سورة الأحزاب (33): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة الأحزاب بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير الطبري (الإمام أبو جعفر الطبري). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة الأحزاب مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة الأحزاب

سُورَةُ الأَحۡزَابِ
الصفحة 419 (آيات من 7 إلى 15)

وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّۦنَ مِيثَٰقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا لِّيَسْـَٔلَ ٱلصَّٰدِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ ۚ وَأَعَدَّ لِلْكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا إِذْ جَآءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلْأَبْصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ هُنَالِكَ ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا۟ زِلْزَالًا شَدِيدًا وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورًا وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ يَٰٓأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَٱرْجِعُوا۟ ۚ وَيَسْتَـْٔذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِىَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِىَ بِعَوْرَةٍ ۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا۟ ٱلْفِتْنَةَ لَءَاتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا۟ بِهَآ إِلَّا يَسِيرًا وَلَقَدْ كَانُوا۟ عَٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلْأَدْبَٰرَ ۚ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْـُٔولًا
419

الاستماع إلى سورة الأحزاب

تفسير سورة الأحزاب (تفسير الطبري: الإمام أبو جعفر الطبري)

الترجمة الإنجليزية

Waith akhathna mina alnnabiyyeena meethaqahum waminka wamin noohin waibraheema wamoosa waAAeesa ibni maryama waakhathna minhum meethaqan ghaleethan

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7)يقول تعالى ذكره: كان ذلك في الكتاب مسطورا، إذ كتبنا كلّ ما هو كائن في الكتاب (وَإذْ أخَذْنا مِنَ النَّبيِّينَ مِيثاقَهُمْ) كان ذلك أيضا في الكتاب مسطورا، ويعني بالميثاق: العهد، وقد بيَّنا ذلك بشواهده فيما مضى قبل (وَمِنْكَ) يا محمد ( وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ) يقول: وأخذنا من جميعهم عهدا مؤكدا أن يصدّق بعضهم بعضا.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) قال: وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " كُنْتُ أوَّلَ الأنْبِياءِ فِي الخَلْقِ، وآخِرَهُمْ فِي البَعْثِ"، ( وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ) ميثاق أخذه الله على النبيين، خصوصا أن يصدّق بعضهم بعضا، وأن يتبع بعضهم بعضا.حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، قال: كان قتادة إذا تلا هذه الآية ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) قال: كان نبيّ الله صلى الله عليه وسلم في أوّل النبيين في الخلق.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) قال: في ظهر آدم.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ( وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ) قال: الميثاق الغليظ: العهد.

الترجمة الإنجليزية

Liyasala alssadiqeena AAan sidqihim waaAAadda lilkafireena AAathaban aleeman

القول في تأويل قوله تعالى : لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8)يقول تعالى ذكره: أخذنا من هؤلاء الأنبياء ميثاقهم كيما أسأل المرسلين عما أجابتهم به أممهم، وما فعل قومهم فيما أبلغوهم عن ربهم من الرسالة.وبنحو قولنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد ( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ) قال: المبلغين المؤدّين من الرسل.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ) قال: المبلغين المؤدّين من الرسل.حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أُسامة، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد (لِيَسْأَلَ الصَّادِقينَ عَنْ صدْقِهِمْ) قال: الرسل المؤدّين المبلغين.وقوله: ( وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ) يقول: وأعدّ للكافرين بالله من الأمم عذابا موجعا.

الترجمة الإنجليزية

Ya ayyuha allatheena amanoo othkuroo niAAmata Allahi AAalaykum ith jaatkum junoodun faarsalna AAalayhim reehan wajunoodan lam tarawha wakana Allahu bima taAAmaloona baseeran

