدها بالذكر فقال: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ثم بين أن الأولى أن يترك ذكر غيره وأن يقتصر على ذكره- سبحانه- ثم بين بعد ذلك كيفية الدعاء فقال: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ.. وما أحسن هذا الترتيب فإنه لا بد من تقديم العبادة لكسر النفس وإزالة ظلماتها ثم بعد العبادة لا بد من الاشتغال بذكر الله- تعالى- لتنوير القلب وتجلى نور جلاله.ثم بعد ذلك الذكر يشتغل الرجل بالدعاء، فإن الدعاء إنما يكمل إذا كان مسبوقا بالذكر كما حكى عن إبراهيم- عليه السلام- أنه قدم الذكر فقال: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ثم قال: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ فقدم الذكر على الدعاء» .

الترجمة الإنجليزية

Olaika lahum naseebun mimma kasaboo waAllahu sareeAAu alhisabi

ثم بين- سبحانه- جزاء هذا الفريق الثاني فقال: أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِفاسم الإشارة يعود إلى الفريق الثاني باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت الجميلة وكانت الإشارة للبعيد لبيان علو منزلتهم، وسمو درجاتهم ولم بعطف على ما قبله لأنه كالنتيجة له.وقيل: إن الإشارة تعود إلى الفريقين. أى: لكل من الفريقين نصيب من عمله على قدر ما نواه. ويضعفه أن الله- تعالى- قد ذكر قبل ذلك عاقبة الفريق الأول بقوله: وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.والمعنى: أولئك الذين جمعوا في دعائهم بين طلب حسنتى الدنيا والآخرة لهم نصيب جزيل، وحظ عظيم من جنس ما كسبوا من الأعمال الصالحة، أو من أجل ما كسبوا من الفعال الطيبة.فحرف الجر «من» يصح أن يكون للابتداء أو للتبعيض.وفي هذه الجملة الكريمة وعد من الله لعباده أنهم متى تضرعوا إليه بقلب سليم، أجاب لهم دعاءهم، وأعطاهم سؤالهم.قال القرطبي: وقوله: وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ من سرع يسرع- مثل عظم يعظم- فهو سريع. و «الحساب» مصدر كالمحاسبة، وقد يسمى المحسوب حسابا. والحساب: العد.ويقال: حسب يحسب حسابا وحسابة وحسبانا أى: عد.والمعنى في الآية: أن الله- تعالى- سريع الحساب لا يحتاج إلى عد ولا إلى عقد ولا إلى إعمال فكر كما يفعله الحساب، ولهذا قال وقوله الحق وَكَفى بِنا حاسِبِينَ. فالله- تعالى- عالم بما للعباد وما عليهم فلا يحتاج إلى تذكر وتأمل.وقيل: سريع المجازاة للعباد بأعمالهم. وقيل لعلى بن أبى طالب: كيف يحاسب الله العباد في يوم؟ قال: كما يرزقهم في يوم. ومعنى الحساب: تعريف الله عباده مقادير الجزاء على أعمالهم وتذكيره إياهم بما قد نسوه. وقيل: معنى الآية سريع بمجيء يوم الحساب، فالمقصود بالآية الإنذار بيوم: القيامة .
31