سورة الرعد (13): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة الرعد بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة الرعد مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة الرعد

سُورَةُ الرَّعۡدِ
الصفحة 253 (آيات من 29 إلى 34)

ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَـَٔابٍ كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَٰكَ فِىٓ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَا۟ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّى لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ ۗ بَل لِّلَّهِ ٱلْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَا۟يْـَٔسِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعًا ۗ وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا۟ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِىَ وَعْدُ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍۭ بِمَا كَسَبَتْ ۗ وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ ۚ أَمْ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِى ٱلْأَرْضِ أَم بِظَٰهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ ۗ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا۟ عَنِ ٱلسَّبِيلِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنْ هَادٍ لَّهُمْ عَذَابٌ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ ٱلْءَاخِرَةِ أَشَقُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ
253

الاستماع إلى سورة الرعد

تفسير سورة الرعد (تفسير ابن كثير: عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

الترجمة الإنجليزية

Allatheena amanoo waAAamiloo alssalihati tooba lahum wahusnu maabin

( الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب ) قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : فرح وقرة عين . وقال عكرمة : نعم ما لهم .وقال الضحاك : غبطة لهم . وقال إبراهيم النخعي : خير لهم .وقال قتادة : هي كلمة عربية يقول الرجل : " طوبى لك " ، أي : أصبت خيرا . وقال في رواية : ( طوبى لهم ) حسنى لهم .( وحسن مآب ) أي : مرجع .وهذه الأقوال شيء واحد لا منافاة بينها .وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( طوبى لهم ) قال : هي أرض الجنة بالحبشية .وقال سعيد بن مسجوح : طوبى اسم الجنة بالهندية . وكذا روى السدي ، عن عكرمة : ( طوبى لهم ) أي : الجنة . وبه قال مجاهد .وقال العوفي ، عن ابن عباس : لما خلق الله الجنة وفرغ منها قال : ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب ) وذلك حين أعجبته .وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن شهر بن حوشب قال : ( طوبى ) شجرة في الجنة ، كل شجر الجنة منها ، أغصانها من وراء سور الجنة .وهكذا روي عن أبي هريرة ، وابن عباس ، ومغيث بن سمى ، وأبي إسحاق السبيعي وغير واحد من السلف : أن طوبى شجرة في الجنة ، في كل دار منها غصن منها .وذكر بعضهم أن الرحمن ، تبارك وتعالى ، غرسها بيده من حبة لؤلؤة ، وأمرها أن تمتد ، فامتدت إلى حيث يشاء الله تبارك وتعالى ، وخرجت من أصلها ينابيع أنهار الجنة ، من عسل وخمر وماء ولبن .وقد قال عبد الله بن وهب : حدثنا عمرو بن الحارث ، أن دراجا أبا السمح حدثه ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - [ مرفوعا : " طوبى : شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها " .وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، سمعت عبد الله بن لهيعة ، حدثنا دراج أبو السمح ، أن أبا الهيثم حدثه ، عن أبي سعيد الخدري ] عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : أن رجلا قال : يا رسول الله ، طوبى لمن رآك وآمن بك . قال : " طوبى لمن رآني وآمن بي ، ثم طوبى ، ثم طوبى ، ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني " . قال له رجل : وما طوبى ؟ قال : " شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها " .وروى البخاري ومسلم جميعا ، عن إسحاق بن راهويه ، عن مغيرة المخزومي ، عن وهيب ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " قال : فحدثت به النعمان بن أبي عياش الزرقي ، فقال : حدثني أبو سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها " .وفي صحيح البخاري ، من حديث يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قول الله : ( وظل ممدود ) [ الواقعة : 30 ] قال : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة اقرءوا إن شئتم ( وظل ممدود ) أخرجاه في الصحيحين .وقال [ الإمام ] أحمد أيضا : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج ، قالا حدثنا شعبة ، سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين - أو : مائة - سنة هي شجرة الخلد " .وقال محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، رضي الله عنها ، قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر سدرة المنتهى ، قال : " يسير في ظل الفنن منها الراكب مائة سنة ، أو قال : يستظل في الفنن منها مائة راكب ، فيها فراش الذهب ، كأن ثمرها القلال " . رواه الترمذي .وقال إسماعيل بن عياش ، عن سعيد بن يوسف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلام الأسود قال : سمعت أبا أمامة الباهلي قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا انطلق به إلى طوبى ، فتفتح له أكمامها ، فيأخذ من أي ذلك شاء ، إن شاء أبيض ، وإن شاء أحمر ، وإن شاء أصفر ، وإن شاء أسود ، مثل شقائق النعمان ، وأرق وأحسن " .وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن أشعث بن عبد الله ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : طوبى شجرة في الجنة ، يقول الله لها : " تفتقي لعبدي عما شاء; فتفتق له عن الخيل بسروجها ولجمها ، وعن الإبل بأزمتها ، وعما شاء من الكسوة " .وقد روى ابن جرير عن وهب بن منبه هاهنا أثرا غريبا عجيبا ، قال وهب ، رحمه الله : إن في الجنة شجرة يقال لها : " طوبى " ، يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ، زهرها رياط ، وورقها برود ، وقضبانها عنبر ، وبطحاؤها ياقوت ، وترابها كافور ، ووحلها مسك ، يخرج من أصلها أنهار الخمر واللبن والعسل ، وهي مجلس لأهل الجنة ، فبينا هم في مجلسهم إذ أتتهم ملائكة من ربهم يقودون نجبا مزمومة بسلاسل من ذهب وجوهها كالمصابيح حسنا ووبرها كخز المرعزى من لينه ، عليها رحال ألواحها من ياقوت ، ودفوفها من ذهب ، وثيابها من سندس وإستبرق ، فينيخونها ويقولون : إن ربنا أرسلنا إليكم لتزوروه وتسلموا عليه قال : فيركبونها ، فهي أسرع من الطائر ، وأوطأ من الفراش ، نجيا من غير مهنة ، يسير الرجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه ، لا تصيب أذن راحلة منها أذن الأخرى ، ولا برك راحلة برك الأخرى ، حتى إن شجرة لتتنحى عن طريقهم ، لئلا تفرق بين الرجل وأخيه . قال : فيأتون إلى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه ، فإذا رأوه قالوا : اللهم ، أنت السلام ومنك السلام ، وحق لك الجلال والإكرام . قال : فيقول تعالى [ عند ذلك ] أنا السلام ومني السلام ، وعليكم حقت رحمتي ومحبتي ، مرحبا بعبادي الذين خشوني بغيب وأطاعوا أمري " .قال : فيقولون : ربنا لم نعبدك حق عبادتك ، ولم نقدرك حق قدرك ، فأذن لنا في السجود قدامك قال : فيقول الله : " إنها ليست بدار نصب ولا عبادة ، ولكنها دار ملك ونعيم ، وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة ، فسلوني ما شئتم ، فإن لكل رجل منكم أمنيته " فيسألونه ، حتى إن أقصرهم أمنية ليقول : رب ، تنافس أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها ، رب فآتنى مثل كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا . فيقول الله تعالى : " لقد قصرت بك أمنيتك ، ولقد سألت دون منزلتك ، هذا لك مني ، [ وسأتحفك بمنزلتي ] ; لأنه ليس في عطائي نكد ولا تصريد " . قال : ثم يقول : " اعرضوا على عبادي ما لم يبلغ أمانيهم ، ولم يخطر لهم على بال " . قال : فيعرضون عليهم حتى تقصر بهم أمانيهم التي في أنفسهم ، فيكون فيما يعرضون عليهم براذين مقرنة ، على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة ، على كل سرير منها قبة من ذهب مفرغة ، في كل قبة منها فرش من فرش الجنة متظاهرة ، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين ، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة ، وليس في الجنة لون إلا وهو فيهما ولا ريح طيبة إلا قد عبقتا به ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة ، حتى يظن من يراهما أنهما دون القبة ، يرى مخهما من فوق سوقهما ، كالسلك الأبيض في ياقوتة حمراء ، يريان له من الفضل على صاحبته كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل ، ويرى هو لهما مثل ذلك ، ويدخل إليهما فيحييانه ويقبلانه ويعتنقانه به ، ويقولان له : والله ما ظننا أن الله يخلق مثلك . ثم يأمر الله تعالى الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة ، حتى ينتهى بكل رجل منهم إلى منزلته التي أعدت له .وقد روى هذا الأثر ابن أبي حاتم بسنده ، عن وهب بن منبه ، وزاد : فانظروا إلى موهوب ربكم الذي وهب لكم ، فإذا هو بقباب في الرفيق الأعلى ، وغرف مبنية من الدر والمرجان ، وأبوابها من ذهب ، وسررها من ياقوت ، وفرشها من سندس وإستبرق ، ومنابرها من نور ، يفور من أبوابها وعراصها نور مثل شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضيء ، وإذا بقصور شامخة في أعلى عليين من الياقوت يزهو نورها ، فلولا أنه مسخر ، إذا لالتمع الأبصار ، فما كان من تلك القصور من الياقوت [ الأبيض ، فهو مفروش بالحرير الأبيض ، وما كان منها من الياقوت الأحمر فهو مفروش بالعبقري الأحمر ، وما كان منها من الياقوت الأخضر ] فهو مفروش بالسندس الأخضر ، وما كان منها من الياقوت الأصفر ، فهو مفروش بالأرجوان الأصفر منزه بالزمرد الأخضر ، والذهب الأحمر ، والفضة البيضاء ، قوائمها وأركانها من الجوهر ، وشرفها قباب من لؤلؤ ، وبروجها غرف من المرجان . فلما انصرفوا إلى ما أعطاهم ربهم ، قربت لهم براذين من ياقوت أبيض ، منفوخ فيها الروح ، تجنبها الولدان المخلدون بيد كل وليد منهم حكمة برذون من تلك البراذين ، ولجمها وأعنتها من فضة بيضاء ، منظومة بالدر والياقوت ، سروجها سرر مرضونة ، مفروشة بالسندس والإستبرق . فانطلقت بهم تلك البراذين تزف بهم ببطن رياض الجنة . فلما انتهوا إلى منازلهم ، وجدوا الملائكة قعودا على منابر من نور ، ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنئوهم كرامة ربهم . فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جميع ما تطاول به عليهم وما سألوا وتمنوا ، وإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربعة جنان ، [ جنتان ] ذواتا أفنان ، وجنتان مدهامتان ، وفيهما عينان نضاختان ، وفيهما من كل فاكهة زوجان ، وحور مقصورات في الخيام ، فلما تبينوا منازلهم واستقروا قرارهم قال لهم ربهم : هل وجدتم ما وعدتكم حقا ؟ قالوا : نعم وربنا . قال : هل رضيتم ثواب ربكم ؟ قالوا : ربنا رضينا فارض عنا قال : برضاي عنكم حللتم داري ، ونظرتم إلى وجهي ، وصافحتكم ملائكتي ، فهنيئا هنيئا لكم ، ( عطاء غير مجذوذ ) [ هود : 108 ] ليس فيه تنغيص ولا تصريد . فعند ذلك قالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، وأدخلنا دار المقامة من فضله ، لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ، إن ربنا لغفور شكور .وهذا سياق غريب ، وأثر عجيب ولبعضه شواهد ، ففي الصحيحين : أن الله تعالى يقول لذلك الرجل الذي يكون آخر أهل الجنة دخولا الجنة : تمن " ، فيتمنى حتى إذا انتهت به الأماني يقول الله تعالى : " تمن من كذا وتمن من كذا " ، يذكره ، ثم يقول : " ذلك لك ، وعشرة أمثاله " .وفي صحيح مسلم ، عن أبي ذر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله ، عز وجل يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر " الحديث بطوله .وقال خالد بن معدان : إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، لها ضروع ، كلها ترضع صبيان أهل الجنة ، وإن سقط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة ، يتقلب فيه حتى تقوم القيامة ، فيبعث ابن أربعين سنة . رواه ابن أبي حاتم .