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)يقول تعالى ذكره: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) التي أنعمها على جماعتكم وذلك حين حوصر المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الخندق (إْذ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) : جنود الأحزاب: قريش، وغَطفان، ويهود بني النضير (فأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا) وهي فيما ذكر: ريح الصَّبا.كما حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، قال: قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب: انطلقي ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الشمال: إن الحرّة لا تسري بالليل، قال: فكانت الريح التي أُرسلت عليهم الصبا.حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثني الزبير -يعني: ابن عبد الله- قال: ثني ربيح بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي سعيد، قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله بلغت القلوب الحناجر، فهل من شيء تقوله؟ قال: " نَعَمْ قُولُوا: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا "، فَضَرَبَ اللهُ وُجُوهَ أعْدائِهِ بالرِّيحِ، فهَزَمَهُم اللهُ بالرّيحِ.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني عبد الله بن عمرو، عن نافع، عن عبد الله، قال: أرسلني خالي عثمان بن مظعون ليلة الخندق في برد شديد وريح، إلى المدينة، فقال: ائتنا بطعام ولحاف قال: فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن لي وقال: " مَنْ لَقِيتَ مِنْ أصحَابِي فَمُرْهُمْ يَرْجِعُوا ". قال: فذهبت والريح تسفي كل شيء، فجعلت لا ألقى أحدا إلا أمرته بالرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: فما يلوي أحد منهم عنقه؛ قال: وكان معي ترس لي، فكانت الريح تضربه عليّ، وكان فيه حديد، قال: فضربته الريح حتى وقع بعض ذلك الحديد على كفي، فأنفذها إلى الأرض.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة: قال: ثني محمد بن إسحاق، عن يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال فتى من أهل الكوفة لحُذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله، رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟ قال: نعم يا بن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد، قال الفتى: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، لحملناه على أعناقنا. قال حُذَيفة: يا بن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق، وصلى رسول الله هويا من الليل (1) ثم التفت إلينا فقال: " من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم؟ يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يرجع أدخله الله الجنة "، فما قام أحد، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل، ثم التفت إلينا فقال مثله، فما قام منا رجل، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل، ثم التفت إلينا فقال: " مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ لَنا ما فَعَلَ القَوْمُ ثُمَّ يَرْجِعُ، يَشْتَرطُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الرَّجْعَةَ، أسألُ الله أنْ يكُونَ رَفِيقي فِي الجَنَّةِ" فما قام رجل من شدّة الخوف، وشدّة الجوع، وشدّة البرد؛ فلما لم يقم أحد، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن لي بدّ من القيام حين دعاني، فقال: " يا حُذيْفَةُ اذْهَبْ فادْخُلْ فِي القَوْمِ فانْظُرْ، وَلا تُحْدِثَنَّ شَيْئا حتى تَأْتينَا ". قال: فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقرّ لهم قدرا ولا نارا ولا بناء؛ فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه، فقال حُذَيفة: فأخذت بيد الرجل الذي إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا فلان بن فلان؛ ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، ولقد هلك الكراع والخفّ، واختلفت بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، والله ما يطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه، ثم ضربه فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم. ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا تُحدث شيئا حتى تأتيني، لو شئت لقتلته بسهم؛ قال حُذَيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه؛ فلما رآني أدخلني بين رجليه، وطرح عليّ طَرف المِرط، ثم ركع وسجد وإني لفيه؛ فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غَطفان بما فعلت قريش، فانشمروا راجعين إلى بلادهم.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) قال: الأحزاب: عيينة بن بدر، وأبو سفيان، وقريظة.وقوله: (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا) قال: ريح الصبا أرسلت على الأحزاب يوم الخندق، حتى كفأت قدورهم على أفواهها، ونزعت فساطيطهم حتى أظعنتهم. وقوله: (وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْها) قال: الملائكة ولم تقاتل يومئذ.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ) قال: يعني الملائكة، قال: نزلت هذه الآية يوم الأحزاب وقد حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا فخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبل أبو سفيان بقريش ومن تبعه من الناس، حتى نزلوا بعقوة (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عُيينة بن حصن، أحد بني بدر ومن تبعه من الناس حتى نزلوا بعقوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاتبت اليهود أبا سفيان وظاهروه، فقال حيث يقول الله تعالى: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ فبعث الله عليهم الرعب والريح، فذكر لنا أنهم كانوا كلما أوقدوا نارا أطفأها الله، حتى لقد ذكر لنا أن سيد كلّ حيّ يقول: يا بني فلان هلمّ إليّ، حتى إذا اجتمعوا عنده فقال: النجاء النجاء، أتيتم لما بعث الله عليهم من الرعب.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ...) الآية، قال: كان يوم أبي سفيان يوم الأحزاب.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان، في قول الله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ) والجنود: قريش وغطفان وبنو قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح: الملائكة.وقوله: (وكانَ اللَّهُ بِمَا تَعْملُونَ بَصِيرًا) يقول تعالى ذكره: وكان الله بأعمالكم يومئذ، وذلك صبرهم على ما كانوا فيه من الجهد والشدّة، وثباتهم لعدوّهم، وغير ذلك من أعمالهم، بصيرا لا يخفى عليه من ذلك شيء، يحصيه عليهم، ليجزيهم عليه.------------------------الهوامش :(1) هويا، بهاء مفتوحة أو مضمومة، وياء مشددة، وهو الساعة الممتدة من الليل (اللسان: هوى).(2) العقوة: الساحة وما حول الدار. (عن اللسان: عقا).

