سورة الزمر (39): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة الزمر بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تنوير المقباس من تفسير ابن عباس (عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة الزمر مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة الزمر

سُورَةُ الزُّمَرِ
الصفحة 466 (آيات من 68 إلى 74)

وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ ٱلْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَٰبُ وَجِا۟ىٓءَ بِٱلنَّبِيِّۦنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ قِيلَ ٱدْخُلُوٓا۟ أَبْوَٰبَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَٰلِدِينَ وَقَالُوا۟ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُۥ وَأَوْرَثَنَا ٱلْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَٰمِلِينَ
466

الاستماع إلى سورة الزمر

تفسير سورة الزمر (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي)

الترجمة الإنجليزية

Wanufikha fee alssoori fasaAAiqa man fee alssamawati waman fee alardi illa man shaa Allahu thumma nufikha feehi okhra faitha hum qiyamun yanthuroona

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)انتقال من إجمال عظمة القدرة يوم القيامة إلى تفصيلها لما فيه من تهويل وتمثيل لمجموع الأحوال يومئذٍ مما ينذر الكافر ويبشر المؤمن ويذكر بإقامة العدل والحق ، ثم تمثيل إزجاء المشركين إلى جهنم وسوق المؤمنين إلى الجنة .فالجملة من عطف القصة على القصة ، ومناسبة العطف ظاهرة ، وعبر بالماضي في قوله : { ونُفِخَ } وقوله : فَصَعِقَ مجازاً لأنه محقق الوقوع مثل قوله : { أتى أمر اللَّه } [ النحل : 1 ] ، ويجوز أن تكون الواو للحال بتقدير ( قد ) أي والحال قد نفخ في الصور ، فتكون صيغة الماضي في فعلي ( نفخ وصَعق ) مستعملة في حقيقتها . وابتدئت الجملة بحديث النفخ في الصور إذ هو ميقات يوم القيامة وما يتقدمه من موت كل حي على وجه الأرض . وتكرر ذكره في القرآن والسنة .والصور : بوق ينادى به البعيد المتفرق مثل الجيش ، ومثل النداء للصلاة فقد كان اليهود ينادون به : للصلاة الجامعة ، كما جاء في حديث بدء الأذان في الإسلام . والمراد به هنا نداء الخلق لحضور الحشر أحيائِهم وأَمواتِهم ، وتقدم عند قوله : { يوم ينفخ في الصور } في الأنعام ( 73 ) . وهو علامة لأمر التكوين ، فالأحياء يصعقون فيموتون ( كما يموت المفزوع ) بالنفخة الأولى ، والأموات يصعقون اضطراباً تدبّ بسببه فيهم الحياة فيكونون مستعدين لقبول الحياة ، فإذا نفخت النفخة الثانية حلّت الأرواح في الأجساد المخلوقة لهم على مثال ما بَلي من أجسادهم التي بليت ، أو حلّتْ الأرواح في الأجساد التي لم تزل باقية غير بالية كأجساد الذين صعقوا عند النفخة الأولى ، ويجوز أن يكون بين النفختين زمن تبلَى فيه جميع الأجساد .والاستثناء من اسم الموصول الأول ، أي إلا مَن أراد الله عدم صعقه وهم الملائكة والأرواح ، وتقدم في سورة النمل ( 87 ) { ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض } } .و { ثم } تؤذن بتراخي الرتبة لأنها عاطفة جملة ، ويجوز أن تفيد مع ذلك المهلَةَ المناسبة لما بين النفختين . و { أُخْرى } صفة لمحذوف ، أي نفخة أخرى ، وهي نفخة مُخالفٌ تأثيرُها لتأثير النفخة الأولى ، لأن الأولى نفخة إهلاك وصعق ، والثانية نفخة إحياء وذلك باختلاف الصوتين أو باختلاف أمرَيْ التكوين . وإنما ذكرت النفخة الثانية في هذه الآية ولم تذكر في قوله في سورة النمل ( 87 ) { ويوم ينفخ ( 1 ) في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللَّه وكل أتوه داخرين } لأن تلك في غرض الموعظة بفناء الدنيا وهذه الآية في غرض عظمة شأن الله في يوم القيامة ، وكذلك وصف النفخة بالواحدة في سورة الحاقة ( 13 ، 15 ) { فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة } وذكرت هنا نفختان .وضمير { هُم } عائد على { من في السموات ومن في الأرض } فيما بقي من مفهومه بعد التخصيص ب { إلا مَن شاء الله } وهم الذين صعقوا صعق ممات وصَعْق اضطراب يهيأ لقبول الحياة عند النفخة .و { إذا } للمفاجأة للتنبيه على سرعة حلول الحياة فيهم وقيامهم إثره و { قيام } جمع قائم .وجملة { يَنظُرُونَ } حال . والنظرُ : الإِبصار ، وفائدة هذه الحال الدلالة على أنهم حَيُوا حياة كاملة لا غشاوة معها على أبصارهم ، أي لا دهش فيها كما في قوله تعالى : { فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون } في سورة الصافات ( 19 ) ، أو أريد أنهم ينظرون نظر المقلّب بصره الباحث . ويجوز أن يكون من النظرة ، أو الانتظار .