الترجمة الإنجليزية

Kathalika arsalnaka fee ommatin qad khalat min qabliha omamun litatluwa AAalayhimu allathee awhayna ilayka wahum yakfuroona bialrrahmani qul huwa rabbee la ilaha illa huwa AAalayhi tawakkaltu wailayhi matabi

يقول تعالى : وكما أرسلناك يا محمد في هذه الأمة : ( لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك ) أي : لتبلغهم رسالة الله إليهم ، كذلك أرسلنا في الأمم الماضية الكافرة بالله ، وقد كذب الرسل من قبلك ، فلك بهم أسوة ، وكما أوقعنا بأسنا ونقمتنا بأولئك ، فليحذر هؤلاء من حلول النقم بهم ، فإن تكذيبهم لك أشد من تكذيب غيرك من المرسلين ، قال الله تعالى : ( تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم ) [ النحل : 63 ] وقال تعالى : ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين ) [ الأنعام : 34 ] أي : كيف نصرناهم ، وجعلنا العاقبة لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة .وقوله : ( وهم يكفرون بالرحمن ) أي : هذه الأمة التي بعثناك فيهم يكفرون بالرحمن ، لا يقرون به; لأنهم كانوا يأنفون من وصف الله بالرحمن الرحيم; ولهذا أنفوا يوم الحديبية أن يكتبوا " بسم الله الرحمن الرحيم " وقالوا : ما ندري ما الرحمن الرحيم . قاله قتادة ، والحديث في صحيح البخاري وقد قال الله تعالى : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ الإسراء : 110 ] وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن .( قل هو ربي لا إله إلا هو ) أي : هذا الذي تكفرون به أنا مؤمن به ، معترف مقر له بالربوبية والإلهية ، هو ربي لا إله إلا هو ، ( عليه توكلت ) أي : في جميع أموري ، ( وإليه متاب ) أي : إليه أرجع وأنيب ، فإنه لا يستحق ذلك أحد سواه .

الترجمة الإنجليزية

Walaw anna quranan suyyirat bihi aljibalu aw quttiAAat bihi alardu aw kullima bihi almawta bal lillahi alamru jameeAAan afalam yayasi allatheena amanoo an law yashao Allahu lahada alnnasa jameeAAan wala yazalu allatheena kafaroo tuseebuhum bima sanaAAoo qariAAatun aw tahullu qareeban min darihim hatta yatiya waAAdu Allahi inna Allaha la yukhlifu almeeAAada