الترجمة الإنجليزية

Ith jaookum min fawqikum wamin asfala minkum waith zaghati alabsaru wabalaghati alquloobu alhanajira watathunnoona biAllahi alththunoona

القول في تأويل قوله تعالى : إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)يقول تعالى ذكره: وكان الله بما تعملون بصيرا، إذ جاءتكم جنود الأحزاب من فوقكم، ومن أسفل منكم. وقيل: إن الذين أتوهم من أسفل منهم، أبو سفيان في قريش ومن معه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (إذْ جاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ) قال عيينة بن بدر (3) في أهل نجد (ومن أسفل منكم) قال أبو سفيان، قال: وواجهتهم قريظة.حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ذكرت يوم الخندق وقرأت ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ) قالت: هو يوم الخندق.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان مولى آل الزبير، عن عروة بن الزبير، وعمن لا أتهم، عن عبيد الله بن كعب بن مالك، وعن الزهري، وعن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعن محمد بن كعب القرظي، وعن غيرهم من علمائنا أنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود، منهم سلام بن أبي الحقيق النضري، وحُييّ بن أخطب النضري، وكنانة بن الربيع (4) بن أبي الحقيق النضري، وهوذة بن قيس الوائلي، وأبو عمار الوائلي، في نفر من بني النضير، ونفر من بني وائل، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرجوا حتى قدموا مكة على قريش، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فقال لهم قريش: يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأوّل، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحقّ منه (5) قال: فهم الذين أنزل الله فيهم أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا ... إلى قوله: وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا فلما قالوا ذلك لقريش، سرّهم ما قالوا، ونشطوا لما دعوهم له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا لذلك واتعدوا له، ثم خرج أولئك النفر من اليهود، حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه، وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك، فاجتمعوا فيه، فأجابوهم (6) فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حُذيفة بن بدر في بني فزارة، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرّة، ومسعر بن رخيلة بن نُوَيرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان، فيمن تابعه من قومه من أشجع؛ فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما اجتمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة؛ فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق، أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف والغابة (7) في عشرة آلاف من أحابيشهم، ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان ومن تابعهم من أهل نجد، حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أحد، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب هنالك عسكره، والخندق بينه وبين القوم، وأمر بالذّراري والنساء، فرفعوا في الآطام، وخرج عدوّ الله حيي بن أخطب النضري، حتى أتى كعب بن أسد القرظيّ، صاحب عقد بني قريظة وعهدهم، وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه، وعاهده على ذلك وعاقده، فلما سمع كعب بحييّ بن أخطب، أغلق دونه حصنه، فاستأذن عليه، فأبى أن يفتح له، فناداه حييّ: يا كعب افتح لي، قال: ويحك يا حييّ، إنك امرؤ مشئوم، إني قد عاهدت محمدا، فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاء وصدقا؛ قال: ويحك افتح لي أكلمك، قال: ما أنا بفاعل، قال: والله إن أغلقت دوني إلا تخوّفت على جشيشتك أن آكل معك منها، فأحفظ الرجل، ففتح له، فقال: يا كعب جئتك بعزّ الدهر، وببحر طمّ، جئتك بقريش على قاداتها وساداتها، حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطَفان على قاداتها وساداتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أُحد، قد عاهدوني وعاقدوني ألا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه، فقال له كعب بن أسد: جئتني والله بذلّ الدهر، وبجهام قد هراق ماءه، يرعد ويبرق، ليس فيه شيء، فدعني ومحمدا وما أنا عليه، فلم أر من محمد إلا صدقا ووفاء؛ فلم يزل حييّ بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له على أن أعطاهم عهدا من الله وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك، فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان عليه، فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، وإلى المسلمين، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس، أحد بني الأشهل، وهو يومئذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة بن ديلم أخي بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، وهو يومئذ سيد الخزرج، ومعهما عبد الله بن رواحة أخو بلحرث بن الخزرج، وخوات بن جُبَير أخو بني عمرو بن عوف، فقال: " انطلقوا حتى تنظروا أحقّ ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه، ولا تفتوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم، فاجهروا به للناس " فخرجوا حتى أتوهم، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم، ونالوا (8) من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد، فشاتمهم سعد بن عبادة وشاتموه، وكان رجلا فيه حدّة، فقال له سعد بن معاذ: دع عنك مشاتمتهم، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة، ثم أقبل سعد وسعد ومن معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه، ثم قالوا: عضل والقارة: أي (9) كغدر عضل والقارة بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب الرجيع خبيب بن عدي وأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين، وعظم عند ذلك البلاء، واشتدّ الخوف، وأتاهم عدوّهم من فوقهم، ومن أسفل منهم، حتى ظنّ المسلمون كلّ ظنّ، ونجم النفاق من بعض المنافقين، حتى قال معتب بن قشير أخو بني عمرو بن عوف: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يقدر أن يذهب إلى الغائط، وحتى قال أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث: يا رسول الله إن بيوتنا لعورة من العدوّ، وذلك عن ملإ من رجال قومه، فأذن لنا فلنرجع إلى دارنا، وإنها خارجة من المدينة، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر، ولم يكن بين القوم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار (10) .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان قوله: ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) فالذين جاءوهم من فوقهم: قريظة، والذين جاءوهم من أسفل منهم: قريش وغطفان.وقوله: (وَإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ) يقول: وحين عدلت الأبصار عن مقرّها، وشخصت طامحة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ) : شخصت.وقوله: (وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ) يقول: نبت القلوب عن أماكنها من الرعب والخوف، فبلغت إلى الحناجر.كما حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سويد بن عمرو، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرِمة: (وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ) قال: من الفزع.وقوله: ( وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ) يقول: وتظنون بالله الظنونَ الكاذبة، وذلك كظنّ من ظنّ منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغلب، وأن ما وعده الله من النصر أن لا يكون، ونحو ذلك من ظنونهم الكاذبة التي ظنها من ظنّ ممن كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عسكره.حدثنا بشر، قال: ثنا هوذة بن خليفة، قال: ثنا عوف، عن الحسن (وَتَظُنُّونَ باللَّه الظُّنُونا ) قال: ظنونا مختلفة: ظنّ المنافقون أن محمدا وأصحابه يُستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله حقّ، أنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَتَظُنُّونَ بالله الظُّنُونا ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة، وبعض الكوفيين: (الظُّنُونا) بإثبات الألف، وكذلك وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا في الوصل والوقف وكان اعتلال المعتلّ في ذلك لهم، أن ذلك في كل مصاحف المسلمين بإثبات الألف في هذه الأحرف كلها وكان بعض قرّاء الكوفة يثبت الألف فيهنّ في الوقف، ويحذفها في الوصل اعتلالا بأن العرب تفعل ذلك في قوافي الشعر ومصاريعها، فتلحق الألف في موضع الفتح للوقوف، ولا تفعل ذلك في حشو الأبيات، فإن هذه الأحرف، حسُن فيها إثبات الألفات، لأنهنّ رءوس الآي تمثيلا لها بالقوافي. وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة والكوفة بحذف الألف من جميعه في الوقف والوصل، اعتلالا بأن ذلك غير موجود في كلام العرب إلا في قوافي الشعر دون غيرها من كلامهم، وأنها إنما تفعل ذلك في القوافي طلبا لإتمام وزن الشعر، إذ لو لم تفعل ذلك فيها لم يصحّ الشعر، وليس ذلك كذلك في القرآن، لأنه لا شيء يضطرّهم إلى ذلك في القرآن، وقالوا: هنّ مع ذلك في مصحف عبد الله بغير ألف.وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب، قراءة من قرأه بحذف الألف في الوصل والوقف، لأن ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب، مع شهرة القراءة بذلك في قرّاء المصرين: الكوفة، والبصرة، ثم القراءة بإثبات الألف فيهنّ في حالة الوقف والوصل؛ لأن علة من أثبت ذلك في حال الوقف أنه كذلك في خطوط مصاحف المسلمين. وإذا كانت &; 20-222 &; العلة في إثبات الألف في بعض الأحوال كونه مثبتا في مصاحف المسلمين، فالواجب أن تكون القراءة في كل الأحوال ثابتة؛ لأنه مثبت في مصاحفهم. وغير جائز أن تكون العلة التي توجب قراءة ذلك على وجه من الوجوه في بعض الأحوال موجودة في حال أخرى، والقراءة مختلفة، وليس ذلك لقوافي الشعر بنظير؛ لأن قوافي الشعر إنما تلحق فيها الألفات في مواضع الفتح، والياء في مواضع الكسر، والواو في مواضع الضمّ طلبا لتتمة الوزن، وأن ذلك لو لم يفعل كذلك بطل أن يكون شعرا لاستحالته عن وزنه، ولا شيء يضطرّ تالي القرآن إلى فعل ذلك في القرآن.(3) نسبه إلى أبيه الأعلى.(4) في بعض نسخ السيرة لابن إسحاق، وكنانة بن أبي الحقيق، وليس فيه ابن الربيع.(5) كذا في السيرة. (3 : 225) طبعة الحلبي. وفي الأصل: منهم.(6) في السيرة (الحلبي 3 : 26): فاجتمعوا معهم فيه، وسقط منها قوله: فأجابوهم.(7) في السيرة (الحلبي 3 : 230) زغابة، بزاي مفتوحة، وغين (وانظر السهيلي 2 : 189).(8) في إحدى نسخ السيرة (الحلبي 3 : 233): فيما نالوا ... إلخ.(9) كذا في السيرة (الحلبي 3 : 233). وفي الأصل بدون أي.(10) في بعض المراجع: والحصا. وكتبها بالألف.