الترجمة الإنجليزية

Waashraqati alardu binoori rabbiha wawudiAAa alkitabu wajeea bialnnabiyyeena waalshshuhadai waqudiya baynahum bialhaqqi wahum la yuthlamoona

وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) صوَّرت هذه الآيات جلال ذلك الموقف وجمالَه أبدع تصوير والتعريف في { الأرض } تعريف العهد الذكري الضمني فقد تضمن قوله : { فإذا هم قيام ينظرون } [ الزمر : 68 ] أنهم قيام على قَرار فإن القيام يستدعي مكاناً تقوم فيه تلك الخلائق وهو أرض الحشر وهي الساهرة في قوله تعالى في سورة [ النازعات : 13 ، 14 ] : { فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة } وفُسرت بأنها الأرض البيضاء النقية وليس المراد الأرض التي كانوا عليها في الدنيا فإنها قد اضمحلت قال تعالى : { يوم تبدل الأرض غير الأرض } [ إبراهيم : 48 ] .وإشراق الأرض انتشار الضوء عليها ، يقال : أشرقت الأرض ، ولا يقال : أشرقت الشمسُ ، كما تقدم عند قوله : { بالعشي والإشراق } في سورة [ ص : 18 ] .( وإضافة النور إلى الرب إضافة تعظيم لأنه منبعث من جانب القدس وهو الذي في قوله تعالى : { اللَّه نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح } الآية من سورة [ النور : 35 ] . فإضافة نور إلى الرب إضافة تشريف للمضاف كقوله تعالى : { هذه ناقة اللَّه لكم آية } [ الأعراف : 73 ] كما أن إضافة ( رب ) إلى ضمير الأرض لتشريف المضاف إليه ، أي بنور خاص خلقه الله فيها لا بسطوع مصباح ولا بنور كوكب شمس أو غيرها ، وإذ قد كان النور نوراً ذاتياً لتلك الأرض كان إشارة إلى خلوصها من ظلمات الأعمال فدل على أن ما يجري على تلك الأرض من الأعمال والأحداث حق وكمال في بابه لأن عالم الأنوار لا يشوبه شيء من ظلمات الأعمال ، ألا ترى أن العالم الأرضي لمّا لم يكن نَيِّراً بذاته بل كان نوره مقتبساً من شروق الشمس والكواكب ليلاً كان ما على وجه الأرض من الأعمال والمخلوقات خليطاً من الخير والشر . وهذا يغني عن جعل النور مستعاراً للعدل فإن ذلك المعنى حاصل بدلالة الالتزام كناية ، ولو حُمل النور على معنى العدل لكان أقل شمولاً لأحوال الحق والكمال وهو يغني عنه قوله : { وقُضِي بينهم بالحق وهم لا يُظلمون } . هذا هو الوجه في تفسير الآية وقد ذهب فيها المفسرون من السلف والخلف طرائق شتى .و { الكِتَاب } تعريفُه تعريف الجنس ، أي وضعت الكُتب وهي صحائف أعمال العباد أحضرت للحساب بما فيها من صالح وسيّىءٍ . والوضع : الحطّ ، والمراد به هنا الإِحضار .ومجيء النبيئين للشهادة على أممهم ، كما تقدم في قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } في سورة [ النساء : 41 ] .( والشهداء : جمع شهيد وهو الشاهد ، قال تعالى : { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } في سورة [ ق : 21 ] . والمراد الشهداء من الملائكة الحفظة الموكلين بإحصاء أعمال العباد . وضمير { بينَهُم } عائد إلى { مَن في السَّموات ومن في الأرض } [ الزمر : 68 ] أي قضي بين الناس بالحق .ويجوز أن يكون المراد بالكتاب كتب الشرائع التي شرعها الله للعباد على ألْسنة الرسل ويكون إحضارها شاهدة على الأمم بتفاصيل ما بلَّغه الرسل إليهم لئلا يزعموا أنهم لم تبلغهم الأحكام .وقد صوَّرت الآية صورة المَحْكمة الكاملة التي أشرقت بنور العدل ، وصدر الحكم على ما يستحقه المحكوم فيهم من كرامة ونذالة ، ولذلك قال : { وقضي بينهم بالحق } أي صدر القضاء فيهم بما يستحقون وهو مسمى الحَق ، فمِن القضاء ما هو فصل بين الناس في معاملات بعضهم مع بعض من كل ظالم ومظلوم ومعتدٍ ومعتدىً عليه في اختلاف المعتقدات واختلاف المعاملات قال تعالى : { إن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } [ النحل : 124 ] .