يقول تعالى مادحا للقرآن الذي أنزله على محمد - صلى الله عليه وسلم - ومفضلا له على سائر الكتب المنزلة قبله : ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ) أي : لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال عن أماكنها ، أو تقطع به الأرض وتنشق أو تكلم به الموتى في قبورها ، لكان هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره ، أو بطريق الأولى أن يكون كذلك; لما فيه من الإعجاز الذي لا يستطيع الإنس والجن عن آخرهم إذا اجتمعوا أن يأتوا بمثله ، ولا بسورة من مثله ، ومع هذا فهؤلاء المشركون كافرون به ، جاحدون له ، ( بل لله الأمر جميعا ) أي : مرجع الأمور كلها إلى الله ، عز وجل ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ومن يضلل الله فلا هادي له ، ومن يهد الله فلا مضل له .وقد يطلق اسم القرآن على كل من الكتب المتقدمة; لأنه مشتق من الجميع ، قال الإمام أحمد :حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " خففت على داود القراءة ، فكان يأمر بدابته أن تسرج ، فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته ، وكان لا يأكل إلا من عمل يديه " . انفرد بإخراجه البخاري .والمراد بالقرآن هنا الزبور .وقوله : ( أفلم ييأس الذين آمنوا ) أي : من إيمان جميع الخلق ويعلموا أو يتبينوا ( أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ) فإنه ليس ثم حجة ولا معجزة أبلغ ولا أنجع في النفوس والعقول من هذا القرآن ، الذي لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله . وثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من نبي إلا وقد أوتي ما آمن على مثله البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " معناه : أن معجزة كل نبي انقرضت بموته ، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد ، لا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا يشبع منه العلماء ، هو الفصل ليس بالهزل . من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا منجاب بن الحارث ، أنبأنا بشر بن عمارة ، حدثنا عمر بن حسان ، عن عطية العوفي قال : قلت له : ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ) الآية ، قالوا لمحمد ، صلى الله عليه وسلم : لو سيرت لنا جبال مكة حتى تتسع فنحرث فيها ، أو قطعت لنا الأرض كما كان سليمان يقطع لقومه بالريح ، أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى يحيي الموتى لقومه فأنزل الله هذه الآية . قال : قلت : هل تروون هذا الحديث عن أحد من أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، عن أبي سعيد ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم .وكذا روي عن ابن عباس ، والشعبي ، وقتادة ، والثوري ، وغير واحد في سبب نزول هذه الآية ، فالله أعلم .وقال قتادة : لو فعل هذا بقرآن غير قرآنكم ، فعل بقرآنكم .وقوله : ( بل لله الأمر جميعا ) قال ابن عباس : [ أي ] لا يصنع من ذلك إلا ما يشاء ، ولم يكن ليفعل ، رواه ابن إسحاق بسنده عنه ، وقاله ابن جرير أيضا .وقال غير واحد من السلف في قوله : ( أفلم ييأس الذين آمنوا ) أفلم يعلم الذين آمنوا . وقرأ آخرون : " أفلم يتبين الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا " .وقال أبو العالية : قد يئس الذين آمنوا أن يهدوا ، ولو يشاء الله لهدى الناس جميعا .وقوله : ( ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم ) أي : بسبب تكذيبهم ، لا تزال القوارع تصيبهم في الدنيا ، أو تصيب من حولهم ليتعظوا ويعتبروا ، كما قال تعالى : ( ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون ) [ الأحقاف : 27 ] وقال ( أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون ) [ الأنبياء : 44 ] .قال قتادة ، عن الحسن : ( أو تحل قريبا من دارهم ) أي : القارعة . وهذا هو الظاهر من السياق .قال أبو داود الطيالسي : حدثنا المسعودي ، عن قتادة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ( ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة ) قال : سرية ، ( أو تحل قريبا من دارهم ) قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، ( حتى يأتي وعد الله ) قال : فتح مكة .وهكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، في رواية .وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( تصيبهم بما صنعوا قارعة ) قال : عذاب من السماء ينزل عليهم ( أو تحل قريبا من دارهم ) يعني : نزول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم وقتاله إياهم .وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، وقال عكرمة في رواية عنه ، عن ابن عباس : ( قارعة ) أي : نكبة .وكلهم قال : ( حتى يأتي وعد الله ) يعني : فتح مكة . وقال الحسن البصري : يوم القيامة .وقوله : ( إن الله لا يخلف الميعاد ) أي : لا ينقض وعده لرسله بالنصرة لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة ، ( فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام ) [ إبراهيم : 47 ] .

الترجمة الإنجليزية

Walaqadi istuhzia birusulin min qablika faamlaytu lillatheena kafaroo thumma akhathtuhum fakayfa kana AAiqabi

يقول تعالى مسليا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في تكذيب من كذبه من قومه : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك ) أي : فلك فيهم أسوة ، ( فأمليت للذين كفروا ) أي : أنظرتهم وأجلتهم ، ( ثم أخذتهم ) أخذة رابية ، فكيف بلغك ما صنعت بهم وعاقبتهم ؟ كما قال تعالى : ( وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ) [ الحج : 48 ] وفي الصحيحين : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ، ثم قرأ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) [ هود : 102 ] .