الترجمة الإنجليزية

Hunalika ibtuliya almuminoona wazulziloo zilzalan shadeedan

وقوله: (هُنالكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ) يقول: عند ذلك اختبر إيمان المؤمنين، ومُحِّصَ القوم وعرف المؤمن من المنافق.وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (هُنالكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ) قال: محصوا.وقوله: (وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا) يقول: وحرّكوا بالفتنة تحريكا شديدا، وابتلوا وفتنوا.

الترجمة الإنجليزية

Waith yaqoolu almunafiqoona waallatheena fee quloobihim maradun ma waAAadana Allahu warasooluhu illa ghurooran

وقوله: ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) شكّ في الإيمان وضعف في اعتقادهم إياه: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا، وذلك فيما ذكر قول معتب بن قشير.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا) يقول: معتب بن قشير، إذ قال ما قال يوم الخندق.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) قال: تكلمهم بالنفاق يومئذ وتكلم المؤمنون بالحقّ والإيمان قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا ) قال: قال ذلك أُناس من المنافقين، قد كان محمد يعدنا فتح فارس والروم، وقد حصرنا هاهنا، حتى ما يستطيع أحدنا أن يبرز لحاجته، ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال: قال رجل يوم الأحزاب لرجل من صحابة النبيّ صلى الله عليه وسلم: يا فلان أرأيت إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَإذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلا كِسْرَى بَعْدَهُ، والَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُما في سَبِيلِ اللهِ" فأين هذا من هذا، وأحدنا لا يستطيع أن يخرج يبول من الخوف (ما وَعَدَنا اللهُ وَرَسُولُهُ إلا غُرُورا)؟ فقال له: كذبت، لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرك، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره، فدعاه فقال: " ما قلت؟" فقال: كذب عليّ يا رسول الله، ما قلت شيئًا، ما خرج هذا من فمي قطّ، قال الله: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ... حتى بلغ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ قال: فهذا قول الله: إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن خالد بن عثمة، قال: ثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، قال: ثني أبي، عن أبيه، قال: خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام ذكرت الأحزاب، من أحمر الشيخين (11) طرف بني حارثة، حتى بلغ المذاد، ثم جعل أربعين ذراعا بين كلّ عشرة، فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلا قويا، فقال الأنصار: سلمان منا، وقال المهاجرون: سلمان منا، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " سَلْمانُ منَّا أهْلَ البَيْت ". قال عمرو بن عوف: فكنت أنا وسلمان وحُذيفة بن اليمان والنعمان بن مقرن المزني، وستة من الأنصار، في أربعين ذراعا، فحفرنا تحت دوبار حتى بلغنا (12) الصرى، أخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مروة (13) فكسرت حديدنا، وشقّت علينا، فقلنا: يا سلمان، ارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره خبر هذه الصخرة، فإما أن نعدل