الترجمة الإنجليزية

Wawuffiyat kullu nafsin ma AAamilat wahuwa aAAlamu bima yafAAaloona

وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)ومن القضاء القضاء على كل نفس بما هي به حقيقة من مرتبة الثواب أو العقاب وهو قوله : { ووفيت كل نفس ما عملت } . فقضاء الله هو القضاء العام الذي لا يقتصر على إنصاف المتداعين كقضاء القاضي ، ولا على سلوك الداعرين كقضاء والي الشرطة ، ولا على مراقبة المُغَيِّرين كقضاء والي الحِسبة ، ولكنه قضاء على كل نفس فيما اعتدت وفيما سلكت وفيما بدلت ، ويزيد على ذلك بأنه قضاء على كل نفس بما اختَلَتْ به من عمل وبما أضمرته من ضمائر إنْ خيراً فخيرٌ وإن شرًّا فشرٌّ . وإلى ذلك تشير المراتب الثلاث في الآية : مرتبةُ { وقُضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون } ، ومرتبة { ووفّيت كُلُّ نَفْسسٍ ما عَمِلت } ، ومرتبة { وهو أعلم بما يفعلون } .والتوفية : إعطاء الشيء وافياً لا نقص فيه عن الحق في إعطائه ولا عن عطاء أمثاله . وفي قوله : { مَا عَمِلت } مضاف محذوف ، أي جزاء ما عملت لظهور أن ما عمله المرء لا يوفاه بعد أن عمله وإنما يوفى جزاءه .والقول في الأفعال الماضوية في قوله : { وأشرقت } ، { ووضع } ، { وجاء } ، { ووفيت } كالقول في قوله : { ونُفِخَ في الصور } [ الزمر : 68 ] .

الترجمة الإنجليزية

Waseeqa allatheena kafaroo ila jahannama zumaran hatta itha jaooha futihat abwabuha waqala lahum khazanatuha alam yatikum rusulun minkum yatloona AAalaykum ayati rabbikum wayunthiroonakum liqaa yawmikum hatha qaloo bala walakin haqqat kalimatu alAAathabi AAala alkafireena

وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) هذا تنفيذ القضاء الذي جاء في قوله : { وقُضي بينهم بالحق } [ الزمر : 69 ] وقوله : { وَوُفيت كل نفسسٍ ما عملت } [ الزمر : 70 ] ، فإن عاقبة ذلك ونتيجته إيداع المجرمين في العقاب وإيداع الصالحين في دار الثواب .وابتدىء في الخَبر بذكر مستحقي العقاب لأنه الأهم في هذا المقام إذ هو مقام إعادة الموعظة والترهيب للذين لم يتعظوا بما تكرر في القرآن من العظات مثل هذه فأما أهل الثواب فقد حصل المقصود منهم فما يذكر عنهم فإنما هو تكريرُ بشارة وثناء .والسَّوق : أن يجعل الماشي ماشياً آخر يسير أمامه ويلازمه ، وضدّه القَود ، والسوْق مشعر بالإِزعاج والإِهانة ، قال تعالى : { كأنما يساقون إلى الموت } [ الأنفال : 6 ] .والزُّمَر : جَمع زُمْرة ، وهي الفوج من الناس المتبوعُ بفوج آخر ، فلا يقال : مرت زمرة من الناس ، إلاّ إذا كانت متبوعة بأخرى ، وهذا من الألفاظ التي مدلولها شيء مقيّد . وإنما جُعلوا زمراً لاختلاف دَرَجات كفرهم ، فإن كان المراد بالذين كفروا مشركي قريش المقصودين بهذا الوعيد كان اختلافهم على حسب شدة تصلبهم في الكفر وما يخالطه من حَدَب على المسلمين أو فظاظة ، ومن محايدة للنبيء صلى الله عليه وسلم أو أَذىً ، وإن كان المراد بهم جميع أهل الشرك كما تقتضيه حكاية الموقف مع قوله : { ألم يأتكم رُسُل } كان تعدد زمرهم على حسب أنواع إشراكهم .و { حتى } ابتدائية و { إذا } ظرف لزمَان المستقبل يضمّن معنى الشرط غالباً ، أي سيقوا سوقاً ملازماً لهم بشدته متصل بزمن مجيئهم إلى النار .وجملة { فتحت } جواب { إذا } لأنها ضمنت معنى الشرط وأغنى ذكر { إذا } عن الإِتيان ب ( لمّا ) التوقيتية ، والتقدير : فلما جاءوها فتحت أبوابها ، أي وكانت مغلقة لتفتح في وجوههم حين مجيئهم فجأة تهويلاً ورعباً .وقرأ الجمهور { فُتِّحَتْ بتشديد التاء للمبالغة في الفتح . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وخلف بتخفيف التاء على أصل الفعل .والخزَنة : جمع خازن وهو الوكيل والبوَّاب غلب عليه اسم الخازن لأنه يقصد لخزن المال .والاستفهام الموجه إلى أهل النار استفهام تقريري مستعمل في التوبيخ والزجر كما دل عليه قولهم بعده : ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبِئس مثوى المتكبرين } .و { منكم } صفة ل { رسل ، } والمقصود من الوصف التورك عليهم لأنهم كانوا يقولون : { أبشراً منا واحداً نتبعه } [ القمر : 24 ] ، والتلاوة : قراءة الرسالة والكتاب لأن القارىء يتلو بعض الكلام ببعض ، وأصل الآيات : العلامات مثل آيات الطريق . وأطلقت على الأقوال الدالة على الحق ، والمراد بها هنا الأقوال الموحى بها إلى الرسل مثل صحف إبراهيم وموسى والقرآن ، وأخصُّها باسم الآيات هي آيات القرآن لأنها استكملت كُنه الآيات باشتمالها على عظم الدلالة على الحق وإذ هي معجزات بنظمها ولفظها ، وما عداه يسمى آيات على وجه المشاكلة كما في حديث الرجم : أن اليهودي الذي أحضر التوراة وضع يده على آية الرجم ، ولأن في معاني كثير من القرآن والكتب السماوية ما فيه دلائل نظرية على الوحدانية والبعث ونحوها من الاستدلال .وأسندت التلاوة إلى جميع الرسل وإن كان فيهم من ليس له كتاب ، على طريقة التغليب .وإضافة ( يوم ) إلى ضمير المخاطبين باعتبار كونهم فيه كقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع « كحُرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا » فالإضافة قائمة مقام التعريف ب ( أل ) العهدية .وجوابهم بحرف { بلى } إقرار بإبطال المنفي وهو إتيان الرسل وتبليغهم فمعناه إثبات إتياننِ الرسل وتبليغِهم .وكلمة { العذاب } هي الوعيد به على ألسنة الرسل كما في قول بعضهم في الآية الأخرى : { فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون } [ الصافات : 31 ] أي تحققت فينا ، فالتعريف في كلمة { العذاب } تعريف الجنس لإِضافتها إلى معرفة بلام الجنس ، أي كلمات .ومحل الاستدراك هو ما طوي في الكلام مما اقتضى أن تَحق عليهم كلمات الوعيد ، وذلك بإعراضهم من الإِصغاء لأمر الرسل ، فالتقدير : ولكن تَكَبَّرْنا وعانَدْنَا فحقت كلمة العذاب على الكافرين ، وهذا الجواب من قبيل جواب المتندم المكروب فإنه يوجز جوابه ويقول لسائله أو لائمة : الأمرُ كما تَرى .ولم يعطف فعل { قالوا } على ما قبله لأنه جاء في معرض المقاولة كما تقدم غير مرة انظر قوله تعالى : { أتجعل فيها من يفسد فيها } إلى قوله : { قال إني أعلم ما لا تعلمون } [ البقرة : 30 ] .