الترجمة الإنجليزية

Afaman huwa qaimun AAala kulli nafsin bima kasabat wajaAAaloo lillahi shurakaa qul sammoohum am tunabbioonahu bima la yaAAlamu fee alardi am bithahirin mina alqawli bal zuyyina lillatheena kafaroo makruhum wasuddoo AAani alssabeeli waman yudlili Allahu fama lahu min hadin

يقول تعالى : ( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) أي : حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة ، يعلم ما يعمل العاملون من خير وشر ، ولا يخفى عليه خافية ، ( وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه ) [ يونس : 61 ] وقال تعالى : ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ) [ الأنعام : 59 ] وقال ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) [ هود : 6 ] وقال ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) [ الرعد : 10 ] وقال ( يعلم السر وأخفى ) [ طه : 7 ] وقال ( وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ) [ الحديد : 4 ] أفمن هو هكذا كالأصنام التي يعبدونها لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ، ولا تملك نفعا لأنفسها ولا لعابديها ، ولا كشف ضر عنها ولا عن عابديها ؟ وحذف هذا الجواب اكتفاء بدلالة السياق عليه ، وهو قوله : ( وجعلوا لله شركاء ) أي : عبدوها معه ، من أصنام وأنداد وأوثان .( قل سموهم ) أي : أعلمونا بهم ، واكشفوا عنهم حتى يعرفوا ، فإنهم لا حقيقة لهم; ولهذا قال : ( أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض ) أي : لا وجود له; لأنه لو كان له وجود في الأرض لعلمها; لأنه لا تخفى عليه خافية .( أم بظاهر من القول ) قال مجاهد : بظن من القول .وقال الضحاك وقتادة : بباطل من القول .أي إنما عبدتم هذه الأصنام بظن منكم أنها تنفع وتضر ، وسميتموها آلهة ، ( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) [ النجم : 23 ] .( بل زين للذين كفروا مكرهم ) قال مجاهد : قولهم ، أي : ما هم عليه من الضلال والدعوة إليه آناء الليل وأطراف النهار ، كما قال تعالى : ( وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ) [ فصلت : 25 ] ." وصدوا عن السبيل " : من قرأها بفتح الصاد ، معناه : أنهم لما زين لهم ما فيه وأنه حق ، دعوا إليه وصدوا الناس عن اتباع طريق الرسل . ومن قرأها ) وصدوا ) أي : بما زين لهم من صحة ما هم عليه ، صدوا به عن سبيل الله; ولهذا قال : ( ومن يضلل الله فما له من هاد ) كما قال ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ) [ المائدة : 41 ] وقال ( إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين ) [ النحل : 37 ] .

الترجمة الإنجليزية

Lahum AAathabun fee alhayati alddunya walaAAathabu alakhirati ashaqqu wama lahum mina Allahi min waqin

ذكر تعالى عقاب الكفار وثواب الأبرار : فقال بعد إخباره عن حال المشركين وما هم عليه من الكفر والشرك : ( لهم عذاب في الحياة الدنيا ) أي : بأيدي المؤمنين قتلا وأسرا ، ( ولعذاب الآخرة ) أي : المدخر [ لهم ] مع هذا الخزي في الدنيا ، " أشق " أي : من هذا بكثير ، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتلاعنين : " إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة " وهو كما قال ، صلوات الله وسلامه عليه ، فإن عذاب الدنيا له انقضاء ، وذاك دائم أبدا في نار هي بالنسبة إلى هذه سبعون ضعفا ، ووثاق لا يتصور كثافته وشدته ، كما قال تعالى : ( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد ) [ الفجر : 25 ، 26 ] وقال تعالى : ( بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا ) [ الفرقان : 11 - 15 ] .
253