عنها، فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيها بأمره، فإنا لا نحبّ أن نجاوز خطه. فرقي سلمان حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا خرجت صخرة بيضاء من بطن الخندق مروة، فكسرت حديدنا، وشقَّت علينا حتى ما يجيء منها قليل ولا كثير، فمرنا فيها بأمرك، فإنا لا نحب أن نجاوز خطك، فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سلمان في الخندق، ورقينا نحن التسعة على شفة الخندق، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان، فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها -يعني لابتي المدينة- حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلمون ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية، فصدعها وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها وسول الله صلى الله عليه وسلم الثالثة فكسرها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، ثم أخذ بيد سلمان فرقي، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد رأيت شيئا ما رأيته قطّ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم، فقال: " هَلْ رأيْتُمْ ما يقُولُ سَلْمانُ؟" قَالُوا: نعم يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا، وقد رأيناك تضرب، فيخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر فنكبر، ولا نرى شيئا غير ذلك، قال: " صَدَقْتُمْ ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الأولى، فَبَرقَ الَّذِي رأيتم أضَاءَ لي مِنْهُ قُصُورُ الحِيرَة وَمَدَائِنُ كِسْرَى، كأنَّها أنْيابُ الكِلاب، فأخْبَرَنِي جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أنَّ أُمَّتِي ظاهِرَةٌ عَلَيْها، ثُمَّ ضَرَبْتُ ضَرْبَتي الثَّانيَةَ، فَبَرقَ الَّذِي رأيْتُمْ، أضَاءَ لي مِنْهُ قُصُورُ الحُمْر مِنْ أرْضِ الرُّومِ، كأنَّها أنْيابُ الكِلاب، وأخْبَرَنِي جَبْرائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أنَّ أُمَّتِي ظاهِرَةٌ عَلَيْها، ثُمَّ ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الثَّالِثَةَ، وَبَرَقَ مِنْها الَّذِي رأيْتُمْ، أضَاءَتْ لِي مِنْها قُصُورُ صَنْعاءَ، كأنَّها أنْيابُ الكلاب، وأخْبَرَنِي جَبْرائِيلُ عَلَيْه السَّلامُ أنَّ أُمَّتِي ظاهِرَةٌ عَلَيْها، فأبْشِرُوا " يُبَلِّغُهُمُ النَّصْر، " وأبْشرُوا " يُبَلِّغُهُمُ النَّصْر، " وأبْشِرُوا " يُبَلِّغُهُمُ النَّصْر؛ فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعود صدق، بأن وعدنا النصر بعد الحصر، فطبقت الأحزاب، فقال المسلمون هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ... الآية، وقال المنافقون: ألا تعجبون يحدّثكم ويمنيكم ويعدكم الباطل، يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق من الفرق، ولا تستطيعون أن تبرزوا وأنزل القرآن ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا ).----------------------الهوامش :(11) في المواهب اللدنية بشرح الزرقاني (2 : 102) روى الطبراني بسند لا بأس به عن عمرو بن عوف المزني، أنه صلى الله عليه وسلم خط الخندق من أخمر الشيخين ... وهما أطمان طرف بني حارثة، حتى بلغ المذاد ...(12) هكذا جاءت هذه العبارة، ولعلها محرفة. و "ذوبار": لفظة فارسية، معناها: مرتين. وقوله: حتى بلغنا: لعلها: حتى إذا بلغنا.(13) في بعض المراجع: مدورة. والصرى: الماء.