الترجمة الإنجليزية

Qeela odkhuloo abwaba jahannama khalideena feeha fabisa mathwa almutakabbireena

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)( وفعل { قيل } مبني للنائب للعلم بالفاعل إذ القائل : ادخلوا أبواب جهنم ، هم خزنتها .ودخول الباب : وُلوجه لوصول ما وراءه قال تعالى : { ادخلوا عليهم الباب } [ المائدة : 23 ] أي لِجُوا الأرضَ المقدسة ، وهي أَرِيحا .والمَثْوَى : محل الثواء وهو الإقامة ، والمخصوص بالذم محذوف دل عليه ما قبله والتقدير : بئس مثوى المتكبرين جهنمُ ووصفوا ب { المتكبرين } لأنهم أعرضوا عن قبول الإسلام تكبراً عن أن يتبعوا واحداً منهم .

الترجمة الإنجليزية

Waseeqa allatheena ittaqaw rabbahum ila aljannati zumaran hatta itha jaooha wafutihat abwabuha waqala lahum khazanatuha salamun AAalaykum tibtum faodkhulooha khalideena

وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)أطلق على تَقْدِمَة المتقين إلى الجنة فعلُ السَّوق على طريقة المشاكلة ل { سيقَ } [ الزمر : 71 ] الأوللِ ، والمشاكلةُ من المحسنات ، وهي عند التحقيق من قبيل الاستعارة التي لا علاقة لها إلاّ المشابهة الجُملية التي تحمل عليها مجانسة اللفظ . وجَعلهم زُمراً بحسب مراتب التقوى .والواو في جملة { وفتحت أبوابها } واو الحال ، أي حين جاءوها وقد فتحت أبوابها فوجدوا الأبواب مفتوحة على ما هو الشأن في اقتبال أهل الكرامة .وقد وهِم في هذه الواو بعض النحاة مثل ابن خالويه والحريري وتبعهما الثعلبي في «تفسيره» فزعموا أنها واو تدخل على ما هو ثامن إمّا لأن فيه مادة ثمانية كقوله : { ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم } [ الكهف : 22 ] ، فقالوا في { وفُتحَت أبوابها } جيء بالواو لأن أبْواب الجنة ثمانية ، وإما لأنه ثامن في التعداد نحو قوله تعالى : { التائبون العابدون } إلى قوله : { والناهون عن المنكر } [ التوبة : 112 ] فإنه الوصف الثامن في التعداد ووقوع هذه الواوات مُصادفة غريبة ، وتنبُّه أولئك إلى تلك المصادفة تنبه لطيف ولكنه لا طائل تحته في معاني القرآن بَلْهَ بلاغتِه ، وقد زينه ابن هشام في «مغني اللبيب» ، وتقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : { التائبون العابدون } في سورة [ التوبة : 112 ] وعند قوله : { ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم } في سورة [ الكهف : 22 ] .( و { إذا } هنا لمجرد الزمان غير مضمنة معنى الشرط ، فالتقدير : حتّى زمننِ مجيئهم إلى أبواب الجنة ، أي خلَّتهم الملائكة الموكلون بإحفافهم عند أبواب الجنة ، كحالة من يُهدي العروس إلى بيتها فإذا أَبلغها بابه خَلَّى بينها وبين بيتها ، كأنهم يقولون : هذا منزلكم فدونكموه ، فتلقتهم خزنة الجنة بالسلام .و { طبتم } دعاء بالطيب لهم ، أي التزكية وطيب الحالة ، والجملة إنشاء تكريم ودعاء .والخلاف بين القراء في { فتحت } هنا كالخلاف في نظيره المذكور آنفاً .