الترجمة الإنجليزية

Waith qalat taifatun minhum ya ahla yathriba la muqama lakum fairjiAAoo wayastathinu fareequn minhumu alnnabiyya yaqooloona inna buyootana AAawratun wama hiya biAAawratin in yureedoona illa firaran

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا (13)يعني تعالى ذكره بقوله: ( وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ ) وإذ قال بعضهم: يا أهل يثرب، ويثرب: اسم أرض، فيقال: إن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية من يثرب. وقوله: (لا مُقامَ لَكُمْ فارْجِعُوا) بفتح الميم من مقام. يقول: لا مكان لكم، تقومون فيه، كما قال الشاعر:فأيِّي ما وأَيُّكَ كانَ شَرّافَقيدَ إلى المَقامَةِ لا يَرَاها (14)قوله: (فارْجِعُوا) يقول: فارجعوا إلى منازلكم، أمرهم بالهرب من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم والفرار منه، وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: إن ذلك من قيل أوس بن قيظي ومن وافقه على رأيه.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان (وَإذْ قَالتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أهل يَثْرِب ...) إلى (فِرَارًا) يقول: أوس بن قيظي ومن كان على ذلك من رأيه من قومه، والقراءة على فتح الميم من قوله: (لا مَقَامَ لَكُمْ) بمعنى: لا موضع قيام لكم، وهي القراءة التي لا أستجيز القراءة بخلافها، لإجماع الحجة من القرّاء عليها. وذُكر عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ ذلك (لا مُقامَ لَكُمْ) بضم الميم؛ يعني: لا إقامة لكم.وقوله: ( وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ) يقول تعالى ذكره: ويستأذن بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإذن بالانصراف عنه إلى منزله، ولكنه يريد الفرار والهرب من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وَيَسْتأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيُّ ...) إلى قوله: (إلا فِرَارًا) قال: هم بنو حارثة، قالوا: بيوتنا مخلية نخشى عليها السرق.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (إنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) قال: نخشى عليها السرق.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ) وإنها مما يلي العدوّ، وإنا نخاف عليها السرّاق، فبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلا يجد بها عدوّا، قال الله: (إنْ يُرِيدُونَ إلا فِرَارًا) يقول: إنما كان قولهم ذلك (إنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) إنما كان يريدون بذلك الفرار.حدثنا محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا عبيد الله بن حمران، قال: ثنا عبد السلام بن شدّاد أبو طالوت عن أبيه في هذه الآية (إنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِي بِعَوْرَةٍ) قال: ضائعة.

الترجمة الإنجليزية

Walaw dukhilat AAalayhim min aqtariha thumma suiloo alfitnata laatawha wama talabbathoo biha illa yaseeran

وقوله: (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِها) يقول: ولو دخلت المدينة على هؤلاء القائلين (إنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) من أقطارها، يعني: من جوانبها ونواحيها، واحدها: قطر، وفيها لغة أخرى: قُتر، وأقتار، ومنه قول الراجز:إنْ شِئْتَ أنْ تدهن أو تمرافَوَلِّهِنَّ قُتْرَكَ الأشَرَّا (15)وقوله: (ثُمَّ سُئِلوا الفِتْنَةَ) يقول: ثم سئلوا الرجوع من الإيمان إلى الشرك (لآتَوْها) يقول: لفعلوا ورجعوا عن الإسلام وأشركوا. وقوله: (وَما تَلَبَّثُوا بها إلا يَسِيرًا) يقول: وما احتبسوا عن إجابتهم إلى الشرك إلا يسيرا قليلا ولأسرعوا إلى ذلك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ) أي: لو دخل عليهم من نواحي المدينة (ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ) : أي: الشرك (لآتَوْها) يقول: لأعطوها.(وَما تَلَبَّثُوا بِها إلا يَسِيرًا) يقول: إلا أعطوه طيبة به أنفسهم ما يحتبسونه.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ) يقول: لو دخلت المدينة عليهم من نواحيها(ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ لآتوْهَا) سئلوا أن يكفروا لكفروا. قال: وهؤلاء المنافقون لو دخلت عليهم الجيوش، والذين يريدون قتالهم، ثم سئلوا أن يكفروا لكفروا. قال: والفتنة: الكفر، وهي التي يقول الله: (الفِتْنَةُ أشَدُّ مِنَ القَتْلِ) أي: الكفر. يقول: يحملهم الخوف منهم، وخبث الفتنة التي هم عليها من النفاق على أن يكفروا به.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (لآتَوْها) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة وبعض قرّاء مكة: (لأتَوْها) بقصر الألف، بمعنى جاءوها. وقرأه بعض المكيين وعامة قرّاء الكوفة والبصرة: (لآتَوْها) بمدّ الألف، بمعنى: لأعطوها، لقوله: (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ). وقالوا: إذا كان سؤال كان إعطاء. والمدّ أعجب القراءتين إليّ لما ذكرت، وإن كانت الأخرى جائزة.--------------------الهوامش :(14) البيت لعباس بن مرداس، وقد سبق الاستشهاد به في (20 : 66) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 193 - ب): عند تفسير قوله تعالى: (لا مقام لكم): مفتوحة الأولى. ومجازها: لا مكان لكم تقومون فيه. ومنه قوله: "فإني ما وأيك كان شرا ... " البيت.(15) البيتان من مشطور الرجز. ولم أقف على قائلهما. والشاهد فيهما في قوله: "قترك" بضم فسكون بمعنى القطر، وهو الجانب والناحية. قال أبو عبيدة: "من أقطارها" أي من جوانبها ونواحيها. وواحدها قطر، وفي "اللسان: قتر" القتر: بضم فسكون، والفتر: بضمتين: الناحية والجانب لغة: في القطر، وهي: الأقتار. ا ه. وفي (اللسان: قطر)، وفي التنزيل العزيز: (من أقطار السماوات والأرض): أقطارها: نواحيها: واحدها قطر، وكذلك أقتراها، واحدها قتر. ا ه.

الترجمة الإنجليزية

Walaqad kanoo AAahadoo Allaha min qablu la yuwalloona aladbara wakana AAahdu Allahi masoolan

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا (15)يقول تعالى ذكره: ولقد كان هؤلاء الذين يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانصراف عنه، ويقولون: إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ، عاهدوا الله من قبل ذلك، ألا يولوا عدوّهم الأدبار، إن لقولهم في مشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، فما أوفوا بعهدهم (وكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا) يقول: فيسأل الله ذلك من أعطاه إياه من نفسه.وذُكر أن ذلك نزل في بني حارثة لما كان من فعلهم في الخندق بعد الذي كان منهم بأحد.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان ( وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا ). وهم بنو حارثة، وهم الذين همّوا أن يفشلوا يوم أُحد مع بني سلمة حين همّا بالفشل يوم أُحد، ثم عاهدوا الله لا يعودون لمثلها، فذكر الله لهم الذي أعطوه من أنفسهم.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا ) قال: كان ناس غابوا عن وقعة بدر، ورأوا ما أعطى الله أصحاب بدر من الكرامة والفضيلة، فقالوا: لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلنّ، فساق الله ذلك إليهم حتى كان في ناحية المدينة.
419