الترجمة الإنجليزية

Waqaloo alhamdu lillahi allathee sadaqana waAAdahu waawrathana alarda natabawwao mina aljannati haythu nashao faniAAma ajru alAAamileena

وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)عطف هذا الكلام يؤذن بأن قولهم ذلك غيرُ جواب لقول الملائكة بل حَمدوا الله على ما منحهم من النعيم الذي وعَدهم به ، وإنما وعدهم به بعنوان الأعمال الصالحة فلما كانوا أصحاب الأعمال الصالحة جعَلوا وعد العاملين للصالحات وعداً لهم لتحقق المعلق عليه الوعدُ فيهم . ومعنى { صدقنا } حقق لنا وعده .وقوله : { أورثنا الأرض } كلام جرى مجرى المثل لمن ورث الملك قال تعالى : { أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } [ الأنبياء : 105 ] فعبر القرآن عن مراد أهل الجنة المختلفي اللغات بهذا التركيب العربي الدال على معاني ما نطقوا به من لغاتهم المختلفة . ويجوز أن يكون أهل الجنة نطقوا بكلام عربي ألهمهم الله إياه فقد جاء في الآثار أن كلام أهل الجنة بالعربية الفصحى . ولفظ { الأرض } جار على مراعاة التركيب التمثيلي لأن الأرض قد اضمحلت أو بدلت . ويجوز أن يكون لفظ { الأرض } مستعاراً للجنّة لأنها قرارهم كما أن الأرض قرار الناس في الحياة الأولى .وإطلاق الإِيراث استعارة تشبيهاً للإِعطاء بالتوريث في سلامته من تعب الاكتساب .والتبؤ : السكني والحلول ، والمعنى : أنهم يتنقلون في الغرف والبساتين تفنناً في النعيم .وأرادوا ب { العاملين } أنفسَهم ، أي عاملي الخير ، وهذا من التصريح بالحقائق فليس فيه عيب تزكية النفس ، لأن ذلك العالم عالم الحقائق الكاملة المجردة عن شوب النقائص .واعلم أن الآيات وَصفت مصير أهل الكفر ومصير المتقين يوم الحشر ، وسكتت عن مصير أهل المعاصي الذين لم يلتحقوا بالمتقين بالتوبة من الكبائر وغفراننِ الصغائر باجتناب الكبائر ، وهذه عادة القرآن في الإِعراض عن وصف رجال من الأمة الإِسلامية بمعصية ربهم إلا عند الاقتضاء لبيان الأحكام ، فإن الكبائر من أمر الجاهلية فما كان لأهل الإِسلام أن يقعوا فيها فإذا وقعوا فيها فعليهم بالتوبة ، فإذا ماتوا غير تائبين فإن الله تعالى يحصي لهم حسنات أعمالهم وطيبات نواياهم فيُقاصُّهم بها إن شاء ، ثم هم فيما دون ذلك يقتربون من العقاب بمقدار اقترابهم من حال أهل الكفر في وفرة المعاصي فيؤمر بهم إلى النار ، أو إلى الجنة ، ومنهم أهل الأعراف . وقد تقدمت نبذة من هذا الشأن في سورة الأعراف .
466